لكل شدة هشاش بشاش لا بعباس ولا بجساس صليب كظام بسام دقيق النظر عظيم الحذر لا يجهل وإن جهل عليه يحلم لا يبخل وإن بخل عليه صبر عقل فاستحيا ـ وقنع فاستغنى حياؤه يعلو شهوته ووده يعلو حسده وعفوه يعلو حقده لا ينطق بغير صواب ولا يلبس إلا الاقتصاد مشيه التواضع خاضع
______________________________________________________
بش ، وقال : البشاشة : طلاقة الوجه ، ورجل هش بش أي طلق الوجه.
« لا بعباس » أي كثير العبوس « ولا بجساس » أي لا كثير التجسس لعيوب الناس « صليب » أي متصلب شديد في أمور الدين « كظام » يكظم الغيظ كثيرا ، يقال : كظم غيظه أي رده وحبسه « بسام » أي كثير التبسم « دقيق النظر » أي نافذ الفكر في دقائق الأمور « عظيم الحذر » عن الدنيا ومهالكها وفتنها « لا يبخل » بمنع حقوق الناس واجباتها ومندوباتها « وإن بخل عليه » بمنع حقوقه « صبر » ، « عقل » أي فهم قبح المعاصي فاستحيى من ارتكابها ، أو عقل أن الله مطلع عليه في جميع أحواله « فاستحيى » من أن يعصيه « وقنع » بما أعطاه الله « فاستغني » عن الطلب من المخلوقين.
« حياؤه » من الله ومن الخلق « يعلو شهوته » فيمنعه عن اتباع الشهوات النفسانية « ووده » للمؤمنين « يعلو حسده » أي يمنعه عن أن يحسدهم على ما أعطاهم الله « وعفوه » عن زلات إخوانه وما أصابه منهم الأذى « يعلو حقده » عليهم.
« ولا يلبس إلا الاقتصاد » أي يقتصد ويتوسط في لباسه ، فلا يلبس ما يلحقه بدرجة المسرفين والمترفين ، ولا ما يلحقه بأهل الخسة والدناءة ، فإن الله يحب أن يرى أثر نعمته على خلقه ، أو يصير سببا لشهرتهم بالزهد كما هو دأب المتصوفة ، ويحتمل أن يكون المراد جعله الاقتصاد في جميع أموره شعارا ودثارا على الاستعارة « ومشيه التواضع » أي لا يختال في مشيه ، وقيل : هو العدل بين رذيلتي المهانة والكبر.