نظرة في كتاب منهاج السنّة النبويّة لابن تيميّة الحرّاني

العلامة الأميني

نظرة في كتاب منهاج السنّة النبويّة لابن تيميّة الحرّاني

المؤلف:

العلامة الأميني


الموضوع : العقائد والكلام
الطبعة: ٠
الصفحات: ٢٠٠

وهذا معنى قول ابن الحصار : إنّ كلَّ نوع من المكّي والمدنيِّ منه آيات مستثناة (١).

وثانياً : إنَّ أوثق الطرق الى كون السورة أو الآية مكّيّة أو مدنيّة هو ما تضافر النقل به في شأن نزولها بأسانيد مستفيضة ، دون الأقوال المنقطعة عن الإسناد ، وقد أسلفنا في ص ١٠٠ ـ ١٠٤ من هذا الجزء شطراً مهمّاً ممَّن خرَّج هذا الحديث وأخبت إليه (٢) فليس

__________________

طرفي النهار» ، وقوله «أليس الله بكاف عبده» ، وسورة الفاتحة فانها نزلت مرّة بمكة حين فرضت الصلاة ، ومرّة بالمدينة حين حُولت القبلة ، ولتثنية نزولها سميت بالمثاني ، كما في اتقان السيوطي ١ / ٦٠ ، وتاريخ الخميس ١ / ١١. «المؤلف رحمه‌الله».

(١) الاتقان ١ / ٢٣ «المؤلف رحمه‌الله».

(٢) نقل المؤلف رحمه‌الله في المجلد الثالث من الغدير ص ١٠٧ قائمة باسماء رواة الحديث الوارد في شأن نزول الآية الشريفة ، اليك نصّها بتهذيب منّا :

١ ـ ابو جعفر الاسكافي المتوفى ٢٤٠ في رسالته التي ردّ بها على الجاحظ.

٢ ـ الحكيم محمد بن علي الترمذي ، كان حيّاً في سنة ٢٨٥ ، ذكره في نوادر الاصول : ٦٤.

٣ ـ الحافظ محمد بن جرير الطبري المتوفى ٣١٠ ، ذكره في اسباب نزول هل أتى كما في الكفاية.

٤ ـ ابن عبد ربه المالكي في العقد الفريد ٣ / ٤٢ ـ ٤٧ (حديث احتجاج المأمون على اربعين فقيهاً).

٥ ـ الحاكم النيسابوري المتوفى ٤٠٥ ، ذكره في مناقب فاطمة عليها‌السلام كما في الكفاية.

٨١

__________________

٦ ـ الحافظ ابن مردويه ابو بكر الاصفهاني ، المتوفى ٤١٦ ، أخرجه في تفسيره. عنهُ جمع ، وقال الآلوسي في روح المعاني بعد نقله عنه : والخبر مشهور.

٧ ـ ابو اسحاق الثعلبي المتوفى ٤٢٧ أو ٤٣٧ في تفسيره «الكشف والبيان».

٨ ـ الواحدي النيسابوري المتوفى ٤٦٨ في تفسيره البسيط ، واسباب النزول : ٣٣١.

٩ ـ الحافظ ابن الفتوح الاندلسي الحميدي المتوفى ٤٨٨ ، ذكره في فوائده.

١٠ ـ جار الله الزمخشري المتوفى ٥٣٨ في الكشاف ٢ / ٥١١.

١١ ـ الخطيب الخوارزمي المتوفى ٥٦٨ في المناقب : ١٨٠.

١٢ ـ الحافظ ابو موسى المديني المتوفى ٥٨١ في الذيل كما في الاصابة.

١٣ ـ فخر الدين الرازي المتوفى ٦٠٦ في تفسيره ٨ / ٢٧٦.

١٤ ـ ابن الصلاح الشهرزوري الشرخاني المتوفى ٦٤٣ ، كما يأتي عنه في الكفاية.

١٥ ـ ابن طلحة الشافعي المتوفى ٦٥٢ ، ذكره في مطالب السئول : ٣١.

١٦ ـ السبط ابن الجوزي المتوفى ٦٥٤ ، رواه في تذكرته من طريق البغوي والثعلبي.

١٧ ـ ابن ابي الحديد المعتزلي المتوفى ٦٥٥ في شرح نهج البلاغة ٣ / ٢٥٧.

١٨ ـ الحافظ الكنجي الشافعي المتوفى ٦٥٨ في الكفاية : ٢٠١.

١٩ ـ القاضي ناصر الدين البيضاوي المتوفى ٦٨٥ في تفسيره ٢ / ٥٧١.

٢٠ ـ الحافظ محب الدين الطبري المتوفى ٦٩٤ في الرياض النضرة ٢ / ٢٠٧ ، ٢٢٧ وقال : وهو قول الحسن وقتادة.

٢١ ـ ابو حمزة الازدي الاندلسي المتوفى ٦٩٩ في بهجة النفوس ٤ / ٢٢٥.

٢٢ ـ حافظ الدين النسفي المتوفى ٧٠١ أو ٧١٠. في تفسيره هامش الخازن ٤ / ٤٥٨ ، رواه في سبب نزول الآية ولم يرو غيره.

٨٢

هو من كذب الرافضة حتّى يدلَّ على جهل ناقله ، ولا على شيخنا العلّامة الحلّي من تبعة في نقله ، فإن كان في نقله شائبةٌ سوء فالعلّامة ومشايخ قومه على شرع سواء.

وثالثاً : إنَّ القول بأنَّها مكيَّةٌ ليس ممّا اتَّفق عليه العلماء ، بل الجمهور على خلافه كما نقله الخازن في تفسيره ٤ ص ٣٥٦ عن مجاهد وقتادة والجمهور.

وروى ابو جعفر النحّاس في كتابه الناسخ والمنسوخ من طريق الحافظ ابي حاتم عن مجاهد ، عن ابن عبّاس حديثاً في تلخيص آي

__________________

٢٣ ـ شيخ الاسلام الحمويني المتوفى ٧٢٢ في فرائد السمطين.

٢٤ ـ نظام الدين القمي النيسابوري في تفسيره هامش الطبري ٢٩ / ١١٢.

٢٥ ـ علاء الدين الخازن البغدادي المتوفى ٧٤١ في تفسيره ٤ / ٣٥٨.

٢٦ ـ القاضي اللايجي المتوفى ٧٥٦ في المواقف ٣ / ٢٧٨.

٢٧ ـ ابن حجر المتوفي ٨٥٢ في الاصابة ٤ / ٣٨٧.

٢٨ ـ جلال الدين السيوطي المتوفى ٩١١ في الدر المنثور ٦ / ٢٩٩.

٢٩ ـ ابو السعود العمادي المتوفى ٩٨٢ في تفسيره هامش تفسير الرازي ٨ / ٣١٨.

٣٠ ـ اسماعيل البدوسي المتوفى ١١٣٧ في تفسيره روح البيان ١٠ / ٢٦٨ ـ ٢٦٩.

٣١ ـ الشوكاني المتوفى ١١٧٣ في تفسيره فتح القدير ٥ / ٣٣٨.

٣٢ ـ الاستاذ محمد سليمان محفوظ في اعجب ما رأيت ١ / ١٠.

٣٣ ـ السيد الشبلنجي في نور الابصار : ١٢ ـ ١٤.

٣٤ ـ السيد محمود القراغولي في جوهرة الكلام : ٥٦.

«المؤلف رحمه‌الله».

٨٣

القرآن المدنيِّ من المكيِّ وفيه : والمدثر إلى آخر القرآن إلّا إذا زلزلت ، وإذا جاء نصر الله ، وقل هو الله أحد ، وقل أعوذ بربِّ الفلق ، وقل أعوذ بربِّ الناس ، فإنَّهنَّ مدنيّات ، وفيها سورة هل أتى (١).

وقال السيوطي في الإتقان ١ ص ١٥ بعد نقل الحديث : هكذا أخرجه بطوله وإسناده جيِّدٌ رجاله كلّهم ثقاتٌ من علماء العربية المشهورين.

وأخرج الحافظ البيهقي في دلائل النبوة بإسناده عن عكرمة والحسين بن ابي الحسن حديثاً في المكيِّ والمدنيِّ من السور (٢).

وعدَّ من المدنيات «هل أتى» الإتقان ١ ص ١٦.

ويروي ابن الضريس في فضائل القرآن عن عطا عدَّ سورة الإنسان من المدنيّات ، كما في الإتقان ١ ص ١٧.

وعدَّها الخازن في تفسيره ١ ص ٩ من السور النازلة بالمدينة.

وهذه مصاحف الدنيا بأجمعها مخطوطها ومطبوعها تخبرك عن جليّة الحال فإنّها مجمعةٌ على أنّها مدنيّةٌ ، فهل الامة أجمعت فيها على خلاف ما اتّفق عليه العلماء إن صحّت مزعمة ابن تيميّة؟

__________________

(١) الناسخ والمنسوخ لابي جعفر النحاس : ٢٦٠ ، مؤسسة الكتب الثقافية ، ط ١ ، ١٩٨٩.

(٢) دلائل النبوة.

٨٤

فما منكم من أحد عنه حاجزين ، وإنّه لتذكرةٌ للمتّقين ، وإنّا لنعلم إنَّ منكم مكذِّبين.

ورابعاً : انَّ القائلين بانَّ فيها آية أو آيات مكيّة كالحسن ، وعكرمة ، والكلبي ، وغيرهم مصرِّحون بأنَّ الآيات المتعلّقة بقصة الإطعام مدنيّةٌ.

وخامساً : لا ملازمة بين القول بمكيّتها وبين نزولها قبل الهجرة ، إذ من الممكن نزولها في حجّة الوداع ، بعد صحّة إرادة عموم قوله : وأسيراً للمؤمن الداخل فيه المملوك كما قاله ابن جُبير ، والحسن ، والضحّاك ، وعكرمة ، وعطاء ، وقتادة ، واختاره ابن جرير وجمعٌ آخرون.

[المودَّة في القُربى]

١٦ ـ قال : قوله ـ يعني العلّامة الحلّي ـ : ايجاب مودَّة أهل البيت بقوله تعالى (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) غلطٌ.

وممّا يدلُّ على هذا أنَّ الآية مكيّةٌ ولم يكن عليٌّ بعدُ قد تزوّج بفاطمة ولا ولد لهما أولاده. ٢ ص ١١٨ (١).

__________________

(١) منهاج السنة ٤ / ٢٧.

٨٥

وقال في ص ٢٥٠ : أمّا قوله ـ يعنى العلّامة ـ : وأنزل الله فيهم (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) فهذا كذبٌ ، فإنَّ هذه الآية في سورة الشورى وهي مكيَّةٌ بلا ريب ، نزلت قبل أن يتزوَّج عليٌّ بفاطمة ، وقبل أن يولد له الحسن والحسين.

 ـ إلى أن قال ـ : وقد ذكر طائفة من المصنفين من أهل السنّة والجماعة والشيعة من أصحاب أحمد وغيرهم حديثاً عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنَّ هذه الآية لَمّا نزلت قالوا : يا رسول الله مَن هؤلاء؟!.

قال : عليٌّ وفاطمة وابناهما».

وهذا كذبٌ باتِّفاق أهل المعرفة بالحديث ، وممّا يبيِّن ذلك أنَّ هذه الآية نزلت بمكَّة باتِّفاق أهل العلم ، فإنَّ سورة الشورى جميعها مكيّةٌ بل جميع آل حميم كلّهن مكّيّات.

ثمَّ فصَّل تاريخ ولادة السبطين الحسنين إثباتاً لاطِّلاعه وعلمه بالتاريخ (١).

ج ـ لو لم يكن في كتاب الرجل إلّا ما في هذه الجمل من

__________________

(١) المصدر السابق ٤ / ٥٦٢.

٨٦

التدجيل والتمويه على أجر صاحب الرسالة ، والقول المزوَّر ، والفرية الشائنة ، والكذب الصريح ، لكفى عليه عاراً وشنارا.

لم يصرِّح أحدٌ بأنَّ الآية مكيّةٌ فضلاً عن الاتفاق المكذوب على أهل العلم ، وإنّما حسب الرجل ذلك من إطلاق قولهم : إنّ السورة مكية.

فحق المقال فيه ما قدَّمناه ج ١ ص ٢٥٥ ـ ٢٥٨ وفي هذا الجزء ص ٦٩ ـ ١٧١ (١).

ودعوى كون جميع سورة الشورى مكيّةٌ تُكذِّبها استثنائهم قوله تعالى (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) إلى قوله (خَبِيرٌ بَصِيرٌ) وهي أربع آيات. واستثناء بعضهم قوله تعالى (وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ) إلى قوله (مِنْ سَبِيلٍ) وهي عدَّة آيات (٢). فضلاً عن آية المودَّة.

ونصَّ القرطبي في تفسيره ١٦ ص ١ ، والنيسابوري في تفسيره ، والخازن في تفسيره ٤ ص ٤٩ ، والشوكاني في فتح القدير ٤ ص ٥١٠ وغيرهم عن ابن عبّاس وقتادة على أنّها مكيّةٌ إلّا ربع آيات أوَّلها (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً).

وأمّا حديث انَّ الآية نزلت في عليٍّ وفاطمة وابناهما ، وايجاب

__________________

(١) تقدّمت هذهِ الاحالة في الهامش (١) من الصفحة السابقة.

(٢) تفسير الخازن ٥ / ٩٤ ، الاتقان ١ / ٢٧ «المؤلف رحمه‌الله».

٨٧

مودَّتهم بها فليس مختصاً بآية الله العلّامة الحلّي ولا بامته من الشيعة ، بل أصفق المسلمون على ذلك إلّا شذّاذٌ من حملة الروح الأمويَّة نظراء ابن تيمية وابن كثير ، ولم يقف القارئ ولن يقف على شيء من الاتّفاق المكذوب على أهل المعرفة بالحديث. ليت الرجل دلَّنا على بعض من اولئك المجمعين ، أو على شيءٍ من تآليفهم ، أو على نزرٍ من كلماتهم وقد أسلفنا في ج ٢ ص ٣٠٦ ـ ٣١١ ما فيه بلغةٌ وكفايةٌ نقلاً عن جمع من الحفّاظ والمفسِّرين من أعلام القوم وهم :

الإمام أحمد.

ابن المنذر.

ابن أبي حاتم.

الطبري.

الطبراني.

ابن مردويه.

الثعلبي.

ابو عبد الله الملّا.

ابو الشيخ.

النسائي.

الواحدي.

٨٨

ابو نعيم.

البغوي.

البزّار.

ابن المغازلي.

الحسكاني.

محبّ الدين.

الزمخشري.

ابن عساكر.

ابو الفرج.

الحمّويي.

النيسابوري.

ابن طلحة.

الرازي.

أبو السعود.

ابو حيّان.

ابن أبي الحديد.

البيضاوي.

النسفي.

الهيثمي.

ابن الصبّاغ.

٨٩

الكنجي.

المناوي.

القسطلاني.

الزرندي.

الخازن.

الزرقاني.

ابن حجر.

السمهودي.

السيوطي.

الصفوري.

الصبّان.

الشبلنجي.

الحضرمي.

النبهاني (١).

__________________

(١) وإليك مصادر مرويات هؤلاء الاعلام كما احال عليها المؤلف رحمه‌الله :

١ ـ أخرج أحمد في المناقب ، وابن المنذر ، وابن ابي حاتم ، والطبراني ، وابن مردويه ، والواحدي ، والثعلبي ، وابو نعيم ، والبغوي في تفسيره ، وابن المغازلي في المناقب باسانيدهم عن ابن عباس قال : لمّا نزلت هذهِ الآية قيل : يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم؟

فقال : علي وفاطمة وابناهما.

ورواه محب الدين الطبري في الذخائر : ٢٥ ، والزمخشري في الكشاف ٢ /

٩٠

__________________

٣٣٩ ، والحموي في الفرائد ، والنيسابوري في تفسيره ، وابن طلحة الشافعي في مطالب السئول : ٨ وصححهُ ، والرازي في تفسيره ، وابو السعود في تفسيره (هامش الرازي) ٧ / ٦٦٥ ، وابو حيان في تفسيره ٧ / ٥١٦ ، والنسفي في تفسيره ٤ / ٩٩ ، والهيثمي في الجمع ٩ / ١٦٨ ، وابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة : ١٢ ، والحافظ الكنجي في الكفاية : ٣١ ، والقسطلاني في المواهب ، والزرقاني في شرح المواهب ٧ / ٣ و ٢١ ، وابن حجر في الصواعق : ١٠١ و ١٣٥ ، والسيوطي في احياء الميت (هامش الاتحاف) : ٢٣٩ ، والشبلنجي في نور الابصار : ١١٢ ، والصبَّان في الاسعاف (هامش نور الابصار) : ١٠٥.

٢ ـ أخرج الحافظ ابو عبد الله الملّا في سيرته : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ان الله جعل اجري عليكم المودة في أهل بيتي واني سائلكم غداً عنهم.

رواه المحب الطبري في الذخائر : ٢٥ ، وابن حجر في الصواعق : ١٠٢ و ١٣٦ ، والسمهودي في جواهر العقدين.

٣ ـ قال جابر بن عبد الله : جاء اعرابي الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وقال : يا محمد اعرض علي الاسلام فقال : تشهد ان لا اله الا الله ... قال تسألني عليه اجراً؟ قال : لا الّا المودة في القربى ، قال : قرابتي أو قرابتك. قال : قرابتي ...

أخرجه الحافظ الكنجي في الكفاية : ٣١.

٤ ـ أخرج الحافظ الطبري ، وابن عساكر ، والحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل ، بعدّة طرق عن ابي امامة الباهلي قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ان الله خلق الانبياء من اشجار شتى ، وخلقني من شجرة واحدة ... ولو ان عبداً عبد الله بين الصفا والمروة الف عام ثمّ الف عام ثمّ لم يدرك صحبتنا اكبه الله على منخريه في النار ـ ثمّ تلا : «قل لا أسألكم عليه اجراً الّا المودة في القربى».

ذكره الكنجي في الكفاية : ١٧٨.

٥ ـ أخرج أحمد وابي حاتم عن ابن عباس في قوله تعالى : ومن يقترف

٩١

__________________

حسنة. قال المودة لآل محمد.

رواه الثعلبي في تفسيره مسنداً ، ابن الصبّاغ المالكي في الفصول : ١٣ ، وابن المغازلي في المناقب ، وابن حجر في الصواعق : ١٠١ ، والسيوطي في الدر المنثور ٦ / ٧ ، واحياء الميت : ٢٣٩ ، والحضرمي في الرشفة : ٢٣ ، والنبهاني في الشرف المؤبّد : ٩٥.

٦ ـ أخرج ابو الشيخ ابن حبّان في كتابه الثواب من طريق الواحدي عن علي عليه‌السلام. قال : فينا ال حم آية لا يحفظ مودتنا الّا كل مؤمن.

ثمّ قرأ : قل لا اسألكم عليه اجراً الّا المودة في القربى.

ذكره ابن حجر في الصواعق : ١٠١ و ١٣٦ ، السمهودي في جواهر العقدين.

٧ ـ عن ابي الطفيل قال : خطبنا الحسن بن علي بن ابي طالب عليه‌السلام فحمد الله واثنى عليه ، وذكر امير المؤمنين علياً رضى الله عنه ، ثمّ قال ... وانا من اهل البيت الذين افترض الله عزوجل مودتهم وولايتهم. فقال فيما انزل على محمد : «قل لا أسألكم عليه اجراً الّا المودة في القربى ...»

أخرجه البزار ، والطبراني في الكبير ، وابو الفرج في مقاتل الطالبيين ، وابن ابي الحديد في شرح النهج ٤ / ١١ ، والهيثمي في مجمع الزوائد ٩ / ١٤٦ ، وابن الصباغ في الفصول : ١٦٦ ، والكنجي في الكفاية : ٣٢ ، وابن حجر في الصواعق : ١٠١ و ١٣٦ ، والصفوري في نزهة المجالس ٢ / ٢٣١ ، والحضرمي في الرشفة : ٤٣.

٨ ـ أخرج الطبري في تفسيره ٢٤ / ١٦ باسناده عن السدى عن ابي الديلم قال :

لما جيء بعلي بن الحسين (الامام السجاد رضى الله عنه) اسيراً فاقيم على درج دمشق ، فقام رجل من اهل الشام فقال الحمد لله الذي قتلكم ... فقال له علي بن الحسين رضى الله عنه : أقرأت القرآن؟ قال نعم. قال : ما قرأت : قل لا أسألكم عليه اجراً الّا المودة في القربى؟ قال : وانكم لأنتم هم؟ قال نعم.

٩٢

وقول الإمام الشافعي في ذلك مشهورٌ قال :

يا أهل بيت رسول الله حبّكمُ

فرضٌ من الله في القرآن أنزلهُ

كفاكمُ من عظيم القدر انّكم

من لم يصلِّ عليكم لا صلاة لهُ

ذكرهما له ابن حجر في الصواعق : ٨٧ ، الزرقاني في شرح المواهب ٧ ص ٧ ، الحمزاوي المالكي في مشارق الأنوار : ٨٨ ، الشبراوي في الإتحاف : ٢٩ ، الصبّان في الإسعاف : ١١٩.

وقال العجلوني (١) في كشف الخفاء ج ١ ص ١٩ :

__________________

رواه الثعلبي في تفسيره باسناده ، واشار اليه ابو حيّان في تفسيره ٧ / ٥١٦ ، واخرجه السيوطي في الدر المنثور ٦ و ٧ ، وابن حجر في الصواعق ١٠١ و ١٣٦ عن الطبراني ، والزرقاني في شرح المواهب ٧ / ٢٠.

٩ ـ روى الطبري في تفسيره ٢٤ و ١٦ و ١٧ عن سعد بن جبير ، وعمرو بن شعيب انّهما قالا : هي قربى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

ورواه عنهما وعن السدي ابو حيان في تفسيره والسيوطي في الدر المنثور.

وقال ابن حجر في الصواعق : ٨٩ :

أخرج الديلمي عن ابي سعيد الخدري ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : وقفوهم إنهم مسئولون عن ولاية عليّ. وكأن هذا هو مراد الواحدي بقوله : روى في قوله تعالى : وقفوهم انهم مسئولون اي عن ولاية علي واهل البيت لان الله أمر نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله ان يعرّف الخلق بانه لا يسألهم على تبليغ الرسالة اجراً الّا المودة في القربى.

والمعنى : إنهم يُسألون : هل والوهم حق المولاة كما أوصاهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ام أضاعوها وأهملوها؟ فتكون عليهم المطالبة والتبعة. «المؤلف رحمه‌الله».

(١) الشيخ اسماعيل بن محمد العجلوني الجراحي المتوفى ١١٦٢ توجد ترجمته في سلك الدرر للمرادي.

٩٣

وفي هذا مع زيادة قلت :

لقد حاز آل المصطفى أشرف الفخرِ

بنسبتهم للطّاهر الطيِّب الذِّكرِ

فحبّهمُ فرضٌ على كلِّ مؤمن

أشار إليه الله في محكم الذِّكرِ

ومَن يدَّعي مِن غيرهم نسبةً له

فذلك ملعونٌ أتى أقبح الوزرِ

وقد خصَّ منهم نسلٌ زهراء الأشرف

بأطراف تيجانٌ من السندس الخضرِ

ويُغنيهمُ عن لبس ما خصَّهم به

وجوهٌ لهم أبهى من الشمس والبدرِ

ولم يمتنع مِن غيرهم لبس أخضر

على رأي من يعزى لأسيوط ذي الخبرِ

وقد صحَّحوا عن غيره حرمة الّذي

رآه مباحاً فاعلم الحكم بالسبرِ

وأمّا انّ تزويج عليّ بفاطمة عليها‌السلام كان من حوادث العهد المدني ، وقد ماشينا الرجل على نزول الآية في مكّة ، فإنّه لا ملازمة بين إطباق الآية بهما وبأولادهما وبين تقدُّم تزويجهما على نزولها ، كما لا منافاة بينه وبين تأخّر وجود أولادهما على فرضه ، فإنَّ ممّا

٩٤

لا شبهة فيه كون كلّ منهما من قُربى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالعمومة والنبوَّة ، وأمّا أولادهما فكان من المقدّر في العلم الأزليّ أن يخلقوا منهما ، كما انّه كان قد قضى بعلقة التزويج بينهما ، وليس من شرط ثبوت الحكم بملاك عامّ يشمل الحاضر والغابر وجود موضوعه الفعليِّ بل إنَّما يتسرَّب إليه الحكم مهما وُجد ومتى وُجد وأنّى وُجد.

على أنَّ من الممكن أن تكون قد نزلت بمكّة في حجَّة الوداع وعليٌّ قد تزوَّج بفاطمة وولد الحسنان ، ولا ملازمة بين نزولها بمكّة وبين كونه قبل الهجرة.

ويرى الذين أوتوا العلم الَّذي انزل إليك من ربِّك هو الحقّ.

[حديث المؤاخاة]

١٧ ـ قال : أمّا حديث المؤاخاة ـ إنَّ عليّاً واخاه رسول الله ـ فباطلٌ موضوعٌ ، فإنَّ النبيَّ لم يُؤاخ أحداً ، ولا آخى بين المهاجرين بعضهم من بعض ، ولا بين الأنصار بعضهم من بعض ، ولكن آخى بين المهاجرين والأنصار كما آخى بين سعد بنى الربيع وعبد الرحمن بن عوف ، وآخى بنى سلمان الفارسي وابي الدرداء كما ثبت ذلك في الصحيح

٩٥

٢ ص ١١٩ (١).

ج ـ إنَّ حكم الرجل ببطلان الحديث المؤاخاة الثابت بين المسلمين على بكرة أبيهم يكشف عن جهله المطبق بالحديث والسيرة ، أو عن حنقه المحتدم على أمير المؤمنين عليه‌السلام فلا يسعه أن ينال منه إلّا بإنكار فضائله ، فكأنَّه آلى على نفسه أن لا يمرَّ بفضيلة إلّا وأنكرها وفنَّدها ولو بالدعوى المجرّدة.

فقد أوضحنا في ص ١١٢ ـ ١٢٥ أنّ قصة المؤاخاة وقعت بين أفراد الصحابة قبل الهجرة مرّة ، وبين المهاجرين والأنصار بعدها مرّة اخرى ، وفي كلٍّ منهما آخى هو صلى‌الله‌عليه‌وآله أمير المؤمنين عليه‌السلام (٢).

__________________

(١) منهاج السنة ٤ / ٣٢.

(٢) وإليك تلخيص ما مرّ هناك :

آخى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بين أصحابه فآخى بين ابي بكر وعمر ، وفلان وفلان فجاءه علي رضى الله عنه فقال : آخيت بين أصحابك ولم تؤاخ بيني وبين أحد فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنت أخي في الدنيا والآخرة.

ينتهي سند هذا الحديث الى :

امير المؤمنين علي ، عمر بن الخطاب ، أنس بن مالك ، زيد بن ابي أوفى ، عبد الله بن أبي اوفى ، ابن عباس ، مخدوج بن زيد ، جابر بن عبد الله ، ابي ذر الغفاري ، عامر بن ربيعة ، عبد الله بن عمر ، ابي امامة ، زيد بن ارقم ، سعيد بن المسيب.

راجع جامع الترمذي ٢ / ٢١٣ ، مصابيح البغوي ٢ / ١٩٩ ، مستدرك الحاكم ٣ / ١٤ ، الاستيعاب ٢ / ٤٦٠ ، وعدّ حديث المؤاخاة من الآثار الثابتة تيسير

٩٦

__________________

الوصول ٣ / ٢٧١ ، مشكاة المصابيح هامش المرقاة ٥ / ٥٦٩ ، الرياض النضرة ٢ / ١٦٧ ، فرائد السمطين الباب العشرين ، الفصول المهمة : ٢٢ ، ٢٩ ، تذكرة السبط : ١٣ ، ١٥ ، كفاية الكنجي : ٨٢ وقال : هذا حديث حسن عال صحيح ، السيرة النبوية لابن سيد الناس ١ / ٢٠٠ ـ ٢٠٣ وصرّح بان هذهِ هي المؤاخاة قبل الهجرة ، تاريخ ابن كثير ٧ / ٣٣٥ ، اسنى المطالب للجزري : ٩ ، مطالب السئول : ١٨ ، الصواعق : ٧٣ ، ٧٥ ، تاريخ الخلفاء : ١١٤ ، الاصابة ٢ / ٥٠٧ ، المواقف ٣ / ٢٧٦ ، شرح المواهب ١ / ٣٧٣ ، طبقات الشعراني ٢ / ٥٥ ، تاريخ القرماني هامش الكامل ١ / ٢١٦ ، السيرة الحلبية ١ / ٢٣ ، ١٠١ ، وفي هامشها السيرة النبوية لزيني دحلان ١ / ٣٢٥ ، كفاية الشنقيطي : ٣٤ ، الامام علي بن ابي طالب للاستاذ محمد رضا : ٢١ ، الامام علي بن ابي طالب للاستاذ عبد الفتّاح عبد المقصود : ٧٣.

زيد بن أبي أوفى قال : لما آخى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بنى اصحابه وآخى بين عمر وابي بكر ... فقال علي : فعلت باصحابك ما فعلت غيري ... فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ... انت مني بمنزلة هارون من موسى ... وانت أخي ورفيقي ثمّ قال : إخواناً على سرر متقابلين.

مناقب احمد بن حنبل ، الرياض النضرة ٢ / ٢٠٩ ، تاريخ ابن عساكر ٦ / ٢٠١ ، تذكرة السبط : ١٤ ، كنز العمال ٦ / ٣٩٠ ، كفاية الشنقيطي : ٣٥ ، ٤٤.

وقال محمد بن اسحاق : وآخى رسول الله بين أصحابه من المهاجرين والانصار فقال فيما بلغنا ونعوذ بالله ان نقول عليه ما لم يقل : تآخوا في الله أخوين أخوين ، ثمّ أخذ بيد علي بن ابي طالب فقال : هذا أخي.

تاريخ ابن هشام ٢ / ١٢٣ ، تاريخ ابن كثير ٣ / ٢٢٦ ، السيرة الحلبية ٢ / ١٠١ ، الفتاوى الحديثية : ٤٢.

وقال أمير المؤمنين : آخى رسول الله بين عمر وابي بكر ، وبين حمزة بن عبد المطلب وزيد ابن الحارثة ... الى ان قال : وبيني وبين نفسه.

٩٧

وحَسبُ الرجل ما في فتح الباري ٧ ص ٢١٧ للحافظ ابن حجر العسقلاني قال بعد بيان كون المؤاخاة مرَّتين وذكر جملة من أحاديثهما :

وأنكر ابن تيميّة في كتاب الردّ (١) على ابن المطهَّر الرافضي في المؤاخاة بين المهاجرين وخصوصاً مؤاخاة النبيِّ لعليٍّ قال : لأنَّ المؤاخاة شرعت لإرفاق بعضهم بعضاً ، ولتأليف قلوب بعضهم على بعض ، فلا معنى لمؤاخاة النبيِّ لأحدٍ منهم ولا لمؤاخاة مهاجريِّ لمهاجريِّ.

وهذا ردٌّ للنصّ بالقياس ، وإغفالٌ عن حكمة المؤاخاة ، لأنَّ بعض المهاجرين كان أقوى من بعض بالمال والعشيرة والقوى ، فآخى بين الأعلى والأدنى ، ليرتفقن الأدنى بالأعلى ، ويستعين الأعلى بالأدنى ، وبهذا نظر في مؤاخاته لعلّي لأنَّه هو الذي كان يقوم به من عهد الصبا من قبل البعثة واستمرَّ ، وكذا مؤاخاة حمزة وزيد بن حارثة لأنَّ زيداً مولاهم فقد ثبّت أخوَّتهما وهما من المهاجرين ، وسيأتي في عمرة القضاء قول زيد بن حارثة : إنَّ بنت حمزة بنت أخي.

__________________

أخرجه الخليعي في الخليعات ، وسعيد بن منصور في سننه كما في كنز العمال ٦ / ٣٩٤ «المؤلف رحمه‌الله».

(١) وهو كتاب منهاج السنة الذي نتكلم حولهُ «المؤلف».

٩٨

وأخرج الحاكم ، وابن عبد البرّ بسند حسن عن ابي الشعثاء ، عن ابن عبّاس : آخى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بين الزبير وابن مسعود وهما من المهاجرين.

قلت : وأخرجه الضياء في المختارة من المعجم الكبير للطبراني ، وابن تيميّة يصرِّح بأنَّ أحاديث المختارة أصحّ وأقوى من أحاديث المستدرك.

وقصة المؤاخاة الأولى ـ ثمَّ ذكر حديثها الصحيح من طريق الحاكم الذي أسلفناه ـ.

وذكر العلّامة الزرقاني في شرح المواهب ١ ص ٣٧٣ جملةً من الأحاديث والكلمات الواردة في كلتا المرَّتين من المؤاخاة وقال : وجاءت أحاديث كثيرة في مؤاخاة النبيِّ صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي.

ثمَّ أوعز إلى مزعمة ابن تيميّة وردَّ عليه بكلام الحافظ ابن حجر المذكور.

اتّبعوا ما انزل إليكم من ربِّكم ولا تتَّبعوا من دونه أولياء.

[فضائل فاطمة الزهراء عليها‌السلام]

١٨ ـ قال : الحديث الذي ذكر ـ العلّامة ـ عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : انَّ فاطمة أحصنت فرجها فحرَّمها الله

٩٩

وذرِّيّتها على النّار. كذبٌ باتِّفاق أهل المعرفة بالحديث.

ويظهر كذبه لغير أهل الحديث ايضاً فإنَّ قوله : إنّ فاطمة أحصنت فرجها ... باطلٌ قطعاً فإنَّ سارة أحصنت فرجها ولم يحرِّم الله جميع ذرِّيَّتها على النار ، وايضاً فصفيّة عمّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أحصنت فرجها ومن ذرّيَّتها محسنٌ وظالمٌ.

وفي الجملة : اللواتي حصين فروجهنّ لا يُحصي عددهنَّ إلّا الله ، ومن ذريَّتهنّ البرّ والفاجر والمؤمن والكافر.

وايضاً ففضيلة فاطمة ومزيَّتها ليست بمجرّد إحصان الفرج فإنَّ هذا تشارك فيه فاطمة وجمهور نساء المؤمنين ٢ ص ١٢٦ (١).

ج ـ عجباً لهذا الرجل وهو يحسب أنَّ الإجماعات والاتِّفاقات طوع إرادته ، فإذا لم يرقه تأويل آية أو حديث أو مسألة أو اعتقاد يقول في كلٍّ منها للملأ العلمي : اتَّفقوا ، فتُلبِّيه الأحياء والأموات ، ثمَّ يحتجُّ باتِّفاقهم.

__________________

(١) منهاج السنة ٤ / ٦٢ ـ ٦٣.

١٠٠