ولا متعمق جميل المنازعة كريم المراجعة عدل إن غضب رفيق إن طلب
______________________________________________________
أحلى من العسل ، وأقول : يحتمل أن يكون المعنى أن سعيه في تحصيل المعيشة والأمور الدنيوية لمساهلته فيها حسن لطيف ، وقيل : الكدح الكد والسعي وحلاوة مكادحته لحلاوة ثمرتها ، فإن التعب في سبيل المحبوب راحة.
« لا جشع » في القاموس : الجشع محركة أشد الحرص وأسوأه ، وأن تأخذ نصيبك وتطمع في نصيب غيرك ، وقد جشع كفرح فهو جشع ، وقال : الهلع محركة أفحش الجزع وكصرد : الحريص ، والهلوع من يجزع ويفزع من الشر ويحرص ويشح على المال ، أو الضجور لا يصبر على المصائب ، وقال : العنف مثلثة العين ضد الرفق ، وقال : الصلف بالتحريك قلة نماء الطعام وبركته ، وأن لا تخطئ المرأة عند زوجها ، والتكلم بما يكرهه صاحبك والتمدح بما ليس عندك ، أو مجاوزة قدر الظرف ، والادعاء فوق ذلك تكبرا ، وهو صلف ككتف.
وأقول : أكثر المعاني مناسبة ، وقال : المتكلف العريض لما لا يعنيه ونحوه ، قال الجوهري : وقال تكلفت الشيء وتجشمته : أي ارتكبته على مشقة « ولا متعمق » أي لا يتعمق ولا يبالغ في الأمور الدنيوية ، وقيل : لا يطول الكلام ولا يسعى في تحسينه لإظهار الكمال ، قال في القاموس : عمق النظر في الأمور بالغ وتعمق في كلامه تنطع ، وقال : تنطع في الكلام : تعمق وغالى وتأنق.
ويحتمل أن يكون المراد : عدم التعمق في المعارف الإلهية فإنه أيضا ممنوع لقصور العقول عن الوصول إليها ، لما مر في كتاب التوحيد بسند صحيح قال : سئل علي بن الحسين عن التوحيد؟ فقال : إن الله تعالى علم أنه يكون في آخر الزمان أقوام متعمقون فأنزل الله تعالى « قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ » والآيات من سورة الحديد إلى قوله : « عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ » (١) فمن رام وراء ذلك فقد هلك.
« جميل المنازعة » أي إن احتاج إلى منازعة يأتي بها على أحسن الوجوه
__________________
(١) من أوّل السورة إلى آية ٦.