جئتكم به ، إنّي قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة ، وقد أمرني الله تعالى أنّ أدعوكم إليه ، فأيّكم يؤازرني على هذا الأمر على أنّ يكون أخى ووصيي وخليفتي فيكم؟ قال : فأحجم القوم عنها جميعاً ، وقلت وإنّي لأحدثهم سنّاً ، وأرمصهم عيناً ، وأعظمهم بطناً ، وأحمشهم ساقاً : أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه. فأخذ برقبتي ، ثمّ قال : إنّ هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم ، فاسمعوا له وأطيعوا. قال : فقام القوم يضحكون ، ويقولون لأبي طالب قد أمرك أنّ تسمع لابنك وتطيع.
حدّثنى زكرياء بن يحيى الضرير ، قال : حدّثنا عفان بن مسلم ، قال : حدّثنا أبو عوانة ، عن عثمان بن المغيرة ، عن أبى صادق ، عن ربيعة بن ناجد ، أنّ رجلاً قال لعلي عليه السلام : يا أمير المؤمنين بم ورثت ابن عمّك دون عمّك؟ فقال علي : هاؤم! ثلاث مرّات ، حتّى اشرأبّ الناس ، ونشروا آذانهم. ثمّ قال : جمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ـ أو دعا رسول الله ـ بني عبد المطلب منهم رهطه ، كلّهم يأكل الجذعة ويشرب الفرق ، قال : فصنع لهم مُدّاً من طعام ، فأكلوا حتّى شبعوا ، وبقي الطعام كما هو كأنّه لم يمس. قال : ثمّ دعا بغُمَر فشربوا حتّى رووا ، وبقي الشراب كأنّه لم يمس ولم يشربوا. قال : ثمّ قال : يا بني عبد المطلب ، إنّي بعثت إليكم بخاصّة ، وإلى الناس بعامّة ، وقد رأيتم من هذا الأمر ما قد رأيتم ، فأيّكم يبايعني على أنّ يكون أخي وصاحبي ووارثي؟ فلم يقم إليه أحد ، فقمت إليه ـ وكنت أصغر القوم ـ قال : فقال : اجلس ، قال : ثمّ قال ثلاث مرّات ، كلّ ذلك أقوم إليه ، فيقول لي اجلس ، حتّى كان في الثالثة ، فضرب بيده على يدي. قال : فبذلك ورثت ابن عمّي دون عمّي ) (١).
__________________
١ ـ تاريخ الطبري : ج ٢ ، ص ٦٢ ـ ٦٤.