( وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ) (١). وقال : ( وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ ) (٢) ، وقال : ( ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ ) (٣). ومقابل مدحه للقلة القليلة ، ذم الكثرة الكثيرة ، فقال : و ( وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ) (٤). وقال : ( وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ ) (٥).
قلت : إذاً فبماذا تفسر حديث انقسام الأمّة ؟
قال : أفسره بكلام الإمام علي عليهالسلام ، وكلامه كلام رسول الله صلىاللهعليهوآله ، لأنّه باب مدينة علمه ومستحفظ دينه ، إذ يقول في هذا الخصوص وقد سأله رجل عن السنّة والبدعة ، والفرقة والجماعة ، فقال عليهالسلام : « أمّا السنّة فسنّة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وأمّا البدعة فمن خالفها ، وأمّا الفرقة فأهل الباطل وإن كثروا ، وأمّا الجماعة فأهل الحقّ وإنْ قلّوا » (٦).
قلت : لكنّ الشيعة أنفسهم مختلفون ، وهم منقسمون إلى عدّة فرق ، منها ما اندثر ولم يعد له وجود ، ومنها ما يزال قائماً إلى الآن كالزيديّة والإسماعيليّة والجعفريّة ، فكيف تدّعي أنّهم الفرقة الناجية ؟
_________________
(١) سبأ : ١٣.
(٢) سورة (ص) : ٢٤.
(٣) الواقعة : ٢٤.
(٤) الزخرف : ٧٨.
(٥) الأنعام : ١١٦.
(٦) تحف العقول لابن شعبة الحرّاني : ٢١١.
وفي كنز العمّال للمتقي الهندي : عن يحيى بن عبد الله بن الحسن عن أبيه قال : كان عليٌ يخطب فقام إليه رجل فقال : يا أمير المؤمنين : أخبرني من أهل الجماعة ؟ ومن أهل الفرقة ؟ ومن أهل السنة ؟ ومن أهل البدعة ؟ فقال : ويحك ! أما إذا سألتني فافهم عنّي ، ولا عليك أنْ لا تسأل عنها أحداً بعدي ، فأمّا أهل الجماعة فأنا ومن اتّبعني وإنْ قلّوا ، وذلك الحقّ عن أمر الله وأمر رسوله ، فأمّا أهل الفرقة فالمخالفون لي ومن اتبعني وإن كثروا ، وأمّا أهل السنّة المتمسّكون بما سنّة الله لهم ورسوله وإنْ قلّوا وإنْ قلّوا ، وأمّا أهل البدعة فالمخالفون لأمر الله ولكتابه ورسوله ، العاملون برأيهم وأهوائهم وإن كثروا ، وقد مضى منهم الفوج الأول وبقيت أفواج ، وعلى الله قصمها واستئصالها عن جدبة الأرض... [ كنز العمال مجلد ٨ ، ٤٠ ٤١٦ : ٧٧ ، حديث رقم ٤٤٢٠٩ ]