٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أحدهما عليهماالسلام قال لا يكتب الملك إلا ما سمع وقال الله عز وجل : « وَاذْكُرْ
______________________________________________________
المقابل للنسيان ، لأن الذكر بهذا المعنى ثابت له تعالى سواء ذكره العبد أم لا ، أو المراد أذكرك من حيث لا يطلع عليه أحد فإن العبد إذا ذكره تعالى بحيث لا يطلع عليه أحد كما قال تعالى : « فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ » فأخبر سبحانه بأنه انفرد بعلم بعض ما يجازي به عباده الصالحين.
أقول : لا ريب أن المراد بالذكر المواضع الذكر بالجميل ، وبما يتضمن تعظيم المذكور لا مطلق الذكر « اذكرني في ملإك » قيل : إشارة إلى الذكر الجلي ويندرج فيه فعل الطاعات ظاهرا والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أيضا « أذكرك في ملإ خير من ملإ الآدميين » أي أظهر ذكرك إياي للملائكة والروحانيين ليثنوا عليك أو أظهر ثواب ذكرك لهم أو أظهر فضلك وشرفك على الإطلاق وقال في النهاية : بصبص الكلب بذنبه إذا حركة ، وإنما يفعل ذلك من خوف أو طمع « وكن في ذلك حيا » أي كن حاضر القلب ولا تكن ساهيا غافلا فإن القلب الساهي الغافل عن ذكره تعالى وعن إدراك الحق ميت والقلب العاقل الذاكر حي ، وقوله تعالى : « أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ » (١) « وإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى » (٢) إشارة إلى هذين القلبين.
الحديث الرابع : حسن كالصحيح.
« لا يكتب الملك إلا ما سمع » أي من الأذكار فإن الملك يكتب غير المسموعات من أفعال الجوارح أيضا والغرض بيان عظمة ذكر القلب لبعده عن الرياء فإنه لا يطلع عليه الملك فكيف سيره ، ولا ينافي ذلك ما مر في باب من يهم بالحسنة والسيئة أن الملك يعرف قصد الحسنة والسيئة بريح نفس الإنسان ، لأنه يمكن أن يكون ذلك لتعلقه بالأفعال الظاهرة الصادرة من الجوارح.
__________________
(١) الأنعام : ١٢٢.
(٢) النمل : ٨٠.