إلى الآخر : أحدهما
لازم عقلي ، والآخر لازم قرآني ، هذا في حال استبعادنا لما يلزمنا به الحديث النبوي الصحيح ،
فأما اللازم العقلي فمبني على إن الهدف الربّاني وهو تعبيد الخلق إليه قائم على طرفين متلازمين لا يغني أحدهما عن الآخر :
أولهما
: الكتاب الإلهي المرسل.
وثانيهما
: الجهة التي تعمل على تفسير وتوضيح هذا الكتاب ، وتعنى بإجرائه وتشرف عليه ، وتسهر على العمل بمقتضياته وما يترتب على ذلك
، بحيث تكون هذه الجهة هي الحجة في مابين الخالق وعباده ؛ مرة على الكتاب ، وأخرى على إمكانية تطبيقه ، ومن دون ذلك فالاحتجاج بعدم وضوح الحجة الربانية ، ودعوى عدم إمكان تطبيقها يبقى قائماً.
كما إن خلو ساحة الخلق من النموذج
الأسوة يمثل في أحد جوانبه التكليف بما لا يطاق ، فالعملية التربوبية ليست قراراً يصدر ، وعلى الجميع تنفيذه ، بل هي عملية هداية تحتاج إلى من يحمل النور الإلهي ليدلّ الخلق عليه.
وهذه الحقيقة هي التي استدعت أن يتصاحب
الكتاب المُرسَل والنبي الحامل له دائماً ، وهي التي منعت من أن تنزل الملائكة لتبلّغ الخلق بالإرادة التشريعية للرب المعبود.
ومن الطبيعي بمكان أن نتساءل عن كيفية
تحقيق متطلبات هذا الهدف
____________________