سبق الأوقات كونه والعدم وجوده والابتداء أزله بتشعيره المشاعر عرف أن لا مشعر
______________________________________________________
وقيل : الأعدام تابعة للملكات ، والملكات مصنوعة له ، فالأعدام كذلك.
« والابتداء أزله » أي أزليته أزلية لا تجتمع مع الابتداء وتنافيه ، فكلما جعلت له ابتداء فهو موجود لأزليته قبله ، أو أن أزليته سبقت بالعلية كل ابتداء ومبتدإ ، « بتشعيره المشاعر » أي بإيجادها وإفاضة وجوداتها وكونها ممكنة موجودة بالإيجاد عرف أنها مخلوقة له فلا يستكمل بها ، ولا يكون مناط علمه الذاتي ، فلا يكون مشاعر له أو لأنا بعد إفاضة المشاعر علمنا احتياجنا في الإدراك إليها ، فحكمنا بتنزهه سبحانه عنها لاستحالة احتياجه تعالى في كماله إلى شيء ، أو لما يحكم به العقل من المباينة بين الخالق والمخلوق في الصفات.
وقال ابن ميثم رحمهالله في شرح النهج : لأنه لو كان له مشاعر لكان وجودها له إما من غيره وهو محال ، وإما منه وهو أيضا محال ، لأنها إن كانت من كمالات ألوهيته كان موجدا لها من حيث هو فاقد كما لا ، فكان ناقصا بذاته وهذا محال وإن لم تكن كمالا كان إثباتها له نقصا ، لأن الزيادة على الكمال نقصان ، فكان إيجاده لها مستلزما لنقصانه وهو محال.
واعترض عليه بعض الأفاضل بوجوه : أحدها بالنقض لأنه لو تم ما ذكره يلزم أن لا تثبت له تعالى صفة كمالية كالعلم والقدرة ونحوهما ، وثانيها : بالحل باختيار شق آخر ، وهو أن يكون ذلك المشعر عين ذاته سبحانه كالعلم والقدرة ، وثالثها : أن هذا الكلام على تقدير تمامه استدلال برأسه لم يظهر فيه مدخلية قوله عليهالسلام بتشعيره المشاعر في نفي المشعر عنه تعالى ، وأن ما استعمله لم تثبت به وقد ثبتت بغيره ثم قال : فالأولى أن يقال قد تقرر أن الطبيعة الواحدة لا يمكن أن يكون بعض أفرادها علة لبعض آخر لذاته ، لأنه لو فرض كون نار مثلا علة لنار فعلية هذه ومعلوليته تلك إما لنفس كونهما نارا فلا رجحان لأحدهما في العلية ، وللأخرى في المعلولية ، بل يلزم أن يكون كل نار علة للأخرى ، بل علة لذاتها ومعلولا لذاتها ،