إقامة الإمام بعقول حائرة بائرة ناقصة وآراء مضلة فلم يزدادوا منه إلا بعدا « قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ » ولقد راموا صعبا وقالوا إفكا و « ضَلُّوا ضَلالاً بَعِيداً » ووقعوا في الحيرة إذ تركوا الإمام عن بصيرة « وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ ».
رغبوا عن اختيار الله واختيار رسول الله صلىاللهعليهوآله وأهل بيته إلى اختيارهم والقرآن يناديهم « وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحانَ اللهِ وَتَعالى عَمَّا
______________________________________________________
« فلم يزدادوا منه » أي من الإمام الحق « إلا بعدا » وفي بعض النسخ بعد ذلك : وقال الصفواني في حديثه : « قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ » ثم اجتمعا في الرواية.
أقول : رواة نسخ الكليني كثيرة أشهرهم الصفواني والنعماني فبعض الرواة المتأخرة منهم عارضوا النسخ وأشاروا إلى الاختلاف ، فالأصل برواية النعماني ولم يكن فيه : « قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ » وكان في رواية الصفواني فأشار هنا إلى الاختلاف « قاتَلَهُمُ اللهُ » دعاء عليهم بالهلاك والبعد عن رحمة الله ، لأن من قاتله الله فهو هالك بعيد عن رحمة الله أو تعجب عن شناعة عقائدهم وأعمالهم « أَنَّى يُؤْفَكُونَ » قال الراغب : أي يصرفون عن الحق في الاعتقاد إلى الباطل ، ومن الصدق في المقال إلى الكذب ، ومن الحسن في الفعل إلى القبيح ، والإفك الكذب ، وكل مصروف عن وجهه.
« وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ » في طلب الإمام باختيارهم « فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ » وهو الإمام ومعرفته « وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ » أي عالمين بذلك السبيل ، أو قادرين على العلم فقصروا.
« وَيَخْتارُ » أي ما يشاء « ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ » كلمة « ما » نافية ، وقيل : موصولة ، مفعول ليختار ، والعائد محذوف ، والمعنى يختار الذين كان لهم فيه الخيرة والخيرة بمعنى التخيير « سُبْحانَ اللهِ » تنزيها له أن ينازعه أحد في الخلق ويزاحم اختياره « وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ » أي عن إشراكهم في الخلق والاختيار.
قال السيد في الطرائف : روى محمد بن مؤمن الشيرازي في تفسير قوله تعالى :