فيها. فلمّا التقيا وبايعه الحسن ، سأل حسن معاوية أنّ يعطيه الشروط التي اشترط في السجل الذي ختم معاوية على أسفله ، فأبى معاوية أنّ يعطيه ذلك ، وقال : لك ما كنت كتبت إليّ تسألني أنّ أعطيك ، فإنّي قد أعطيتكها حين جاءني. فقال له الحسن : وأنا قد اشترطت عليك حين جاءني سجلّك ، وأعطيتني العهد على الوفاء بما فيه. فاختلفا في ذلك ، فلم ينفّذ [ معاوية ] للحسن من الشرط شيئاً ) (١).
أخبرنا أبو نصر أحمد بن عبد الله وأبو غالب أحمد بن الحسن وأبو محمّد عبد الله بن محمّد ، قالوا : أنبأنا أبو محمّد الجوهري ، أنبأنا أبو بكر بن مالك ، أنبانا عبد الله ، حدّثني أبي ، أنبأنا محمّد بن أبي عدي ، عن ابن عون ، عن أنس ـ يعني : ابن سيرين ـ قال : ( قال الحسن بن علي يوم كلّمه معاوية : ما بين جابرس وجابلق رجل جدّه نبي غيري ، وإنّي رأيت أنّ أصلح بين أمة محمّد صلىاللهعليهوسلم ، وكنت أحقّهم بذلك ، ألا وإنّا قد بايعنا معاوية ، ولا أدري لعلّه فتنة لكم ومتاع إلى حين ).
__________________
١ ـ أي : لا الشرط المختلف فيه ، ولا المتّفق عليه ، أمّا المختلف فيه فواضح أنّ معاوية لم يف به ولم ينفّذه ، وأمّا الشروط المتّفق عليها الذي لم يف بها معاوية ولم ينفذها فكثيرة ، منها : طرده وكلاء وعمّال الإمام الحسن عن بلدتي ( فسا ) و( دارا بجرد ). ومنها : تخلّفه عن الشرط الذي فيه ( ( عدم ذكر أمير المؤمنين عليه السلام بسوء ) ) ، فسنّ سبّه في جميع الأرجاء الإسلامية ، واستمرت هذه السنّة الإلحادية إلى تمام ملك بني أمية عدا سنوات من ملك عمر بن عبد العزيز ، فإنّه بحسن تدبيره عطّل هذه السنة الظالمة. ومنها : عدوله عن عدم تعرّضه للإمام وشيعته ، وأن لا يبغي لهم الغوائل ، وقد خالف معاوية هذا الشرط فسمّ الإمام الحسن عليهالسلام وقتل حجر بن عدي والأخيار من أصحابه بالإفك والتزوير والغدر والنفاق. ومنها : أنّ لا يرشّح أحداً للإمارة على المسلمين وقيادتهم.