سورة الأحزاب بعيد معركة الأحزاب مباشرة.
فإن قالوا : بأن ذلك قد تم في وقت متأخر عن نزول الآية ، فلقد اعترفوا بأن الرسول كان يكررها في مواضع متعددة ، ثم إذا كان الأمر قد تم أمام واثلة بعد إسلامه أيمكن لنا أن ننسى أو نتناسى أين غدت غيرة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو الذي يقول : أنا أغير العرب؟ وأين غيرة أمير المؤمنين عليهالسلام في هذا المجال ، فمنذ متى ألفنا من الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه كان يجلس فاطمة عليهاالسلام بمحضر من الغرباء؟! وهل بامكان أحد أن يتصور الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو يدعو غريباً ليجلس معه ومع ابنته ضمن كساء واحد؟! ولو قبلت بعض العقول تصوّر ذلك ، فهل بامكانها ان تحلّ عقدة امتناع الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم من ادخال أزواجه وقبول دخوله الأغراب؟!
ويبدو أن الراوي للخبر قد تدراك الأمر فروى في رواية أخرى : أن واثلة قد قال قوله هذا من ناحية البيت ، (١) ولكنه نسي أن واثلة بن الأسقع قد قال بأن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم قد ألقى عليهم بكساء له ، وهذا يعني انه قد شاهد الحدث! ولو سلّمنا بقوله هذا فسيلزمه ما هو أنكى وأمرّ ، إذ بقوله هذا جعل واثلة بحكم من ينادي الرسول الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم من وراء الحجرات ، فهل ترى الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم قد كافأ واثلة على مخالفته لأمر الله سبحانه وتعالى بعدم مناداة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم من وراء الحجرات كما قال في كتابه المجيد : (إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٢)؟!
وفي كل الأحوال يبدوا أن الرواة لم يحسنوا صياغه ما وضعوه على لسان واثلة بن الأسقع ، فقالوا مرة بأنه كان في بيت الرسول وجاء علي وفاطمة والحسن والحسين ، وأخرى قال بأنه جاء لمنزل علي بن ابي طالب
____________________
(١) تفسير الطبري ٦ : ٢٢.
(٢) الحجرات : ٤.