.................................................................................................
______________________________________________________
الإكراه فما أكره عليه المكلف على ضربين ، أحدهما لا يصح فيه الإكراه ، والثاني يصح.
فالأول أفعال القلوب كلها لأن المكره لا سبيل له إلى علمها فلا يصح الإلجاء إلى شيء منها وما يصح فيه الإكراه أفعال الجوارح ، وهو على ضربين :
أحدهما لا يؤثر فيه الإكراه والثاني يؤثر ، فالأول القبائح العقلية كلها كالظلم والكذب ومن السمعيات الزنا بإجماع الأمة وشرب الخمر بإجماع الفرقة ، والثاني الواجبات العقلية والسمعية وما عدا ما ذكرناه من المحرمات ، فأما الواجبات فيؤثر فيها التأخير عن أوقاتها وتغير كيفياتها والنيابة فيها وسقوط ما لا يصح ذلك فيه ، وأما المحرمات فيؤثر إباحتها كالميتة ولحم الخنزير والصيد في الحرم أو الإحرام وساق الكلام في ذلك إلى قوله : فأما إظهار كلمة الكفر وإنكار الإيمان أو إنكار كلمته مع الخوف على النفس مع الإمساك عن الأولة وإظهار الثانية فيختلف الحال فيه فإن كان مظهر الإيمان والحجة به ومنكر الكفر والممتنع من إظهار شعاره في رتبة من يكون ذلك منه إعزازا للدين كرؤساء المسلمين في العلم والدين والعبادة وتنفيذ الأحكام ، فالأولى به إظهار الإيمان والامتناع من كلمة الكفر فإن قتل فهو شهيد ويجوز له ما أكره عليه ، وإن كان من أطراف الناس وممن لا يؤثر فعله ما أكره عليه أو اجتنابه غضاضة في الدين ففرضه ما دعي إليه فليور في كلامه ما يخرج به عن الكذب ولا يحل له ما جاز لمن ذكرناه من رؤساء الملة على حال ، انتهى.
وقال صاحب الجامع : إن أكره المكلف على إظهار كلمة الكفر بالقتل جاز له إظهارها ، ولو احتملها ولم يظهرها كان مأجورا ، وإن أكره بالقتل على الإخلال بواجب سمعي أو عقلي أو على فعل قبيح سمعي جاز له ذلك ، وإن أكره على قبيح عقلي فإن كان مما له عنه مندوحة ، كالكذب ورى في نفسه ، وإن كان غيره كالظلم لم يحسنه الإكراه.