قال : « إنّ الابتعاد عن النبع الصافي الذي تركه رسول الله صلىاللهعليهوآله لأمته ، وهم أهل بيته عليهمالسلام الذين أذهب الله تعالى عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، قد ورث للناس ديناً وعقيدة بتراء عرجاء ، لا تنتج غير الأبتر والأعرج ، فأهل البيت عليهمالسلام هم أهل الذكر الذين أشار القرآن إلى سؤالهم ، وهم الصادقون الذين أمرنا أن نكون معهم ، وهم الأبواب التي أمرنا أن نأتي منها ، وهم العروة الوثقى التي لا انفصام لها ، وهم حبل الله المتين الذي أمرنا بالاعتصام به ، وهم الراسخون في العلم الذين إذا سئلوا أجابوا ، ولم يقل أحد « سلوني قبل أن تفقدوني » غير علي عليهالسلام بعد النبي صلىاللهعليهوآله (١) ، فوجب إرجاع المتشابه إليهم ، والرجوع إليهم في كل ما نحتاجه من دين ودنيا ، لأنّهم ثقل الكتاب ووعاته ومستحفظوه.
أما الآيات التي اعتمد عليها ابن عبد الوهاب في بيان عقيدته الباطلة ، فهي لا تفيد ظاهراً بما رأى لأنّ كلام الله تعالى جاء محاكياً لبلاغة العرب في الاستعارات والكنايات والتشبيهات ، فعندما تقول العرب : قامت الحرب على ساق. فمعناه أنّه ليس للحرب ساق وإنّما المقصد منه اشتدت وحمي وطيسها. كذلك في قوله تعالى : ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ ) (٢) كذلك معنى اليد والذي يفيد القدرة ، والاستواء معناه التمكن والهيمنة ، وغير ذلك مما يجب أن يجرى في التفسير مجرى المجاز لا الحقيقة ، واعتماد الأصل في مفهوم التوحيد الذي يقول : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) (٣).
( لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) (٤). ذلك هو الخالق المتعالي عن خلقه ، واحد أحد لا يتجزأ في حقيقة ولا وهم ».
_________________
(١) انظر : تاريخ الإسلام وفيات « ١١ ـ ٤٠ هـ » : ٦٣٨.
(٢) القلم : ٤٢.
(٣) الشورى : ١١.
(٤) الأنعام : ١٠٣.