في وصيّة بين معصومَين ، خاصّة إذا كانت الوصيّة معلنة ; فإنّ من وصايا الأنبياء والأئمّة عليهمالسلام ما يكون معلناً ، كهذه الوصيّة ، الّتي يكون الهدف منها هو إيصال النصح والحكم إلىٰ أتباعهم وأشياعهم ، فتكون أشبه بالعهد الّذي يكتبه المعصوم إلىٰ أُمّته عن طريق معصوم آخر علىٰ الطريقة المعروفة في الخطاب : إيّاكِ أعني واسمعي يا جارة.
كما إنّنا نعلم ـ حسب الروايات الواردة ـ أنّ هناك عهوداً ووصايا خاصّة بين المعصومين عليهمالسلام تتعلّق بشؤون الإمامة ومستلزمات قيادة الأُمّة ، لم يطّلع عليها أحد سواهم ، وإليك ثلاث روايات منها فقط ممّا جاء في كتب أهل السُنّة دون الشيعة :
أخرج الطبراني وابن أبي عاصم وابن عساكر والهيثمي وغيرهم : عن ابن عبّاس ، قال : كنّا نتحدّث أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عهد إلىٰ عليّ سبعين عهداً لم يعهدها إلىٰ غيره (١).
وعن ابن عبّاس ، قال : إنّ عليّاً خطب الناس فقال : يا أيّها الناس ! ما هذه المقالة السيّئة الّتي تبلغني عنكم ؟
والله لتقتلنّ طلحة والزبير ، ولتفتحنّ البصرة ، ولتأتينّكم مادّة من الكوفة ، ستّة آلاف وخمسمائة وستين أو خمسة آلاف وستمائة وخمسين.
قال ابن عبّاس : فقلت : الحرب خدعة !
قال : فخرجت فأقبلت أسأل الناس : كم أنتم ؟ فقالوا كما قال ، فقلت : هذه ممّا أسرّه إليه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ أنّه علّمه ألف ألف كلمةٍ ، كلّ
__________________
(١) المعجم الصغير ٢ / ٦٩ ، كتاب السُنّة : ٥٥٠ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٣٩١ ، مجمع الزوائد ٩ / ١١٣ ، فيض القدير ٣ / ٦٠ ؛ وينقل فيه تحسين الحافظ ابن حجر للحديث في فتاواه ، طبقات المحدّثين بأصفهان ٢ / ٢٦٢.