إنسان مؤمن ، وليس من أهل الدنيا ، وهذا ما جعلني أصدّقه.
ولكن لم أجد ما أقول له إلّا أنّ أوجّه له أسئلة ، مثل : لماذا اتّبعتهم؟ وما أدلّتهم؟! فقال : إنّ أشد خلاف بين البشر هو الخلاف على الولاية ، أو العلوم في الأرض (١) ، وقال لي : إنّ المسلمين مجمعون على أنّ من صحّت أصوله يتّبع في فروعه ، أنّ الخلاف بين الزيدية والجعفرية أهمّه في الإمامة ، فالجعفرية تقول : إنّ الأئمة اثنا عشر إماماً ، فقلت : وما دليلهم؟
قال : الحديث الموجود في كتب الزيدية ، والسنّة ، وإجماع الجعفرية ، فقلت : ائتني بمصدر واحد يذكر ذلك ، فقال : بل آتيك بمصادر لا مصدر واحد ، فأتى بصحيحي البخاري ومسلم وغيرها من الصحاح الستة ، وعندما قرأتها تحيّرت ، فلأوّل مرّة أعرف أنّ هذا الحديث موجود في صحاح أهل السنّة ، لكنّي كابرت في البداية وقلت : أريد مصادر زيدية لا حاجة لي بمصادر أهل السنّة ، وما كان منه إلّا أنّ أتى بكتب أئمة الزيدية وكبار علمائهم ، مثل التحف شرح الزلف ، ولوامع الأنوار ، وسير بعض أئمة الزيدية ، وكتاب الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية ، والشافي ، والبحر الزخار ، وتحرير الأفكار ، وغيرها.
عندها صممت أنّ لا أقبل شيئاً من المذاهب إلّا بدليل ، فبدأت بمذهب أهل السنّة وإذا به ينهار في أيام قليلة ؛ لأنّ الروايات ثابتة في كتبهم بولاية أهل البيت عليهمالسلام ، والتناقض الكبير في ولاية غيرهم ، فلم أجد ما أتمسّك به من مذهبهم ، فانتقلت للزيدية فوجدتها تدرّس الناس وتبلّغهم عن أهل البيت بشيء
__________________
١ ـ لقد شرح لي تفصيلاً مقنعاً حول الولاية ، وهو شرح مفصّل ذكره بالتفصيل في كتابه بنور القرآن اهتديت ، وقد طبع ، فراجع.