تمهيد
إنّ من أخطر ما ابتليت به البشرية هو الصراع بين بعضهم البعض ، علماً أن الله سبحانه وتعالى قد أنذر بني آدم بأنّهم عندما يهبطون إلى الأرض سوف يكون بعضهم لبعض عدوّاً ، وقد حدث أوّل مظهر من مظاهر الصراع عندما قتل قابيل أخاه هابيل ، منذ ذلك الحين استمرّت المعارك الدامية حيناً ، والباردة أحياناً أُخرى.
ونحن لو تعمّقنا لوجدنا أنّ مشكلة الصراعات بين بني البشر تمثّل أعمق وأخطر معضلة ابتليت بها البشرية ، ويكفينا في هذا المجال أن نلقي نظرة واحدة على ميزانيات التسلّح في هذا العالم ، وعلى الحروب التي تبتلع جهود البشرية ، والإذاعات والصحف ووسائل الإعلام الأخرى الموظّفة لهذه الحروب ، لنعرف مدى عمق هذه المأساة.
وقد أرسل الله وعجل الله تعالى فرجه رسله لكي يُنقذوا البشرية من مآسيها ، ويقدّموا إليها الحلول الناجعة والكفيلة بضمان سعادتها ، ومن جهة أُخرى فقد بيّنوا الأسس الواضحة والمتينة لإقرار الوحدة بين النّاس ، ولعلّنا لا نبالغ إذا قلنا إنّ نصف القرآن الكريم يعالج هذه المشكلة الحادّة في حياة الإنسان ، وكلّما استطعنا أن نكون بمنجى عن هذا الداء العضال لهذه المشكلة العميقة الواسعة التي لم نرَ أنّ الإنسان قد استطاع التخلّص منها في حقبة من حقب التاريخ ، جاء القرآن