* ما وردَ من أنَّ أمير المؤمنين علياً عليهالسلام قد خالف رأي عمر في تحريم ( متعة النساء ) ، واعتبر ذلك التحريم من ( البدع ) المخالفة للسنة النبوية الثابتة ، وقد اعترف ( عمرُ ) بنفسه في كلامه السابق الذي رواه أبناءُ العامة عنه في كتب الحديث بأنَّه هو الذي بادر إلى التحريم ، وأنَّ ( متعةَ النساء ) مثل ( متعة الحج ) كانت على زمن رسولِ اللّهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقد تقدَّمت الإشارةُ إلى بعض الأحاديث في النموذج السابق ، وروى ( القوشجي ) ـ وهو من أئمة المتكلمين على مذهب الأشاعرة ـ عن عمر أيضاً انه قالَ :
________________________
وفيه أيضاً : ( عن سعيد بن المسيَّب قالَ : اختلفَ علي وعثمان رضي اللّه عنهما وهما بعُسفان في المتعة ، فقالَ علي : ما تريد إلى أن تنهى عن أمرٍ فعله النبي صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ؟ قالَ : فلما رأى ذلكَ عليٌّ أهلَّ بهما جميعاً ) :. البخاري ، صحيح البخاري ، ج : ٢ ، ح : ٩ ، ص : ١٥٣.
ووردَ في ( صحيح مسلم ) : ( كانَ عثمان ينهى عن المتعة ، وكانَ عليٌّ يأمر بها ، فقالَ عثمان لعلي كلمةً ، ثم قالَ علي : لقد علمتَ أنّا تمتعنا مَعَ رسول اللّه صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ ، فقالَ : أجل ولكنّا كنّا خائفين ) : مسلم ، صحيح مسلم بشرح النووي ، ج : ٨ ، ص : ٢٠٢.
وانظر : كنز العمال ، ج : ٥ ، ح : ١٢٣٨٨ ، ص : ١٦٨.
وفيه أيضاً : ( اجتمع علي وعثمان رضي اللّه عنهما بعُسفان ، فكانَ عثمان ينهى عن المتعة أو العمرة ، فقالَ عليٌّ : ما تريد إلى أمرٍ فعله رسول اللّه صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ تنهى عنه ، فقالَ عثمان : دعنا منك ، فقالَ : إني لا أستطيع أن أدعَكَ ، فلّما أن رأى عليٌّ ذلك أهلَّ بهما جميعاً ) : مسلم ، صحيح مسلم بشرح النووي ، ج : ٨ ، ص : ٢٠٢ ، وانظر : كنز العمال ، ج : ٥ ، ح : ١٢٤٨٦ ، ص : ١٦٧.
وفي ( سنن النسائي ) : ( حجَّ عليٌّ وعثمان ، فلمّا كنا ببعض الطريق ، نهى عثمان عن التمتع ، فقالَ علي : إذا رأيتموه قد ارتحل فارتحلوا ، فلبّى عليٌّ وأصحابه بالعمرة ، فلم ينههم عثمان ، فقالَ علي عَليهِ السلامُ : ألم اُخبر أنكَ تنهى عن التمتع؟ قالَ : بلى ، قالَ له علي عَليهِ السلامُ : ألم تسمع رسول اللّه صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ تمتع ، قالَ : بلى ) : النسائي ، سنن النسائي بشرح السيوطي ، ج : ٥ ، باب : التمتع ، ص : ١٥٢.
وانظر : كنز العمال ، ج : ٥ ، ح : ١٢٤٨٣ ، ص : ١٦٦.
فنرى أنَّ أمير المؤمنين علياً عَليهِ السلامُ في هذا الحديث هو الذي يبادر بسؤال عثمان عن تحريمه لعمرة الحج ، ثم ينتزع منه اعترافاً وإقراراً بوقوعهما في زمن رسول اللّه صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ وفي ذلك أبلغ الحجج وأتم البراهين.