ومثال الثاني : أن الإنسان قد يتخيل في نفسه صورة لقائه لصديق له ، فيشتاقه ، فيتحرك إلى المكان الذي يقدر مصادفته فيه ، فتنتهي حركته إلى ذلك المكان ، ولا تكون نفس ما انتهت إليه حركته نفس المتشوق (١) الأول الذي نزع (٢) إليه بل معنى آخر ، لكن المتشوق يتبعه ، ويحصل (٣) بعده ، وهو (٤) لقاء الصديق.
فقد عرفت هذين القسمين ، وتبين لك من ذلك بأدنى تأمل أن الغاية التي تنتهي إليها الحركة في كل حال من حيث هي غاية حركة (٥) ، هي غاية أولى حقيقية للقوة الفاعلة (٦) المحركة (٧) التي في الأعضاء ، وليس للقوة المحركة التي في الأعضاء غاية غيرها ، لكنه ربما كان (٨) للقوة التي قبلها غاية غيرها ، فليس يجب دائما أن يكون ذلك الأمر غاية أولى للقوة الشوقية : تخييلية كانت أو فكرية ، ولا أيضا دائما يجب أن لا يكون ، بل ربما كان ، وربما لم يكن ، كما قد تبين لك في المثالين.
أما الأول منهما فكانت الغاية فيهما (٩) واحدة ، وأما الثاني فكانت مختلفة.
والقوة المحركة التي في الأعضاء مبدأ حركة لا محالة ، والقوة الشوقية أيضا مبدأ أول لتلك الحركة ، فإنه لا يمكن أن تكون حركة نفسانية لا عن شوق البتة ، لأن الشيء الذي لا تنبعث إليه القوة ثم تنبعث إليه انبعاثا نفسانيا يكون بتشوق (١٠) نفساني لا محالة قد حدث بعد ما لم يكن. فإذن (١١) كل حركة نفسانية (١٢) مبدؤها الأقرب قوة محركة في عضل الأعضاء ، ومبدؤها الذي يليه شوق ، والشوق ـ كما علم (١٣) في علم كتاب (١٤) النفس ـ تابع لتخيل أو فكر لا محالة ، فيكون المبدأ الأبعد تخيلا أو فكرا.
فإذن هاهنا مبادئ للحركات (١٥) النفسانية.
منها واجبة بأعيانها ضرورة.
__________________
(١) المتشوق ( الأولى ) : المشوق د
(٢) نزع : ينزع ب ، ح ، د
(٣) ويحصل : أو يحصل ب ، ح ، م : أن يحصل ص
(٤) وهو : هو د. (٥) حركة : وحركة د. (٦) الفاعلة : الفاعلية ب ، ح ، د ، م
(٧) المحركة : للحركة م. (٨) كان : كانت ب ، ح ، د ، ص ، م
(٩) فيهما : فيما ط. (١٠) يتشوق : بشوق د : لشوق ب ، م : بشوقى ح ، ص
(١١) فإذن : فإن ح. (١٢) نفسانية : + فيكون ح ، ص ، م
(١٣) علم : علمت ح
(١٤) كتاب : ساقطة من م
(١٥) للحركات : للحركة ب ، ح ، د ، ص ، م.