أما الجانب العقائدي والفكري لتلك القرية فإنّها كانت موطن الحنابلة وموئلهم منذ القديم ، فلم يخرج منها إلا الحنبلي ، ومن كان على غير هذا المذهب فيها فإنّه من خارجها أي أنّه ضيف وافد عليها..
« أمّا عقائد أهلها بعد الإسلام فقد غلب عليهم الهوى الأموي ، فكانوا أشدّ الناس تعصباً لبني أميّة ، وكانوا يرون أنّ صلاة الجمعة لا تتم إلا بلعن الإمام علي عليهالسلام ( والعياذ بالله ) وحين جاءهم الأمر من عمر بن عبد العزيز بإزالة لعن أمير المؤمنين عن المنابر امتنعوا وضجّوا ، وقالوا : لا صلاة إلا بلعن أبي تراب.
ثم كانت حرّان مأوى مروان الحمار آخر الملوك الأمويين حين فرَّ من العباسيين ، وله فيها قصر كبير انفق على بنائه عشرة ألف درهم » (١).
ذاك شأن حرّان مسقط رأس ابن تيمية ، إلا أنّ مسكنه الرئيس كان في دمشق الشام ، التي جاء إليها فاراً هارباً مع أبيه وأخوته من وجه المغول والتتار سنة ٦٦٧ه ، وحالُ دمشق لا يخفى على أحد من العلماء والأعلام.. فإنّها معقل بني أميّة منذ البداية وحتى النهاية ولذا
___________________
(١) ابن تيمية لصائب عبدالحميد : ص٢٥ عن شرح النهج لابن أبي الحديد : ٧ / ١٢٢.