على التفكير ، وعلى العمل فكثيراً ما يأتي الشرّ بالخير لقد بدأوا بسؤال أنفسهم : كيف تعيش أمّة موزّعة على نفسها في دنيا الأقوياء؟ كيف يمكن أن تقدّم المبادئ الإسلامية إلى العالم والإسلام في حرب بين أبنائه داخل بلادهم؟ وكيف يتمكّن الذي تسوء حالته الداخلية من إصلاح مركزه الخارجي؟
هكذا بدأنا التفكير في التقريب ، ثمّ سلخنا بعد ذلك شهوراً نبحث في سبل العلاج فدرسنا الدعوات التي سبقتنا وأفدنا منها كثيراً ، ودرسنا المشاكل الطائفية برمّتها ، والكتب المعتمدة عند كلّ فريق لتحدّد الطوائف التي تتفق في الأصول الإسلامية ، ودرسنا الخلافات الفرعية والفقهية ومبلغ ما وصلنا إليه. ثمّ حدّدنا أنجح طريقة للوصول بفكرتنا إلى الأعماق.
وقد أدّى بنا إلى أن هذه الدعوة يجب أن تقوم بها جماعة بدل أن يقوم بها فرد يتعرّض لكثير من الأخطار ، وأن تكون الدعوة إلى التقريب بين أرباب المذاهب لا إلى جمع المسلمين على مذهب واحد ، فيبقى الشيعي شيعياً والسني سنياً ، وأن يسود بين الجميع مبدأ احترام الرأي الذي يؤيده الدليل ، وأن تكون الجماعة ممثّلة للمذاهب الأربعة المعروفة عند أهل السنّة ، ومذهبي الشيعة الإمامية والزيدية. وأن يمثّل كلّ مذهب علماء من ذوي الرأي والمكانة فيه ، وأن تكون الجماعة بمعزل عن السياسة ، وأن تكون محددة الأهداف ، وأن يكون سعيها على أساس البحث والعلم كي تثبت أمام المعارضة ، وتكسب الأنصار عن سبيل الإقناع والاقتناع ، ولكي تستطيع بسلاح العلم محاربة الأفكار الخرافية الطفيلية التي لا تعيش إلّا في ظلّ الأسرار والأجواء المظلمة. ولكي تتمكّن في الوقت نفسه من مقاومة الطوائف والنحل التي ليست من الإسلام في شيء والتي يحسبها الشيعي سنّية ، والسنّي شيعية ، بينما هي في حقيقتها حرب على الإسلام.