الحلقة الرابعة
عقيدة أهل البيت عليهمالسلام في النبوّة هي التي شيّعتني
جاء دور عبد الرحمان ، فتحدّث عن السبب المباشر لاستبصاره وقال : لقد كانت عقيدة النبوة التي اعتمدها المالكية وبقيّة ما يسمّى بأهل السنّة والجماعة مختلّة البناء ، لا تستقيم وحقيقة النبي صلىاللهعليهوآله ، ولا الغاية من بعثته المباركة ، وقد كنت غير مقتنع منذ الدراسة الثانوية بالتفسير الذي لقنوه لنا ، في تفسير آية : ( عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ ) (١) ، فقالوا لنا حسب ما ورثوه ، وبدون أدنى نظر : إنّ العبوس والتولي صدر من رسول صلىاللهعليهوآله ، عندما جاءه ابن أم مكتوم الأعمى ، وتساءلت يومها : كيف يعقل أنْ يصف المولى سبحانه وتعالى نبيّه المصطفى صلىاللهعليهوآله بصاحب الخلق العظيم ، وبالرؤوف الرحيم على المؤمنين ، ثمّ يعود فيصفه بوصف مخالف لذلك الخلق ، ولتلك الرأفة والرّحمة ، بل ويضعه في نفس المقام مع عدوّه الوليد بن المغيرة ـ والد خالد بن الوليد ـ عندما حكى عنه بقوله : ( ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ) (٢).
فيكون عيسى عليهالسلام في القرآن أكثر إنسانية ورحمة ، بإبرائه الأعمى والأكمه والأبرص وإحيائه الموتى من النبي الخاتم صلىاللهعليهوآله. وباعتبار أنّني لم أجد بين يدي تفسيراً آخر يقدّم البديل الصحيح ، بقيت في هذه النقطة على شكٍّ من صحة نسبتها للنبي صلىاللهعليهوآله.
ومرّت الأيام وكبرت معها ، وازداد عقلي رجوحاً ، وفكري تيقظاً وفطنة ،
_________________
(١) عبس : ١.
(٢) المدثر : ٢٢.