كأبان بن تغلب وجابر الجعفي ومحمّد بن حازم وعبيد الله بن موسى وغيرهم ، وكان المقياس في العمل بالحديث ورواية الراوي هو الثقة بصدق الراوي وأمانته في النقل ـ سنياً كان أو شيعياً ـ كالحكمة التي يأخذها المؤمن متى وأنى وجدها.
وهذا هو نفس المقياس الذي يعتمد عليه عند الشيعة الإمامية. وكان محدّثوا الشيعة كثيراً ما يروون الأحاديث النبوية بطرق غير أئمّة الشيعة كثيراً ما يروون الأحاديث النبوية بطرق غير أئمّة أهل البيت وأصحابهم ، وفقهاء الشيعة يستندون في الأحكام الشرعية إلى الأحاديث المروية ممن خالفهم في المذهب إذا توفّرت شرائط الحديث واسموا أخبارهم بالموثّقات (١).
أراد الإسلام لمجتمعه أن يكون مجتمعاً قائماً على التسامح والرحمة ، وأن تكون أبواب المجتمع المسلم مفتوحة مشرعة على أبناء البشرية جمعاء لا استقطابهم واحتوائهم تحت راية الإيمان بالله والخضوع لشريعته. لذلك لم يتشدّد الإسلام في وضع شرائط ومؤهّلات الانتماء لكيانه الاجتماعي. فمجرّد إعلان الشهادتين ( لا إله إلّا الله محمّد رسول الله ) كاف لقبول عضوية الفرد في مجتمع المسلمين ، بأن يصبح جزءاً منهم له ما لهم وعليه ما عليهم. ثمّ يبقى المجال مفتوحاً لتفاوت مستوى الإخلاص ودرجات الإيمان والتقوى بين أفراد المجتمع.
ولأنّ في الناس من يحاول إلباس الدين ثوب أنانيته ونظرته الضيّقة أو
__________________
١ ـ مجلة التوحيد ، العدد٧ ، السنة الثانية : ٥٠ ـ ٥٥.