وكأنّ من حدث لم يكن
محتملاً ولا متوقّعاً.
لمثل هؤلاء يتحدّث القرآن الكريم عن بعض
النماذج ، ممن خانوا أمانة العلم والدين في الأُمم السابقة ، ليكون المجتمع
الإسلامي على حذر من تكرار مثل هذه النماذج.
(١) ـ يقول تعالى : (وَاتْلُ
عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ
الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا
وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ
الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ
الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ
يَتَفَكَّرُونَ)
.
(٢) ـ إنّها قصّة عالم وصل إلى رتبة
متقدّمة ، من العلوم والمعارف الدينية ( آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا
) فكان
العلم ملتصقاً به ، محيطاً به ، محيطاً بجوانب شخصيته ، إحاطة الجلد بالبدن ، لكنّه
مع سعة معرفته ، وعمق علمه ، سقط في هاوية الانحراف. ويعبرّ القرآن عن خيانة
العالم للمعرفة التي تحتضنه وتحيطه ، بالانسلاخ (
فَانسَلَخَ
مِنْهَا )
والانسلاخ خروج جسد الحيوان من جلده حينما يسلخ عنه.
وكيف ينفلت العالم ، وينفصل عن مؤدّى
علمه ومعرفته ، مع أنّه عاش في أحضان العلم ، وتشرّبت نفسه بالمعرفة؟
لأنّ العلم لا يعني العصمة ، والإجبار
على الطاعة ، فهو خلاف إرادة الله ومشيئته ، بأن يكون الإنسان حرّاً مختاراً ، في
سلوكه وتصرّفاته ، ليكون جديراً
__________________