إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ » (١).
______________________________________________________
أريد بالآثار الأعمال ، وبما قدموا النيات المقدمة عليها ، وقال (ره) في قوله تعالى : « يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ » معناه أن فعلة الإنسان من خير أو شر إن كانت مقدار حبة خردل في الوزن ، ويجوز أن يكون الهاء في أنها ضمير القصة « فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ » أي فتكن تلك الحبة في جبل أي في حجرة عظيمة ، لأن الحبة فيها أخفى وأبعد من الاستخراج « أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ » ذكر السماوات والأرض بعد ذكر الصخرة وإن كان لا بد أن تكون الصخرة في الأرض على وجه التأكيد ، وقال السدي : هذه الصخرة ليست في السماوات ولا في الأرض وهي تحت سبع أرضين ، وهذا قول مرغوب عنه « يَأْتِ بِهَا اللهُ » أي يوم القيامة ويجازي عليها أي يأت بجزاء ما وازنها من خير أو شر ، وقيل : معناه يعلمها الله فيأتي بها إذا شاء كذلك قليل العمل من خير أو شر « يَعْلَمْهُ اللهُ » فيجازي عليه ، فهو مثل قوله : « فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ».
روى العياشي عن ابن مسكان عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : اتقوا المحقرات من الذنوب فإن لها طالبا ، لا يقولن أحدكم أذنب وأستغفر الله تعالى ، إن الله تعالى يقول : « إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ » الآية.
« إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ » باستخراجها « خَبِيرٌ » بمستقرها ، انتهى.
وقال بعض المحققين : خفاء الشيء إما لغاية صغره ، وإما لاحتجابه ، وإما لكونه بعيدا ، وإما لكونه في ظلمة ، فأشار إلى الأول بقوله : مثقال حبة ، وإلى الثاني بقوله : فتكن في صخرة ، وإلى الثالث بقوله : أو في السماوات ، وإلى الرابع بقوله
__________________
(١) سورة لقمان : ١٦.