يحيف على مثل رسول الله بهذا الظلم الفادح.
د ـ وتبقى مسألة فلسفية في الموضوع ، فالقرآن تحدّث عن الإلقاء الشيطاني بعنوانه ارادة خاصة للشيطان ، ولم يطرح هذه الارادة بالشكل الذي لا يتخلف ، بل العكس هو سياق القرآن الذي رأى في هذه الارادة الضعف الذي أشارت إليه الآيات السابقة ، وأياً كانت صورة هذه الارادة فهي لا تلتقي بالضرورة مع ارادات الآخرين ـ أيّاً كانوا ـ ، فهي ارادة مستقلة عن ارادات الآخرين وبالنتيجة فقد تصيب التأثير ، وقد تتخلّف عنه ، وقد لا تلتقي بالمطلق مع تلك الارادات ، بينما القرآن يتحدّث هنا عن جهد شيطاني متلازم مع أمنيات الأنبياء والرسل ، فإن قلنا بأن هذه الملازمة ناجمة من وجود سلطان للجهد الشيطاني على ارادة هؤلاء الذاتية ، فقد تقوّلنا بما لا دليل عليه ، بل الدليل قائم على خلافه لما تقدم في مواضفات الجهد الشيطاني وخصائص النبي ، وإن قلنا بأن هذه الملازمة ناجمة عن جهد تجاه ما يريد هؤلاء الأنبياء تحقيقه ، فهو امر طبيعي إذ إن هذا هو شأن الكيد الشيطاني ، وبه يكون كلام هذا الرجل لا معنىً له أبداً.
ه ـ ومن الحق مساءلة فضل الله عن دور الوحي في شخصية الرسول الذي لا يجد فيه فضل الله تلك المواصفات والمؤهلات التي تمكنه من التغلب على كيد الشيطان الضعيف؟ فهل هو دور تسديد بعد الوقوع في الخطأ؟ أم هو دور عاصم له من الوقوع في الخطأ ، فإن قال بأنه يسدده بعد وقوعه في الخطأ فقد كذّب نفسه أو كذب على غيره حين قال في ردّه على أجوبة الميرزا التبريزي (مدّ ظله الشريف) بشأن الخطأ النبي في التبليغ الآيات المتقدم ذكره حين قال بأنه أراد من قوله ذاك أن يبرهن على خطأ الاستدلال (١) ، لا خطأ الفكرة وهي ضرورة العصمة في التبليغ بالدليل
____________________
(١) وهو استدلال العلامة الطباطبائي (أعلى الله مقامه) حول العصمة في التبليغ.