تراثنا ـ العدد [ 139 ]

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم

تراثنا ـ العدد [ 139 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: الوفاء
الطبعة: ٠
ISBN: 1016-4030
الصفحات: ٣١٨

والمسلمين الشيخ جعفريان ـ الرئيس الأسبق لمكتبة مجلس الشورى الإسلامي ـ أن يسعفني بنسخة مصوّرة منها ، وبعد أمد غير بعيد أخبَرَنا بإعداد النسخة المشار إليها آنفاً من المكتبة العامّة لمجلس الشورى وأضاف أنّه عثر على نسخة أخرى من نفس رسالة البرزنجي موجودة أيضاً في مكتبة مجلس الشورى إلاّ أنّها لم تذكر في فهرست دنا حيث أعددنا منها نسخة مصوّرة.

فإنّ هاتين النسختين أصبحتا أساساً للعمل والمثابرة إلى طباعتها وتعريفها.

وهنا نتناول التعريف بنسختي مجلس الشورى الإسلامي :

١ ـ النسخة برقم ١٥٥٠٩ : ففي هذه النسخة وردت صورة إجازة المؤلّف إلى الشيخ عبد الرحمن بن تاج الدين الخطيب ، وقد وهب المؤلّف النسخة إليه ؛ وبناءً على هذا فإنّ النسخة من وجهة نظر المصنّف مفروغ من صحّتها.

كذلك الخطيب المذكور فإنّه بعد أن استفاد من النسخة قد منح روايتها إلى نقيب السادات في بعلبك ، كما وهبه النسخة ، وذلك تحقّقاً للإجازة ، وقد كتب الخطيب هذه الإجازة بخطّه في أواسط شعبان سنة (١١٠١هـ)(١).

وقد امتازت هذه النسخة بمزايا نسبةً إلى سائر النسخ الأخرى :

أوّلا : إنّ المؤلّف ذكر في بغية الطالب هذه رسالته الأخرى وهي تحت عنوان سَداد الدِّين وسِدادُ الدَّين في صحّة نجاة أبوي النبيّ(صلى الله عليه وآله) ويبحث في خاتمتها ـ تتميماً للفائدة ـ في بحث نجاة أبوي النبي(صلى الله عليه وآله) نجاة أبي طالب رضي‌الله‌عنه.

__________________

(١) فهرست مكتبة مجلس الشورى الإسلامي ٤٣ / ١٣٢.

١٨١

ثانياً : أنّها استنسخت في حياة المؤلّف.

ثالثاً : وجود صورة الإجازة التي منحها المؤلّف للشيخ عبد الرحمن الخطيب في تلك النسخة.

رابعاً : نفس الخطيب المذكور يعطي إجازة برواية الكتاب إلى نقيب السادات في بعلبك.

وقد كتبت هذه النسخة بخطّ النسخ بواسطة محمّد سعيد بن حسين القريشي الكوكني ثمّ المدني النقشبندي في ٢٨ جمادى الآخرة سنة (١١٠١ هـ) في دمشق.

٢ ـ النسخة رقم ٦٧١٣ في مكتبة مجلس الشورى الإسلامي : وهي موجودة في مجموعة تحتوي على خمس رسائل ، الرسالة الأولى (أپ ـ ١٨ پ) غنية الطالب ، وهي مطابقة لما جاء في الصفحة الأولى من الرسالة ، وقد ذكرت بهذا الاسم في فهرست مجلس الشورى والحال أنّ الاسم الصحيح لها هو بغية الطالب ، ومن الرسائل الأربع الأخر ثلاث رسائل من تأليفات جلال الدين السيوطي وهي بالعناوين التالية : أ ـ إحياء الميّت في فضائل أهل البيت عليهم‌السلام. ب ـ الثغور الباسمة في مناقب السيّدة فاطمة. ج ـ العجاجة الزرنبية في السلالة الزينبية. ورسالة أخرى تحت عنوان محجّة القرب بمحبّة العرب ، لأبي الفضل عبد الرحيم بن حسين بن إبراهيم العراقي (ت ٨٠٦ هـ).

الخطّ : نسخ ، الكاتب : عبد الله بن محمّد حسن الهشترودي التبريزي ، تاريخ الكتابة : (١٣٣٧ هـ) ـ ملحقة في آخر الرسالة الثالثة ـ صحِّحت بخطّ الكاتب ،

١٨٢

وفي أوّل كلّ رسالة جاء اسمها واسم المؤلّف بخطّ الشنگرف العريض(١).

ومن خصوصيّات النسخة هو أنّ المؤلّف ذكر في آخرها ما يلي :

«لما أكملت تسويده في أوائل شهر الله الحرام ذي القعدة من شهور سنة ثمان وثمانين وألف بالمدينة النبوية ـ على ساكنها الصلاة والتحية ـ في منزلي بالزقاق المشهور بزقاق الدور ـ وهو داخل سور ـ أرسلت إلى بعض خدّام الحرم الشريف ممّن كان له قدم في طريق الله ، وله أذكار ، وأوراد ، وله سلوك ، وهو متوسّم بالصلاح ، ليُدخله الحُجرة الشريفة تحت أستار [كسوة]القبر المعظّم ـ صلى الله على ساكنه وسلم ـ فإنّه هديّته [صلى الله عليه وآله وسلم] ، فإن وقع في حيّز القبول بيّضته ، وإلاّ ضيّعته قبل أن ينشر [تنتشر ـ خ] منه النسخ.

فأدخله تحت الستر واستمرّ فيه ليلتين ، ثمّ ردّه إليّ وبشّرني بأنّه وقع في حيّز القبول من حضرة الرسول وشفّعه في جميع الفروع والأصول.

فحمدت الله على ذلك وبيّضته ...».

وقد ذُكر هذا الكلام أيضاً في نسخة بغية الطالب في مكتبة (قولة) في مصر.

وكذلك قد وجدت هذه العبارة في كلا الطبعتين المتوفّرتين في المؤسّسة من كتاب أسنى المطالب في نجاة أبي طالب رضي‌الله‌عنه. أي : طبعة دار الكتب العلمية / بيروت تحت عنوان (تتمّة) ، وفي طبعة دار الإمام النووي / عمّان / الأردن تحت عنوان (تكملة).

__________________

(١) فهرست مكتبة مجلس الشورى الإسلامي ٢٠ / ٢١٦.

١٨٣

النسخة الثالثة وهي المنسوبة للسيوطي في مصر :

فلم نعثر على عنوان لهذه الرسالة من بين مصنّفات جلال الدين السيوطي المذكورة في كتاب هديّة العارفين : ج١ ، ص ٥٣٧ في تسعة صفحات.

وفي فهرست مؤلّفات السيوطي تأليف : د. عصام الدين عبد الرؤوف الذي تمّت طباعته ونشره بواسطة دار الكتب العلمية في بيروت ، كذلك لم يذكر اسم الرسالة المذكورة بعنوان : بغية الطالب لإيمان أبي طالب رضي‌الله‌عنه وحسن خاتمته ولا أيّ عنوان آخر في موضوع إيمان أبي طالب رضي‌الله‌عنه وحسن خاتمته.

فإنّ الوحيد الذي ذكر هذا المؤلّف ونسخته إنّما هو العلاّمة آقا بزرك الطهراني في الذريعة وتبعه على ذلك العلاّمة الأميني في هامش الغدير والعلاّمة السيّد عبد العزيز الطباطبائي في كتابه أهل البيت في المكتبة العربية.

النسخة المذكورة رآها العلاّمة الطهراني قدّس سرّه في مكتبة (قولة) وهي من المكتبات الخاصّة في مصر ، وعلى ما ذكره عزّت ياسين أبو هيبة في كتاب : المخطوطات العربية ، فهارسها وفهرسها ومواطنها في جمهورية مصر العربية : ص ٢٥٩ ، أنّها انتقلت حاليّاً إلى (دار الكتب المصرية)(١).

وفي مجلّة المرشد طبعة دمشق العدد ٢١ ـ ٢٢ (١٤٢٩ هـ ـ ٢٠٠٨م) ص ٧٣ (عدد خاصّ في أبي طالب عمّ النبيّ ، ووالد الوصيّ ، المؤمن قبل الإسلام). ذكر

__________________

(١) مكتبة قولة التي أنشأها محمّد علي باشا بمدينة قولة مسقط رأسه ، وأضيفت إلى دار الكتب في سنة ١٩٢٩م ، وتشمل ٣٥ ألف مجلّد بين مخطوط ومطبوع ، ويبلغ عدد مخطوطاتها ٣٤٤٠ مجلّداً.

١٨٤

العلاّمة السيّد حسن بن علي السقّاف الشافعي قائلا : «هذا الكتاب منسوب إلى الإمام العلاّمة الحافظ السيوطي ، ولمّا أتينا بمخطوطته من دار الكتب المصرية وجدناه للعلاّمة البرزنجي ، وهو موضوع بين رسائل للحافظ السيوطي».

وبعد أن قرأت نسخة مصر بعد أن صارت في حوزة (مؤسّسة أبي طالب رضي‌الله‌عنه) توصّلت إلى :

١ ـ إنّ نسخة مصر مطابقة مع النسختين من بغية الطالب الموجودة في إيران وقد مضى الكلام عنها.

٢ ـ لقد نقل المؤلّف من كتاب أستاذه قصد السبيل عدداً من الأحاديث في موضوع الإيمان ، وقد ذكر عن البرزنجي هذا النقل من كتاب قصد السبيل في كتاب بلوغ المآرب في نجاة آبائه(صلى الله عليه وآله) وعمّه أبي طالب رضي‌الله‌عنه في خلاصة بغية سَداد الدّين وسِداد الدّين في إثباة النجاة والدرجات للوالدين ونجاة عمّه أبي طالب : ص ١٣٦.

وقد عثرنا على اسم أحد الأعلام في نفس الفترة الزمنية من حياة البرزنجي (١٠٤٠ ـ ١١٠٣هـ) باسم إبراهيم بن الحسن الكوراني (١٠٢٥ ـ ١١٠١هـ)(١) حيث

__________________

(١) إبراهيم بن الحسن الكوراني الشهرزوري؛ أبوالعرفان برهان الدين ، نزيل المدينة المنورة ، الصوفي الشافعي النقشبندي (١٠٢٥ ـ ١١٠١ هـ) له من التصانيف : .. قصد السبيل إلى توحيد الحق الوكيل ..

البدر الطالع ١ / ١٤ ، وتاريخ مشاهير الكُرد ١ / ٢٠٧ وهديّة العارفين ١ / ٣٥ وإيضاح المكنون ٢ / ٢٢٧. وعدّ المرادي في سلك الدرر ١ / ١٠ ـ ٩ هذا الكتاب من تآليفه. وانظر الأعلام للزركلي ١ / ٣٥ ، ومعجم المؤلفين ١ / ٢١ ، و ....

١٨٥

ذُكر في تآليفه كتاب قصد السبيل ، فلربّما يكون مراد البرزنجي من أستاذه وكتاب قصد السبيل هو نفس هذا الشخص ، ولكن لم نعثر إلى الآن على مصدر يذكر مثل هذه النسبة ـ بأنّ الكوراني هو أستاذ البرزنجي أو البرزنجي تلميذه ـ.

٣ ـ لقد استفيد في هذه النسخة من كتاب الفتح المبين في شرح الأربعين حديث النووي لابن حجر الهيتمي (ت ٩٧٣هـ) في موضوع الإيمان.

٤ ـ ذُكر فيها سائر مؤلّفات البرزنجي مثل أنهار السلسبيل ومزاج الزنجبيل ومرقاة الصعود كما أحال إليها بعض المواضيع.

٥ ـ لقد نقل في هذه النسخة من كتابي الدرّ المنثور والخصائص الكبرى للسيوطي ، كما نقل فيها حديث «إذا كان يوم القيامة شفعت ...» وضمّ إليها كلاماً للسيوطي يقول فيه : «فهذه عدّة أحاديث يشدّ بعضها بعضاً ، فإنّ الحديث الضعيف يتقوّى بكثرة الطرق ...» ، ويذكرها شواهد للمواضيع المعنية بالبحث.

٦ ـ في مقدّمة نسخة مكتبة مجلس الشورى برقم (١٥٥٠٩) تمّ الإرجاع في مبحث شأن النزول للآية : (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِيْنَ آمَنُوا ..) وفي أربع مواضع أخرى إلى كتاب سداد الدين للبرزنجي.

فبناءً على كلّ ذلك يمكن القول بشكل قطعي أنّ الكتاب الذي نسب إلى السيوطي إنّما هو نفس كتاب بغية الطالب لإيمان أبي طالب وحسن خاتمته تأليف محمّد بن رسول البرزنجي (المتوفّى سنة ١١٠٣هـ) والله أعلم.

النسخة الرابعة من كتاب بغية الطالب :

أُخبرنا في شهر رمضان المبارك سنة (١٤٣٥هـ) أنّ ثمّة نسخة من هذه

١٨٦

الرسالة موجودة في (مركز ميكروفيلم) في شبه القارّة الهندية ، فواصلنا متابعة الأمر واتّصلنا بالمركز وحصلنا على تأييد من المسؤول هناك على وجود هذه النسخة لديهم ، ثمّ طلبنا منه ليرسل إلينا نسخة منها ، لتتمّ مقابلتها مع سائر النسخ ، ونرفع عنها إبهاماتها ، فأكّد المسؤول بأنّه سوف يرسلها ، وبعد مضيّ فترة أعلمنا أنّ الرسالة المستنسخة قد وصلت إلى إيران ، ولكن مع الأسف تبيّن فيما بعد أنّها هي نفس النسخة الموجودة في مكتبة مجلس الشورى الإسلامي.

إشارة إجمالية إلى محتوى بغية الطالب تأليف العلاّمة البرزنجي :

١ ـ يبتدئ في المقدّمة بتعريف (الإيمان) وذكر قول أبي حنيفة في رسالة العالم والمتعلّم حول هذا الموضوع ، ويذكر أنّ هذا التعريف أيّده ثلّة من أكابر العلماء ، ثمّ ينقل أنموذجاً من مقولة أحد كبار العلماء وهو العلاّمة العيني في شرح صحيح البخاري : «من صدّق الرسول في جميع ما جاء به؛ فهو مؤمن فيما بينه وبين الله وإن لم يقرّ بلسانه ...» ثمّ يذكر روايات عديدة في هذا المجال ، وفي النهاية يذكر عن العلاّمة الحليمي في المنهاج أنّه لا يعتبر في انعقاد الإيمان إنشاء لفظ خاصّ بل ينعقد الإيمان بألفاظ تدلّ على معنى (لا إله إلاّ الله).

٢ ـ ثمّ يقول : «تواترت الأخبار أنّ أبا طالب كان يُحبّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلم ويحوطه وينصره ، ويُعينه على تبليغ دينه ويصدّقه فيما يقول ، ويأمر أولاده كجعفر وعليّ باتّباعه ونصره ، وكان يمدحه في أشعاره ، وأنّه قد نطق بحقيّة دينه ...».

١٨٧

٣ ـ ثمّ يدخل في موضوع الشفاعة ويقول : «ورد عندنا في الحديث : (شفاعتي لأهل الكبائر من أمّتي) أو في تعبير آخر : (لمن لم يشرك بالله شيئاً) وأبو طالب فقد شملته الشفاعة وفقاً لرواية (الشفاعة) الصحيحة ، فإن قلنا بأنّ عدم تلفّظه بالشهادتين معصية منه فإنّ الشفاعة تشمل المعاصي حتّى الكبيرة منها إلاّ الشرك لا تشمله الشفاعة؛ ويمكننا أن نحمل قول رسول الله(صلى الله عليه وآله) : (أرجو له من ربّي كلّ خير) حين سئل : (أترجو لأبي طالب خيراً؟) على أنّه معنى آخر للشفاعة فتشمله رضي‌الله‌عنه ».

٤ ـ يذكر الروايات التي أوردها ابن حجر العسقلاني في الإصابة في ترجمة أبي طالب على عدم إيمانه ويردّ عليه بأنّ هذه الروايات إمّا أنّها تدلّ على إيمانه أو أنّها لا تدلّ على عدم إيمانه :

أ ـ يذكر روايات صلاة أبي طالب ويردّ عليها : أنّ الصلاة لم تكُ واجبة في تلك الفترة الزمنية.

ب ـ يذكر ما شكته قريش إلى أبي طالب في قولها : «إنّ ابن أخيك هذا قد آذانا ...» وقول أبي طالب : «والله ما كذب ابن أخي قطّ» وأنّه دليل على تصديق أبي طالب بما أتى به رسول الله من الله تبارك وتعالى.

ج ـ يذكر حديث طلب الدعاء من رسول الله(صلى الله عليه وآله) لشفاء أبي طالب من مرضه الذي كان فيه ، ويعتقد أنّ قول رسول الله(صلى الله عليه وآله) في جوابه يدلّ على صدق إيمان أبي طالب فيقول : «وذلك كما شرط لسائر المسلمين استجابة دعائهم عند الله ما أطاعوا أوامره ونواهيه».

١٨٨

د ـ فسّر الآية الشريفة من قوله تعالى : (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِيْنَ آمَنُوا مَعَهُ أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِيْنَ) بروايات صحيحة وقال : «فظهر بهذه الأخبار أنّ الآية نزلت في استغفار المسلمين لأقاربهم المشركين» ، وقد أضاف إلى ذلك :

أوّلا : أنّ السورة كلّها مدنية ، نزلت بعد تبوك ، وبينها وبين موت أبي طالب رضي‌الله‌عنه نحواً من اثنتي عشرة سنة.

ثانياً : يذكر رواية الإمام علي عليه‌السلام في شأن نزول هذه الآية مع ذكر الشواهد الصحيحة عليها ويعتقد أنّها دليل على أنّ الآية لا تشمل أبي طالب.

ثالثاً : إنّ عمّ إبراهيم عليه‌السلام (آذر) كان يتّخذ أصناماً آلهة ... ولم ينقل عن أبي طالب رضي‌الله‌عنه بطريق صحيح أنّه اتّخذ صنماً إلهاً ، أو عبد حجراً ، أو نهى النبي(صلى الله عليه وآله)يوماً عن عبادة ربّه ، غايته أن يكون ترك النطق بالشهادتين (لفظهما) ، أو ترك بعض الواجبات ، ومع ذلك قلبه مشحون بتصديق النبيّ(صلى الله عليه وآله) ، ثمّ قال : «ومثل هذا ناج في الآخرة على مقتضى ديننا ، فلا يليق بالحكمة ، ولا بمحاسن الشريعة الغرّاء ، ولا بقواعد الأئمّة من أهل الكلام ، أن يكون هو وآذر ـ عمّ إبراهيم عليه‌السلام ـ في قرن. حاشا من كرم الله ، فإنّ أبا طالب رضي‌الله‌عنه : ربّاه صغيراً ، وآواه كبيراً ، ونصره ، وعزّزه ، ووقّره ، وذبّ عنه ، ومدحه بقصائد غرٍّ ، ووصّى باتّباعه ...».

وأخيراً وليس آخراً يبقى التساؤل قائماً من أنّ ما ذكره آية الله الشيخ بهجت قدس‌سره في درس خارج الفقه في أواخر حياته فيما يخصّ إيمان أبي طالب رضي‌الله‌عنه من أنّ أحد علماء أهل السنّة قد قام بتأليف رسالة في ذلك ، من أين جاء به الشيخ

١٨٩

بهجت قدس‌سره؟ ومن هو مؤلف هذه الرسالة القائل بإيمان أبي طالب؟

فإنّ الجواب عن السؤال يبدو بديهيّاً وفي غاية الوضوح بعد كلّ مابيّناه في هذه العجالة ، فبالرغم من أنّ أصل الرسالة ـ ظاهراً ـ لم يطبع حتّى الآن ، ولكن أوّل خلاصة لـ : سَداد الدِّين وسِداد الدَّين ... قد طبعت لأوّل مرّة في قم سنة (١٤٢١ هـ).

والخلاصة الثانية من خاتمته تحت عنوان : أسنى المطالب في نجاة أبي طالب وهي لأحمد بن زيني دحلان قد طبعت منذ سنة (١٣٠٥هـ) حتّى الآن أكثر من سبع مرّات بطبعات محقّقة لعدّة محقّقين.

وأمّا نسخة المجلس المرقّمة (١٥٥٠٩) من بغية الطالب فقد طبعت مرّتين إلى الآن :

١ ـ طبعت في مجلّة (سفينة) رقم ٤٩ ، سنة (١٣٩٤هـ. ش) العدد المختصّ بأبي طالب (من ص ١٢٣ إلى ص ١٦٢).

٢ ـ طبعت من قبل مجمع الإمام الحسين عليه‌السلام العلمي لتحقيق تراث أهل البيت عليهم‌السلام ، مع تحقيق حيدر عبد الرسول عوض / ١٥٤ صفحة (١٤٣٩ هـ ـ ٢٠١٧م).

فالظاهر أنّ الشيخ بهجت قدس‌سره كان قد رأى أحدى طبعات الخلاصة الثانية من بغية الطالب بعنوان : أسنى المطالب في نجاة أبي طالب ونقل منها ذلك والله أعلم.

١٩٠

المصادر

١ ـ أسنى المطالب : لأحمد بن زيني دحلان المكّي المتوفّى (١٣٠٤ هـ. ق) تحقيق : حسن بن علي السقّاف القرشي الهاشمي الحسيني الباعلوي / دار الإمام النووي ـ عمّان ـ الأردن (١٤٢٨ هـ. ق) وتحقيق : أحمد فريد المزيدي / دار الكتب العلمية ـ بيروت / الطبعة الأولى (١٤٢٩ هـ. ق ـ ٢٠٠٩ م).

٢ ـ الإ صابة في تمييز الصحابة : للحافظ شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني المتوفّى (٨٥٣ هـ. ق) دار صادر ـ المصورة من الطبعة الأولى سنة (١٣٢٨ هـ) ـ مطبعة السعادة مصر. ودارالفكر ـ بيروت الطبعة الأولى (١٤٢١ هـ. ق ـ ٢٠٠١م) تحقيق : صدقي جميل العطار.

٣ ـ الأعلام : لخيرالدين الزركلي. دارالعلم للملايين ـ بيروت / الطبعة السادسة (١٩٨٤ م).

٤ ـ أهل البيت في المكتبة العربية : للعلاّمة المحقّق السيّد عبد العزيز الطباطبائي (١٣٤٨ ـ ١٤١٦ هـ. ق) الإعداد والنشر : مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث. قم.الطبعة الأولى (١٤١٧ هـ. ق).

٥ ـ بحار الأنوار : للمجلسي المتوفّى (١١١١ هـ. ق) دارالكتب الإسلامية / طهران.

٦ ـ البدر الطالع : للقاضي محمّد بن علي الشوكاني ، المتوفّى سنة (١٢٥٠ هـ. ق). وضع حواشيه : خليل المنصور. دار الكتب العلمية / بيروت / الطبعة الأولى / (١٤١٨ هـ. ق ـ ١٩٩٨م).

١٩١

٧ ـ بلوغ المآرب في نجاة آبائه صلّى الله عليه وآله وعمّه أبي طالب : لسليمان بن عمر ابن منصور العجلي اللاذقي المصري الأزهري الشافعي ، المعروف بـ : الجمل ، توفي (سنة ١٢٠٤ هـ. ق) تحقيق : سامي الغريري. الناشر : زهراء آكادمي ـ الطبعة الأولى ـ (١٤٣١ هـ. ق).

٨ ـ تاريخ الأدب العربي : لكارل بروكلمان ـ بالألمانية. المشرف على الترجمة العربية : ا. د. محمّد فهمي حجازي. الهيئة المصريّة العامّة للكتاب. (١٩٩٣ م).

٩ ـ تاريخ مشاهير الكُرد : بابا مردوخ روحاني (شيوا). سروش / طهران / الطبعة الأولى / (١٣٦٦ هـ. ش).

١٠ ـ تبيين كذب المفتري في ما نسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري : لابن عساكر الدمشقي المتوفّى في سنة (٥٧١ هـ. ق) / دارالكتاب العربي ـ بيروت / عنى بنشره : القدسي. (١٣٩٩ هـ. ق ـ ١٩٧٩ م).

١١ ـ الخصائص الكبرى : للسيوطي المتوفّى (٩١١ هـ. ق) دارالكتب العلمية / بيروت / الطبعة الثالثة / (٢٠٠٨ م).

١٢ ـ الدرّ المنثور في التفسير بالمأثور : للسيوطي المتوفّى (٩١١ هـ. ق) منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي / قم / (١٤٠٤ هـ. ق).

١٣ ـ الذريعة إلى تصانيف الشيعة : للعلاّمة الشيخ آقا بزرگ الطهراني. مكتبة صاحب الذريعة العامة ـ النجف الأشرف. والمكتبة الإسلامية ـ طهران. الطبعة الأولى : (١٣٥٦ هـ. ش. ١٣٩٨ هـ. ق ـ ١٩٧٨ م).

١٤ ـ الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية : لإسماعيل بن حماد الجوهري المتوفّى (٣٩٣ هـ. ق). أحمد عبد الغفار عطار. دار العلم للملايين ، بيروت ، (١٣٩٩ هـ. ق).

١٥ ـ الضوء اللامع لأهل القرن التاسع : للسخاوي شمس الدين محمّد بن عبد الرحمن ، الشافعيّ المذهب (٨٣١ ـ ٩٠٢ هـ. ق). دار مكتبة الحياة / بيروت.

١٩٢

١٦ ـ العالِم والمتعلّم : للإمام ، أبي حنيفة النعمان بن ثابت (٨٠ ـ ١٥٥ هـ. ق) بتحقيق : محمّد زاهد الكوثري. مطبعة الأنوار / القاهرة / شعبان سنة (١٣٦٨ هـ. ق).

١٧ ـ عمدة القاري شرح صحيح البخاري : لبدر الدين أبي محمّد محمود بن أحمد العيني المتوفّى (٨٥٥ هـ. ق) عنى بنشره وتصحيحه والتعليق عليه جمع من العلماء ـ دار الفكر ـ بيروت.

١٨ ـ الغدير : للعلاّمة الشيخ عبد الحسين الأميني النجفي (١٣٢٠ ـ ١٣٩٠ هـ. ق). دار الكتاب العربي ـ بيروت. الطبعة الثالثة : (١٣٨٧ هـ. ق ـ ٩٦٧ م). تحقيق : مركز الغدير للدراسات الإسلامية ـ مؤسّسة دائرة معارف الفقه الإسلامي ـ قم ، الطبعة الرابعة : (١٤٢٧ هـ. ق ـ ٢٠٠٦ م).

١٩ ـ الفتح المبين في شرح الأربعين : لابن حجر الهيتمي. دار إحياء الكتب العربية ـ عيسى البابي الحلبي وشركاؤه.

٢٠ ـ القاموس المحيط : لمجد الدين محمّد بن يعقوب الفيروزآبادي المتوفّى (سنة ٨١٧ هـ). ضبط وتوثيق : يوسف الشيخ محمَّد البقاعي. مكتب البحوث والدراسات ـ دار الفكر بيروت ـ (١٤٢٨ / ١٤٢٩ هـ. ق ـ ٢٠٠٨ م).

٢١ ـ كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون : للمولى مصطفى بن عبد الله القسطنطيني الرّومي الحنفي الشهير بملاّ كاتب الجلبي ، والمعروف بحاجي خليفة. دار الفكر / (١٤٠٢ هـ. ق ـ ١٩٨٢ م).

٢٢ ـ الكشف والبيان (تفسير الثعلبي) : للثعلبي (ت٤٢٧ هـ. ق) دراسة وتحقيق : أبو محمّد بن عاشور ـ دار إحياء التراث العربي / بيروت / الطبعة الأولى / (١٤٢٢ هـ. ق ـ ٢٠٠٢ م).

٢٣ ـ مجلّة المرشد : العددان (٢١ ـ ٢٢) عدد خاص في أبي طالب / (١٤٢٩ هـ. ق ـ ٢٠٠٨ م) ، دمشق.

١٩٣

٢٤ ـ معجم ما ألّف عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم : لصلاح الدين المنجّد. تقديم ومراجعة : نادي العطّار. دار القاضي عياض للتراث / القاهرة.

٢٥ ـ معجم المؤلّفين : لعمر رضا كحّالة. مكتبة المثنّى ودار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

٢٦ ـ المنهاج في شعب الإيمان : للشيخ الإمام الحافظ أبي عبد الله الحسين بن الحسن الحليمي ، المتوفّى (سنة ٤٠٣ هـ. ق) ، تحقيق : حلمي محمّد فودَه. دار الفكر / بيروت / الطبعة الأولى / (١٣٩٩ هـ. ق ـ ١٩٧٩م).

٢٧ ـ هديّة العارفين في أسماء المؤلّفين وآثار المصنّفين من كشف الظنون : إسماعيل باشا البغدادي. دار الفكر / (١٤٠٢ هـ. ق ـ ١٩٨٢ م).

١٩٤

(الفَوائِدُ الحِسانُ الغَرائِبُ)

روايةُ الشيخِ الجَليلِ الأَقدمِ محدِّثِ الشيعَةِ في عَصرِهِ

أَبِي الحَسَنِ أَحمَدَ بنِ محمَّدِ بنِ عِمرانَ البَغدادِي

المعروفِ بـ : (ابنِ الجندي)

(٣٠٥ ـ ٣٩٦هـ)

(١)

الشيخ أمين حسين پوري

بسم الله الرحمن الرحیم

والحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على سيّدنا ونبيّنا أبي القاسم المصطفى محمّد وآله المطهّرين واللعن على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين.

الشيخ ابن الجندي ومكانته العلمية

اسمه ونسبه:

هو الشيخ: «أحمد بن محمّد بن عمران بن موسى بن عروة بن الجرّاح بن علي بن زيد بن بكر بن حريش، أبو الحسن النهشلي، ويعرف بابن الجندي»

١٩٥

هكذا نسبه الخطيب البغدادي(١) ثمّ قال: «نسبه أبو عبد اللّه بن كثير(٢) فيما قرأته بخطّه»(٣).

وعلى غرار الخطيب سار الشيخ النجاشي ـ وهو من أبرز تلامذة الشيخ ابن الجندي ـ قائلاً: «أحمد بن محمّد بن عمران بن موسى أبو الحسن المعروف بابن الجندي»(٤).

أمّا الشيخ الطوسي فنسبه كان أقصر من الخطيب فقال: «أحمد بن محمّد بن عمر بن موسى بن الجرّاح، أبو الحسن، المعروف بابن الجندي»(٥) وهناك اختلاف ـ كما ترى ـ في اسم جدّه فقد قال الخطيب والنجاشي: (عمران) وقال الشيخ الطوسي: (عمر) والصحيح قولهما دونما أيّ ريب لتصريح الكثيرين من تلامذته بلفظ: (عمران) في عشرات الأسانيد التي وقع ابن الجندي فيها ولتفرّد الشيخ الطوسي في ذلك حيث لم يوافقه على ذلك أحد من تلامذة ابن الجندي أومن ترجم له من معاصريه فيما نعلم.

أضف إلى ذلك تصريح النجاشي وهو من أبرز تلامذة المترجم له وهو

__________________

(١) وتبعه على ذلك السمعاني في الأنساب ٣ / ٣٥٣.

(٢) أبو عبد الله بن كثير قال عنه الخطيب: «أحمد بن عبد اللّه بن محمّد بن كثير، أبو عبد اللّه البيع ... كتبت عنه وكان صدوقاً ديّناً ... مات أبو عبد اللّه بن كثير سنة سبع عشرة وأربعمائة، وحضرت الصلاة عليه». راجع: تاريخ بغداد ٤ / ٤٦١. فهو من المعاصرين للشيخ ابن الجندي وممّن عاشره فمن المعقول إذن التعويل على قوله في نسب الشيخ ابن الجندي.

(٣) تاريخ بغداد ٥ / ٢٨٢.

(٤) رجال النجاشي: ٨٥.

(٥) رجال الطوسي: ٤١٧. وتجد نفس النسب في الفهرست له: ٧٧.

١٩٦

طبعاً أعرف بنسب أستاذه من الشيخ الطوسي الذي لم يدرك ابن الجندي(١). فما ذهب إليه ابن داوود من أنّ لفظة (عمر) هي الأصحّ(٢) خطأ واضح. ويشار إلى أنّ محقّق تنقيح المقال(٣) قد سرد أسماء الكثير من مصادر المتأخّرين ممّن اختار لفظة (عمر) ثمّ نصّ على ترجيح لفظة عمران على ضوء عدد من القرائن ولكن يبدو لنا أنّ الحديث عن الترجيح لا مبرّر له بل من المقطوع به أنّ لفظة (عمران) هي الصحيح دون غيرها لأجل قرائن كثيرة أشرنا إلى بعضها أعلاه وسيقف القارئ على بعض آخر فيما بعد.

مولده:

قال الخطيب البغدادي: «ذكر [أبو عبدالله بن كثير] أنّ مولده آخر سنة ستّ وثلاثمائة. وقرأت بخطّ أبي الفضل بن دودان الهاشمي: مولد أبي الحسن بن الجندي يوم الخميس التاسع من المحرّم سنة سبع وثلاثمائة.

وقال لي علي بن المحسّن: أخبرني أبو الحسن بن الجندي أنّه ولد سنة خمس وثلاثمائة، وأنّ أوّل سماعه سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة»(٤). واللافت أنّ الاختلاف بين قول أبي عبدالله بن كثير والقول الثاني طفيف لا يكاد يذكر إذ أنّ

__________________

(١) حيث إنّ الشيخ ورد بغداد سنة ٤٠٨ ق (كتاب الغيبة للشيخ الطوسي: ٣٥٨) وقد توفّي ابن الجندي سنة٣٩٦ ق كما سنقرأ.

(٢) رجال ابن داوود: ٤٢.

(٣) راجع: تنقيح المقال ٨ / ٦ الهامش رقم ٣.

(٤) تاريخ بغداد٥ / ٢٨٢.

١٩٧

الفترة ما بين آخر سنة (٣٠٦ق) وبين التاسع من محرّم سنة (٣٠٧ق) لا تتعدّى بضع أسابيع على أقصى التقادير.

والأرجح من هذه الأقوال هو الثالث ـ أي سنة (٣٠٥هـ) ـ لأنّه نُقِل عن ابن الجندي نفسه ومن ثمّ فنحن نأخذ هذا القول في الحسبان في هذه الدراسة.

أمّا عن مسقط رأسه فلم ينصّ المترجمون له على مكان ولادته إلاّ ما قاله السمعاني في الأنساب: (من أهل بغداد)(١). ولنا أن نجزم بأنّه كان بغدادي المولد والمنشأ والموطن على ضوء الإلمام بتلامذته وشيوخه الذين نأتي على ذكرهم لاحقاً إن شاء الله تعالى.

أمّا عن نسبة (الجندي) فنقول: إنّ هناك عدداً من الرواة والأعلام المتقدّمين قد لُقّبوا بـ : (الجندي) أو (ابن الجندي)(٢) وهذه النسبة في غالبية الموارد نسبة إلى الجند بمعنى العسكر(٣).

وعلى كلّ فمن الغريب ما في طبعة الفهرست للشيخ الطوسي التي حقّقها المرحوم المحقّق الفاضل السيّد عبد العزيز الطباطبائي فإنّه رحمه‌الله نقل عبارة الشيخ هكذا : «أحمد بن محمّد بن عمر بن موسى الجرّاح أبوالحسن المعروف بابن أمّ الجندي» ثمّ أشار في الهامش إلى وجود لفظة (بابن الجندي) في نسختين أخريين(٤) ولم أفهم لحدّ الآن السبب في ترجيح نسخة (بابن أمّ الجندي) على

__________________

(١) الأنساب ٣ / ٣٥٣.

(٢) يمكنك العثور على أسمائهم في الأنساب ٣ / ٣٥٢ ـ ٣٥٤).

(٣) راجع: الأنساب ٣ / ٣٥٢.

(٤) فهرست كتب الشيعة وأصولهم: ٧٧.

١٩٨

نسخة (بابن الجندي).

لأنّ من المستغرب جدّاً أن يكون الشيخ الطوسي رحمه‌الله قد عبّر عن شيخنا المترجم بـ : (ابن أمّ الجندي) في حين أنّه كان من معاصري ابن الجندي ولم نجد أحداً من أصحاب كتب التراجم أو التاريخ ذكره بهذا التعبير مع أنّ ابن الجندي كما اتّضح معنا كان من أبرز المعنيّين بالوسط الحديثي الشيعي والسنّي معاً فلو كان يعرف بـ : (ابن أمّ الجندي) لوجدنا مصدراً واحداً آخر على الأقلّ ذكره بهذا التعبير.

وعلى كلّ فمن الواضح خطأ هذه النسخة من الفهرست فلا ينبغي الإسهاب في التدليل على ذلك.

أقوال العلماء فيه:

يمكننا التعرّف على مكانة الراوي العلمية من خلال نظرة العلماء إليه المتمثّلة في آرائهم حوله وعليه فنحن نبدأ بأقوال علمائنا الأمامية فيه ثمّ نتبعها بأقوال علماء العامّة:

أقوال الإمامية:

١ ـ الشيخ الطوسي رحمه‌الله (م ٤٦٠ ق):

قال في الفهرست: «أحمد بن محمّد بن عمر بن موسى بن الجرّاح، أبو الحسن، المعروف (بابن أمّ الجندي) صنّف كتباً، منها : كتاب الأنواع، وهو كتاب كبير، حسن، كتاب عقلاء المجانين، كتاب الهواتف. أخبرنا بجميع (كتبه ورواياته)

١٩٩

أبو طالب ابن غرور (كذا) عنه»(١). كما اقتصر في الرجال على قوله: «أحمد بن محمّد بن عمر بن موسى بن الجرّاح، أبو الحسن، المعروف بابن الجندي، روى عنه ابن عزور»(٢) وسنتعرّض لترجمة أبي طالب بن عزور عند الحديث عن تلامذة ابن الجندي.

٢ ـ الشيخ النجاشي رحمه‌الله (م ٤٥٠ ق):

قال: «أحمد بن محمّد بن عمران بن موسى أبو الحسن المعروف بابن الجندي أستاذنا رحمه‌الله ، ألحقنا بالشيوخ في زمانه، له كتب، منها : كتاب الأنواع ـ كتاب كبير جدّاً، سمعت بعضه يقرأ عليه ـ كتاب الرواة والفلج، كتاب الخطّ، كتاب الغيبة، كتاب عقلاء المجانين، كتاب الهواتف، كتاب العين والورق، كتاب فضائل الجماعة وما روي فيها»(٣).

وهناك أمرٌ حول قوله: «ألحقنا بالشيوخ في زمانه» لابدّ أن نتوسّع فيه بعض الشيء لأنّا لم نجد مَن أعطاه حقّه فنقول:

قال سيّدنا الأمين مفسّراً لهذه العبارة: «أي أجاز له الرواية عنه فدخل في سلسلة مشايخ الإجازة والرواية»(٤) لكن أتصوّر أنّ هذا التفسير لا يشفي غليل السائل لأنّ الإجازة للنجاشي كانت من شؤون كافّة أساتذته ولم يتفرّد بها ابن الجندي؛ وبعبارة أخرى: لا تُعتبر الإجازة ـ والحالة هذه ـ من ميزات الشيخ ابن

__________________

(١) الفهرست: ٧٧ رقم: ٩٨.

(٢) رجال الطوسي: ٤١٧ رقم ٦٠٢٥.

(٣) رجال النجاشي: ٨٥ رقم ٢٠٦.

(٤) أعيان الشيعة ٣ / ١٤١.

٢٠٠