الأشياء كلها غير متمازج بها ولا بائن منها ظاهر لا بتأويل المباشرة متجل لا باستهلال رؤية ناء لا بمسافة قريب لا بمداناة لطيف لا بتجسم موجود لا بعد عدم فاعل لا باضطرار مقدر لا بحركة مريد لا بهمامة سميع لا بآلة بصير لا بأداة لا تحويه الأماكن ولا تضمنه الأوقات ولا تحده الصفات ولا تأخذه السنات
______________________________________________________
الأشياء كلها بعلمه بها وتدبيره لها « غير متمازج بها » بالمجاورة والخلط « ولا بائن منها » مفارقا عنها بالبعد ، فإن القرب والبعد المكانيين وما بحكمهما لا يليقان به سبحانه « ظاهر » أي غالب ، أو بين ، وليس غلبته بكونه سبحانه راكبا فوقها ، أو ليس تبينه بأن يكون ملموسا أو مدركا بحس « متجل » أي ظاهر غير خفي على عباده بالآيات والأدلة ، لا بظهور وانكشاف من رؤية.
وقال في المغرب أهل الهلال واستهل مبنيا للمفعول فيهما إذا أبصر ناء من الأشياء بعيد عنها لعجزها عن الوصول إلى معرفة ذاته وحقيقته ، لا ببعد مسافة ، قريب من الأشياء لعلمه بجميعها لا بمداناة ومقارنة « لطيف » أي يدق عن إدراك المدارك ، لا بدقة جسمانية « لا باضطرار » أي بكونه مجبورا على ما يفعله ، بل إنما يفعل بعلمه ومشيته « مقدر » للأشياء محدد ومصور لها « لا بحركة » أي حركته أو حركة جوارحه أو بحركة ذهنية كما في المخلوقين « لا بهمامة » أي لا بقصد وخطور بال « ولا تحده الصفات » أي توصيفات الناس أو صفات المخلوقين ، والسنة مبدء النوم « سبق الأوقات » بالنصب « كونه » بالرفع ، إذ هو علة لها أو المعنى لم تصل الأزمان إليه بأن تتقدر بها « والعدم وجوده » قيل : المراد أنه علة لإعدام الممكنات كما أنه تعالى علة لوجوداتها لأن عدم العالم قبل وجوده كان مستندا إلى عدم الداعي إلى إيجاده المستند إلى وجوده فوجوده سبق عدم الممكنات أيضا ، أو المراد أزليته أي كل عدم ممكن تفرض أي عدمه السابق المقارن للوجود فهو مقدم عليه ، أو المراد سبق وجوده على عدمه تعالى ، لأن وجوده لما كان واجبا كان عدمه ممتنعا ، فكان وجوده سابقا على عدمه ، وغالبا عليه