بل كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يعدّه كنفسه المقدّسة عنده ; ففي حديث صحيح رواه الحاكم : عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أنّه قال : « أيّها الناس ! إنّي لكم فرط ، وإنّي أُوصيكم بعترتي خيراً ، موعدكم الحوض ، والّذي نفسي بيده لتقيمنّ الصلاة ولتُؤتُنَّ الزكاة أو لأبعثنّ عليكم رجلاً منّي أو كنفسي ، فليضربنّ أعناق مقاتليهم ، وليسبينّ ذراريهم » ، قال : فرأىٰ الناس أنّه يعني أبا بكر أو عمر ، فأخذ بيد عليّ فقال : « هذا » (١).
وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم أيضاً : « عليّ مع القرآن والقرآن مع عليّ ، لن يفترقا حتّىٰ يردا علَيَّ الحوض » (٢).
هذا الخُلق الرفيع لعليّ عليهالسلام مع أعدائه لا يعني صوابية موقف أعدائه ، بل للمسلم أن يتساءل : ماذا كان مقابل خُلق عليّ عليهالسلام وتأديبه شيعته وأتباعه من خُلق معاوية وتأديبه شيعته وأتباعه (٣) ؟
اتّفق المؤرخّون ورواة السير أنّ معاوية كان يصعد المنبر ويلعن
__________________
(١) المستدرك علىٰ الصحيحين ٢ / ١٣١ وصحّحه ، مسند أبي يعلى ٢ / ١٦٦ ، الرياض النضرة ٣ / ١١٩ و ١٢٠ ، المعجم الأوسط ٤ / ١٣٣ ، مجمع الزوائد ٧ / ١١٠ و ٩ / ١٦٣ ، خصائص أمير المؤمنين عليهالسلام : ٨٩.
(٢) سبق ذكر مصادره في ص ١٥٩.
(٣) الّذين يصرّ الدليمي علىٰ الاعتذار لهم دائماً باسم الإسلام ، ولا ينكر عليهم بشيء ، بعكس ما يفعله مع شيعة عليّ عليهالسلام ; فإنّه ينكر عليهم كلّ شيء !!
إنّ هذا ليعدّ من التطفيف ، وخلاف العدالة ، وقد حذّر الله من التطفيف ، وتوعّد المطفّفين بقوله سبحانه : ( وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ ). سورة المطففين : الآية ١.
فليحذر الإنسان من الكيل بمكيالين في أُموره كلّها ، المادية منها والمعنوية ؛ فإنّ الله تعالىٰ بالمرصاد !