وبالجملة فإن الصورة المادية (١) وإن كانت علة للمادة في أن تخرجها إلى الفعل وتكملها فإن للمادة أيضا تأثيرا في وجودها وهو تخصيصها وتعيينها (٢) ، وإن كان (٣) مبدأ الوجود (٤) من غير المادة كما قد علمت ، فيكون لا محالة كل واحد منهما علة للأخرى في شيء (٥) ، وليسا (٦) من جهة واحدة ، ولو لا ذلك لاستحال أن يكون للصورة المادية (٧) تعلق بالمادة بوجه من الوجوه ، ولذلك قد سلف منا القول (٨) : أن المادة لا يكفي في وجودها الصورة فقط ، بل الصورة كجزء العلة ، وإذا كان كذلك فليس يمكن أن تجعل الصورة من كل وجه علة للمادة مستغنية بنفسها (٩) ، فبين أنه لا يجوز أن يكون المعلول الأول صورة (١٠) مادية أصلا (١١) ولا أن (١٢) يكون مادة أظهر ، فوجب (١٣) أن يكون المعلول الأول (١٤) صورة غير مادية أصلا بل عقلا (١٥) ، وأنت تعلم أن هاهنا عقولا ونفوسا مفارقة كثيرة ، فمحال أن يكون وجودها مستفادا بتوسط ما ليس له وجود (١٦) مفارق ، لكنك (١٧) تعلم أن في جملة الموجودات عن الأول أجساما ، إذ (١٨) علمت (١٩) أن كل جسم ممكن الوجود في حيز نفسه وأنه يجب بغيره ، وعلمت أنه (٢٠) لا سبيل إلى أن يكون عن الأول تعالى (٢١) بغير واسطة ، فهي كائنة (٢٢) عنه بواسطة وقد (٢٣) علمت أنه لا يجوز أن تكون (٢٤) الواسطة وحدة محضة لا اثنينية فيها (٢٥) ، فقد علمت أن الواحد من حيث هو واحد أنما يوجد عنه واحد ، فبالحري أن (٢٦) يكون عن المبدعات الأول (٢٧) بسبب اثنينيته يجب أن يكون فيها ضرورة أو كثرة كيف كانت ، ولا يمكن في العقول المفارقة شيء من الكثرة إلا على ما أقول : إن المعلول بذاته ممكن الوجود ، وبالأول (٢٨) واجب الوجود ، ووجوب وجوده بأنه عقل ، وهو يعقل ذاته (٢٩) ، ويعقل الأول ضرورة ، فيجب أن يكون
__________________
(١) المادية : المادة ط. (٢) وتعيينها : وتعينها د. (٣) كان : كانت د. (٤) الوجود : + وجودا ط. (٥) فى شيء : ساقطة من ب. (٦) وليسا : وليستا ح ، ص ، ط. (٧) المادية : المادة د. (٨) القول : قول ح ، ص ، ط. (٩) بنفسها : عن النفس ح ؛ بنفسها عنها ص. (١٠) صورة : + غير ط. (١١) أصلا : ساقطة من ب ، ح ، د ، ص ، م. (١٢) ولا أن : ولأن ب ، م ؛ ولئلا ح ، ص ، ط. (١٣) فوجب : فواجب ب ، ح ، ص ، ط ، م. (١٤) الأول : ساقطة من ط. (١٥) بل عقلا : وعقلا م. (١٦) وجود : + وهاهنا شكوك قد خلت ، بأنه لا يجب أن يتصور معنى الممكن على ما شرح أولا فى بعض تصورات متقدمة ، أن الممكن الذي تقرر به الوجود أوليا يجوز أن يكون سببا لوجود شيء آخر ح. (١٧) لكنك : ولكنك د ، ط. (١٨) إذ : إذا ط ؛ + قد ح. (١٩) علمت : علمته د. (٢٠) وأنه : فإنه د. (٢١) تعالى : ساقطة من ب ، د ، ص ، ط ، م. (٢٢) فهى كائنة : ساقطة د. (٢٣) قد : ساقطة من ب ، ح ، د ، ط ، م. (٢٤) تكون : ساقطة من ح. (٢٥) لا اثنينية فيها : ساقطة من د ، ب ، ح ، م. (٢٦) أن : ساقطة من د. (٢٧) الأول : الأولى ب ، ص. (٢٨) وبالأول : بالأول د. (٢٩) بأنه عقل وهو يعقل ذاته : يلزمه أنه عقل وهو يعقل ذاته ح ؛ يلزمه أن عقل ذاته ط.