فقلت له : عن أيّة أحكام تتحدث ؟ ألسنا في المالكية نجيز الصلاة وراء السلطان ، حتّى لو كان ظالما ؟ لقول النبي صلىاللهعليهوآله : صلوا وراء كل بر وفاجر. وصدمني صديقي بقوله : لم أعد مالكيّا ، ولا من الجماعة التي تتحدث عنها ، لقد تشيّعت لأهل البيت عليهمالسلام.
فقلت له : أتغير وجهتك من الفرقة الناجية إلى أصحاب الأهواء والبدع من أهل النار ، ألم تقرأ يوماً حديث النبي صلىاللهعليهوآله عن انقسام الأمّة إلى ثلاث وسبعين فرقة واحدة منها فقط هي الناجية ، وهي جماعتنا أهل السنة.
فقال : وما أدراك أن تلك الفرقة هي الناجية ؟
فقلت : إتباعهم لسنّة النبي صلىاللهعليهوآله ، واجتماعهم على رأي واحد ، وكثرة عددهم في العالم اليوم ، أليس هذا كافياً ليكونوا هم الفرقة الناجية.
قال : أمّا إتباعهم لسنّة النبي صلىاللهعليهوآله ، فالمسألة تحتاج إلى دليل يُطمأنُّ إليه ، وأمّا اجتماعهم على رأي واحد ، فذلك ليس صحيحاً ; لأنّ ما يسمى بأهل السنة والجماعة ، أربع مذاهب هي : الحنفية ـ والمالكية ـ والشافعية ـ والحنابلة ، وهم مختلفون اختلافاً كبيراً في عديد من الأحكام ، وهذا وحده يكفي للقول بأنّ قول النبي صلىاللهعليهوآله لا ينطبق عليهم لأنّهم أربعة ، وهو قد حدّد الفرقة الناجية بواحدة وليس أربعة ، وحتّى الأربعة تفرّقوا وتفرعوا إلى عدد من الطرق مثل السلفيّة والوهابيّة الذين تفرّعا من الحنابلة ، والمتصوّفة تفرّعت من بقيّة المذاهب ، وأمّا كثرة عدد هؤلاء فلا يفيد شيئاً ، بل أقول إنّها كثرة بلا بركة ، ولا أرى التقييم القرآني للعدد يصب لفائدتهم ، لأنّه طالما مدح الباري تعالى في محكم تنزيله القلّة وأثنى عليهم ، فقال : ( كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ ) (١). وقال :
_________________
(١) البقرة : ٢٤٩.