العرش فقال : إنّه محال وانشد :
سبحان من ليس له أنيس |
|
ولا له في عرشه جليس |
فمنعوا الناس من الجلوس إليه ، ومن الدخول عليه ، ورموه بمحابرهم ، فلمّا لزم داره ، رموه بالحجارة حتّى تكدست ... (١).
تلك كانت بعض مقتطفات من مآسي خطّ التعصّب والإرهاب الطائفي والذي كاد يغطّي صفحات تاريخ الأُمّة ، لولا وعي وتضحيات المخلصين الذين يشكلون خطّ الوعي والتحرّر والانفتاح في تاريخنا الإسلامي ، ونحن الآن مطالبون بمتابعة هذا الخطّ وإحيائه في الواقع المعاصر ، والوقوف أمام من يريدون إعادة وتكرار تلك المآسي الطائفية في وقت تشتدّ فيه حاجة الأُمّة إلى التمسك والالتحام لمواجهة التحدّيات الحضارية والأخطار المعادية.
ما الذي يشدّ الإنسان المسلم إلى مذهب من المذاهب ، أو إمام من الأئمّة؟
وما الذي يدفعه إلى اعتناق هذه الفكرة أو الالتزام بذلك المنهج؟
المفروض إنّ الدافع وعنصر الانسداد هو طلب الحقيقة والوصول إلى الرأي الأصحّ والأصوب عقائدياً وتشريعياً لإحراز براءة الذمّة ورضا الله سبحانه وتعالى ، حيث يتفتّح وعي الإنسان المسلم في هذه الحياة فيرى أمامه عدّة مناهج وطرق في فهم عقائد الإسلام وتحديد جزئيات أحكامه ، وعند الاختلاف فإنّ الحقّ لا يتعدّد خلافاً لما يراه المصوبّة ، فإذا ما كان هناك أكثر
__________________
١ ـ الوافي بالوفيات ٢ : ٢١٣.