لي أبو عبد الله عليهالسلام ما منع ميثم رحمهالله من التقية فو الله لقد علم أن هذه الآية نزلت في عمار وأصحابه « إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ » (١).
______________________________________________________
لعدم الانتفاع بها وعدم تحقق شرط التقية فيه ، ويمكن أن يقرأ منع على بناء المعلوم ، أي ليس فعله مانعا للغير عن التقية لأنه اختار أحد الفردين المخير فيهما أو لاختصاص الترك به لما ذكر أو فعلها ولم تنفعه ، وبالجملة يبعد من مثل ميثم ورشيد وقنبر وأضرابهم رفع الله درجاتهم بعد إخباره صلوات الله عليه إياهم بما يجري عليهم وأمرهم بالتقية تركهم أمره عليهالسلام ومخالفتهم له وعدم بيانه لهم ما يجب عليهم حينئذ أبعد ، فالظاهر أنهم كانوا مخيرين في ذلك فاختاروا ما كان أشق عليهم.
ويؤيده ما رواه الكشي عن ميثم رضياللهعنه قال : دعاني أمير المؤمنين عليهالسلام وقال لي كيف أنت يا ميثم إذا دعاك دعي بني أمية عبيد الله بن زياد إلى البراءة مني فقلت : يا أمير المؤمنين أنا والله لا أبرأ منك قال : إذا والله يقتلك ويصلبك فقلت : أصبر فذاك في الله قليل فقال عليهالسلام : يا ميثم إذا تكون معي في درجتي.
وروي أيضا عن قنوا بنت رشيد الهجري قال : سمعت أبي يقول : أخبرني أمير المؤمنين عليهالسلام فقال : يا رشيد كيف صبرك إذا أرسل إليك دعي بني أمية فقطع يديك ورجليك ولسانك قلت : يا أمير المؤمنين آخر ذلك إلى الجنة فقال عليهالسلام : يا رشيد أنت معي في الدنيا والآخرة قالت : والله ما ذهبت الأيام حتى أرسل إليه عبيد الله بن زياد الدعي فدعاه إلى البراءة من أمير المؤمنين عليهالسلام فأبى أن يتبرء منه فقال له الدعي : فبأي ميتة قال لك تموت؟ فقال له : أخبرني خليلي : إنك تدعوني إلى البراءة فلا أبرأ منه فتقدمني فتقطع يدي ورجلي ولساني فقال : والله لأكذبن قوله قال : فقدموه فقطعوا يديه ورجليه وتركوا لسانه فحملت أطرافه يديه ورجليه فقلت : يا أبت تجد ألما لما أصابك فقال : لا يا بنية إلا كالزحام بين الناس فلما احتملناه وأخرجناه من القصر
__________________
(١) سورة النحل : ١٠٦.