صورة الأرض - ج ١

أبي القاسم بن حوقل النصيبي

صورة الأرض - ج ١

المؤلف:

أبي القاسم بن حوقل النصيبي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار صادر
المطبعة: مطبعة بريل
الطبعة: ٢
الصفحات: ٢٥٠
الجزء ١ الجزء ٢

يضرّ فيها التمساح كعدوة بوصير والفسطاط ، ولعين شمس الى ناحية الفسطاط نبت يزرع كالقضبان يسمّى البلسم يتّخذ منه دهن البلسان لا يعرف بمكان من الأرض إلّا هناك ويؤكل لحاء هذه القضبان فيكون له طعم صالح وفيه حرارة وحروفة لذيذة ، وشبروا (١) ضيعة فى وقتنا هذا جليلة فى محلّ مدينة يعمل فيها شراب العسل عند زيادة النيل فلا يخالط العسل والماء ثالث من خلط وهذا الشراب مشهور فى جميع الأرض لذّته ومحلّ نشوته وخمر رائحته ، والى جانبها قرية تعرف بدمنهور ويعمل بها بعض ما يعمل بشبروا وجميع مالها للسلطان ، وفاقوس وجرجير مدينتان من أرض الحوف والحوف ما كان من النيل أسفل الفسطاط وما كان من النيل جنوبيّه يعرف بالريف ، ومعظم رساتيق مصر وقراها فى الحوف والريف ،

(٣٢) وأهلها نصارى قبط ولهم البيع الكثيرة الغزيرة الواسعة وقد خرب منها الكثير العظيم وفيهم قلّة شرّ إلّا مع عمّالهم والمتقبّلين لنواحيهم وكان فيهم أهل يسار وذخائر وأموال واسعة وصدقات ومعروف وأدركت من اليسار فيهم والمعروف منهم على المسلمين ما يطول شرحه ولم يك بشىء من البلدان ما يقاربه أو يدانيه ، ومن أولاد القبط غيلان أبو مروان رئيس الغيلانيّة فرقة من الشيعة وآسية بنت مزاحم ومارية أمّ إبراهيم ابن نبيّنا عليه‌السلام وهاجر أمّ إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلم ، وربّما ولدت المرأة [القبطيّة الولدين والثلاثة والأربعة فى بطن واحد بحمل واحد وليس ذلك](٢) بمكان ولا فى شىء من البلدان ولا ذلك بالخصوص بل ربّما جرى فى السنة دفعات وذلك أنّ ماءهم على قولهم أنيث يريدون ماء النيل وفيه (٣) خاصّيّة لذلك على قولهم ، وممّا يقارب ذلك وليس بالمنتشر العلم ولا فى جميع الأقطار أنّ غنم تركستان تلد الشاة فى

__________________

(٤) (شبروا) ـ حط (شبرة) ، (٢٠) (١٩ ـ ٢٠) [القبطيّة ... ذلك] مستتمّ عن حب وتوجد فى حط فقرة مشاكلة لذلك ، (٢٢) (وفيه) ـ (وفيها) ،

١٦١

السنة ستّة وسبعة رؤوس من الحملان والمعز كما تلد الكلبة وأكثر أهل تركستان وبلاد خوارزم يذبحون ما زاد على الاثنين من أولاد الغنم وينتفعون بجلودها وذلك أنّ جلودها حمر قانئة الصبغ يباع الجلد منها من ربع دينار الى دينارين وأكثر وأقلّ حسب صبغته ويكون فيها أيضا جلود سود فيبلغ الجلد لنقائه وحلوكته وحسنه الدنانير الكثيرة وربّما كان فيما ابيضّ من جلودها ما يعمل منه أغشية للسروج فى غاية البياض وله أيضا [٤٨ ب] ثمن صالح ومنها مقاربة يباع عشرة جلود بدرهم ، وسألت عن علّة ذلك أبا إسحاق إبراهيم بن البتكين الحاجب فقال إنّ أغنامهم ترعى نهارا وتنفش ليلا فقواها زيادة وما ترعاه صحيح ملائم لها وهذا كما يذكره الخراسانيّون أنّ هواءهم يغذو (١) حيوانهم ويزيد فى صحّتهم (٢) وينقى أبشارهم ويدفع عنهم الأمراض والأعلال صحّة مياههم وهذا ما لا يحتاجون معه الى دليل غير المشاهدة فإنّها تعرب عن صدقهم ويشهد لهم العيان بذلك ،

(٣٣) ومعادن الذهب فى حدود البجة (٣) ومستحقّ المكان من الإقليم الثانى من قسمة الفلك وكذلك التبر فى جميع الأرض فهو بالإقليم الأوّل والثانى إلّا ما بالجوزجان منه فإنّه شىء تافه يسير ولا أعرف العلّة فيه ويقال أنّ أرض عيذاب (٤) من البجة وهى من مدن الحبشة وأرض المعدن مبسوطة لا جبل فيها وهى رمال ورضراض ومجمع تجارات أهل المعدن بالعلاقىّ وليس للبجة قرى ولا خصب وهم بادية يقتنون النجب وليس فى النجب أسير من نجبهم ورقيقهم ونجبهم وسائر ما بأرضهم يقع الى مصر فى جملة التجّار المصريّين أو ما قدم به بعضهم ، (٣٤) وبمصر بغال وحمير لا يعرف فى شىء من بلدان الإسلام والكفر

__________________

(١٠) (يغذو) ـ (يغذوا) ، (١١) (صحّتهم) ـ (صحّة) ، (١٤) (ومعادن ... البجة) يوجد مكان ذلك فى حط (فأمّا معدن الذهب فمن اسوان اليه خمسة عشر يوما والمعدن ليس فى أرض مصر ولكنّه فى أرض البجة) ، (١٧) (عيذاب) ـ (عيداب) ،

١٦٢

أسير منها ولا أحسن ولا أثمن غير أنّها مخطفة الخلق غير عبلة الأبدان ولا رطبة الجسوم وقد تجلب الى بعض الأماكن فتتغيّر وتمتلئ أبدانها وهى الغاية فى سرعة السير وحسن المشى والوطأة ، ولهم من وراء اسوان حمير صغار فى مقدار الكباش الكبار ملمّعة الجلود يشبه تلميعها جلود البقر وقد يكون منها الأصفر المدنّر والأشهب المدنّر فتكون فى غاية الحسن وإذا أخرجت من مواضعها وبلادها لم تعش ولهم حمير تعرف بالسفلاقيّة (١) وكانت فرش الصعيد وأرض مصر والبجة فقلّت زعموا أنّ أحد أبويها وحشىّ والآخر أهلىّ فهى أسير حميرهم ،

(٣٥) فأمّا ارتفاع مصر وقتنا هذا وما صارت اليه جباياتها ودخلها فسآتى به وقد ذكرت ذلك فيما سلف [ووقتنا هذا كأرزح الأوقات جباية فإنّه على غاية الصون من دخول المطامع عليه وحذف ما كان يرتفق به الجباة والمقاطعون](٢) وقد جبيت سنة تسع وخمسين وثلثمائة على يد أبى الحسن جوهر صاحب أهل المغرب (٣) وهى السنة الثانية من دخوله اليها ثلثة آلف ألف دينار وفوق أربع مائة (٤) ألف دينار ، [وذلك أنّهم كانوا فيما سلف من الزمان يؤدّون عن الفدّان ثلاثة دنانير ونصفا وزائدا عن ذلك القليل الى نقص يسير فقبض منهم فى هذه السنة المذكورة عن الفدّان سبعة دنانير ولذلك ما انعقد هذا المال بهذا الوفور،](٥) وأمّا أخرجة مصر فقبالة تقع (٦) على كلّ فدّان مقاطعة (٧) ويعطى (٨) الأكرة على ذلك مناشير ووثائق لكلّ ناحية على المساحة والفدّان بشىء معلوم ويؤدّون ذلك نحو ما على ما قدّمت ذكره من الثمن أوّلا ثمّ إتمام الربع ثانيا ثمّ

__________________

(٦) (بالسفلاقيّة) ـ حط (بالسقلاقية) ، (١٢) (١٠ ـ ١٢) [ووقتنا ... والمقاطعون] مأخوذ من حط ،

(١٣) (صاحب أهل المغرب) ـ حط (عبد أمير المؤمنين المعزّ لدين الله) ، (١٤) (وفوق أربعة مائة) ـ حط (ومائتى) ، (١٧) (١٤ ـ ١٧) [وذلك ... الوفور] مأخوذ من حط ويفقد فى حط كلّ ما يلى ذلك ، (١٨) (تقع) ـ (يقع) ، (١٩) (مقاطعة) ـ (مقاطعة) ، (٢٠) (ويعطى) ـ (و؟؟؟) ،

١٦٣

مطالبة بالثمن الثالث واستيفاء من بعد تمام النصف من مال (١) الخراج فى شهر برموده ، ومطالباتهم بالنجوم [٤٩ ظ] ليرتفقوا فى المعاملة بجميل السيرة ولا يلحقهم عنف ولا ينالهم مضايقة ولا رهق من الأذيّة عن سائر ما يزرعونه وليس هذه سنن إسلاميّة بل هى أوضاع توخّتها الفراعنة ليؤدّى الأكرة من الأرزّ فى الحنطة والشعير ومن الحنطة والشعير فى القصب والكتّان ،

__________________

(١) (مال) ـ (ما) ،

١٦٤

[الشأم]

(١) وأمّا الشأم فإنّ غربيّها بحر الروم وشرقيّها البادية من ايلة الى الفرات ثمّ من الفرات الى حدّ الروم وشماليّها بلاد الروم وجنوبيّها مصر وتيه بنى إسرائيل وآخر حدودها ممّا يلى مصر رفح وممّا يلى الروم الثغور المعروفة كانت قديما بثغور الجزيرة وهى ملطيه والحدث (١) ومرعش والهارونيّة والكنيسة وعين زربة والمصّيصة واذنه (٢) وطرسوس [هذا فى زمانه وأمّا فى زماننا هذا فإنّ شماليّها الى طرف بحر طرابزون والخزر بيد المسلمين قد افتتح الكثير منها فى تأريخ ثمانين وخمس مائة والحمد لله ربّ العالمين ،](٣) والذي يلى المشرقىّ والمغربىّ فالنواحى (٤) التى قدّمت ذكرها فى تصوير الشأم وفى إعادتها تطويل ،

(٢) وهذه الصورة التى فى باطن هذه الصفحة صورة الشأم ،

[٤٩ ب]

إيضاح ما يوجد فى صورة الشأم من الأسماء والنصوص ،

قد كتب فى النصف الأيمن من الصورة موازيا لساحل بحر الروم الساحل وعليه من المدن ابتداء من الأعلى الفرما (٥) ، ميماس ، تبدا ، عسقلان ، الماحوز (٦) ، يافا ، قيساريه ، عكا ، اسكندريه ، صور ، عذنون ، صرفنده ، صيدا ، الجيه ، الناعمه ، بيروت ، جونيه ، الماحوز (٧) ، جبيل ، بثرون ، انفه ، القلمون ، اطرابلس ، انطرطوس ، مراقيه ، بلنياس ، جبله ، اللاذقيه (٨) ، فاسره ، السويديه ، الصخره ، الاسكندرونه (٩) ، بياس ، وفى أسفل الصورة ينصبّ

__________________

(٥) (والحدث) ـ (و؟؟؟) ، (٦) (واذنه) ـ (وارته) ، (٨) (٦ ـ ٨) [هذا ... العالمين] من مضافات حب ١٥ ظ ، (٩) (فالنواحى) ـ (والنواحى) ، (١٤) (الفرما) قد قطع أعلاه ، (١٥) (الماحوز) ـ (الماحون) ، (١٦) (الماحوز) ـ (الماحون) ، (١٧) (اللاذقيه) ـ (؟؟؟) ، (١٨) (الاسكندرونه) ـ (الاسكندريه) ،

١٦٥

فى البحر ثلثة أنهار عليها من المدن كفربيا ، المصيصه ، عين زربه ، اذنه ، طرسوس ، ورسمت فى البحر ثلث مدن وهى الكنيسه ، ارسوف ، نسدين (١) ، وكتب فى البرّ عن يسار فيساريه وعكا وبينهما حيفه والقصور المضافة الى حيفه ، وتوازى الساحل سلسلة جبليّة وكتب فى أعلى الساحة التى بينها والبحر نواحى مصر ومغرب الشام وبلد فلسطين وفى هذا القسم مدينتا الرمله وكفر سابا (٢) ، ثمّ يليهما الى الأسفل اتّصالا للجبل بانياس ، اقذار ، عرقه ، حصن برزويه ، بغراس ، الهارونيه ، الكنيسه ، وبين حصن برزويه والصخرة نهر وكتب فى أسفل هذا القسم شمال الشام ،

وكتب فى الجانب الأيسر من الجبل عند أعلاه جبل طور سينا وعن يسار ذلك تيه بنى اسرائيل ، وعن يسار ذلك مدينة القلزم وبحر القلزم ومن أسفل ذلك جنوب الشام ، وكتب من طرفى هذا القسم الأعلى من الجبل آخر مخطوط فلسطين وفيه مدينتا بيت ابراهيم وبيت المقدس ومن أسفلهما نابلس ، ثمّ بحيرة طبريه ونهر الاردن الذي يفضى الى بحيرة زغر وعليها مدينة زغر ، وكتب عند الجبل فيما يسامت بانياس جبل لبنان وتقابله فى البرّ مدينة دمشق وبين دمشق وزغر من المدن البلقا ، رقم ، رواث ،

وكتب عند القسم الأوسط من الجبل جبل بهرا وهنا مدينة حمص وبين حمص ودمشق طريق عليه من المدن جوسيه ، اللبوه ، بعلبك ، الزبدانى ، ومن أسفل حمص مدينة فاميه ، ثمّ كتب عند القسم التالى من الجبل جبل السماق وقرب ذلك مدينة انطاكيه ويأخذ منها طريق الى حلب ثمّ الى بالس على نهر الفرات ، وعلى الطريق من حلب الى حمص من المدن قنسرين ، كفرطاب ، شيزر ، حماه ، وبين شيزر وانطاكيه مدينتا معره النعمن ومعره مصرين ، وكتب على خطّ مستطيل من بالس الى القلزم حدّ الشام وعليه من المدن الرصافه ، الخناصره ، تدمر ، سلميه ، معان ، وتحت الخطّ هذه صورة الشام وذلك عنوان الصورة وعن يسار ذلك نواحى ديار العرب والبادية ، وعلى نهر الفرات من جانبه الأيسر الرافقه ، الرقه ، الجسر ، جربلص وكتب وراء ذلك مشرق الشام ، وبين حلب وجربلص مدينه منبج ثمّ على ضفّة الفرات من هذا الجانب سميساط ، ملطيه (٣) وعن يمينهما شمشاط ، ويأخذ من شمشاط طريق الى الجبل وعليه

__________________

(٢) (نسين) أو (نسديز) ، (٥) (كفرسابا) ـ (كفرطاب) ، (٢٥) (ملطيه) ـ (؟؟؟) ،

١٦٦

١٦٧

دلوك (١) ، رعبان (٢) ، مرعش ، بوقا وأسفل بوقا مدينة الحدث ، واسم الجبل فى هذا القسم جبل اللكام ثمّ كتب فى أسفل الصورة نواحى بلد الروم ،

(٣) [٥٠ ظ] قد جمعت الثغور الى الشأم وبعض الثعور كانت تعرف بثغور الشأم وبعضها تعرف بثغور الجزيرة وكلّها من الشأم وذلك أنّ كلّما كان وراء الفرات فمن الشأم وإنّما سمّى من ملطيه الى مرعش (٣) ثغور الجزيرة لأنّ أهل الجزيرة بها كانوا يرابطون ويغزون لا أنّها من الجزيرة وأعمالها ، وكور الشأم فهى جند فلسطين وجند الأردنّ وجند دمشق وجند حمص وجند قنّسرين والعواصم والثغور ، وبين ثغور الشأم وثغور الجزيرة جبل اللكام وهو الفاصل بينهما وجبل اللكام جبل داخل فى بلد الروم ومتّصل بجميع جبال بلاد الروم [ويقال أنّه ينتهى الى حدّ مائتى فرسخ](٤) ويظهر فى الإسلام ما ظهر منه بين (٥) مرعش والهارونيّة وعين زربة فيسمّى اللكام الى أن يجاوز اللاذقيّة ثمّ يسمّى جبل بهراء وتنوخ الى حمص ثمّ يسمّى جبل لبنان ثمّ يمتدّ على الشأم حتّى ينتهى الى بحر القلزم من جهة ويتّصل بالمقطّم من أخرى ،

(٤) وهو جبل على وجه الأرض أوّله بالمشرق من بلد الصين خارجا من البحر المحيط على وخان من نواحى خمدان فيقطع بلاد التبّت [لا فى وسطها بل](٦) على مغاربها ومشارق بلاد الخرلخيّة الى أن يأتى من حدود الإسلام فرغانه فتمرّ منه قطعة الى الجنوب من فرغانه وقطعة الى الشمال ويمرّ صدر هذا الجبل على فرغانه الى جبال البتم (٧) وعلى جنوب اشروسنه (٨) فتكون جبال البتم (٩) منه وشرب سمرقند ومياهها منه ثمّ يأخذ الى سمرقند من جنوبها أيضا فيمرّ الى نسف على شمال السغد الى كش (١٠) ونسف ونواحى

__________________

(١) (دلوك) ـ كأنّه (دلول) ، (٢) (رعبان) ـ (رعيان) ، (٥) (مرعش) ـ مرعس) ، (١١) (١٠ ـ ١١) [ويقال ... فرسخ] مأخوذ من حط ، (١٢) (بين) كما فى حط وصط وفى الأصل (من) ، (١٧) (١٦ ـ ١٧) [لا ... بل] مستتمّ عن حط ، (١٩) (البتم) ـ (التيم) ، (٢٠) (اشروسنه) ـ (اشنوسنه) ، (٢١) (البتم) ـ (؟؟؟) ، (٢٢) (كش) ـ (كس) ،

١٦٨

زم فيقطعه نهر جيحون ويمضى فى وسطه بين شعبتين منه وكأنّه قطع ليستمرّ الماء فى وسطه ويجتاز على البلاد التى هندس مضيّه اليها ويستمر الجبل الى الجوزجان ويأخذ على الطالقان الى أعمال مرو الروذ الى طوس فيكون جميع مدن طوس فيه ومنه الى نيسابور ويكون نيسابور فى سفحه على غربه وهو شرقها ويتّصل به جبال جرجان وطبرستان الى الرىّ من شماله وهو آخذ من نيسابور الى الرىّ عن يمين (١) القاصد من خراسان الرىّ (٢) فيكون الرىّ فى سفحه ومن غربيّه ويتّصل من هناك بجبال الجيل والديلم وبجبال اذربيجان والقبق واللّان وبلد الروم ويتّصل من جنوبه بجبال اصبهان وشيراز الى أن يصل الى بحر فارس ولا يزال يساير الطالب من الرىّ العراق عن يمينه الى حلوان على همذان وقرميسين وحلوان أوّل (٣) حدود العراق وينعطف هذا الجبل عن فرسخ من حلوان عن طريق العراق عادلا عن سمت المغرب الى الشمال فيمضى على سهرورد (٤) وشهرزور الى أن يأتى الى دجلة بنواحى تكريت فيكون منه جبل بارمّا الذي عن شرقىّ دجلة وجبل الشقوق الذي عن غربيّها ويصعد من ناحية بارمّا فيكون منه جبلا زينا (٥) وزامر اللذان [٥٠ ب] فى شرقىّ حديثة الموصل ويمرّ على حياله يساير دجلة فمرّة يقرب وتارة يبعد الى الجبل المعروف من فيشابور بجبل ثمنين الى جبل الجودىّ مارّا الى آمد وينشعب منه جبال الداسن وجبال ارمينيه الخارجة [المتّصلة](٦) بجبال ارمينيه الداخلة التى اتّصلت بجبال اذربيجان وطبرستان وهى جبال تتّصل بجبل القبق من باب الأبواب فى شمال بحيرة الخزر الى بلاد ياجوج وماجوج ، ولا يزال هذا الجبل يستمرّ من أعمال آمد [وميّافارقين](٧) ونواحى دجلة الى الفرات فيكون سميساط فيه ويتّصل بحدود مرعش التى

__________________

(٦) (يمين) ـ (يمينة) ، (٧) (الرىّ) مكان ذلك فى حط (للعراق) ، (١١) (أوّل) ـ (وا) ، (١٣) (سهرورد) ـ (شهرورد) ، (١٥) (زينا) ـ (زبنا) وفى حط (زينى) ، (١٨) [المتّصلة] مستتمّ عن حط ، (٢١) [وميّافارقين] مأخوذ تابعا لحط من حب ١٥ ب ،

١٦٩

ما ابتدأت ذكره منها الى أن وصّلته الى بيت المقدس من جبل لبنان ، ثمّ يمرّ على يسار الذاهب من الرملة الى الفسطاط الى المقطّم ولا يزال الى آخر الصعيد الأعلى ويتّصل بجبال النوبة من جنبتى النيل الى قلعيب من جانب النيل الشرقىّ والى جبل القمر من جانب النيل الغربىّ ويقطع النيل شعبتين منه بنواحى الفيّوم وليست بمضيق كالمضيقين اللذين ذكرتهما للنيل بأعلى الصعيد تجاه بحيرة اقنى وتنهمت فيمضى الشعبة الغربيّة بين الباطن وظاهر الشنوف الى جبل برقة وتكون عقبة برقة التى فى مغرب رمادة منه ولا يزال ماضيا فى وسط البرّ يراه من أخذ الطريق العالية الى قبلة برقة ويمتدّ على حاجز أعمال أجدابيه وسرت على صدر جبل نفوسه فيصير عند بلوغه الى نفزاوه جبال رمال سامقة شاهقة لا تتوقّل ولا تصعد إلّا بشدّة ويضرب عرق منه من جبل برقة فى باطن البرّ الى فزان وعلى زويله راجعا الى القبلة ، ثمّ لا يزال هذا الجبل يظهر فى مواضع (١) مستحجرا وفى مواضع جبال رمل ودهس الى سجلماسه ويغوص (٢) فى تلك البرارىّ على ما ذكر سالكوها الى اودغست والبحر المحيط وأظنّه كقولهم ولم أشاهده بكلّيّته وشاهدت البعض منه كما يوجبه ما تواطأت (٣) عليه الأخبار من ثقات أهل الناحية ورؤساء (٤) الأدلّاء بها وفيها وسائر ما وصلته من أخباره وقصصته من أنبائه وآثاره فبالمشاهدة منّى لذلك والمعاينة لأشكالها ،

(٥) وأمّا جند فلسطين وهو أوّل أجناد الشأم ممّا يلى المغرب فإنّه تكون مسافته للراكب طول يومين من رفح الى حدّ اللجون وعرضه من يافا الى ريحا مسيرة يومين ، ونواحى زغر وديار قوم لوط والشراة والجبال فمضمومة الى هذا الجند وهى منها فى العمل الى ايلة ، وديار قوم لوط والبحيرة الميّتة وزغر (٥) الى بيسان وطبريّة يسمّى الغور لأنّها بين جبلين وسائر مياه بلاد الشأم يقع اليها وبعضها من الاردنّ وبعضها من فلسطين ،

__________________

(١٣) (وفى مواضع) ـ (وفى موضع) ، (١٤) (ويغوص) ـ (ويغوض) ، (١٥) (تواطأت) ـ (تواطت) ، (١٦) (رؤساء) ـ (رسآء) ، (٢٣) (وزغر) ـ (وزغر) ،

١٧٠

ونفس فلسطين هو ما ذكرته ومياه فلسطين من الأمطار والطلّ وأشجارها وزرعها أعذاء بخوس لا سقى فيها إلّا نابلس [٥١ ظ] فيها مياه جارية ، وفلسطين أزكى بلدان الشأم ريوعا (١) ومدينتها العظمى الرملة وبيت المقدس تليها فى الكبر وهى مدينة مرتفعة على جبال يصعد اليها من كلّ مكان يقصدها القاصد من فلسطين وببيت المقدس مسجد ليس فى الإسلام مسجد أكبر منه وله بناء فى قبلته مسقّف فى زاوية من غربىّ المسجد ويمتدّ هذا التسقيف على نصف عرض المسجد والباقى من المسجد خال لا بناء فيه إلّا موضع الصخرة فإنّ هناك حجرا مرتفعا كالدكّة عظيم كبير غير مستو (٢) وعلى الصخرة قبّة عالية مستديرة الرأس قد غشّيت بالرصاص الغليظ السمك وارتفاع هذه الصخرة من الأرض التى تعرف بصخرة موسى تحت هذه القبّة الى صدر القائم وطولها وعرضها متقارب وعليها حصار حائط ملوّح ويكون نصف قامة ومساحة الحجر بضع عشرة ذراعا فى مثلها وينزل الى باطن هذه الصخرة بمراق من باب يشبه السرداب الى بيت يكون طوله نحو خمس أذرع فى عشر لا بالمرتفع ولا بالمستدير ولا بالمربّع وسمكه فوق القامة ، وليس ببيت المقدس ماء جار سوى عيون لا ينتفع الرزوع بها وعليها شجيرات وهى من أخصب بلاد فلسطين على مرّ الأوقات ، وفى سورها (٣) موضع يعرف بمحراب داؤود النّبيّ عليه السلم وهو بنية مرتفعة ارتفاعها نحو خمسين ذراعا من حجارة وعرضها نحو ثلثين ذراعا بالحزر وبأعلاه بناء كالحجرة وهو المحراب الذي ذكره الله تعالى بقوله وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوّروا المحراب ، (٤) وإذا وصلت الى بيت المقدس من الرملة فهو أوّل ما يلقاك وتراه من بيت المقدس وبمسجدها لعامّة الأنبياء آثار ومحاريب معروفة ، ولبيت المقدس بناحيه الجنوب منه على ستّة أميال قرية تعرف ببيت لحم (٥) وبها مولد عيسى عليه السلم ويقال أنّ

__________________

(٣) (ريوعا) ـ (ريوغا) ، (٩) (٨ ـ ٩) (عظيم كبير غير مستو) ـ (عظيمة كبيرة غير مستوية) ، (١٧) (وفى سورها) ـ حط (وفى المسجد) ، (٢٠) (وهل ... المحراب) سورة ص (٣٨) الآية ٢٠ ، (٢٣) (ببيت لحم) ـ (ببيت لخم) ،

١٧١

فى بيعة منها بعض النخلة التى أكلت منها مريم وهى مرفوعة عندهم يصونونها ، ومن بيت لحم (١) على سمته أيضا فى الجنوب مدينة صغيرة كالقرية تعرف بمسجد إبراهيم عليه السلم وبمسجدها المجتمع فيه للجمعة قبر إبراهيم وإسحاق ويعقوب عليهم السلم صفّا وكلّ قبر من قبورهم تجاهه قبر امرأة صاحبه وهذه المدينة والناحية فى وهدة بين جبال كثيفة (٢) الأشجار ، وأشجار هذه الجبال وأكثر جبال فلسطين زيتون وتين وجمّيز (٣) الى سائر الفواكه والفواكه أقلّها ويرى أهل مصر أنّها مضافة اليهم (٤) ، ونابلس مدينة السامريّة ويزعم أهل بيت المقدس أن ليس بمكان من الأرض سامرىّ إلّا منها أصله وبالرملة منهم نحو خمس مائة مجزىّ (٥) ، وآخر مدن فلسطين ممّا يلى جفار مصر مدينة يقال لها غزّة وبها قبر أبى نضلة هاشم بن عبد مناف سيّد قريش أجمع وبها مولد محمّد بن إدريس الشافعىّ أبى عبد الله الفقيه النبيل رحمه‌الله [وقبره بالفسطاط](٦) ومنها أيسر عمر بن الخطّاب فى الجاهليّة لأنّها كانت مستطرقا لأهل الحجاز وكان عمر بها مبرطسا ، [٥١ ب] وبفلسطين نحو عشرين منبرا على صغر موقعها ولا أحيط بأجمعها وهى من أخصب البلاد واليها أشار الله تعالى اسمه بقوله فى البركة سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله(٧) ،

(٦) (٨) والذي أدركت عليه عقود فلسطين والأردنّ أيّام أبى المسك كافور رحمه‌الله والمتّلى لها من قبله فى سنى سبع وثمان وتسع وثلثين الى سنى ثمان وتسع وأربعين حينا محلولة وحينا معقودة أبو منصور أحمد بن

__________________

(٢) (لحم) ـ (لخم) ، (٥) (كثيفة) ـ (؟؟؟) ، (٦) (وجمّيز) ـ (وجمّين) وفى حب مكان ذلك (وخرنوب) ، (٧) (ويرى ... اليهم) يوجد فى حب بعد (أصله) فى ـ ٩٠ ، (٩) (مجزىّ) ـ (مجرى) ، (١٢) [وقبره بالفسطاط] مأخوذ من حط ، (١٧) (١٥ ـ ١٧) (سبحان ... حوله) سورة الإسراء (١٧) الآية ١ ، (١٨) تفقد القطعة (٦) فى حط ويوجد فى حب مكانه (وأمّا جباية فلسطين فى زمان المؤلّف وذلك بتأريخ أربعمائة للهجرة خمس مائة ألف دينار وكذلك جباية دمشق وأعمالها) ،

١٧٢

العبّاس بن أحمد وأبو عبد الله بن مقاتل وأبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق وقد عقدت على خزرون حينا بخمس مائة ألف دينار ، وكذلك جند دمشق فعقدت على خزرون وعلى أبى الحسن علىّ بن محمّد بن جانى (١) وعلى ابن مالك (٢) فكانت تكون فى يد كلّ واحد منهم سنين بخمس مائة ألف دينار ، وكان كافور له فى تغطرسه منزلة لا يزيد عليها وهو أن إذا عقد على بعض عمّاله أو ألجأ عليه شيئا من أعماله طالبه قبل وجوب المال عليه بشىء منه على طريق القرض منه وكانوا بحسن نظره لهم أغنياء أملياء ويحتسب بذلك لهم ممّا تحت أيديهم ويجب عليهم ، ولم يعقد بمصر فى وقته على أحد من أوليائه عقد تدبير إلّا وربح فيه مثله من حيث يعلمه ويتقرّره (٣) ويقول إذا لم يختصّ الأولياء بالنعم صارت الى الأعداء عند الأخذ بالكظم فهم صنائعى وأولادى ،

(٧) والجبال والشراة فناحيتان متميّزتان أمّا الشراة فمدينتها اذرح والجبال مدينتها رواث وهما بلدان فى غاية الخصب والسعة وعامّة سكّانهما العرب متغلّبون عليها ،

(٨) وأمّا الأردنّ فمدينتها الكبرى طبريّة وهى على بحيرة غذبة الماء طولها اثنا عشر فرسخا فى عرض فرسخين أو ثلثة وبها عيون جارية حارّة ومستنبطها على نحو فرسخين من المدينة فإذا انتهى الماء الى المدينة على ما دخله من الفتور بطول السير إذا طرحت فيه الجلود تمعّطت لشدّة حرّه ولا يمكن استعماله إلّا بمزاج ويعمّ هذا الماء حمّاماتهم وحياضهم ، والغور مع أوّل هذه البحيرة ثمّ يمتدّ على بيسان حتّى ينتهى الى زغر ويرد البحيرة الميّتة والغور ما بين جبلين غائر فى الأرض جدّا وبه فاكهة وأب ونخيل وعيون وأنهار ولا يسقط به الثلوج وبعض الغور من حدّ الأردنّ الى أن يجاوز بيسان فإذا جاوزه كان من حدّ فلسطين وهذا البطن إذا امتدّ فيه السائر أدّاه الى ايلة ، وكأنّ الغور (٤) من بين البلاد لحسنه وتبدّد

__________________

(٣) (جانى) ـ (؟؟؟) ، (٤) (ابن مالك) ـ (بن مالك) ، (١٠) (ويتقرّره) ـ (و؟؟؟) ، (٢٤) (وكأنّ الغور) ـ (وكان الغور) ،

١٧٣

نخيله وطيبه ناحية من نواحى العراق الحسنة الجليلة ، ومدينة صور من أحصن الحصون التى على شطّ البحر عامرة خصبة ويقال إنّه أقدم بلد بالساحل وإنّ عامّة حكماء اليونانيّة منها ، وبالأردنّ كان مسكن يعقوب النّبيّ عليه السلم وجبّ يوسف على اثنى عشر ميلا (١) من طبريّة ممّا يلى [٥٢ ظ] دمشق وجميع مياه طبريّة فمن بحيرتها ،

(٩) وأمّا جند دمشق فقصبتها دمشق وهى أجلّ مدينة بالشأم فى أرض مستوية قد دحيت بين جبال تحتفّ بها الى مياه كثيرة وأشجا وزروع قد أحاطت بها متّصلة وتعرف تلك البقعة بالغوطة عرضها مرحلة فى مرحلتين وليس بالشأم (٢) مكان أنزه منها ومخرج مائها من تحت بيعة تعرف بالفيجة (٣) [مع ما يأتى اليه من عين بردى من جبل سنير](٤) وهو أوّل ما يخرج مقدار ارتفاع ذراع فى عرض باع ثمّ يجرى فى شعب تتفجّر فيه العيون فيأخذ منه نهر عظيم أجراه يزيد بن معوية يغوص الرجل فيه عمقا ثمّ ينبسط منه نهر المزة (٥) ونهر القناة ويظهر عند الخروج من الشعب بموضع يقال له النيرب ويقال أنّه المكان الذي عناه الله تعالى [بقوله](٦) وآويناهما الى ربوة ذات قرار ومعين ثمّ ينقل من هذا الماء عمود النهر المسمّى بردا وعليه قنطرة فى وسط مدينة دمشق لا يعبره الراكب غزر ماء وكثرة فيفضى الى قرى الغوطة ويجرى الماء فى عامّة دورهم وسككهم وحمّاماتهم ، وبها مسجد ليس فى الإسلام أحسن منه ولا أقين (٧) بقعة فأمّا الجدار والقبّة التى فوق المحراب عند المقصورة فمن أبنية الصابئين وكان مصلّاهم ثمّ صار فى أيدى اليونانيّين وكانوا يعظّمون فيه دينهم ثمّ صار (٨) لليهود وملوك من عبدة الأصنام والأوثان وقتل فى ذلك

__________________

(٤) (ميلا) تابعا لحط وفى الأصل (فرسخا) ، (٩) (بالشأم) تابعا لحط ـ (بالمغرب) ، (١٠) (بالفيجة) تابعا لحط وصط وفى الأصل (بالغنجة) ، (١١) [مع ما ... سنير] مأخوذ من حط ، (١٣) (المزة) ـ (المره) ، (١٥) [بقوله] مستتمّ عن حط ، (وآويناهما ... ومعين) سورة المؤمنين (٥٢) الآية ٢٣ ، (١٩) (أقين) ـ (؟؟؟) ، (٢١) (صار) ـ (صارت) ،

١٧٤

الزمان يحيى بن زكريّاء عليهما السلم فنصب رأسه على باب هذا المسجد المسمّى باب جيرون ثمّ تغلّبت عليه (١) النصارى فصارت فى أيديهم بيعة لهم يعظّمون فيها دينهم حتّى جاء الإسلام فصار المكان للمسلمين واتّخذوه مسجدا وعلى باب جيرون نصب رأس الحسين بن علىّ بالموضع الذي نصب فيه رأس يحيى بن زكريّاء عليهم أجمعين السلم ، فلمّا كان فى أيّام الوليد بن عبد الملك عمره فجعل أرضه رخاما مفروشا وجعل وجه جدرانه رخاما مجزّعا وأساطينه رخاما موشّى ومعاقد رؤوس أساطينه ذهبا ومحرابه مذهّب الجملة مرصّعا بالجواهر ، ودور السقف كلّه ذهب مكتّب (٢) كما يطوّق (٣) ترابيع جدار المسجد ويقال إنّه أنفق فيه وحده خراج الشأم سنين ، (٤) وسطحه رصاص فإذا أرادوا غسله بثقوا الماء (٥) اليه فدار على رقعة المسجد بأجمعه حتّى إذا فجر منه انبسط عنه وعن جميع الأركان بالسويّة وكان خراج الشأم على عهد بنى مروان ألف ألف دينار وفوق ثمان مائة (٦) ألف دينار ، ومن حدّ دمشق بعلبك وهى مدينة على جبل وعامّة أبنيتها من حجارة وبها قصور من حجارة قد بنيت على أساطين شاهقة وليس بأرض الشأم أبنية حجارة أعجب ولا أكبر (٧) منها ، وهى مدينة كثيرة الخير والغلّات والفواكه الجيّدة بيّنة الخصب والرخص وهى قريبة من مدينة بيروت التى على ساحل بحر الروم وهى فرضتها وساحلها وبها يرابط أهل دمشق وسائر جندها وينفرون اليهم عند [٥٢ ب] استنفارهم وليسوا كأهل دمشق فى جساء الأخلاق وغلظ الطباع وفيهم من إذا دعى الى الخير أجاب وأصغى وإذا أيقظه الداعى أناب ، ولنفس دمشق خاصّيّة بطالعها المحيل بطاعتها الى الخلاف وسمعت عبد الله بن محمّد القلم (٨) يقول فى برج الأسد

__________________

(٢) (عليه) ـ (عليها) ، (٧) (مكتّب) ـ (مكتب) وفى حب (مكتبا) ، (٨) (يطوّق) ـ (يطوق)،

(٩) (سنين) ـ حط (سنتين) ، (١٠) (بثقوا الماء) ـ (بثق الماء) ، (١٢) (وفوق ثمان مائة) ـ حط (ومائتى) ، (١٥) (أكبر) ـ (أكثر) ، (٢١) (القلم) يوجد فى حب (القيم) ويفقد فى حط ،

١٧٥

فساد باعوجاج فى درج منه مع شرفه ومحلّه وقلّما كان به (١) من بلد أو أوجب (٢) له من تربيع ومقابلة لتلك الدرج سبب بنحس وحكم فصفت طاعته واستقامت (٣) وذكر أشياء فى حكم سمرقند واردبيل ومكّة ودمشق وصقلّيه وقال لا تصلح لسلاطينها ولا تستقيم لملوكها إلّا بالسيف وأكثر أهل هذه المدن فالغدر أثبت فى نفوسهم والشرّ أشمل الأحوال عليهم ، وببيروت هذه كان مقام الأوزاعىّ وبها من النخيل وقصب السكّر والغلّات المتوافرة وتجارات البحر عليها دارّة (٤) واردة وصادرة وهى مع حصنها حصينة منيعة السور جيّدة الأهل مع منعة فيهم من عدوّهم وصلاح فى عامّة أمورهم ،

(١٠) وأمّا جند حمص فإنّ مدينتها حمص وهى فى مستواة خصبة أيضا وكانت أيّام عمارتها صحيحة الهواء [من أصحّ بلدان الإسلام تربة](٥) وكان فى أهلها خبال (٦) ويسار فدخلها الروم غير دفعة فأحالوها وليس بها عقارب ولا حيّات وإذا أدخلت الحيّة والعقرب اليها ماتت ولها مياه وأشجار وكانت كثيرة الزرع والضرع وكانت أكثر زروع رساتيقها بخوسا أعذاء ، وبها بيعة بعضها مسجد الجامع وشطرها للنصارى فيه هيكلهم ومذبحهم وبيعتهم من أعظم بيع الشأم ، ودخلها الروم وقتنا هذا فأتوا على سوادها وأخربوها ، وجميع طرق حمص من أسواقها وسككها مفروشة بالحجارة مبلّطة وقد زاد اختلالها بعد دخول الروم اليها وانصراف سلطانها عنها [ثمّ إنّ قوما استوطنوا ممّن سلم من الروم](٧) وقد أتت البادية على ظاهرها ورساتيقها وما أظنّ الروم تركت بها رمقا لما بعد ، وانطرطوس حصن

__________________

(١) (به) ـ (بها) ، (٢) (أوجب) ـ (اوجب) ، (٣) (١ ـ ٣) (وقلّما ... واستقامت) يوجد مكان ذلك فى حط (وقلّ ما كان طالع بلد فصفت طاعته واستقامت) وفى حب (وقلّما كان بعض تلك الدرج طالع بلد واحدا ونظر من تلك الدرج من تربيع أو مقابلة فضعف طاعته واستقامت سريرته) ، (٧) (دارّة) ـ (داره) ، (١١) [من ... تربة] مأخوذ من حط ، (١٢) (خبال) ـ (؟؟؟) ، (١٩) [ثمّ ... الروم] مأخوذ من حط ،

١٧٦

على البحر ثغر لأهل حمص فيه مصحف عثمن بن عفّان وعليه سور من حجارة يمنع أهلها من بادية (١) وقصدها من الروم استباحة وقد نجوا غير مرّة من الروم لقلّة اكتراثهم بما فى البلد ورزوح حال أهله ولم يقف نقفور عليه لهذا من سبب ، وشيزر وحماة مدينتان صغيرتان نزهتان كثيرتا المياه والشجر والزرع والفواكه والخضر حصينتان فى ذاتهما لذاتهما ،

(١١) وجند قنّسرين فمدينتها حلب وكانت عامرة غاصّة بأهلها كثيرة الخيرات على مدرج طريق العراق الى الثغور وسائر الشأمات وافتتحها الروم [وكان الروم قد افتتحها فى تأريخ ثلثمائة ونيّف وسبعين](٢) مع سور عليها حصين من حجارة لم يغن عنهم من العدوّ شيئا بسوء تدبير سيف الدولة وما كان به من العلّة فأخرب جامعها وسبى (٣) ذرارىّ أهلها وأحرقها ، ولها قلعة غير طائلة وقد عمرت وقتنا هذا ولجأ اليها فى وقت فتح حلب قوم فنجوا (٤) ، وهلك بحلب [٥٣ ظ] وقت فتحها من المتاع والجهاز للغرباء وأهل البلد وسبى منها وقتل من أهل سوادها ما فى إعادته على وجهه إرماض لمن سمعه ووهن على الإسلام وأهله ، وكان لها أسواق حسنة وحمّامات وفنادق كثيرة ومحالّ وعراص فسيحة ومشايخ وأهل جلّة ، [وهى الآن فى زماننا وهو تأريخ نيّف وسبعين وخمس مائة للهجرة أحسن ممّا كانت قديما وأكثر عمارة مأهولة بالمشائخ والرؤساء وأمّا قلعتها فهى حصينة منيعة فى غاية الإحكام لا يقدر عليها ،](٥) وهى الآن (٦) بخسّة أميرها ودناءة نفسه مملوكة من جهتين إحداهنّ أنّها فى قبضة الروم مجزيّة يؤدّى كلّ إنسان عن داره ودكّانه جزية والثانية (٧) أنّ أميرها إذا وردها متاع من خسيس ونفيس اشتراه من جالبها وباعه هو لأهلها على أقبح صورة وأخسّ جهة وما يستثار بها من خلّ وصابون فهو يعمله ويبيعه وليس بها مبيع ولا مشترى

__________________

(٢) (بادية) ـ (؟؟؟) ، (٨) [وكان الروم ... وسبعين] من مضافات حب ١٦ ب ، (١٠) (فأخرب جامعها وسبى) ـ (فأخرب جامعها وسبى) ، (١٢) (فنجوا) ـ (فتحوا) ، (١٨) (١٦ ـ ١٨) [وهى الآن ... عليها] من مضافات حب ١٧ ظ ، (١٩) (١٨ ـ ١) (وهى الآن ... قبيح) يوجد فى حط مكان ذلك (وهى الآن كالمتماسكة) فقط ، (٢٠) (والثانية) ـ (وثانيه) ،

١٧٧

إلّا وله فيه مدخل قبيح ، وشرب أهلها من نهر بها يعرف بأبى الحسن فويق وفيه قليل طفس ولم تزل أسعارها فى الأغذية قديما وجميع المآكل والمشارب واسعة رخيصة [وعليهم الآن للروم فى كلّ سنة قانون يؤدّونه وضريبة تستخرج من كلّ دار وضيعة معلومة](١) وكأنّ الهدنة التى هم فيها مع الروم محلولة معقودة لأنّ الأمر فى حلّها وعقدها الى الروم وإن كانت أحوالها كالمتماسكة والأمور التى تجرى معهم كالراخية (٢) فليست فى جزء من عشرين جزء ممّا كانت عليه وفيه فى قديم أوقاتها وسالف أيّامها ، وقنّسرين مدينة تنسب الكورة اليها وهى من أضيق تلك النواحى بناء وإن كانت نزهة الظاهر مغوثة (٣) فى موضعها بما بها من الرخص والسعة فى الخيرات والمياه [فاكتسحتها الروم فكأنّها لم تكن إلّا بقايا دمن فديتها من دمن](٤) ، ومعرّة النعمن مدينة هى وما حولها من القرى أعذاء ليس بجميع نواحيها ماء جار ولا عين وكذلك جميع جند قنّسرين أعذاء وشربهم من ماء السماء وهى مدينة كثيرة الخير والسعة فى التين والفستق وما شاكل ذلك من الكروم والأزبّة ، وبينها وبين جبلة المدينة التى كانت على ساحل بحر الروم [....](٥) وكان رؤساؤها بنى وزير فافتتحها نقفور وسبى منها خمسة وثلثين ألف مرأة وصبىّ ورجل بالغ بلقاء العدوّ ويمانع عن نفسه ، وحصن برزويه (٦) وهو حصن حصين وحجر منيع وقف عليه الروم غير وقت فاستحسنوه ولم يتعرّضوه ثمّ هادنوا أهله خوفا ممّا علق ببلاد

__________________

(٤) (٣ ـ ٤) [وعليهم ... معلومة] مأخوذ من حط ، (٦) (كاالراخية) تابعا لحط وفى الأصل (كالراجية) ، (٩) (مغوثة) ـ (؟؟؟) ، (١١) (١٠ ـ ١١) [فاكتسحتها ... دمن] مأخوذ من حط ، (١٥) [....] يفقد هنا بعض الكلمات وكذلك فى نسختى حط وكان قد وجد فيها إمّا المسافة بين معرّة النعمن وجبلة كما يظنّ ناشر حط أو أسماء بعض المدن التى بينهما فى الصورة أى فامية وعرقة واقذار ويؤكّد هذا الرأى ما يأتى فيما بعد من ذكر حصن برزويه فإذن لا يثبت أنّ فقرة (وكان رؤساؤها .... نفسه) التالية تنطبق على مدينة جبلة فقط ، (١٧) (١٧ ـ ٥) (وحصن بررويه ... وقد) يفقد فى حط ،

١٧٨

المسلمين من الخذلان وهلاك السلطان وقلّة الإيمان وإن بقيت الحالة على ما نحن به فالأمر سهل والمخوف المتوقّع أعظم وأجلّ وكأنّ الناس وقتنا هذا فى شغل بأحزانهم (١) عن ذكر سلطانهم وهلاك أديانهم وخراب أوطانهم وفساد شأنهم عن برزويه وحصنه وقد ملكه الروم وقتنا هذا وكأنّنا بآمد وقد [قيل أسلمه أهله](٢) ، وكانت جزيرة قبرس تحاذى جبلة فى وسط البحر الرومىّ وبينهما مجرى يوم وليلة وكانت للروم والمسلمين فاستخلصها الروم واستصفوها بأمور أكثر ضررها من المسلمين جرى وعن تفريطهم حدث ، والخناصرة وهى حصن يحاذى قنّسرين الى ناحية البادية وعلى شفيرها وسيفها كان يسكنه عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه وكانت صالحة فى قدرها مغوثة للمجتازين عليها فى وقتنا لأنّ الطريق انقطع فى غير وقت من بطن الشأم على التجّار باعتراض السلطان عليهم وبما سرح الروم بالشأم فى غير وقت فلجؤا الى طريق البادية لبوار السلطان واستيلاء الأعراب على الولاة وخفروا وساروا بالأدلّاء وعن قريب [٥٣ ب] يكفّ التجّار فقرهم وتنقطع سابلتهم وطرقهم ،

(١٢) والعواصم اسم الناحية وليس بمدينة تسمّى بذلك وقصبتها انطاكية وكانت بعد دمشق أنزه بلاد الشأم وعليها الى هذه الغاية سور من صخر يحيط بها وبجبل مشرف عليها فيه لهم مزارع ومراع وأشجار وأرحية وما يستقلّ به أهلها من مرافقها ويقال أنّ دور السور للراكب (٣) يوم ولهم مياه تجرى فى أسواقهم ودورهم وسككهم ومسجد جامعهم وكان لها ضياع وقرى

__________________

(٣) (بأحزانهم) ـ (باحرانهم) ، (٦) (وقد) ـ (و؟؟؟) ، [قيل أسلمه أهله] مستتمّ على التخمين بمقابلة ما يوجد فى آخر صفة مدينة آمد فى القطعة (١٩) من صفة الجزيرة فى الورقة ٦٥ ب من الأصل وهو (وكأنّى به وقد قيل أسلمه أهله أو دخل تحت الجزية من فيه) ، (١٨) (أنّ .... للراكب) كذا أيضا فى حب وقد كتب فى هامش هذه النسخة بغير يد الناسخ (كذب صريح فاخر قبيح فكأنّ كاتب هذا الكتاب ما رآها وو الله الماشى لو ذكر من خارج سورها مرّتين وأكثر لقدر والله أعلم فى يوم واحد) ،

١٧٩

ونواح خصبة حسنة فاستولى عليها العدوّ وملكها وقد كانت اختلّت قبيل افتتاحها فى أيدى المسلمين وهى الآن أشدّ اختلالا ورزوحا وفتحها الروم فى أوّل سنة تسع وخمسين فما اضطرب فيها من قطع شعرة للروم ولا توصّل فى نصرتها برأى صحيح ولا مشلوم وبجوارها من السلاطين والبوادى والقروم والملوك من قد أشغله يومه عن غده وحرامه وحطامه عمّا أوجب الله تعالى والسياسة والرياسة عليه فهو يلاحظ ما فى أيدى تجّار بلده ويشتمل عليه ملك رعيّته ليوقع الحيلة على أخذه والشبكة على صيده والفخّ على ما نصب له ثمّ لا يمتّع به فيسلب عمّا قريب ما احتقب من الحطام وجمع من الآثام (١) ، [فاستولى على أكثر نواحيها المسلمون منذ ملكها وذلك فى السنة الثامنة والتسعين وأربعمائة للهحرة ،](٢)

(١٣) ومدينة بالس مدينة على شطّ الفرات من غربيّه صغيرة وهى أوّل مدن الشأم من العراق وكان الطريق اليها عامرا ومنها الى مصر وغيرها سابل وكانت فرضة لأهل الشأم على الفرات فعفت آثارها ودرست قوافلها وتجّارها [بعد سيف الدولة](٣) وهى مدينة عليها سور أزلىّ ولها بساتين فيما بينها وبين الفرات وأكثر غلّاتها القمح والشعير ويعمل بها من الصابون الكثير الغزير ، [ومن مشهور أخبارها أنّ المعروف بسيف الدولة علىّ بن حمدان عند انصرافه عن لقائه صاحب مصر وقد هلك جميع جنده أنفذ اليها المعروف بأبى حصين القاضى فقبض من تجّار كانوا بها معتقلين عن السفر ولم يطلق لهم النفوذ مع خوف نالهم فأخرجهم عن أحمال بزّ وأطواف زيت الى ما عدا ذلك من متاجر الشأم فى دفعتين بينهما شهور قلائل وأيّام يسيرة ألف ألف دينار ،](٤) وبالقرب من بالس مدينة منبج (٥) وهى مدينة خصبة حصينة وكثيرة الأسواق الأزليّة عظيمة الآثار الروميّة ولها من ناطف الزبيب المعمول بالجوز والفستق والسمسم ما لم أر له شبها

__________________

(٩) (٣ ـ ٩) (فما ... الآثام) يفقد ذلك فى حط ، (١٠) (٩ ـ ١٠) [فاستولى ... للهجرة] من مضافات حب ١٧ ظ ، (١٤) [بعد سيف الدولة] مأخوذ من حط ، (٢١) (١٦ ـ ٢١) [ومن مشهور ... دينار] مأخوذ من حط ، (٢٢) (منبج) ـ (منبج) ،

١٨٠