يؤسّس لعقيدة سليمة ، ولا يفوتني هنا أن أستحضر إحدى خطب أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام في التوحيد والتي منها : « ... أوّل الدين معرفته ، وكمال معرفته التصديق به ، وكمال التصديق به توحيده ، وكمال توحيده الإخلاص له ، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه ، لشهادة كلّ صفة أنّها غير الموصوف ، وشهادة كلّ موصوف أنّه غير الصفة ، فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه ، ومن قرنه فقد ثنّاه ، ومن ثنّاه فقد جزّأه ، ومن جزأه فقد جهله ، ومن جهله فقد أشار إليه ، ومن أشار إليه فقد حدّه ، ومن حدّه فقد عدّه ، ومَنْ قال فيم ؟ فقد ضمنه ، ومن قال على ؟ فقد أخلى منه ، كائن لا عن حدث ، موجود لا عن عدم ، مع كل شي لا بمقارنة ، وغير كل شي لا بمزايلة ، فاعل لا بمعنى الحركات والآلة ، بصير إذ لا منظور إليه من خلقه ، متوحّد إذ لا سكن يستأنس به ولا يستوحش لفقده ... » (١).
وقد سلك أبناؤه الكرام البررة ، هداة الأمّة وربّانيوها ، مسلكه في الدفاع والذبّ عن الدين الإسلامي الصافي ، عقيدة وشريعة ، فجاءت خطبهم ، ومناظراتهم ، وبياناتهم ، ودروسهم ، حتّى في أحلك ظروف الحبس والجبر والقهر ، جاءت أدعيتهم مصداقاً للعقيدة الربانيّة الحقيقية ، التي لم تخضع يوماً لظالم ، ومرّت إلينا بعد تضحياتهم الجسام التي كلفتهم حياتهم شهداء من أجل دين الله تعالى بالسيف أو بالسمّ ، ومعاناتهم عبر الزمن ، ولولا أئمة أهل البيت عليهمالسلام ، لما وصلنا من الدين الذي جاء به سيّدهم الأكبر صلىاللهعليهوآله شيء يعتمد عليه.
اندهشت من دقّة كلام الإمام علي عليهالسلام وعمق معانيه ، ووقفت بسرعة على حقيقة تقول بأنني غير متّجه بعقيدة محمد بن عبد الوهاب في التوحيد الوجهة الصحيحة ، لكنّني استدركت قائلا : « إذاً فما معنى هذه الآيات والروايات التي اعتمد عليها ابن عبد الوهاب في كتابه ؟ ».
_________________
(١) نهج البلاغة ١ : ١٦.