بصورة لم تمارس ضد أي فريق آخر.
ولهذا لا غرور من ان تجد الفكر المناهض لهذه المدرسة الشريفة يجد نواته الأولى في التبريرات الأولى التي انطلقت لحكم السقيفة ، ولكن نشوءه الحقيقي تجده يأخذ بالتكامل إبان حكم بني العباس لا سيما في الفترة التي تزامنت مع حكم المنصور الدوانيقي وأعقبته إلى ايام المعتزّ العبّاسي حيث كانت هذه الفترة هي الأشد على مدرسة أهل البيت عليهمالسلام ، في فترة كان الإنسان يتحمل كل أنماط الاتهامات إلا أن يتهم بالولاء إلى هذه المدرسة ، والقصص التاريخية الخاصة بهذه الفترة تشكل تراجيديا مأساوية بالغة الوصف ، وفي نفس الوقت ما كانت لتنسى أن تسجل للتاريخ واحدة من أقذر وأبشع صور العنف الطائفي والعنت الفكري.
وبطبيعة الحال فقد تكبّد مفهوم العصمة أسوة بغيره من المفاهيم الإسلامية الكثير من التشويهات بحيث أفقدته في غالبية الأحيان من مصداقيته الحقيقية ، بالشكل الذي جعلت بعض هؤلاء يرى جواز الكفر على المعصوم ، ويتمادى الآخر ليتصوّر إمكانية أن يوجد من هو أفضل من النبي المعصوم صلىاللهعليهوآلهوسلم في زمانه! (١)
ولكن من يرجع إلى مدرسة أهل البيت عليهمالسلام سيجد أن هذا المفهوم كان قد أخذ رونقه الكامل ، بحيث لا تجد في طيّاته أي مجال للتناقض مع المفهوم القرآني للعصمة على عكس جميع الموارد المذهبية الأخرى ، كيف لا ، وما يخرج من مدرسة العصمة لا يكون إلا معصوماً؟.
ولسنا في هذا الكتاب في صدد البحث في هذه الخلافات ، فلقد بحثها المتكلمون من الإمامية منذ أن نشأت (٢) ولكننا في صدد محاولة تأصيل هذا
____________________
(١) انظر بعض التفاصيل في الفصل الأول من الكتاب.
(٢) يمكن ملاحظة الردود الأولى على هذه الخلافات في احتجاجات أصحاب الأئمة عليهمالسلام ، وقد أخذت شكلها المتكامل في كتابات الشيخ المفيد والشريف =