المبحث السابع
لكل سؤال جواب في سورة «المائدة» (١)
فإن قيل : كيف الارتباط والمناسبة بين قوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) [الآية الأولى] وقوله تعالى (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ) [نفسها]؟
قلنا : المراد بالعقود عهود الله عليهم في تحليل حلاله وتحريم حرامه ، فبدأ بالمجمل ثم أتبعه بالمفصل من قوله (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ) وقوله بعده (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) [الآية ٣].
فإن قيل : ما أكله السبع وعدم أكله وتعذره ، فكيف يحسن فيه التحريم حتى قال تعالى : (وَما أَكَلَ السَّبُعُ) [نفسها]؟
قلنا : معناه وما أكل منه السبع ، يعني الباقي بعد أكله.
فإن قيل : قوله تعالى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) [نفسها] يدل من حيث المفهوم عرفا على أنه لم يرض لهم الإسلام دينا قبل ذلك اليوم ، وليس كذلك ، فإن الإسلام لم يزل دينا مرضيا للنبي (ص) وأصحابه عند الله منذ أرسله عليه الصلاة والسلام.
قلنا : قوله اليوم ظرف للجملتين الأوليين ، لا للجملة الثالثة ، لأن الواو الأولى للعطف والثانية للابتداء ، فالجملة الثالثة مطلقة غير موقتة.
فإن قيل : قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ) [الآية ٤] كيف صلح جوابا لسؤالهم والطيبات
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي ، مكتبة البابي الحلبي ، القاهرة ، غير مؤرّخ.