صورة الأرض - ج ١

أبي القاسم بن حوقل النصيبي

صورة الأرض - ج ١

المؤلف:

أبي القاسم بن حوقل النصيبي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار صادر
المطبعة: مطبعة بريل
الطبعة: ٢
الصفحات: ٢٥٠
الجزء ١ الجزء ٢

أنفسكم لتنالوا به منّى خيرا إن شاء الله وأتى القوم فنزلوا ونفّر الرعاة الإبل فصوّبت على المكان والجيش الذي به فأتت على جميع من كان منهم مع إبلهم وسلاحهم دوسا لهم ووطئا عليهم حتّى استفاض جميع من باودغست ومن بعد عنها من أعدائهم أنّه لم يعرف لواحد منهم حلية بوجه من الوجوه ولا أثر لشىء ممّا كان معهم حتّى جعلوه شذر مذر وكان رعاتها هناك مائة ومع كلّ راع منهم مائة وخمسون جملا وأصبحوا اليه يهنّئونه وقد كفاهم الله شرّهم،

(٥٦) وملك اودغست هذا يخالط ملك غانه وغانه أيسر من على وجه الأرض من ملوكها بما لديه من الأموال والمدّخرة من التبر المثار على قديم الأيّام للمتقدّمين من ملوكهم وله ويهادى صاحب كوغه وليس كوغه بقريب من صاجب غانه فى اليسار وحسن الحال ويهادونه وحاجتهم الى ملوك اودغست ماسّة من أجل الملح الخارج اليهم من ناحية الإسلام فإنّه لا قوام لهم إلّا به وربّما بلغ الحمل الملح فى دواخل بلد السودان وأقاصيه ما بين مائتين الى ثلثمائة دينار ،

(٥٧) وفيما بين اودغست وسجلماسه غير قبيلة من قبائل البربر متعزّبون لم يروا قطّ حاضرة ولا عرفوا غير البادية العازبة فمن ذلك [شرطة وسمسطة و](١) بنو مسوفا قبيل عظيم من المقيمين بقلب البرّ على مياه غير طائلة لا يعرفون البرّ ولا الشعير ولا الدقيق وفيهم من لم يسمع بهما إلّا بالمثل وأقواتهم الألبان وفى بعض الاوقات اللحم وفيهم من الجلد والقوّة [ما ليس لغيرهم ولهم ملك يملكهم ويدبّرهم تكبره صنهاجة وسائر أهل تلك الديار لأنّهم يملكون تلك الطريق وفيهم](٢) البسالة (٣) والجرأة والفروسيّة على الإبل والخفّة فى الجرى والشدّة والمعرفة بأوضاع البرّ وأشكاله والهداية فيه والدلالة على مياهه بالصفة والمذاكرة ولهم الحسّ الذي لا يدانيه فى الدلالة إلّا من قاربهم وسعى سعيهم ، فإنّه يحكى عن أهل فرغانه واشروسنه

__________________

(١٧) (١٦ ـ ١٧) [شرطة وسمسطة و] مأخوذ من حط ولعلّ الصحيح (سرطه وسططه) ، (٢١) (١٩ ـ ٢١) [ما ليس ... وفيهم] مأخوذ من حط ، (٢٢) (البسالة) ـ (والبسالة) ،

١٠١

واسبيجاب وخوارزم من الهداية والاستدلال فى الظلام والليل البهيم بغير نجوم والنهار المنطبق بالقتام والركام وسقوط الثلج بحيث ينكر المرء من لديه على خطوات ولا يراه للضباب وهم فى ذلك يجرون ويسيرون وقد استوت فجاج الأرض وأوعارها وجبالها وأوديتها بما استولى عليها من الثلوج فصارت كالمستوية الأرجاء وهم غازون فيقول قائلهم أين نحن وعلى أىّ (١) أشجار نسير وبأىّ (٢) واد وعلى أىّ قتر من الجبل الفلانىّ أنتم فلا يخرم مجيبه فيما يجيبه به عن نفس الحقيقة والموضع الذي سأله عنه ولقد قال أحدهم لمن سأله نحن على الشجرة الفلانيّة من بلد كذا وكذا وما رآه سائله بل أنت عن تلقائها فوجد الأمر على قول المجيب ، ورأيت من بعض هذا القبيل وقد أثيرت جمال أراد هذا الرجل بعضها وقد قعد على طريقها وهى نافرة [٣٠ ب] شاردة وكانت بأجمعها فحولا بزّلا فقبض على كراعه وهو نافر وقد ساواها فى العدو فمنعه الحركة الى أن ضرب به الأرض ونحره فكأنّه نحر عنزا أو قصد جديا ، ولهم خلق تامّ وحول وجلد عامّ فى نسائهم وفى رجالهم ولم ير لأحدهم ولا لصنهاجة مذ كانت من وجوههم غير عيونهم وذلك أنّهم يتلثّمون وهم أطفال وينشؤون على ذلك ويزعمون أنّ الفم سوءة تستحقّ الستر كالعورة لما يخرج منه إذ ما يخرج منه عندهم أنتن ممّا يخرج من العورة ، ولهم لوازم على المجتازين عليهم بالتجارة من كلّ جمل وحمل ومن الراجعين بالتبر من بلد السودان وبذلك قوام بعض شؤونهم ،

(٥٨) ومن بأدانى سجلماسه والمغرب من البربر (٣) يأكلون البرّ ويعرفونه والشعير ويزرعونه والتمور والطيّبات [وفى أعراضهم أصحاب البرانس المقيمون بين السوس واغمات وفاس ولهم لوازم على المجتازين من فاس الى سجلماسة يلزمونهم على ما معهم من التجارة ويخفرونهم](٤) ، وفى كثير منهم

__________________

(٦) (أىّ) ـ (ايّت) ، (٧) (وبأىّ) ـ (وبايّت) ، (٢٠) (ومن ... البربر) يوجد مكان ذلك فى حط (ومن دون سجلماسة غير فخذ من زناتة ومزاتة متعزّبين فى باديتهم؟؟؟ أنّهم) ، (٢٣) (٢١ ـ ٢٣) [وفى ... ويخفرونهم] مأخوذ من حط ،

١٠٢

الشراية [والتديّن القوىّ بها (١) والتمسّك بها] وفى بعضهم الاعتزال والعلم ومن بالسوس ونواحى درعه شيعة وفى أخبارهم (٢) أنّ بعض شراتهم ركب فى فئة من قومه فلقى نفرا من أصحاب واصل بن عطاء بنواحى زناتة فبدر اليهم وقال من أنتم وكان المسؤول لسنا جدلا فقال مشركون نحبّ أن نسمع كلام الله وكان يجب عليهم لوازم فيما معهم من المتاع فقال السائل أريحوا وانزلوا على هذا الماء لتسمعوا وتبلغوا مأمنكم (٣) كما أمر الله تعالى فأنزلوهم وأضافوهم وعلفوهم وأكرموهم وبلّغوهم ولم يلزموهم شيئا [وأجازوهم الى متوسّط بلاد المغرب](٤) ، وجميعهم يبيحون البلاد للمراعى والزرع والمياه لورود الإبل والماشية (٥) ، وفى كثير منهم ألوان حسنة ومحاسن فائقة فى خلقهم وأبدان (٦) نقيّة حتّى يأخذوا فى جهة الجنوب فتستجيل ألوانهم وأبشارهم ، وفيهم أصحاب [ماشية و] خيل وبغال ونتاج يقتنون الرمك ويستنتجون البغال وغيرها ومنهم من لا يقدر لعوز الماء على غير الإبل [واليسير من المعز](٧) ولنأى الماء عنه ،

(٥٩) وبين المغرب والبلدان التى قدّمت ذكرها وبلد السودان مفاوز وبرارىّ منقطعة قليلة المياه متعذّرة المراعى لا تسلك إلّا فى الشتاء وسالكها فى حينه متّصل السفر دائم الورود والصدر ،

(٦٠) ومن بالسواحل من البربر بنواحى الهبط وأرض طنجة وازيلى وفاس والسوس وتامدلت ففى خفض من العيش وطيبة المآكل وخاصّة

__________________

(١) [والتديّن ... بها] مأخوذ من حط ، (٢) (وفى أخبارهم ... الخ) أكثر نصّ هذه الحكاية فى حط مخالف لنصّ الأصل والمعنى واحد ، (٦) (لتسمعوا ... مأمنكم) قابل سورة التوبة (٩) الآيتين ٥ و ٦ ، (٨) (٧ ـ ٨) [وأجازوهم ... المغرب] مأخوذ من حط ، (٩) (٨ ـ ٩) (وجميعهم ... والماشية) يوجد مكان ذلك فى حط (وهوارة ومكناسة ومديونة وجميع البربر من أهل البادية المقيمين فى الضواحى ينتجعون المراعى ويرتادون المياه ويزرعون على المطر حيث وجدوه) ، (١٠) (وأبدان) مكان ذلك فى حط (ووجوه) ، (فتستحيل ألوانهم وأبشارهم) مكان ذلك فى حط (فكلّما أوغلوا فيه ازدادوا سوادا حتّى ينتهوا الى بلد السودان فيكون من ينتجعه أشدّ سوادا) ، [ماشية و] مأخوذ من حط ، (١٣) (١٢ ـ ١٣) [واليسير من المعز] مأخوذ من حط ،

١٠٣

من بالهبط فى ضمن عبد الله بن إدريس بن إدريس بن عبيد الله بن إدريس بن إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علىّ بن أبى طالب صلوات الله عليهم أجمعين وفى غاية من الخصب ورخص الأسعار واللذيذ من الأغذية الحسنة وكانب حالهم فيما تقدّم أزيد من هذا الوقت صلاحا ، وقد تغيّر بعض ما أدركته فى سنى نيّف وثلثين من حالهم ، (١)

(٦١) (٢) [وفى وقتنا هذا فقد تدانت أحوالهم وصلحت أمورهم وعمر طريقهم ولم يزل أهل هذا النسب منظورا اليهم مرعيّة حقوقهم عند بنى أميّة على سالف الدهر وأدركت عبد الرحمن أبا المطرّف بن محمّد بن عبد الله بن محمّد بن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام بن عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان يحافظ عليهم مرّة ويسوقهم بالعصا مرّة لما كان تظاهر به أبو العيش من قبح السيرة وخبث المعاملة لبنى السبيل وكثر الغيلة ، وذلك أنّ عبد الرحمن هذا وأهله يملكون الاندلس ويحاذون هذه الناحية وبينهم أصل الخليج الخارج الى بلد الروم عن قرب مسافة ما بين العدوتين حتّى أنّهم ليرى بعضهم ماشية بعض وصور أشجارهم وزروعهم ويتبيّنون الأرض المفلوحة من أرض البور وعرض الماء فى ذلك يكون اثنى عشر ميلا ، وأمّا حكم أصحاب طنجة المذكورين عند المهدىّ والقائم ومن تقدّم من ملوك المغرب فعلى سبيل الرعاية والصيانة كانوا يفدون ويزورون ويكرمون ويبجّلون ويحملون ويوصلون ويصرفون على ما يحبّون ،]

(٦٢) وقد أعدت فى غير موضع ما استكثرته من عدد أحياء البربر وقبائلهم الذين تجمعهم أبوّة جالوت وكأنّى ببعض المتصفّحين لكتابى هذا يستثقل ذلك ولا ينزله منزلته ، وقد أعدت بهذه الصفحة وما يتلوها ذكر ما وقع الىّ من أسماء قبائل صنهاجة وبطونها وأفخاذها وعصبتهم ، وهم انكيتو وبنى ماركسن وبنى كاردميت وبنى سيغيت [٣١ ظ] وبنى

__________________

(٥) (وقد ... حالهم) يوجد مكان ذلك فى حط ما فى القطعة (٦١) ، (٦) قد اخذت هذه القطعة من حط كما مرّ ذكره ،

١٠٤

صالح وبنى مسوفا وبنى وارت وبنى توتك وسرطه وسططه وترجه ومداسه وبنى لموتونا ومغرسه (١) ومومنه وفريّه ولمطه وملوانه وانيكارت فهذه قبائل صنهاجة الخلّص ، وأمّا بنى تانماك (٢) ملوك تادمكه والقبائل المنسوبة اليهم فيقال أنّ أصلهم سودان ابيضّت أبشارهم وألوانهم لقربهم الى الشمال وبعدهم عن أرض كوكو وهم لأمّاتهم (٣) من ولد حام ، وهندزه ومكيته وكلماته وانكرياغن وكركه وايللغموتن وكطوطاوه وسكره وبلغلاغه وانديمن وهاكته وانمزيرن وايمزواغن وكيلتموتى وكيلمكزن وكيلفروك وفداله وكلساندت وكيل دفر وبنى بزار وايمكدرن (٤) وايكوفان وانككلن وايسطافن وايفكرن ، ويقول آخرون بل من صنهاجة أنفسهم واحتجّ ملحق بنى تانماك ببنوّة حام بقول الكندىّ أنّ البيضان إذا تناسلوا فى بلد السودان سبعة أبطن عادوا فى سحنتهم وبسوادهم وإذا توالد السودان فى بلد البيضان سبعة أبطن عادوا فى صورتهم وخلقهم من البياض والنقاء وليس بمثل هذه الدعوى يتكلّم على الأنساب ويقرّ منكر بنى تانماك بأنّ بنى تماكيزت منهم ، ومساطه آل يوسف بن زيرى بن مناد خليفة آل عبيد الله أصحاب المغرب على المغرب وبلكين يوسف بن زيرى بن مناد هو صاحب المغرب يومنا هذا وملكه مذ يوم شخوص أبى تميم عنه ، ومن قبائل صنهاجة الخارجة [...........](٥) وبنى عمر زيرى (٦) وقبيلته يسّوه وايفرين وايمكيتن وايتوتين وايتروين وايوازين واسواله وبنى كسيله وبنى ورتاف وايزقارن وتلكاته ، وسيّد ملوك تادمكه فى وقتنا هذا فسهر بن الفاره وايناو بن سبنزاك وهم الولاة وفيهم رياسة وعلم وفقه وسياسة الى علم بالسير واضطلاع (٧) بالأثر والخبر وهم بنو تانماك ،

__________________

(٢) (ومغرسه) ـ (مغرسه) ، (٣) (تانماك) ـ (نانماك) ، (٥) (لأمّاتهم) ـ (لاما؟؟؟) ، (٨) (ايمكدرن) ـ (ايمكدرن) ، (١٧) [......] الظاهر أن يفقد هنا بعض الكلمات فى الأصل ولا يستبعد أن كان أوّل الفقرة المفقودة كلمتى (عن صلب) كما فيما بعد فى مبتدأ ذكر قبائل زناتة ثمّ اسم الجدّ الذي تنسب اليه القبائل التالية أسماؤها ، (١٨) (زيرى) ـ (زيرى) ، (٢١) (واضطلاع) ـ (واضطلاح) ،

١٠٥

(٦٣) ومن قبائل البربر الخارجة عن صلب زناتة بنو مغراوه وبنو وتاجن وبنو يلوما وبنو يزللن وبنو بزمرنتا وبنو زاوين وبنو امندرين وزواوه ومكلاته وبنو ملنتيس وبنو واريتن ونزارته وبنو سنوس وبنو يانكانس واى سراوسن وبنو يوكسّن وبنو يوجين وبنو يوجلين وبنو تيكرت ومريطاطه وبنو يغمريتن وبنو يلغيل وبنو يلاسيكشن يريد قوم الله (١) وبنو نفوريت ومنجصه ودانه وزواوه ونفزه وبنو واريفن وبنو يرنيان وبنو امزيور وبنو وارونيفن وبنو صندرين وبنو بطوى (٢) وبنو غرميست (٣) وكرنتايه وفنزازه وبنو ورياغن وبنو مطكوداسن وبنو مومناسن وبنو مستيزين وبنو غمرت وبنو يسوكين وبنو طارق وبنو مومان وبنو احوب وبنو مستنيتن وبنو ورتيزان وبنو غليان وبنو ومانوا وبنو وريليتس وبنو وفا وبنو يليان وبنو لوه ورجمه وبنو ويسروكن وبنو تدرج وبنو وصين وبنو مصنان [٣١ ب] وبنو بوليت وبنو سبلين وبنو سيكرين وبنو غفاوسن وصدينه وبنو وكلادن وبنو وطوف وبنو غرزوات وبنو سغماز وبنو يرزال وبنو تزارت وبنو زوراغ وبنو شلكان وبنو يوراسن ويغمره (٤) ، وهؤلاء عصبة زناتة من لواتة ومزاتة وهم بنو خطاب ملوك مزاتة وهم من مزاتة أنفسهم ، وبنو يكدلين وبنو يزدرن وبنو عكاره ورماته ونجاسه ، وسيّد بنى خطاب اليوم أبو عبد الله مبارك بن عيسى بن خطاب بزويله (٥) مطاع فى أدانيه وأباعده ورهطه بنو مزليكش وفيهم المملكة وهم آل خطاب علية مزاته ، وبلكاوه واسيله وفطناسه وسمتيسه وكلله وبنو درف (٦) وبنو مندره وبنو دوسين وبونيسه الأشرار الأنكاد الأقذار وبنو اجرفزان وباجايه وبنو سدوين وبنو غيلين وبنو يرمزيان وبنو الهكم وزهاته وبنو

__________________

(٦) (يريد قوم الله) قد كتب ذلك فى الأصل تحت (وبنو يلاسيكشن) ، (٨) (بطوى) ـ (بطوى) ،

(٩) (غرميست) ـ كأنّه (عزميست) ، (١٦) (ويغمره) ـ (ويعمره) ، (١٩) (بزويله) ـ (برويله) ،

(٢١) (وبنو درف) ـ (وبنو درف) ،

١٠٦

عبد الملك وبنو يفوكسن ونسيده وورديغه ورزيفه وكرداسه ورهاوه وبنو ايكلان وورزيغه وبنو سفتلن وبنو يطوفه وبنو الاسوار وبنو عاصم وبنو يزتاسن وبنو مكسن وبنو ويان وبنو زعرور وبنو اسماعيل وبلاجه وعنزوره (١) واكوده ومزوره وفرطبطه ومقرطه وبنو كملان ، ومن قبائل زناتة أيضا [....](٢) ، وبنو يفرن قبيل يعلى بن يحمد وهم وولديه فى غاية البلاء مع يوسف بن زيرى وقتنا هذا ، وبنو واسين ومطاره وبنو واصل وبنو حمزة وبنو وابوط ومكناسه وبنو تيغرين ومسغونه وبنو ياكرين (٣) ، وملوك زناتة بنو ورززمار وكان منهم محمّد بن الخير بن محمّد بن خزر وعطيّة ومقاتل ولقمن وخزرون بن فلفل قاتل أبى عبد الله بن المعتزّ صاحب سجلماسه وكان أبو عبد الله بن المعتزّ قتل أخاه المنتصر وهم اثنا عشر رجلا فأمّا محمّد بن الخير فإنّه قتل نفسه بيده إذ بايته (٤) يوسف بن زيرى خوفا من أن يأسره وكان أجمل قومه وكان محمّد أبو عبد الله بن خزر وعطيّة فارسى زناتة ومقاتل أخوهما بالسوس حىّ ، وبنو ستاته وبنو دركمون وبنو مسكن وبنو لنت وكورايه وسندراته وبنو زنداج (٥) وبنو ورسفيان (٦) وورداجه وبنو دمر (٧) وبنو سنجاسن ، (٨)

(٦٤) ولو قلت أنّى لم أصل الى علم كثير من قبائلهم لقلت حقّا إذ البلاد التى تجمعهم والنواحى التى تحيط بهم مسيرة شهور فى شهور والعلماء بأنسابهم وأخبارهم وآثارهم هلكوا وكنت قد أخذت عن بعضهم رسوما أثبتّها ولم أرجع منها الى غير ما قدّمته من ذكر قبائلهم ،

__________________

(٤) (وعنزوره) ـ (عنزوره) ، (٥) [....] لعلّه يفقد هنا بعض الأسماء من أسماء القبائل ، (٨) (وبتو ياكرين) ـ (بنو ياكرين) ، (١٢) (إذ بايته) ـ (اد بايته) ، (١٥) (وبنو زنداج) ـ (بنو زنداج) ، (١٦) (١٥ ـ ١٦) (وبنو ورسفيان) ـ (بنو ورسفيان) ، (١٧) (وبنو دمر) ـ (بنو دمر) ، (١٨) (وبنو سنجاسن) ـ (بنو سنجاسن) ،

١٠٧

[الاندلس]

(١) فأمّا الاندلس فهى من نفائس جزائر البحر ومن الجلالة فى القدر بما حوته واشتملت عليه بحال سآتى بأكثرها ودخلتها فى أوّل سنة [٣٢ ظ] سبع وثلثين وثلثمائة والقيّم بها أبو المطرّف عبد الرحمن بن محمّد بن عبد الله بن محمّد بن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام بن عبد الرحمن بن معوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان ، وطولها شهر (١) فى عرض نيّف وعشرين يوما وفيها غامر وأكثرها عامر مأهول ويغلب عليها المياه الجارية والشجر والثمر والأنهار العذبة والرخص والسعة فى جميع الأحوال الى نيل النعيم والتملّك الفاشى فى الخاصّة والعامّة فينال ذلك أهل مهنهم وأرباب صنائعهم لقلّة مؤنهم وصلاح بلادهم ويسار ملكهم بقلّة كلفه ولوازمه وسقوط شغله بشىء يحذره (٢) وحال تخيفه إذ لا رقبة عليه لأحد من أهل جزيرته ولا خشية له من عدوّ ينصب لمملكته مع عظم مرافقه وجباياته ووفور خزائنه وأمواله وممّا أدلّ بالقليل منه على كثيره وغزيره أنّ سكّة دار ضربه على الدنانير والدراهم ضمانها فى كلّ سنة مائتا ألف دينار ويكون عن صرف سبعة عشر بدينار (٣) ثلثة آلف ألف وأربع مائة ألف درهم هذا الى صدقات البلد وجباياته وخراجاته وأعشاره وضماناته ومراصده وجواليه وما يقبض من الأموال الوافرة على المراكب الواردة اليهم والصادرة عنهم والرسوم على بيوع الأسواق ، [ومن أعجب (٤) أحوال هذه الجزيرة بقاؤها على من هى فى يده مع صغر أحلام أهلها وضعة

__________________

(٦) (شهر) ـ حط (دون الشهر) ، (١١) (تخيفه) ـ (تحيفه) ، (١٥) (بدينار) كما فى حط وفى الأصل (دينار) ، (١٨) (١٨ ـ ٣) [ومن أعجب ... ولذّاتها] ماخوذ من حط ،

١٠٨

نفوسهم ونقص عقولهم وبعدهم من البأس والشجاعة والفروسيّة والبسالة ولقاء الرجال ومراس الأنجاد والأبطال وعلم موالينا عليهم‌السلام بمحلّها فى نفسها ومقدار جباياتها ومواقع نعمها ولذّاتها،]

(٢) فأمّا مغرب هذه الجزيرة فمن مدخل خليج المغرب المذكور ومصبّ مائه على البحر المحيط من نواحى لبله وجبل العيون آخذا على لب وشلب الى أن يتّصل بشنتره والنهر الآخذ من سموره مدينة الجلالقة الى موضع مصبّه من البحر المحيط ، وشمالها فمن شنتره (١) ذاهبا على نواحى سموره وليون ويونه من بلاد جليقيه الى أقاصى بلد جليقيه ، ومشرقها فمن مشارق جليقيه الى الخليج المغربىّ على نواحى سرقصه وضواحى وشقه وطرطوشه وجميع بلاد الافرنجه من جهة البرّ ، وجنوبيّها الخليج المذكور من بجانه الى تجاه جزيرة صقليه على بلاد بلنسيه ومرسيه والمريّه (٢) ومالقه والجزيرة الى ركن البحر المحيط ،

(٣) وأوّل أرضها المعمورة على الخليج الرومىّ فمن اشبيليه ثمّ الجزيرة ويستمرّ على المريّه (٣) الى افرنجه ويعود على أرض جليقيه الى شنتره الى احشنبه (٤) على البحر المحيط ، وأمّا حدّ شدونه ومرسيه وما صاقبها من أرض بلنسيه الى طرطوشه وهى آخر المدن التى (٥) على البحر المتّصل ببلد الافرنجه فهى ثغور تتّصل من جهة البرّ ببلاد غلجشكش (٦) وهى بلاد حرب للروم ثمّ تتّصل ببلد بشكونس وهم أيضا نصارى الجلالقة ، فينتهى (٧) من الاندلس حدّان حدّ الى دار الكفر وحدّ الى البحر المحيط ، وجميع ما ذكرته من المدن على البحر فمدن كبار عامرة مشحونة بالمرافق التى يفتخر بها أهل النواحى فى بلادهم ومنابرهم ، ولم تزل الاندلس فى أيدى بنى مروان الى هذه الغاية ،

__________________

(٧) (شنتره) ـ (سنتره) ، (١١) (والمريّه) ـ (والمر؟؟؟) ، (١٤) (المريّه) ـ (المز؟؟؟) ، (١٥) (اخشنبه) ـ (اخشينه) ، (١٦) (التى) ـ (الذي) ، (١٧) (غلجشكش) ـ (علجشكش) ، (١٨) (فينتهى) ـ (فينتهى) ،

١٠٩

(٤) ومن مشاهير (١) مدنها القديمة جيان وطليطله ووادى الحجارة وجميع مدنها قديمة أزليّة لم يحدث بها فى الإسلام غير مدينة بجانه [وهى المريّة](٢) وهى على حدود رستاق لبيرة وشنترين أيضا على ظهر البحر المحيط [٣٢ ب] محدثة ،

(٥) وبالاندلس غير طراز يرد الى مصر متاعه وربّما حمل منه شىء الى أقاصى خراسان وغيرها ، ومن مشهور جهازهم الرقيق من الجوارى (٣) والغلمان الروقة من سبى افرنجه وجليقيه والخدم الصقالبة وجميع من على وجه الأرض من الصقالبة الخصيان فمن جلب الاندلس لأنّهم عند قربهم منها يخصون ويفعل ذلك بهم تجّار اليهود والصقالبة قبيل من ولد يافث وبلدهم مستطيل واسع ولغزاة خراسان من ناحية البلغار بهم اتّصال فهم إذا سبوا الى هنالك تركوا فحولة على أحوالهم مقرورين على صحّة أجسامهم [وذلك أنّ بلد الصقالبة طويل فسيح](٤) والخليج الآخذ من البحر المحيط بنواحى ياجوج وماجوج يشقّ بلدهم ويستمرّ مغرّبا الى نواحى اطرابزنده ثمّ الى القسطنطينيّة (٥) ويقطع ناحيتهم بنصفين ، [فنصف بلدهم بالطول يسبيه الخراسانيّون ويصلون (٦) والنصف الشمالىّ يسبيه الاندلسيّون من جهة جليقية وافرنجة وانكبردة وقلورية وبهذه الديار من سبيهم الكثير باق على حاله ،](٧) وسأذكر جميع ما بها من المجالب فى جملة ما يرد من المغرب من التجارة والجهاز ،

(٦) ومن معاظم كور الاندلس ريه (٨) ومدينتها ارجذونه ومنها كان عمر بن حفصون (٩) الخارج على بنى أميّة وفحص البلوط متّصل بديار ابن حفصون (١٠) وريه كورة واسعة (١١) خصبة ، واسفقه رستاق أيضا حسن ومدينته

__________________

(١) (مشاهير) ـ (مشاهر) ، (٣) (٢ ـ ٣) [وهى المريّه] مأخوذ من حط ، (٦) (الجوارى) ـ (الجوار) ، (١٢) [وذلك ... فسيح] مأخوذ من حط ، (١٤) (القسطنطينيّة) ـ (القسطنطينه) ، (١٥) (ويصلون) كذلك فى حل وفى حو (وفصلون) ، (١٦) (١٤ ـ ١٦) [فنصف ... على حاله] مأخوذ من حط ، (١٩) (ريه) ـ (ريه) ، (٢٠) (حفصون) ـ (حفصويه) ، (٢١) (حفصون) ـ (حفصويه) ، (٢٢) (واسفقه) ـ حط (وأسقفه) إلّا أنّه يوجد فى حو (واسعبه) ،

١١٠

غافق ، وبالاندلس غير ضيعة فيها الألوف من الناس لم تمدّن وهم على دين النصرانيّة روم وربّما عصوا فى بعض الأوقات ولجأ بعضهم الى حصن فطال جهادهم لأنّهم فى غاية العتوّ والتمرّد وإذا خلعوا ربقة الطاعة صعب ردّهم إلّا باستئصالهم وذلك شىء يصعب ويطول ، ومارده وطليطله من أعظم مدن الاندلس وأشدّها منعة ، وثغور الجلالقة مارده ونفزه ووادى الحجارة وطليطله تلى مدينتى الجلالقة التى تعرف بسموره (١) وليون وليون مسكن سلطانهم وعدّتهم بعد سموره واوبيط (٢) من كبار مدنهم وهى بعيدة عن بلد الإسلام ، وليس فى أصناف الكفر الذين يلون الاندلس أكثر عددا من الافرنجه غير أنّ الذي يلى المسلمين منهم ضعيفة شوكتهم قليلة عدّتهم وعدّتهم وفيهم إذا ملكوا طاعة وحسن نصيحة ومحاسن كثيرة ، واليهم يرغب أهل الاندلس عن الجلالقة بأولادهم والجلالقة أحسن وأصدق محاسن وأقلّ طاعة وأشدّ بأسا وقوّة وبسالة وفيهم غدر وهم فى عرض طريق الافرنجه ،

(٧) وأعظم مدينة بالاندلس قرطبه وليس بجميع المغرب لها شبيه ولا بالجزيرة والشأم ومصر ما يدانيها فى كثرة أهل وسعة رقعة وفسحة أسواق ونظافة محالّ وعمارة مساجد وكثرة حمّامات وفنادق ويزعم قوم من سافرتها الواصلين الى مدينة السلام أنّها كأحد جانبى بغداذ وذلك أنّ عبد الرحمن بن محمّد صاحبها ابتنى فى غربها مدينة وسمّاها بالزهراء (٣) فى سفح جبل حجر أملس يعرف بجبل بطلش وخطّ فيها الأسواق وابتنى الحمّامات والخانات والقصور والمتنزّهات واجتلب اليها العامّة بالرغبة وأمر مناديه بالنداء فى جميع أقطار الاندلس ألا من أراد أن يبتنى (٤) دارا أو أن [٣٣ ظ] يتّخذ مسكنا بجوار السلطان فله (٥) من المعونة أربع مائة درهم فتسارع الناس الى العمارة وتكاثفت الأبنية وتزايدت فيها الرغبة وكادت الأبنية أن تتّصل بين قرطبه والزهراء (٦) ونقل اليها بيت ماله وديوانه

__________________

(٦) (بسموره) ـ (بسماره) ، (٧) (واوبيط) ـ (ورزنيط) ، (١٨) (بالزهراء) ـ (بالزهرة) ، (٢١) (أن يبتنى) ـ (يبتنى) ، (٢٢) (فله) ـ (وله) ، (٢٤) (والزهراء) ـ (والزهره) ،

١١١

ومحبسه وخزائنه وذخائره ، [وقد نقل جميع ذلك وأعيد الى قرطبة تطيّرا منهم بها وتشأما بموت رجالهم فيها ونهب سائر ذخائرهم ،](١)

(٨) وسمعت غير محصّل ثقة ممّن يستبطن جبايات البلد وحاصل عبد الرحمن بن محمّد أنّ لديه ممّا اتّجه له جمعه من الأموال الى سنة أربعين وثلثمائة ما لم ينقص من عشرين ألف ألف دينار إلّا اليسير القليل دون ما فى خزائنه من المتاع والحلى المصوغ وآلة المراكب وما يتحمّل به الملوك من القنية (٢) المصوغة ، ولمّا توفّى عبد الرحمن بن محمّد سنة خمسين وثلثمائة صار الأمر الى ابنه أبى العاصى الحكم بن عبد الرحمن فصادر رجال أبيه وقبض نعم خدمه والوزراء الذين لم يزالوا فى صحبته فكان الحاصل منهم عشرين ألف ألف دينار يتواطأ فى علم ذلك أهل الخبرة بهم ويتساوون فى معرفة وجوهه ولم يكن لهذا المال فى وقته فى بلد الإسلام شبه إلّا ما كان فى يد الغضنفر أبى تغلب بن الحسن بن عبد الله بن حمدان فإنّه كان ممّا يتعامله خاصّتهم بالجزيرة والعراق ومقداره يزيد على ذلك حتّى قيل أنّه كان خمسين ألف ألف دينار وأدال الله منه فأخرجه عن يده ومحقه وبدّده وكذلك عادة الله تعالى فى كلّ ما كسب من حرام واجتمع بالبغى والظلم والآثام ، وصورة ما بالاندلس من المال الذي قدّمت ذكره صورة ما للشقىّ بن الشقىّ وقد استحوذ عليه أبو عامر بن أبى عامر صاحب السكّة بالاندلس وقتنا هذا فهو يلذّ تفريقه (٣) وشقى به من جمعه وباء بإثمه من لم يحظ به ،

(٩) وقرطبه وإن لم تك كأحد جانبى بغداذ فهى قريبة من ذلك ولاحقة به وهى مدينة ذات سور من حجارة ومحالّ حسنة ورحاب فسيحة وفيها لم يزل ملك سلطانهم قديما ومساكنه وقصره من داخل سورها المحيط بها وأكثر أبواب قصره فى داخل البلد من غير جهة ولها بابان يشرعان فى نفس سور المدينة الى الطريق الآخذ على الوادى من الرصافة ، والرصافة

__________________

(٢) (١ ـ ٢) [وقد نقل ... ذخائرهم] مأخوذ من حط ، (٧) (القنية) ـ (الفنيه) ، (١٨) (تفريقه) ـ (تفريقة) ،

١١٢

مساكن أعالى ربضها متّصلة مبانيها بربضها الأسفل وأبنيتها مشتبكة مستديرة على البلد من شرقه وشماله وغربه فأمّا الجنوب منه فهو الى واديه وعليه الطريق المعروف بالرصيف والأسواق والبيوع والخانات والحمّامات ومساكن العامّة بربضها ، ومسجد جامعها جليل عظيم فى نفس المدينة والحبس منه قريب ، وقرطبه هذه بائنة بذاتها عن مساكن أرباضها غير ملاصقة لها والمدينة قريبة الحال ودرت بسورها غير يوم فى قدر ساعة وهى نفسها مستديرة حصينة السور وسورها من حجر ، ولم تكن الزهراء (١) بذات سور تامّ وبها مسجد جامع حسن طيّب فى نفسه [دون جامع البلد فى المحلّ والقدر والكبر](٢) ولقرطبه سبعة أبواب حديد ، وهى فخمة واسعة الحال بحسن الجدّة وكثرة المال والتصرّف فى وجوه التنعّم بجيّد الثياب والكسى من ليّن الكتّان وجيّد الخزّ والقزّ والمتعة بفاره المركوب والمأكول والمشروب ،

(١٠) وليس لجيوشهم حلاوة فى العين لسقوطهم عن أسباب الفروسيّة وقوانينها وإن شجعت أنفسهم [٣٣ ب] ومرنوا بالقتال فإنّ أكثر حروبهم تتصرّف على الكيد والحيلة وما رأيت ولا رأى غيرى بها إنسانا قطّ جرى (٣) على فرس فاره أو برذون هجين ورجلاه فى الركابين ولا يستطيعون ذلك ولا بلغنى عن أحد منهم لخوفهم السقوط وبقاء الرجل (٤) فى الركاب على قولهم وهم يفرسون على الأعراء من الخيل وما أطبقت قطّ جريدة عبد الرحمن بن محمّد ولا من سبقه من آله وآبائه على خمسة آلف فارس ممّن يقبض رزقه ويختم عليه ديوانه لأنّه مكفىّ المؤونة بأهل الثغور من أهل جزيرته ما ينوبه من كيد العدوّ ومن يجاوره من الروم ولا عدوّ عليه سواهم وقلّما يكترث بهم ، وربّما طرقه فى بعض الأحايين مراكب الروس والترك البجناكيّة وقوم فى جملتهم من الصقالبة والبلغار فينكوا (٥) فى أعماله وربّما انصرفوا خاسرين خائبين ،

__________________

(٧) (الزهراء) ـ (الزهرة) ، (٩) (٨ ـ ٩) [دون ... والكبر] مأخوذ من حط ، (١٦) (جرى) فى الأصل قبل (إنسانا) ، (١٧) (الرجل) ـ (الرجل) ، (٢٣) (فينكوا) ـ (فينكن) ،

١١٣

(١١) وبالاندلس الزيبق والحديد والرصاص ومن الصوف قطع كأحسن ما يكون من الأرمنىّ المحفور الرفيع الثمن الى حسن ما يعمل بها من الأنماط ولهم من الصوف (١) والأصباغ فيه وفيما يعانون صبغه بدائع بحشائش [تختصّ](٢) بالاندلس تصبغ بها اللبود المغربيّة المرتفعة الثمينة والحرير وما يؤثرونه من ألوان الخزّ والقزّ ويجلب منها الديباج ولم يساوهم فى أعمال لبودهم أهل بلد على وجه الأرض وربّما عمل لسلطانهم لبود ثلاثينيّة يقوّم اللبد منها بالخمسين والستّين دينارا غير أنّه قد جعل عروضها خمسة وستّة أشبار فهى من محاسن الفرش ، ويعمل عندهم من الخزّ السكب والسفيق ما يزيد ما استعمل منه للسلطان على ما بالعراق ويكون منه المشمّع فيمنع المطر أن يصل الى لابسه ، وأمّا أسعارهم فتضاهى النواحى الموصوفة بالرخص وكثرة الخير والسعة وفواكههم مع طيبة فيها وسطة فكالمباحة التى لا ثمن لها ، ويعمل فى أقطار بلدهم من الكتّان الدنىّ للكسوة ويجلب الى غير مكان حتّى ربّما وصل الى مصر منها الكثير فأمّا أرديتهم المعمولة ببجانه فتحمل الى مصر ومكّة واليمن وغيرها ويستعمل عندهم للعامّة وللسلطان من الكتّان ثياب لا يقصّر عن الدبيقىّ ما كان منها صفيقا ومن السلس الدقيق ما يستحسنه من لبس الشرب ويضاهى رفيع الشطوىّ الجيّد ، وقلّ سوق بها يصير اليه أهله إلّا على الفاره من المركوب [ولا يعرف فيهم المهنة والمشى إلّا أهل الصنائع والأرذال](٣) وتختصّ بالبغال الفره وبها يتفاخرون ويتكاثرون ، ولهم منها نتاج (٤) ليس كمثله فى معادن البغال المذكورة وأصقاعها المشهورة من ارمينيه والران وباب الأبواب وتفليس وشروان لأنّها تبدن وتصنع (٥) وتنجب ويجلب اليهم منها شىء حسن الشية عظيم الخلق كثير الثمن من جزيرة ميرقه وهى جزيرة لعبد الرحمن بن محمّد فيها المسلمون منقطعة تلى ناحية

__________________

(٣) (من الصوف) ـ (فى الصوف) ، (٤) [تختصّ] مستتمّ على التخمين ، (١٩) (١٨ ـ ١٩) [ولا ... والأرذال] مأخوذ من حط ، (٢٠) (نتاج) قد أضيف بعد ذلك فى حط (فى جزائرها) ، (٢١) (وتصنع) كذا فى الأصل

١١٤

افرنجه واسعة الخير كثيرة الثمار رخيصة الماشية لكثرة المراعى غزيرة النتاج والمواشى معدومة الجوائح قليلة الآفة وليس بها عاهة ولا وحش يؤذيهم فى سائمتهم ورأيت منها غير بغل بيع بخمس مائة دينار واليها يرغب ملوكهم بمراكبهم وإيّاها يستوطئون ويؤثرون [٣٤ ظ] فيما يركبون فأمّا ما يبلغ منها المائة والمائتى دينار فأكثر من أن يحصى وليس ذلك لأنّها أزيد على البغال الموصوفة بحسن السير وسرعة المشى فقط بل جمعت مع ذلك عظم الخلق وحسن الشية الى اختلاف الألوان الصافية والشعور الدهينة المشرقة والصحّة على مرّ الأيّام مع الصبر على الكدّ والعسف ،

(١٢) ذكر المسافات بها ، فمن قرطبه الى مراد مرحلة ومن مراد الى غرغيره مرحلة ومن غرغيره الى اشبيليه يومان (١) وهى مدينة كثيرة الخير والفواكه والكروم والتين خاصّة وهى على وادى قرطبه ومن اشبيليه الى لبله يومان وهى مدينة قديمة أزليّة كثيرة الخير صالحة القدر عليها سور ومنها الى جبل العيون يومان وهى أيضا قديمة أزليّة كثيرة الخير ومن جبل العيون الى لب ثلثة أيّام وهى مدينة قديمة ذات سور ومن لب الى اخشنبه مدينة مشهورة عظيمة غزيرة الخير كثيرته أربعة أيّام ومن اخشنبه الى مدينة شلب ستّة أيّام ومن شلب الى قصر بنى ورداسن (٢) خمسة أيّام وهى أيضا مدينة حصينة ومنها الى المعدن وهو فم النهر ثلثة أيّام وهى فى نفسها صالحة القدر ومن فم النهر الى لشبونه يوم ومن لشبونه الى شنتره يومان ومن شنتره الى شنترين يومان ومن شنترين الى بيزه أربعة أيّام ومن بيزه الى جل مانيه [يومان ومن جل مانيه](٣) الى البش يوم ومن البش الى بطليوس يعبر النهر يوم (٤) ومن بطليوس الى قنطرة السيف أربعة أيّام ومن قنطرة السيف الى مارده يوم ومن مارده الى مدلّين يومان ومن مدلين

__________________

(١٠) (يومان) وفى حط (يوم) ، (١٧) (بنى ورداسن) ـ (ابن وداسن) ، (٢١) [يومان ومن جل مانبه] مستتمّ عن حط إلّا أنّه كتب فى حط (جليانة) ، (٢٢) (يوم) وفى حط (يومان) إلّا أنّه يوجد فى نسختى حط (يوم) ،

١١٥

الى ترجيله يومان ومن ترجيله الى قصراش يومان ومن قصراش الى مكناسه (١) يومان ومن مكناسه الى مخاضة البلاط يوم ومن المخاضة الى طلبيره خمسة أيّام ومن طلبيره الى طليطله ثلثة أيّام ، ومن قرطبه الى بطليوس على الجادّة ستّ مراحل ومن قرطبه الى بلنسيه اثنا عشرة مرحلة ومن قرطبه الى المريّه فرضة بجانة سبعة أيّام ومن المريّه الى مرسيه خمسة أيّام ،

(١٣) وجميع هذه المدن المذكورة مشهورة بالغلّات والتجارات والكروم والعمارات والأسواق والبيوع والحمّامات والخانات والمساجد الحسنة يقام فيها جميع الصلوات وليس بجميع الاندلس مسجد خراب وفيها مدن يزيد بعضها على بعض فى المحلّ والجباية والارتفاع والولاة والقضاة والمخلّفين على رفع الأخبار ويقال لأحدهم مخلّف وليس بها مدينة غير معمورة ذات رستاق فسيح الى كورة فيها ضياع عداد وأكرة وسعة وماشية وسائمة وعدّة وعتاد وكراع وزروعهم فإمّا بخوس حسنة الربع كثيرة الدخل أو أسقاء على غاية الكمال وحسن الحال ،

(١٤) ومن قرطبه الى كركويه (٢) المدينة وفيها منبر وأسواق وحمّامات وفنادق أربعة أيّام والمنزل فى كلّ ليلة بقرية آهلة ومن كركويه الى قلعة رباح مدينة كبيرة ذات سور من حجارة وهى على واد لها كبير منه شرب أهلها ويزرعون عليه وبها أسواق وحمّامات ومتاجر مرحلة والطريق على قرى ذات عمارة ومن قلعة رباح الى ملقون مدينة على نهر لها سور من تراب [٣٤ ب] وهى دون قلعة رباح فى الكبر ونهرها يعرف باسمها ومنه شرب أهلها [مرحلة](٣) ومنها الى ابنش (٤) قرية فيها فندق وعين منها شربهم كثيرة الأهل مرحلة ومن ابنش (٥) الى طليطله مرحلة وهى مدينة كبيرة جليلة مشهورة أكبر من بجانه ذات سور منيع وهى على وادى تاجو وعليه قنطرة عظيمة طولها خمسون باعا ويصير واديها الى الوادى المنصبّ الى

__________________

(٢) (مكناسه) المرّتين ـ (سكتان) كما فى الصورة ، (١٤) (كركويه) ـ (كوكويه) ، (١٩) [مرحلة] مستتمّ عن حط ويفقد أيضا فى نسختى حط ، (٢٠) (ابنش) ـ (انبش) ، (٢١) (ابنش) ـ (انبش) ،

١١٦

شنتره ، ومن طليطله الى مغام قرية كبيرة وبها معدن الطفل الاندلسىّ مرحلة ومن مغام الى الغرّاء مدينة كبيرة ذات أسواق ومحالّ ويكون نحو وادياش مرحلة ، ومنها الى وادى الحجارة مدينة كبيرة وثغر مشهور الحال مسوّر بجحارة ذات أسواق وفنادق وحمّامات وحاكم ومخلّف وبها يسكن ولاة الثغور كأحمد بن يعلى وغالب وعليها أكثر جهاد جليقيه ، ومنها الى شعراء (١) القوارير وفيها منهل تنزله الرفاق مرحلة ، ومنها الى مدينة سالم مرحلة ومنها غالب بن عبد الرحمن صاحب الجيش ولها سور عظيم ورستاق وإقليم واسع وناحية كثير الماشية رفهة فى جميع أسبابها فائضة الخير واسعته وهى أكثر الاندلس حربا وغزوا ، فهذه جملة من أخبار جزيرة الاندلس ،

__________________

(٦) (شعراء) تابعا لحط وفى الأصل (شعر) ،

١١٧

[صقليه]

(١) ويلحق بها فى حسن الحال ممّا هو بيد أهل الإسلام صقلّيه وهى جزيرة (١) [على شكل مثلّث متساوى الساقين زاويته الحادّة من غربىّ الجزيرة] طولها سبعة أيّام فى أربعة أيّام [وهى فى شرقىّ الاندلس فى لجّ البحر وتحاذيها من بلاد الغرب بلاد افريقية وباجة وطبرقه الى مرسى الخرز وغربيّها فى البحر جزيرة قرشقه (٢) ومن جنوب صقلّية جزيرة قوسره (٣) وعلى ساحل البحر شرقيّها من البرّ الأعظم الذي عليه قسطنطينيّة مدينة ريو ثمّ نواحى قلوريه](٤) ، والغالب عليها الجبال والقلاع والحصون وأكثر أرضها مسكونة مزروعة وليس لها مدينة مشهورة معروفة غير المدينة المعروفة ببلرم قصبة صقليه وهى على نحر البحر وهى خمس حارات متجاورة غير متباينة ببعيد مسافة وإن كانت حدودها ظاهرة بيّنة ،

(٢) ومنها المدينة الكبرى المسمّاة بلرم وعليها سور عظيم من حجارة شامخ منيع يسكنها التجّار وفيها مسجد الجامع الأكبر وكان بيعة للروم قبيل فتحها وفيه هيكل عظيم ويقول بعض المنطقيّين أنّ حكيم يونان يعنى ارسطوطالس فى خشبة معلّق فى هذا الهيكل الذي قد اتّخذه المسلمون مسجدا وأنّ النصارى كانت تعظّم قبره وتستشفى به لما شاهدت يونان عليه من إكباره وإعظامه قال والسبب فى تعليقه بين السماء والأرض ما كان الناس يلاقونه عند الاستسقاء والاستشفاء والأمور المهمّة التى

__________________

(٣) (٢ ـ ٣) [على شكل .... الجزيرة] مأخوذ من معجم البلدان لياقوت ج. ٣ ص. ٤٠٩ فيما نقله عن ابن حوقل برسم (صقلية) ، (٦) (قرشقه) ـ فى معجم البلدان (قرشق) ، (٧) (قوسره) ـ فى معجم البلدان (قوصرة) ، (٨) (٣ ـ ٨) [وهى فى .... قلوريه] مأخوذ كذلك من معجم البلدان ج. ٣ ص. ٤٠٩ ،

١١٨

توجب الفزعة (١) الى الله تعالى والتقرّب اليه فى حين الشدّة وخوف الهلكة وعند وطئ بعضهم لبعض وقد رأيت خشبة يوشك أن يكون هذا القبر فيها ،

(٣) وتجاهها مدينة تعرف بالخالصة ذات سور من حجارة وليس كسور بلرم يسكنها السلطان وأتباعه وفيها حمّامان ولا أسواق فيها ولا فنادق وفيها مسجد جامع صغير مقتصد وبها جيش للسلطان ودار صناعة للبحر والديوان ولها أربعة أبواب من قبولها ودبورها وغربها وشرقيّها البحر وسور لا باب له ، وحارة تعرف بحارة الصقالبة وهى أعمر من المدينتين اللتين ذكرتهما وأجلّ ومرسى البحر بها وبها عيون جارية بينها وبين صقلّية [٣٥ ظ] ومياه كالحدّ بينهما ، وحارة تعرف بحارة المسجد المعروف بابن سقلاب وهى كبيرة (٢) أيضا وليس بها مياه جارية وشرب أهلها من الأبآر وعلى طرفها الوادى المعروف بوادى عبّاس وهو عظيم كبير ومطاحنهم عليه كثيرة وبساتينهم وأجنّتهم غير منتفعة به ، والحارة الجديدة وهى كبيرة تقارب حارة المسجد وليس بينهما فرق ولا فاصلة ولا عليهما ولا على حارة الصقالبة سور ، وأكثر الأسواق فيما بين مسجد ابن سقلاب والحارة الجديدة كسوق الزّياتين بأجمعهم والدّقاقين والصيارفة والصيادنة (٣) والحدّادين (٤) والصياقلة وأسواق القمح والطرازيّين (٥) والسمّاكين والأبزاريّين وطائفة من القصّابين وباعة البقل وأصحاب الفاكهة والريحانيّين والجرّارين والخبّازين والجدّالين وطائفة من العطّارين والجزّارين والأساكفة والدبّاغين والنجّارين والغضائريّين والخشّابين (٦) خارج المدينة وببلرم طائفة من القصّابين والجرّارين والأساكفة وبها للقصّابين دون المائتى حانوت

__________________

(١) (الفزعة) ـ (؟؟؟) ، (١١) (كبيرة) ـ (كثيرة) ، (١٧) (والصيادنة) ـ حط (والصيادلة) ، (١٨) (والحدّادين والصياقلة) ـ حط (والحرّازين والصياقلة والنحّاسين) ، (١٩) (والطرازيّين) ـ (والاطراريين) ، (٢٠) (١٧ ـ ٢٠) (والطرازيّين .... والخشّابين) يوجد مكان ذلك فى حط (وكذلك سائر الصنّاع على اختلافهم) فقط ،

١١٩

لبيع اللحم والقليل (١) منهم فى المدينة برأس السماط ويجاورهم القطّانون والحلّاجون والحذّاؤون وبها غير سوق صالح ، ويدلّ على قدرهم وعددهم صفة مسجد جامعهم ببلرم وذلك أنّى حزرت المجتمع فيه إذا غصّ بأهله بلغ سبعة آلف رجل ونيّفا لأنّه لا يقوم فيه أكثر من ستّة وثلثين (٢) صفّا للصلاة وكلّ صفّ منها لا يزيد على مائتى رجل ،

(٤) وبصقلّيه من المساجد فى مدينة بلرم والمدينة المعروفة بالخالصة والحارات المحيطة بها من وراء سوريهما عامرة أكثرها قائمة على عروشها بحيطانها وأبوابها نيّف وثلثمائة مسجد يتواطأ أهل الخبرة منهم فى علمها ويتساوون فى معرفتها وعددها وبظاهرها ممّا حفّ بها ولاصقها وبين أجنّتها وأبراجها ومحالّ كانت متّصلة بالأقرب فالأقرب منها على الوادى المعروف بوادى عبّاس ومجاورة للمكان المعروف بالمعسكر (٣) فى ضمن البلد متبدّدة فى فحص عبّاس وبعضها فى أثر بعض الى المنزل المعروف بالبيضاء قرية تشرف على المدينة وبينهما نحو نصف فرسخ (٤) وقد خربت هلك أربابها بما دار عليهم من الفتن يعرف ذلك جميعهم غير مختلفين فى مقدارها وإنّها تزيد على مائتى مسجد ، ولم أر لهذه العدّة من المساجد بمكان ولا بلد من البلدان الكبار التى تستولى على ضعف مساحتها شبها ولا سمعت من يدّعيه إلّا ما يتذاكره أهل قرطبه من أنّ بها خمس مائة مسجد ولم أقف على حقيقة ذلك من قرطبه وذكرته فى موضعه على شكّ منّى فيه وأنا محقّقه بصقلّيه لأنّى شاهدت أكثره ، ولقد كنت واقفا ذات يوم بها فى جوار دار أبى محمّد عبد الواحد بن محمّد المعروف بالقفصىّ الفقيه الوثائقىّ فرأيت من مسجده فى مقدار رمية سهم نحو عشرة مساجد يدركها بصرى ومنها شىء تجاه شىء وبينهما عرض الطريق فقط ، وسألت عن ذلك فأخبرت أنّ القوم لشدّة انتفاخ رؤوسهم كان يحبّ كلّ واحد منهم أن يكون له مسجد مقصور [٣٥ ب] عليه لا يشركه فيه غير أهله وغاشيته وربّما كانا

__________________

(١) (والقليل) ـ (والغليل) ، (٤) (وثلثين) ـ (وثلثون) ، (١١) (بالمعسكر) ـ (بالعسكر) ، (١٣) (نحو نصف فرسخ) ـ حط (نحو من فرسخ) ،

١٢٠