نظرة في كتاب منهاج السنّة النبويّة لابن تيميّة الحرّاني

العلامة الأميني

نظرة في كتاب منهاج السنّة النبويّة لابن تيميّة الحرّاني

المؤلف:

العلامة الأميني


الموضوع : العقائد والكلام
الطبعة: ٠
الصفحات: ٢٠٠

هل صدق في هذه الرواية؟!

فقال له ابن جماعة : نعم.

فقال : فالّذين قاتلوه سلّوا السيوف في وجهه كانوا يحبّونه أو يبغضونه؟

الدرر الكامنة ٤ ص ٢٠٨.

صورة اخرى

عن أمير المؤمنين : لعهد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله إليَّ : لا يحبّك إلّا مؤمنٌ ، ولا يُبغضك إلّا منافقٌ.

مصادرها :

أخرجه أحمد في مسنده ١ ص ٩٥ ، ١٣٨ ، الخطيب في تاريخه ١٤ ص ٤٢٦ ، النسائي في سننه ٨ ص ١١٧ ، وفي خصائصه ٢٧ ، ابو نعيم في الحلية ٤ ص ١٨٥ بعدَّة طرق ، وفي إحدى طرقه : والَّذي فلق الحبَّة وبرأ النسمة وتردَّى بالعظمة انَّه لعهد النبيُّ الامِّيُ صلى‌الله‌عليه‌وآله إليّ ... وقال : هذا حديثٌ صحيحٌ متَّفقٌ عليه ، ابن عبد البر في الاستيعاب ٣ ص ٣٧ وقال : روته طائفةٌ من الصحابة ، ابن ابي الحديد في شرحه ٢ ص ٢٨٤ وقال : هذا الخبر مرويٌّ في

١٢١

الصِّحاح (١).

وقال في ج ١ ص ٣٦٤ : قد اتَّفقت الأخبار الصحيحة الّتي لا ريب فيها عند المحدِّثين على انَّ النبيَّ قال له : «لا يبغضك إلّا منافقٌ ، ولا يحبّك إلّا مؤمنٌ» (٢).

شيخ الإسلام الحمّويي في الباب ٢٢ ، الهيثمي في مجمع الزوائد ٩ ص ١٣٣ ، السيوطي في جامعه الكبير كما في ترتيبه ٦ ص ١٥٢ ، ٤٠٨ من عدَّة طرق ، ابن حجر في الإصابة ٢ ص ٥٠٩.

صورة ثالثة

قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : لو ضربتُ خيشوم المؤمن بسيفي هذا على أن يُبغضني ما أبغضني ، ولو صببت الدنيا بجماتها على المنافق على أن يُحبّني ما أحبّني ، وذلك انّه قضي فانقضى على لسان النبيِّ الامي صلى‌الله‌عليه‌وآله انّه قال : «يا عليُّ لا يُبغضك مؤمنٌ ولا يُحبّك منافقٌ».

تجدها في نهج البلاغة ، وقال ابن ابي الحديد في شرحه ٤ ص ٢٦٤ : مراده عليه‌السلام من هذا الفصل إذكار الناس ما قاله فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٣).

__________________

(١) شرح نهج البلاغة ٤ / ٨٣ ، ١٨ / ١٧٣.

(٢) المصدر السابق.

(٣) شرح نهج البلاغة ١٨ / ١٧٣.

١٢٢

صورة رابعة

في خطبة لأمير المؤمنين عليه‌السلام : قضاءٌ قضاه الله عزوجل على لسان نبيِّكم النبيّ الامِّي أن لا يُحبّني إلّا مؤمنٌ ، ولا يُبغضني إلّا منافقٌ.

أخرجه الحافظ ابن فارس ، وحكاه عنه الحافظ محبُّ الدين في الرياض ٢ ص ٢١٤ ، وذكره الزرندي في «نظم درر السمطين» وفي آخره : وقد خاب من افترى (١).

صدر الحديث عن ابي الطفيل قال : سمعت عليّاً عليه‌السلام وهو يقول : لو ضربت خياشيم المؤمن بالسيف ما أبغضني ، ولو نثرت على المنافق ذهباً وفضّة ما أحبّني ، إنَّ الله أخذ ميثاق المؤمنين بحبِّي وميثاق المنافقين ببغضي ، فلا يُبغضني مؤمنٌ ، ولا يحبّني منافقٌ أبداً.

صورةٌ اخرى

عن حبّة العرني عن عليّ عليه‌السلام إنّه قال : إنَّ الله عزوجل أخذ ميثاق كلِّ مؤمن على حبّي ، وميثاق كلِّ منافق على بغضي ، فلو ضربت وجه المؤمن بالسيف ما أبغضني ، ولو صببت الدنيا على المنافق ما أحبَّني.

__________________

(١) نظم درر السمطين.

١٢٣

شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١ ص ٣٦٤ (١).

٢ ـ عن امّ سلمة قالت : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : «لا يُحبّ عليّاً المنافق ، ولا يُبغضه مؤمنٌ».

الترمذي في جامعه ٢ ص ٢١٣ وصحَّحه ، ابن ابي شيبة (٢) ، الطبراني (٣) ، البيهقي في المحاسن والمساوي ١ ص ٢٩ ، محب الدين في رياضه ٢ ص ٢١٤ ، سبط ابن الجوزي في تذكرته ١٥ ، ابن طلحة في مطالب السئول ١٧ ، الجزري في اسنى المطالب ٧ ، السيوطي في الجامع الكبير كما في ترتيبه ٦ ص ١٥٢ ، ١٥٨.

صورة اخرى

عن امّ سلمة قال : إنَّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعليٍّ : «لا يُبغضك مؤمنٌ ، ولا يُحبّك منافقٌ».

الإمام أحمد في «المناقب» (٤) ، محبّ الدين في الرياض ٢ ص ٢١٤ ، ابن كثير في تاريخه ٧ ص ٣٥٤.

__________________

(١) شرح نهج البلاغة ٤ / ٨٣.

(٢) المصنَّف ١٢ / ٧٧ ح ١٢١٦٣.

(٣) المعجم الكبير ٢٣ / ٣٧٤ ، ٣٧٥ ح ٨٨٥ ، ٨٨٦.

(٤) فضائل علي بن ابي طالب : ١٢٢ ح ١٨١.

١٢٤

صورة ثالثة

أخرج ابن عدي في كامله عن البغوي باسناده عن امّ سلمة قالت : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول في بيتي لعليٍّ : «لا يحبّك إلّا مؤمنٌ ، ولا يبغضك إلّا منافقٌ».

٣ ـ في خطبة للنبيِّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : «يا أيّها النّاس اوصيكم بحبِّ ذي قرنيها أخي وابن عمّي عليٍّ بن أبي طالب ، فإنّه لا يُحبّه إلّا مؤمنٌ ، ولا يبغضه إلّا منافقٌ.

مناقب أحمد (١) ، الرياض النضرة ٢ ص ٢١٤ ، شرح ابن ابي الحديد ٢ ص ٤٥١ (٢) ، تذكرة السبط : ١٧.

٤ ـ عن ابن عبّاس قال : نظر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى عليٍّ فقال : «لا يحبّك إلّا مؤمنٌ ولا يُبغضك إلّا منافق».

أخرجه الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد ٩ ص ١٣٣.

وهذا الحديث ممّا احتجَّ به أمير المؤمنين عليه‌السلام يوم الشورى فقال : انشدكم بالله هل فيكم أحدٌ قال له صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يُحبّك إلّا مؤمن ولا يبغضك إلّا منافق ، غيري؟! قالوا : اللهم لا (٣).

__________________

(١) المصدر السابق : ١٢٦ ح ١٨٨.

(٢) شرح نهج البلاغة ٩ / ١٧٢.

(٣) راجع حديث المناشدة ج ١ ص ١٥٩ ـ ١٦٣ «المؤلف رحمه‌الله».

مرت مناشدة الامام علي يوم الشورى ص الهامش

١٢٥

هذا ما عثرنا عليه من طرق هذا الحديث ولعلّ ما فاتنا منها أكثر ، ولعلّك بعد هذه كلّها لا تستريب في أنّه لو كان هناك حديثٌ متواترٌ يقطع بصدوره عن مصدر الرسالة فهو هذا الحديث ، أو انّه من أظهر مصاديقه.

كما أنَّك لا تستريب بعد ذلك كلّه انَّ أمير المؤمنين عليه‌السلام بحكم هذا الحديث الصادر ميزان الايمان ومقياس الهدى بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهذه صفةٌ مخصوصةٌ به عليه‌السلام وهي لا تبارحها الإمامة المطلقة ، فإن من المقطوع به أنَّ أحداً من المؤمنين لم يتحلَّ بهذه المكرمة ، فليس حبُّ أيِّ أحد منهم شارة ايمان ولا بغضه سمة نفاق ، وإنّما هو نقصٌ في الأخلاق وإعوازٌ في الكمال ما لم تكن البغضاء لإيمانه ، وأمّا إطلاق القول بذلك مشفوعاً بتخصيصه بأمير المؤمنين فليس إلّا ميزة الإمامة ، ولذلك قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «لولاك يا علي؟ ما عُرف المؤمنون بعدي» (١).

وقال : والله لا يبغضه أحد من أهل بيتي ولا من غيرهم من الناس إلّا وهو خارجٌ من الايمان (٢).

__________________

(١) مناقب ابن المغازي ، شمس الاخبار ٣٧ ، الرياض ٢ / ٢٠٢ ، كنز العمّال ٦ / ٤٠٢ «المؤلف رحمه‌الله».

انظر مناقب الامام علي بن ابي طالب لابن المغازلي : ٧٠ ح ١٠١.

(٢) شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد ٢ / ٧٨ «المؤلف رحمه‌الله».

وانظر طبعة القاهرة بتحقيق محمد ابو الفضل ابراهيم ٦ / ٢١٧.

١٢٦

ألا ترى كيف حكم عمر بن الخطاب بنفاق رجل رآه يسبُّ عليّاً وقال : إنّي أظنّك منافقاً.

اخرجه الحافظ الخطيب البغدادي في تاريخه ٧ ص ٤٥٣.

وحينئذ يحقّ لابن تيميّة أن ينفجرُ بركان حقده على هذا الحديث ، فيرميه بأثقل القذائف ، ويصعد في تحوير القول ويصوِّب.

وأمّا الحديث الأوَّل

فينتهي إسناده إلى ابن عبّاس ، وسلمان ، وابي ذرّ ، وحذيفة اليماني ، وابي ليلى الغفاري.

أخرج عن هؤلاء جمعٌ كثيرٌ من الحفّاظ والأعلام منهم :

الحاكم.

ابو نعيم.

الطبراني.

البيهقي.

العدني.

البزّار.

العقيلي.

المحاملي.

الحاكمي.

١٢٧

ابن عساكر.

الكنجي.

محبّ الدين.

الحمّويي.

القرشي.

الايجي.

ابن أبي الحديد.

الهيثمي.

السيوطي.

المتقي الهندي.

الصفوري.

ولفظ الحديث عندهم : (١)

ستكون بعدي فتنةٌ فإذا كان ذلك فألزموا علىّ بن أبي طالب فإنَّه أوَّل مَن يصافحني يوم القيامة ، وهو الصِّديق الأكبر ، وهو فاروق هذه الامَّة يفرق بين الحقِّ والباطل ؛ وهو يعسوب المؤمنين ، والمال يعسوب المنافقين (٢).

__________________

(١) باختلاف يسير عند بعضهم لا يضر المغزى «المؤلف رحمه‌الله».

(٢) راجع ج ٢ ص ٣١٢ ، ٣١٣ من كتابنا «المؤلف رحمه‌الله».

١٢٨

وبعد هذا كلّه تعرف قيمة ما يقوله أو يتقوَّله ابن تيميّة من أنَّ الحديثين لم يُرو واحدٌ منهما في كتب العلم المعتمدة ، ولا لواحد منهما إسنادٌ معروفٌ.

فإذا كان لا يرى الصحاح والمسانيد من كتب العلم المعتمدة ، وما أسنده الحفّاظ والأئمّة وصححوه إسناداً معروفاً فحسبه ذلك جهلاً شائناً ، وعلى قومه عاراً وشناراً ، وليت شعري بأي شيءٍ يعتمد هو وقومه في المذهب بعد هاتيك العقيدة السخيفة؟!

يا قوم اتَّبعونِ أهدكم سبيل الرَّشاد.

[عليٌّ يوم الجمل وصفين]

٢٢ ـ قال : عليُّ رضى الله عنه لم يكن قتاله يوم الجمل وصفِّين بأمر من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وإنِّما كان رأياً رآه

__________________

اخرجه بهذهِ الالفاظ ابن ابي الحديد في شرح النهج ٣ / ٢٥٧ ، والقاضي الايجي في المواقف ٣ / ٢٧٦ ، والصفوري في نزهة المجالس ٢ و ٢٠٥.

وقريب من ذلك : الطبراني عن سلمان ، وابي ذر ، والبيهقي ، والعدني عن حذيفة ، والهيثمي في المجمع ٩ / ١٠٢ ، والحافظ الكنجي في الكفاية : ٧٩ من طريق الحافظ ابن عساكر ، وفي آخره : وهو بابي الذي اوتى منه وهو خليفتي من بعدي ، والمتقي الهندي في اكمال كنز العمال ٦ / ٥٦.

وأخرجه عن ابن عباس وابي ذر محب الدين في الرياض ٢ / ١٥٥ عن الحاكمي والقرشي في شمس الاخبار : ٣٥.

ورواه مع الزيادة شيخ الاسلام الحمويي في الفرائد ب ٢٤. «المؤلف رحمه‌الله».

١٢٩

٢ ص ٢٣١ (١).

ج ـ إنِّي لا أعجب من جهل هذا الإنسان ـ الّذي خُلق جهولاً ـ بشئون الإمامة وأنَّ حامل أعبائها ، كيف يجب أن يكون في ورده وصدرَه ، فإنَّه في منتأى عن معنى الإمامة التي نرتئيها ، ولا أعجب من جهله بموقف مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وانّه كيف كان قيد الأمر ورهن الإشارة من مخلّفه النبيِّ الأعظم ، فإنَّه لم تتح له الحيطة بمكانته ، وفواضله ، ومجاري علمه وعمله ؛ فإنّ النُّصب المُردي قد أعشى بصره ، ورماه عن الحقِّ في مرمى سحيقٍ ، وإنّما كلُّ عجبي من جهله بما أخرجه الحفّاظ والأئمّة في ذلك ، ولكنّه من قوم لهم أعين لا يُبصرون بها.

ونحن نعلم ما تُوسوس به صدره ، غاية الرجل من هذا الحكم الباتِّ تغرير الامة والتمويه على الحقيقة ، وجعل تلك الحروب الدامية نتيجة رأي واجتهاد من الطرفين حتّى يسع له القول بالتساوي بين أمير المؤمنين ومقاتليه في الرأي والاجتهاد ، وانَّ كلًّا منهما مجتهدٌ وله رأيه مصيباً كان أو مخطئاً ، غير انَّ للمصيب أجرين وللمخطئ أجر واحد ، ذاهلاً عن أنَّ المنقِّب لا يخفى عليه هذا

__________________

(١) منهاج السنة ٤ / ٤٩٦.

«... وهو الذي ابتدأ اهل صفين في صفين في القتال ، وعلي انما قاتل الناس على طاعته لا على طاعة الله ...»

١٣٠

التدجيل ، ويد التحقيق توقظ نائمة الأثكل ، وقلم الحقِّ لا يترك الامة سُدى ، ويُنبئهم عن أنَّ اجتهاد القوم إن صحَّت الأحلام اجتهادٌ في مقابلة النصِّ النبويِّ الأغرِّ.

وليت شعري كيف يخفى الأمر على أيِّ أحد؟ أو كيف يسع أن يتجاهل أيُّ أحد؟ وبين يدي الملأ العلمي قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لزوجاته : «أيَّتكنَّ صاحبة الجمل الأدبب ـ وهو كثير الشعر ـ تخرج فينبحها كلاب الحوأب ، يُقتل حولها قتلى كثير ، وتنجو بعد ما كادت تُقتل (١).

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله لهنَّ : كيف بإحداكنَّ إذا نبح عليها كلاب الحوأب؟ (٢).

__________________

(١) أخرجه البزار ، ابو نعيم ، ابن ابي شيبة ، الماوردي في الاعلام : ٨٢ ، الزمخشري في الفائق ١ ص ١٩٠ ، ابن الاثير في النهاية ٢ ص ١٠ ، الفيروزآبادي في القاموس ١ ص ٦٥ ، الكنجي في الكفاية : ٧١ ، القسطلاني في المواهب اللدنية ٢ ص ١٩٥ ، شرح الزرقاني ٧ ص ٢١٦ ، الهيثمي في مجمع الزوائد ٧ ص ٢٣٤ وقال : رواه البزار ورجاله ثقات ، السيوطي في جمع الجوامع كما في الكنز ٦ ص ٨٣ ، الحلبي في سيرته ٣ ص ٣١٣ ، زيني دحلان في سيرته ٣ ص ١٩٣ هامش الحلبية ، الصبان في الاسعاف ٦٧. «المؤلف رحمه‌الله».

(٢) أخرجه احمد في مسنده ٦ ص ٥٢ ، وابن أبي شيبة ، نعيم بن حماد في الفتن ، وعن الاخيرين السيوطي في جمع الجوامع كما في الكنز ٦ ص ٨٤. «المؤلف رحمه‌الله».

١٣١

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله لهنَّ : أيَّتكنَّ التي تنبح عليها «تنبحها» كلاب الحوأب؟ (١).

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله لهنَّ : ليت شعري أيَّتكنَّ تنبحها كلاب الحوأب سائرة إلى الشرق في كتيبة.

معجم البلدان ٣ ص ٣٥٦.

وفي لفظ الخفاجي في شرح الشفا ٣ ص ١٦٦ : ليت شعري أيّتكنَّ صاحبة الجمل الأزب (٢) تنبحها كلاب الحوأب.

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله. لعائشة : كأنّي بإحداكنَّ قد نبحها كلاب الحوأب ، وإيّاك أن تكوني أنت يا حميراء (٣).

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله لها : يا حميراء كأنّي بك تنبحك كلاب الحوأب. تُقاتلين عليّاً وأنت له ظالمة (٤).

__________________

(١) مسند أحمد ٦ ص ٩٧ ، تاريخ الطبري ٥ ص ١٧٨ ، كفاية الكنجي ٧١ ، جمع الجوامع كما في ترتيبه ٦ ص ٨٣ ، ٨٤ ، وصححه مجمع الزوائد ٧ ص ٢٣٤ وقال : رواه أحمد وابو يعلى ورجال احمد رجال الصحيح ، تذكرة السبط ٣٩ ، السيرة الحلبية ٣ ص ٣١٣ ، وفي هامشها سيرة زيني دحلان ٣ ص ١٩٣ ، اسعاف الراغبين ٦٧. «المؤلف رحمه‌الله».

(٢) الأزب : كثير شعر الوجه. «المؤلف رحمه‌الله».

(٣) الامامة والسياسة ١ ص ٥٦. تاريخ اليعقوبي ٢ ص ١٥٧. جمع الجوامع كما في ترتيبه ٦ ص ٨٤ وصححه. «المؤلف رحمه‌الله».

(٤) العقد الفريد ٢ ص ٢٨٣. «المؤلف رحمه‌الله».

١٣٢

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله لها : انظري يا حميراء أن لا تكون أنتِ (١).

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعليٍّ : إن وليتَ من أمرها شيئاً. فارفق بها (٢).

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : سيكون بعدي قومٌ يُقاتلون عليّاً على الله جهادهم ، فمن لم يستطع جهادهم بيده فبلسانه ، فمن لم يستطع بلسانه فبقلبه ، ليس وراء ذلك شيءٌ.

أخرجه الطبراني كما في مجمع الزوائد ٩ ص ١٣٤ ، وكنز العمال ٦ ص ١٥٥ ، وفي ج ٧ ص ٣٠٥ نقلاً عن الطبراني وابن مردويه وابي نعيم.

وقيل لحذيفة اليماني : حدِّثنا ما سمعت عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

قال : لو فعلت لرجمتموني.

قلنا : سبحان الله!

قال لو حدَّثتكم أنَّ بعض امَّهاتكم تغزوكم في كتيبة تضربكم بالسيف ما صدَّقتموني.

قالوا : سبحان الله ، ومَن يُصدِّقك بهذا؟

__________________

(١) أخرجه الحاكم في المستدرك ٣ ص ١١٩ ، والبيهقي عن ام سلمة ، وراجع مناقب الخوارزمي ١٠٧. الاجابة للزركشى ص ١١ ، سيرة زيني دحلان ٣ ص ١٩٤ ، المواهب للقسطلاني ٢ ص ١٩٥ ، شرح المواهب للزرقاني ٧ ص ٢١٦. «المؤلف رحمه‌الله».

(٢) نفس المصادر السابقة في رقم ٦ «المؤلف رحمه‌الله».

١٣٣

قال : أتتكم الحميراء في كتيبة تسوق بها أعلاجها (١).

وأخرج الطبراني وغيره (٢) : لَمّا سمعت عائشة رضي الله عنها نُباح الكلاب فقالت : أيّ ماء هذا؟!

قالوا : الحوأب.

فقالت : إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، إنّي لَهيه ، قد سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول وعنده نساؤه : «ليت شعري أيَّتكنَّ تنبحها كلاب الحوأب».

فأرادت الرجوع فأتاها عبد الله بن الزبير فزعم إنّه قال : كذب من قال : إنّ هذا الحوأب. ولم يزل حتّى مضت.

وقال العرني صاحب جمل عائشة : لَمّا طرقنا ماء الحوأب فنبحتنا كلابها قالوا : أيَّ ماء هذا؟

قلت : ماء الحوأب.

قال : فصرخت عائشة بأعلى صوتها ثمّ ضربت عضد بعيرها وأناخته ، ثمَّ قالت : أنا والله صاحبة كلاب الحوأب طروقاً ردّوني ، تقول ذلك ثلاثاً.

فأناخت وأناخوا حولها ، وهم على ذلك وهي تأبى ، حتّى كانت

__________________

(١) مستدرك الحاكم ٤ ص ٤٧١ ، الخصائص ٢ ص ١٣٧.

(٢) تاريخ الطبري ٥ : ١٧٨ ، تاريخ ابى الفداء ج ١ / ١٧٣.

١٣٤

الساعة التي أناخوا فيها من الغد. قال : فجاءها ابن الزبير فقال : النجاء النجاء فقد أدرككم والله عليّ بن ابي طالب ، قال : فارتحلوا وشتموني (١).

وفي حديث قيس بن ابي حازم قال : لمّا بلغت عائشة رضي الله عنها بعض ديار بني عامر نبحت عليها الكلاب فقالت : أيّ ماء هذا؟!

قالوا : الحوأب.

قالت : ما أظنّني إلّا راجعة.

فقال الزبير : لا بعد تقدُّمي ويراك الناس ويصلح الله ذات بينهم.

قالت : ما أظنّني إلّا راجعة سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : «كيف باحداكنّ إذا نبحتها كلاب الحوأب؟!» (٢).

وفي معجم البلدان ٣ : ٣٥٦ : في الحديث : أنّ عائشة لمّا أرادت المضيَّ إلى البصرة في وقعة الجمل مرّت بهذا الموضوع ـ يعني الحوأب ـ فسمعت نباح الكلاب فقالت : ما هذا الموضع؟!

فقيل لها : هذا موضعٌ يقال له : الحوأب.

فقالت : إنّا لله ، ما أراني إلّا صاحبة القصّة.

__________________

(١) تاريخ الطبري ٥ : ١٧١.

(٢) مستدرك الحاكم ٣ : ١٢٠.

١٣٥

فقيل لها : وأيَّ قصّة؟!

قالت سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول وعنده نساؤه : «ليت شعري أيَّتكنَّ تنبحها كلاب الحوأب سائرةً إلى الشرق في كتيبة.

وهمّت بالرجوع فغالطوها وحلفوا لها انّه ليس بالحوأب.

قال الأميني : ما كان الله ليضلَّ قوماً بعد إذ هداهم حتّى يُبيِّن لهم ما يتَّقون ، ليهلك مَن هلك عن بيِّنة ، ويحيى من حيَّ عن بيِّنة ، وإنَّ الله لسميعٌ عليم ، وكان الإنسان أكثر شيء جدلا ، بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره.

وقد صحَّ عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قوله للزبير : «إنّك تُقاتل عليّاً وأنت ظالمٌ له». وبهذا الحديث احتجَّ أمير المؤمنين عليه‌السلام على الزبير يوم الجمل وقال : أتذكر لما قال لك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّك تُقاتلني وأنت ظالمٌ لي؟.

فقال : اللهمَّ نعم. الحديث.

أخرجه الحاكم في المستدرك ٣ : ٣٦٦ وصحَّحه هو والذهبي والبيهقي في الدلائل (١) ، وابو يعلى (٢) ، وابو نعيم (٣) ، والطبري في

__________________

(١) دلائل النبوة ٦ / ٤١٤ ، ٤١٥.

(٢) مسند ابو يعلى الموصلي ٢ / ٣٠ ح ٦٦٦.

(٣) حلية الاولياء ١ / ٩١.

١٣٦

تاريخه ٥ : ٢٠٠ ، ٢٠٤ ، وابو الفرج في الأغاني ١٦ : ١٣١ ، ١٣٢ ، وابن عبد ربّه في العقد الفريد ٢ : ٢٧٩ ، والمسعودي في مروج الذهب ٢ : ١٠ ، والقاضي في الشفا ، وذكره ابن الأثير في الكامل ٣ : ١٠٢ ، ابن طلحة في المطالب ص ٤١ ، محبّ الدين في الرِّياض ٢ : ٢٧٣ ، الهيثمي في المجمع ٧ : ٢٣٥ ، ابن حجر في فتح الباري ١٣ : ٤٦ ، القسطلاني في المواهب ٢ : ١٩٥ ، الزرقاني في شرح المواهب ٣ : ٣١٨ ، ج ٧ : ٢١٧ ، السيوطي في الخصائص ٢ : ١٣٧ نقلاً عن جمعٍ من الحفّاظ بطرقهم عن ابي الأسود ، وابي جروة ، وقيس ، وعبد السلام ، الحلبي في سيرته ٣ : ٣١٥ ، الخفاجي في شرح الشفا ٣ : ١٦٥ ، والشيخ علي القاري في شرحه هامش شرح الخفاجي ٣ : ١٦٥.

وهذه كلمات الصحابة مبثوثةٌ في طيّات الكتب والمعاجم ، وهي تُعرب عن انَّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يحثُّ أصحابه إلى نصرة أمير المؤمنين في تلك الحروب ، ويدعوهم إلى القتال معه ، ويأمر عيون أصحابه بقتال الناكثين ، والقاسطين ، والمارقين.

منهم :

١ ـ ابو أيّوب الأنصاري ذلك الصحابيُّ العظيم ، قال ابو صادق :

__________________

وانظر ايضاً كنز العمال ١١ / ٣٤٠ ح ٣١٦٨٨ ومجمع الزوائد للهيثمي ٧ / ٢٣٥.

١٣٧

قَدِم ابو أيّوب العراق فأهدت له الأزد جزراً فبعثوا بها معي فدخلت فسلّمت إليه وقلت له : قد أكرمك الله بصحبة نبيّه ونزوله عليك فما لي أراك تستقبل الناس تقاتلهم؟! تستقبل هؤلاء مرَّة وهؤلاء مرَّة فقال : إنَّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عهد إلينا أن نقاتل مع عليٍّ الناكثين فقد قاتلناهم ، وعهد إلينا أن نقاتل معه القاسطين فهذا وجهنا إليهم يعني معاوية وأصحابه ، وعهد إلينا أن نقاتل مع عليٍّ المارقين فلم أرهم بعدُ (١).

وروى علقمة والأسود عن ابي أيّوب إنّه قال : إنّ الرائد لا يكذب أهله ، وإنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أمرنا بقتال ثلاثة مع عليٍّ بقتال الناكثين ، والقاسطين ، والمارقين. الحديث (٢).

وقال عتاب بن ثعلبة : قال ابو أيّوب الأنصاري في خلافة عمر بن الخطّاب : أمرني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين مع عليٍّ.

__________________

(١) تاريخ ابن عساكر ٥ ص ٤١ ، اربعين الحاكم ولفظه يقرب من هذا ، تاريخ ابن كثير ٧ ص ٣٠٦ ، كنز العمال ٦ ص ٨٨. «المؤلف رحمه‌الله».

ورواه ايضاً السيوطي في اللآلي ١ / ٢١٣ ، والخطيب في تاريخ بغداد ١٣ / ١٨٦ ، ترجمة يعلى بن عبد الرحمن.

وانظر ايضاً ترجمة الامام علي من تاريخ دمشق ٣ / ١٧٠ ح ١٢٠٨.

(٢) تاريخ الخطيب البغدادي ١٣ ص ١٨٧ ، كفاية الكنجي : ٧٠ ، تاريخ ابن كثير ٧ ص ٣٠٦. «المؤلف رحمه‌الله».

انظر المصادر السابقة.

١٣٨

ورواه عنه أصبغ بن نباتة غير أنَّ فيه : أمرنا (١).

٢ ـ ابو سعيد الخدري قال : أمرنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين.

قلنا : يا رسول الله أمرتنا بقتال هؤلاء فمع مَن؟

قال : مع عليٍّ بن ابي طالب (٢).

٣ ـ ابو اليقظان عمّار بن ياسر قال : أمرني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين.

أخرجه الطبراني وفي لفظه الآخر من طريق آخر : أمرنا.

أخرجه الطبراني وابو يعلى وعنهما الهيثمي في مجمع الزوائد ٧ ص ٢٣٨ (٣).

__________________

(١) اخرجه الحافظ ابن حبان والطبري كما ذكره السيوطي ، ورواه الحاكم في اربعينه ، وابن عبد البر في الاستيعاب ٣ ص ٥٣. «المؤلف رحمه‌الله».

رواها السيوطي في اللآلي ١ / ٢١٣ عن اربعين الحاكم. والطبراني في المعجم الكبير ٤ / ١٧٢ ح ٤٠٤٩.

ورواها ايضاً عن الحاكم الجويني في الفرائد ب ٥٣ ح ٢٣١ ، وابن كثير في البداية والنهاية ٧ / ٣٠٥ عن الحاكم ايضاً.

(٢) أخرجه الحاكم في أربعينه كما ذكره السيوطي ، والحافظ الكنجي في الكفاية ص ٧٢ ، وابن كثير في تاريخه ٧ ص ٣٠٥. «المؤلف رحمه‌الله».

وانظر اللآلي المصنوعة للسيوطي ١ / ٢١٤.

(٣) مسند ابو يعلى الموصلي ٣ / ١٩٤ ح ١٦٢٣ ، ولم أجده في معجم الطبراني مسنداً الى عمّار ونقله عنه في اللآلي المصنوعة ١ / ٢١٤.

١٣٩

وأمّا كون قتال أمير المؤمنين نفسه بأمر من رسول الله ، وانَّه لم يكن رأياً يخصُّ به فتوقفك على حقِّ القول فيه عدّة أحاديث :

١ ـ خليد العصري قال : سمعت أمير المؤمنين عليّاً يقول يوم النهروان : أمرني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بقتال الناكثين ، والقاسطين ، والمارقين (١).

٢ ـ ابو اليقظان عمّار بن ياسر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «يا عليُّ ستقاتلك الفئة الباغية وأنت على الحقِّ ، فمن لم ينصرك يومئذ فليس منّي» (٢).

٣ ـ ومن كلام لعمّار بن ياسر خاطب به ابا موسى : أما انّي أشهد أنَّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أمر عليّاً بقتال الناكثين ، وسمّى لي فيهم مَن سمّى ، وأمره بقتال القاسطين ، وإن شئت لُاقيمنَّ لك شهوداً يشهدون انَّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إنَّما نهاك وحدك وحذَّرك من الدخول في الفتنة.

شرح ابن ابي الحديد ٣ ص ٢٩٣ (٣).

__________________

(١) الخطيب في تاريخه ٨ ص ٣٤٠ ، وابن كثير في تاريخه ٧ ص ٣٠٥. «المؤلف رحمه‌الله».

(٢) أخرجه ابن عساكر في تاريخه ، والسيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه ٦ ص ١٥٥ ، وحكاه الزرقاني عن ابن عساكر في شرح المواهب ٣ : ٣١٧. «المؤلف رحمه‌الله».

راجع ترجمة الامام علي من تاريخ دمشق ٣ / ١٧١ ح ١٢٠٩.

(٣) شرح نهج البلاغة ١٤ / ١٣.

١٤٠