الوحدة تحدّي
كلّما كانت الأفكار أعمق وأسمى ، وكلّما ارتبطت بصميم مشاكل الأُمّة وقضاياها ، كلّما كانت لغة الحديث قائمة على أساس الإشارات والتلميحات ، حيث تزدحم على الموضوع مواقف مختلفة ، وعقبات عديدة تحول دون الإفصاح ، وحتّى كتابنا المقدّس ( القرآن الكريم ) فإنّه يستخدم ( الإشارات والرموز ) كلغة بينه وبين أوليائه ، لأنّ النّاس ليسوا جميعاً في مستوى تلقّي المعارف القرآنية السّامية ، وحديثنا ـ نحن أيضاً ـ سيكون مستنداً إلى هذه اللغة في جزء منه.
ونبدأ هذا الحديث بالقول أنّ فهم السنن التي يشير إليها البارئ وعجل الله تعالى فرجه في قوله : (فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا) (١) ، يشكّل منفعة لحاضرنا وهدى لمستقبلنا ، فما تراجعت أُمّة عرفت سنن الله تعالى ، وتعاملت معها تعاملاً حسناً ، وما تقدّمت أُمّة تولّت عن هذه السّنن وجهلتها أو تجاهلتها.
والعوامل التي تسبّبت اليوم في بثّ الفرقة بين المسلمين هي ذاتها التي كانت وراء اختلافاتهم في الماضي ، والدواعي التي تفرّق بين أمّة وأخرى ،
__________________
١ ـ فاطر (٣٥) : ٤٣.