قال : أنا لم أدّع أنّ جميع فرق الشيعة ناجون ، بل لم يدّع ذلك أحد من علماء الأمّة ، غير أنّي سأبين لك أمراً قد يكون خفي عليك ثمّ أعود لبيان مَن هي الفرقة الناجيّة ، وهذا الأمر يتعلّق بتتمة الحديث السابق الذي بُتر وغُيّر من طرف له مصلحة في ذلك ، فإنّ السائل عن الفرقة الناجية لم يكن غير أمير المؤمنين عليهالسلام ، حيثُ روى الشيخ الحافظ محمد بن مؤمن الشيرازي في كتابه الذي استخرجه من التفاسير الاثني عشر ، رواية طويلة جاء في آخرها : « يا أبا الحسن ! إنّ أمّة موسى افترقت أحد وسبعين فرقة ، فرقة ناجية والباقون في النار ، وإنّ أُمّة عيسى افترقت على اثنين وسبعين فرقة ، فرقة ناجيّة والباقون في النار ، وإنّ اُمّتي ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة ، فرقة ناجية والباقون في النار. فقال : يا رسول الله ! من الناجية ؟ قال : المتمسك بما أنت عليه وأصحابك » (١).
إذن ، فعليٌ هو المجسّد لمنهج النبي صلىاللهعليهوآله وهو الهادي والقبس الذي أضاء الظلمة بعده. ولذلك نرى النبي صلىاللهعليهوآله يُشير إلى عمار بن ياسر بهذه الحقيقة قائلاً : « يا عمار ابن ياسر إنْ رأيت عليّاً قد سلك وادياً وسلك الناس وادياً غيره فاسلك مع علي فإنّه لن يدليك في ردى ، ولن يخرجك من هدى... » (٢).
أمّا انقسام الشيعة إلى فرق شأنها شأن بقيّة المذاهب ، فذلك مردّه إلى اختلاف الناس ، وليس إلى الدين الذي جاء موحّدا ومؤلّفا ولم يأت مفرّقاً ، وأنا لم ألتزم في تشيعي إلّا بما وصلتْ إليه قناعتي ، حسب النصوص التي قرأتها ، ودرستها متناً وسنداً ، وتتبعت أقوال العلماء الأعلام فيها ، كما لم أقل لك : إنّ كلّ الشيعة هم
_________________
(١) نقل الرواية كاملة السيّد ابن طاووس في « الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف » : ٤٢٩ ـ ٤٣٠ ، وانظر موضع الشاهد في « الشيعة في أحاديث الفريقين » للسيد مرتضى الأبطحي : ٢٣٦ ، نقلاً عن « السيف اليماني الصقيل للسيد محمد بن يوسف التونسي الشهير بالكافي : ١٦٩.
(٢) تاريخ بغداد ١٣ : ١٨٨.