رحلة ابن بطوطة - ج ١

شمس الدين أبي عبد الله محمد بن عبد الله اللواتي الطنجي

رحلة ابن بطوطة - ج ١

المؤلف:

شمس الدين أبي عبد الله محمد بن عبد الله اللواتي الطنجي


المحقق: عبد الهادي التازي
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: أكاديمية المملكة المغربية
الطبعة: ٠
ISBN: 9981-46-007-9
ISBN الدورة:
9981-46-006-0

الصفحات: ٤٣١

الصحابة صحبهم أويس القرني من المدينة إلى الشام فتوفى في أثناء الطريق في برية لا عمارة فيها ولا ماء فتحيّروا في أمره فنزلوا فوجدوا حنوطا وكفنا وماء فعجبوا من ذلك وغسلوه وكفنوه وصلوا عليه ودفنوه ، ثم ركبوا فقال بعضهم كيف نترك قبره بغير علامة؟ فعادوا للموضع فلم يجدوا للقبر من أثر!

قال ابن جزي ويقال : إن أويسا قتل بصفّين (٢٤٤) مع علي عليه‌السلام ، وهو الأصح إن شاء الله.

ويلي باب الجابية باب شرقي (٢٤٥) عنده جبّانة فيها قبر أبيّ بن كعب صاحب رسولاللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم (٢٤٦) ، وفيها قبر العابد الصالح (٢٤٧) رسلان المعروف بالباز الأشهب.

حكاية في سبب تسميته بذلك

يحكى أن الشيخ الولي أحمد الرفاعي رضي‌الله‌عنه كان مسكنه بأم عبيدة بمقربة من

__________________

(٢٤٤) معركة صفين (الشاطئ الأيمن لنهر الفرات في مقابلة قلعة جعبر بالباء ، معجم البلدان) وقد شبت عام ٣٧ ـ ٦٥٦ بين الجيش العراقي بقيادة علي وبين الجيش السوري بقيادة معاوية الذي سيصبح خليفة!

(٢٤٥) يتحدث ابن جبير عن باب يوجد في الشرق مع منارة كبيرة بيضاء يقال بأن المسيح سينزل فيها من السماء ... ويسمى هذا الباب في المصادر المسيحية باب القديس بول (Saint Paul)

(٢٤٦) أبي بن كعب من كتبة الوحي على عهد الرسول عليه‌السلام بعد أن كان من أحبار اليهود ، هذا ومكان القبر المتحدث عنه غير معروف الآن. وقد شهد أبي بن كعب مع عمر ابن الخطاب وقعة الجابية وكتب كتاب الصلح لاهل بيت المقدس وأمره عثمان بجمع القرآن فاشترك في جمعه ، أدركه أجله بالمدينة المنورة حوالي ٢١ / ٦٤٢.

(٢٤٧) هو بالذات الشيخ رسلان بن يعقوب بن عبد الرحمن التركماني الجعبري (نسبة لقرية جعبر) قبره معروف بدمشق أدركه أجله عام ٦٩٩ ـ ١٣٠٠ ويعتبر من صالحي دمشق ولهذا يتردد الناس على قبره للتبرك به ... ويقال له الشيخ رسلان تخفيفا ... أدرجه أجله عام ٦٩٩ ـ ١٣٠٠ ، وما في ييرازيموس يحتاج لتصحيح.

٣٢١

مدينة (٢٤٨) واسط وكانت بين ولي الله تعالى أبي مدين شعيب ابن الحسين (٢٤٩) وبينه مؤاخاة ومراسلة ، ويقال إن كل واحد منهما كان يسلم على صاحبه صباحا ومساء فيرد عليه الآخر ، وكانت للشيخ أحمد نخيلات عند زاويته ، فلما كان في إحدى السنين جذّها على عادته ، وترك عذقا منها ، وقال هذا برسم أخي شعيب فحج الشيخ أبو مدين تلك السنة واجتمعا بالموقف الكريم بعرفة ومع الشيخ أحمد خديمه رسلان فتفاوضا الكلام ، وحكى الشيخ حكاية العذق فقال له رسلان : عن أمرك يا سيدي آتيه به ، فأذن له فذهب من حينه وأتاه به ووضعه بين أيديهما فأخبر أهل الزاوية أنهم رأوا عشية يوم عرفة بازا أشهب قد انقضّ على النخلة فقطع ذلك العذق وذهب به في الهواء.

وبغربي دمشق جبّانة تعرف بقبور الشهداء فيها قبر أبي الدرداء وزوجه أم الدرداء (٢٥٠) ، وقبر فضالة بن عبيد (٢٥١) ، وقبر واثلة ابن الأسقع (٢٥٢) ، وقبر سهل بن

__________________

(٢٤٨) هو أحمد بن علي بن يحيى الرفاعي الحسيني (أبو العباس) مؤسس الطريقة الرفاعية الذين يرتدون السواد ، ولد في قرية حسن من أعمال واسط بالعراق ، وهناك تفقه وتأدب وتصوف فانضم إليه خلق كثير ، انتشرت طريقته في الصومال واندونيسيا ومصر وتركيا ... وسكن قرية أم عبيدة بالبطائح (بين واسط والبصرة) وبها توفي عام ٥٧٨ ـ ١١٨٢ ، وقبره محط الرحال لسالكي طريقته ، وقد صنف كثيرون كتبا خاصة به وبطريقته واتباعه ... ولم يخلف أبو العباس الرفاعي عقبا أما العقب فلأخيه. لهذا فإن حديث ابن بطوطة عن حفيده أحمد كوجك يحتاج لمراجعة.

(٢٤٩) أبو مدين شعيب بن الحسين ولد في إشبيلية وبعد أن قام بسفر في الشرق رجع للمغرب فأصبح من مشاهير الصوفية وكثر اتباعه حتى خافه يعقوب المنصور ، أدركه أجله بتلمسان عام ٥٩٤ ـ ١١٩٨ ...

وإلى أحد حفدته يرجع الوقف المشهور في حي المغاربة بالقدس ، د. عبد الهادي التازي : أوقاف المغاربة في القدس يراجع التعليق السابق رقم ٢٨.

(٢٥٠) أبو الدّرداء عمير بن مالك الانصاري الخزرجي صحابي من الحكماء الفرسان ، وفي الحديث (عويمر حكيم أمتي) ... ولاه معاوية قضاء دمشق بأمر عمر بن الخطاب ... أحد الذين جمعوا القرآن حفظا ... أدركه أجله بالشام عام ٣٢ ـ ٦٥٢ قبره الذي تحدثوا عنه في القرن العاشر الهجري اختفى ولكن احجاره توجد الآن في متحف دمشق ... وأم الدرداء هي خيره ، توفيت بالشام عام ثلاثين ...

(٢٥١) فضالة بن عبيد بن نافذ الانصاري الاوسى صحابي ممن بايع تحت الشجرة شهد أحدا وما بعدها وشهد فتح الشام ومصر وسكن الشام وولى الغزو والبحر بمصر ثم ولاه معاوية قضاء دمشق ، وقد أدركه أجله بها عام ٥٣ ـ ٦٧٣ ...

(٢٥٢) واثلة بن الأسقع بن عبد العزي الكناني ، صحابي ، من أهل الصفة ... وهو الذي بايع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم" على ما أحب وكره" حسب تعبير الحديث ... شهد غزوة تبوك ... ثم شهد فتح دمشق وحضر المغازي في البلاد الشامية كان آخر الصحابة موتا ، أدركه أجله بالقدس سنة ٨٣ ـ ٧٠٢.

٣٢٢

حنظلية (٢٥٣) من الذين بايعوا تحت الشجرة (٢٥٤) ، رضي‌الله‌عنهم أجمعين. وبقرية تعرف بالمنيحة (٢٥٥) شرقي دمشق وعلى أربعة أميال منها قبر سعد بن عبادة (٢٥٦) ، رضي‌الله‌عنه ، وعليه مسجد صغير حسن البناء وعلى رأسه حجر فيه مكتوب : هذا قبر سعد بن عبادة رأس الخزرج صاحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم تسليما. وبقرية قبلى البلد وعلى فرسخ منها مشهد أم كلثوم (٢٥٧) بنت علي بن أبي طالب من فاطمة عليهم‌السلام ، ويقال إن اسمها زينب وكنّاها النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أم كلثوم لشبهها بخالتها أم كلثوم بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وعليه مسجد كريم وحوله مساكن ، وله أوقاف ، ويسمّيه أهل دمشق قبر ا لست أم كلثوم ، وقبر آخر يقال إنه قبر سكينة بنت الحسين ابن علي عليه‌السلام (٢٥٨).

وبجامع النّيرب (٢٥٩) من قرى دمشق في بيت بشرقيه قبر يقال : إنه قبر أم مريم عليها‌السلام (٢٦٠)٠، وبقرية تعرف بداريّا (٢٦١) غربيّ البلد ، وعلى أربعة أميال منها ، قبر أبي

__________________

(٢٥٣) سهل بن الحنظلية صحابي من المدينة ، أدركه أجله في دمشق عام ٤٧ ـ ٦٦٧ وقبره مجهول.

(٢٥٤) السورة ٤٨ ، الآية ١٨ ، سورة الفتح ، لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة.

(٢٥٥) قرية في الغوطة شرقي دمشق.

(٢٥٦) سعد بن عبادة كان سيد الخزرج وأحد الأمراء الأشراف في الجاهلية والإسلام ، وكان يلقب في الجاهلية بالكامل لمعرفته الكتابة والرمى والسّباحة ، شهد العقبة مع السبعين من الانصار لما توفي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم تاق إلى الخلافة ... ولم يلبث أن خرج إلى الشام مهاجرا ، فمات بحوران عام ١٤ ـ ٦٣٥ وقد كان قبره معروفا أواخر القرن الأخير ...

(٢٥٧) تحدث ابن جبير (ص (٢٢٨) عن مشهد أم كلثوم هذه على أنه في قرية (راوية) جنوب مدينة دمشق على بعد فرسخ منها ، وأهل هذه الجهات يعرفونه إلى اليوم بقبر الست على ما يحكيه ابن بطوطة. أصبح المشهد لؤلؤة وضاءة عند ما زرته في نونبر ١٩٩٣. ولا ندري لماذا جعل ابن عساكر اسم بريهة عوض زينب؟

(٢٥٨) لقد نجت السيدة سكينة من الموت في وقعة كربلاء وأدركها أجلها بالمدينة عام ١١٧ ـ ٧٣٥ لكن الهروي ص ١٣ ـ ١٩ يضع قبرها في المقبرة القريبة من الباب الصغير ... وهو معظم دائما ، كانت نبيلة شاعرة ذات صالون كما يقولون تجالس الأجلة من قريش وتجمع اليها الشعراء كانت أجمل الناس شعرا (بفتح العين) تصفف لمّتها تصفيفا لم ير أحسن منه، ولا بد أننا نقدر تعبير ابن بطوطة هنا : (يقال ...)

(٢٥٩) مسجد النّيرب كان غربي دمشق ، وهو من مساجد القرى غير مذكور في الدارس في تاريخ المدارس ص ٣٥٥.

(٢٦٠) يقول الهروي ص ١١ إن مريم هذه ليست هي مريم بنت عمران ، لكنها مريم أخرى لها حكايتها والله أعلم ... كان هذا المكان مقصودا من لدن الزوار.

(٢٦١) قرية كبيرة من قرى الغوطة والنسبة إليها : داراني كما سنرى ....

٣٢٣

٣٢٤

مسلم الخولاني (٢٦٢) وقبر أبي سليمان الدّاراني (٢٦٣) رضي‌الله‌عنهما.

[مسجد الأقدام بدمشق]

ومن مشاهد دمشق الشهيرة البركة مسجد الأقدام (٢٦٤) وهو في قبلي دمشق على ميلين منها ، على قارعة الطريق الأعظم الآخذ إلى الحجاز الشريف والبيت المقدس وديار مصر ، وهو مسجد عظيم كثير البركة ، وله أوقاف كثيرة ، ويعظمه أهل دمشق تعظيما شديدا والأقدام التي ينسب اليها هي أقدام مصورة في حجر هنالك يقال إنها أثر قدم موسى عليه‌السلام ، وفي هذا المسجد بيت صغير فيه حجر مكتوب عليه : كان بعض الصالحين يرى المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وسلم في النّوم فيقول له : ها هنا قبر أخي موسى عليه‌السلام. وبمقربة هذا المسجد على الطريق موضع يعرف بالكثيب الأحمر وبمقربة من بيت المقدس وأريحا (٢٦٥) موضع يعرف أيضا بالكثيب الأحمر تعظمه اليهود.

حكاية [الطاعون الأعظم في دمشق]

شاهدت أيام الطاعون الأعظم بدمشق في أواخر شهر ربيع الثاني سنة تسع

__________________

(٢٦٢) أبو مسلم الخولاني هو عبد الله بن ثوب (بضم الثاء وفتح الواو) تابعي فقيه زاهد نعته الذهبي بريحانة الشام أسلم قبل وفاة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثم هاجر إلى الشام ، وأدركه أجله بدمشق عام ٦٢ ـ ٦٨٢. ويعتبر المكان من المزارات ...

(٢٦٣) أبو سليمان الداراني عبد الرحمن بن أحمد بن عطية ... زاهد مشهور من أهل داريا بغوطة دمشق رحل إلى بغداد ثم عاد إلى الشام له أخبار في الزهد ، من كلامه : " خير السخاء ما وافق الحاجة ..." أدركه أجله عام ٢٣٦ ـ ٨٥٠ ... والمكان مزارة :

(٢٦٤) مسجد الأقدام أو (القدم) بالافراد كما عند النعيمي الدمشقي يوجد جنوب دمشق ـ كما يقول الهروي (ص ١٣) الذي يضيف إلى هذا قوله : يذكر أن هنا قبر موسى بن عمران لكن هذا غير صحيح ، وفي الحقيقة انه لا يعرف قبر موسى" وهذا المسجد يوجد الآن في قرية جنوب دمشق.

(٢٦٥) أريحاGericho. يزعم النصارى أن المسيح تعمد فيها ، وهي مدينة الجبارين التي رفض قوم موسى الدخول اليها (سورة المائدة / ٢٢ ، معجم البلدان ...) ومن الطريف أن نذكّر هنا بما أورده العمري في كتاب التعريف من أن اليهود كانوا يقولون إذا ما أرادوا أن يؤدوا القسم : إنني والله العظيم وحق التوراة والعشر كلمات وإلا برئت من اسرائيل ونزلت أريحا مدينة الجبارين ... الخ.

ويبدو من ابن بطوطة أن العلم الجغرافي : (الكثيب الأحمر) الذي ورد في صحيح البخاري ، أن قبر موسى يوجد فيه له موقعان اثنان ، وإذا كان موقع الكثيب الأحمر بدمشق قد تعذر تحديده فإن الكثيب الأحمر القريب من بيت المقدس حدد بأنه في الجنوب الغربي من أريحا حيث قام بيبرس ، ببناء مسجد عام ٦٧٠ ـ ١٢٧٠ لم يلبث أن أصبح مزارة للعامة على أنه قبر النبي موسى. وقد بقي هذا التقليد حتى الآن على ما يؤكده (فاكس) ورد اليوم ٢٤ / ١٩٩٥ من سعادة الزميل عبد السلام سيناصر ... راجع التعليق رقم ٢ من هذا الفصل.

٣٢٥

وأربعين (٢٦٦) ، من تعظيم أهل دمشق لهذا المسجد ما يعجب منه وهو أن ملك الأمراء نايب السلطان أرغون (٢٦٧) شاه أمر مناديا ينادي بدمشق أن يصوم الناس ثلاثة أيام ولا يطبخ أحد بالسوق ما يؤكل نهارا ، وأكثر الناس بها إنما يأكلون الطعام الذي يصنع بالسوق ، فصام الناس ثلاثة أيام متوالية كان آخرها يوم الخميس ، ثم اجتمع الأمراء والشرفاء والقضاة وساير الطبقات على اختلافها في الجامع حتى غص بهم وباتوا ليلة الجمعة ما بين مصل وذاكر وداع ، ثم صلوا الصبح وخرجوا جميعا على أقدامهم وبأيديهم المصاحف ، والأمراء حفاة وخرج جميع أهل البلد ذكورا وإناثا صغارا وكبارا ، وخرج اليهود بتوراتهم ، والنصارى بإنجيلهم ، ومعهم النساء والولدان وجميعهم باكون متضرعون متوسلون إلى الله بكتبه وأنبيائه ، وقصدوا مسجد الأقدام وأقاموا به في تضرعهم إلى قرب الزوال وعادوا إلى البلد فصلوا الجمعة وخفف الله تعالى عنهم فانتهى عدد الموتى إلى ألفين في اليوم الواحد ، وقد انتهى عددهم بالقاهرة ومصر إلى أربعة وعشرين ألفا في يوم واحد.

وبالباب الشرقي منارة بيضاء يقال أنها التي ينزل عيسى عليه‌السلام عندها حسبما ورد في صحيح مسلم (٢٦٨).

ذكر أرباض دمشق

وتدور بدمشق من جهاتها ما عدا الشرقية أرباض فسيحة الساحات ، دواخلها أملح من داخل دمشق لأجل الضيق الذي في سككها ، وبالجهة الشمالية منها ربض الصالحية (٢٦٩) وهي مدينة عظيمة لها سوق لا نظير لحسنه ، وفيها مسجد جامع ومارستان ، وبها

__________________

(٢٦٦) يلاحظ هنا واضحا أن ابن بطوطة أقحم هنا في هذه الزيارة الأولى ما سيقع له أثناء عودته من رحلته ٧٤٧ ـ ١٣٤٧ ويلاحظ كذلك في المقابل أنه أهمل ذكر تزوجه في دمشق بسيدة حفيدة لأحد المكناسيين منذ الزيارة الأولى ولم يذكر ذلك إلا عند الزيارة الثانية!!

(٢٦٧) أرغون شاه الناصري حظي عند الملك الناصر برتبة عالية وتولى منصب الاستذارية (الحجابة) ثم نيابة صفد ، ثم نيابة حلب ثم دمشق فتمكن وعظم قدره ، ولم يزل كذلك حتى جاء الأمر بامساكه وذبحه في شهر ربيع الأول ٧٥٠ ـ ١٣٤٩ ، الدرر ١ ، ٣٧٣ ـ الدارس في تاريخ المدارس ، ج ٢ ، ص ٢٣٤.

(٢٦٨) رواه مسلم في الفتن ورواه أبو داود في الملاحم والترمذي في الفتن وابن ماجة كذلك في الفتن.

(٢٦٩) تحدث القلقشندي عن (الصالحية) التي تقع عند منحدر جبل قاسيون وتهيمن على المدينة وبيوتها ومدارسها وأسواقها. وهي تحتضن رفات محيي الدين ابن عربي الملقب بالشيخ الأكبر (ت ٦٣٩) كما تحتضن ورفات ابن مالك صاحب الألفية (ت ٦٧٢) وقد ترحّم عليه ابن عثمان المكناسي ...

٣٢٦

مدرسة تعرف بمدرسة أبي عمر (٢٧٠) موقوفة على من أراد أن يتعلم القرآن الكريم من الشيوخ والكهول وتجرى لهم ولمن يعلمهم كفايتهم من المأكل والملابس.

وبداخل البلد أيضا مدرسة مثل هذه تعرف بمدرسة ابن منجّا (٢٧١) ، وأهل الصالحية كلّهم على مذهب الامام أحمد بن حنبل رضي‌الله‌عنه.

ذكر قاسيون ومشاهده المباركة

وقاسيون جبل في شمال دمشق والصالحية في سفحه ، وهو شهير البركة لانه مصعد الأنبياءعليهم‌السلام ، ومن مشاهده الكريمة الغار الذي ولد فيه إبراهيم (٢٧٢) الخليل عليه‌السلام ، وهو غار مستطيل ضيق عليه مسجد كبير وله صومعة عالية ، ومن ذلك الغار رأي الكوكب والقمر والشمس (٢٧٣) حسبما ورد في الكتاب العزيز ، وفي ظهر الغار مقامه الذي كان يخرج اليه.

وقد رأيت ببلاد العراق قرية تعرف ببرص بضم الباء الموحدة وآخرها صاد مهمل ، ما بين الحلة وبغداد (٢٧٤) ، يقال إن مولد إبراهيم عليه‌السلام بها ، وهي بمقربة من بلد ذي الكفل عليه‌السلام ، وبها قبره (٢٧٥).

__________________

(٢٧٠) مدرسة أبي عمر وليس ابن عمر ... بنيت هذه المدرسة من لدن الشيخ أبي عمر الكبير والد قاضي القضاة شمس الدين الحنبلي الذي هاجر من القدس لاستيلاء الفرنج على الأراضي المقدسة ، وقد كتبها المترجمان : ابن عمر فتبعهما سائر الناشرين فيما بعد ... أدركه أجله عام ٦٠٧ ـ ١٢١١ ـ النعيمي الدمشقي : الدارس في تاريخ المدارس ، ج ٢ ، ص ١٠٠.

(٢٧١) زين الدّين المنجا اسم لأول شيخ درس بها وهو زين الدين ابن المنجا الدمشقي الحنبلي ممن انتهت اليهم الرياسة في المذهب مع التبحر في العربية والبحث. الدارس : ٢ ، ٧٣ ـ ٧٤ أدركه أجله بدمشق عام ٦٩٥ ـ ١٢٩٦.

(٢٧٢) قريب من هذا عند ابن جبير صفحة ٢٢٢ ويذكر أن هذا المكان مزارة إلى الآن ...

(٢٧٣) السورة رقم ٦ الآية ٧٦ ـ ٧٨.

(٢٧٤) كلمة (برص) لم تعد لها صدى في العراق حسب علمي حيث كنت أسأل عنها زملائي باستمرار وربما كانت لها صلة مع الموقع القديم (Borsippa) الواقعة إلى الشمال.

(٢٧٥) القبر الموجود قريبا من الحلة هو قبر حزقيل ذي الكفل (EZEKIEL) المذكور في القرآن. الهروي : الإشارات ص ٧٦.

٣٢٧

ومن مشاهده بالغرب منه مغارة الدّم (٢٧٦) وفوقها بالجبل دم هابيل بن آدم عليه‌السلام ، وقد أبقى الله منه في الحجارة أثرا محمرّا ، وهو الموضع الذي قتله أخوه به واجترّه إلى المغارة ، ويذكر أن تلك المغارة صلى فيها ابراهيم وموسى وعيسى وأيوب ولوط صلى الله عليهم أجمعين ، وعليها مسجد متقن البناء يصعد إليه على درج ، وفيه بيوت ومرافق للسكنى ، ويفتح في كل يوم اثنين وخمسين ، والشمع والسرج توقد في المغارة.

ومنها كهف بأعلى الجبل ينسب لآدم عليه‌السلام (٢٧٧) ، وعليه بناء وأسفل منه مغارة تعرف بمغارة الجوع (٢٧٨). يذكر أنه أوى إليها سبعون من الأنبياء عليهم‌السلام ، وكان عندهم رغيف فلم يزل يدور عليهم وكل منهم يؤثر صاحبه به حتى ماتوا جميعا صلى الله عليهم ، وعلى هذه المغارة مسجد مبني والسرج تقد به ليلا ونهارا.

ولكل مسجد من هذه المساجد أوقاف كثيرة معينة ويذكر أن فيما بين باب الفراديس وجامع قاسيون (٢٧٩) مدفن سبعمائة نبي ، وبعضهم يقول سبعين ألفا ، وخارج المدينة المقبرة العتيقة، وهي مدفن الأنبياء والصالحين وفي طرفها مما يلي البساتين أرض منخفضة غلب عليها الماء، يقال إنها مدفن سبعين نبيّا وقد عادت قرارا للماء ونزهت من أن يدفن فيها أحد.

ذكر الربوة والقرى التي تواليها

وفي آخر جبل قاسيون الربوة المباركة (٢٨٠) المذكورة في كتاب الله ذات القرار والمعين ومأوى المسيح عيسى وأمه عليهما‌السلام (٢٨١) ، وهي من أجمل مناظر الدنيا ومنتزهاتها وبها القصور المشيّدة والمباني الشريفة والبساتين البديعة والمأوى المبارك ، مغارة صغيرة في

__________________

(٢٧٦) مغارة الدم يقال بأنه فيها قتل هابيل من لدن قابيل ... هكذا عند الهروي ... والمكان دائما مزارة من المزارات.

(٢٧٧) ما عند الهروي يؤيد هذه المعلومات ويعرف المكان الآن بكهف النائمين السبعة ...

(٢٧٨) يذكر الهروي أن مغارة الجوع مات فيها أربعون نبيا ... موقع يزار من لدن الناس ومعروف تحت اسم قبّة الربان.

(٢٧٩) عوض (جامع) يوجد عند ابن جبير (جبل) ...

(٢٨٠) تحدث ابن جبير قائلا : " في طرف هذا الجبل وفي بداية السهل ترتفع الربوة المباركة ..."

(٢٨١) الهروي يفند (ص ١١) أن يكون عيسى وصل إلى دمشق ...

٣٢٨

وسطها كالبيت الصغير وبازائها بيت ، يقال إنه مصلى الخضر عليه‌السلام (٢٨٢) يبادر الناس إلى الصلاة فيهما وللمأوى باب حديد صغير والمسجد يدور به ، وله شوارع دائرة وسقاية حسنة ينزل لها الماء من علو ، وينصبّ في شاذروان (٢٨٣) في الجدار يتّصل بحوض من رخام ويقع فيه الماء ولا نظير له في الحسن وغرابة الشكل. وبقرب ذلك مطاهر للوضوء يجري فيها الماء.

وهذه الربوة المباركة هي رأس بساتين دمشق وبها منابع مياهها (٢٨٤) وينقسم الماء الخارج منها على سبعة أنهار كل نهر آخذ في جهة ويعرف ذلك الموضع بالمقاسم ، وأكبر هذه الأنهار النهر المسمى بتورة ، وهو يشق تحت الربوة وقد نحت له مجرى في الحجر الصلد كالغار الكبير(٢٨٥) ، وربما انغمس ذو الجسارة من العوّامين في النهر من أعلى الربوة واندفع في الماء حتى يشق مجراه ويخرج من أسفل الربوة ، وهي مخاطرة عظيمة ، وهذه الربوة تشرف على البساتين الدائرة بالبلد ، ولها من الحسن واتساع مسرح الأبصار ما ليس لسواها ، وتلك الأنهار السبعة تذهب في طرق شتى فتحار الأعين في حسن اجتماعها وافتراقها واندفاعها وانصبابها ، وجمال الربوة وحسنها التام أعظم من أن يحيط به الوصف ، ولها الأوقاف الكثيرة من المزارع والبساتين والرباع ، تقام منها وظايفها للإمام والمؤذن والصادر والوارد.

__________________

(٢٨٢) الخضر هو النبي الذي التقى به موسى وطلب رفقته شرط أن لا يتكلم ثم خرق الخضر سفينة صالحين وقتل طفلا لابوين صالحين ورمم حائطا في قرية رفض سكانها استقبالهما فلم يعد موسى يستطيع صبرا فأخبره الخضر بسبب كل شيء وافترقا ... ـ سورة الكهف ، رقم ١٨ ، الآية ٦٤ ...

(٢٨٣) الشاذروان : لفظ فارسي يعني بكل بساطة ما نسميه بالمغرب الخصّة ، وهو الفسقية أو الفوّارة : صحن يتجمع فيه الماء وأحيانا تكون هذه الفسقيات أو الفوارات على شكل سباع تلقى الماء من أفواهها ... أما عن (الشاذروان) الذي يذكر عند الحديث عن الكعبة ، فإن القصد إلى القاعدة التي تحيط بالكعبة من ثلاث جهات : الجنوب الغربي والجنوب الشرقي ، ومن الشمال الشرقي على ما يذكره الازرقي ، ونذكر في صدر معاني الشاذروان : السدّ او الخزان الذي يتجمع فيه الماء.

(٢٨٤) تعبير ابن جبير : " وهذه الربوة المباركة رأس بساتين البلد ومقسم مائه ، وينقسم فيها الماء على سبعة انهار يأخذ كلّ نهر طريقه وأكبر هذه الأنهار نهر يعرف بثورا ... ص ٢٢٤ من رحلة ابن جبير.

(٢٨٥) أورد القلقشندي تفصيلا أكثر دقة عندما ذكر أن دمشق وأجنتها تسقى جميعا من نهري بردى ... وإن الماء ينبع من شق في سفح الجبل ... وبعد أن يذكر هنا بناء للرومان يتحدث عن أن النهر يزداد ماؤه بما ينضاف اليه من عيون ثم ينقسم النهر إلى عدة فروع الخ.

R. Tresse : L\'irrigation dans la Gouta de Damas, Revue des etudes Islamiques ٢٩٩١, ٩٥٤ ـ ٣٧٤ ـ YERMSIMOS T. ١ P. ٩٣٢ Note ٠٠٣.

٣٢٩

وبأسفل الربوة قرية النّيرب (٢٨٦)وقد تكاثرت بساتينها وتكاثفت ظلالها ، وتدانت أشجارها ، فلا يظهر من بنائها إلا ما سما ارتفاعه ، ولها حمّام مليح ولها جامع بديع مفروش صحنه بفصوص الرخام ، وفيه سقاية ماء رائقة الحسن ومطهرة فيها بيوت عدة يجري فيها الماء.

وفي القبلىّ من هذه القرية قرية المزّة ، وتعرف بمزّة كلب (٢٨٧) نسبة إلى قبيلة كلب بن وبرة بن ثعلب بن حلوان بن عمران ابن الحاف بن قضاعة ، وكانت إقطاعا لهم ، وإليها ينسب الامام حافظ الدنيا جمال الدين يوسف بن الزكى الكلبي المزّى (٢٨٨) وكثير سواه من العلماء ، وهي من أعظم قرى دمشق ، وبها جامع كبير عجيب وسقاية معينة.

وأكثر قرى دمشق فيها الحمّامات والمساجد الجامعة والأسواق وسكانها كأهل الحاضرة في مناحيهم وفي شرقي البلد قرية تعرف ببيت إلاهيّة (٢٨٩) وكانت فيها كنيسة يقال : إن آزر كان ينحت فيها الأصنام فيكسرها الخليل عليه‌السلام ، وهي الآن مسجد جامع بديع مزين بفصوص الرخام الملونة المنظمة بأعجب نظام ، وأزين التئام.

ذكر الأوقاف بدمشق وبعض فضائل أهلها وعوائدهم

والأوقاف بدمشق لا تحصر أنواعها ومصارفها لكثرتها ، فمنها أوقاف العاجزين عن الحج يعطي لمن يحج عن الرجل منهم كفايته ، ومنها أوقاف على تجهيز البنات (٢٩٠) إلى أزواجهن وهي اللواتي لا قدرة لأهلهن على تجهيزهن ، ومنها أوقاف لفكاك الأساري ، ومنها أوقاف لابناء السبيل يعطون منها ما يأكلون ويلبسون ويتزودون لبلادهم ، ومنها أوقاف على

__________________

(٢٨٦) النّيرب يقول ياقوت إنه يقع على بعد نصف فرسخ من دمشق في الاجنة التي لم ير مثلها وقد سلفت الاشارة إليه عند الحديث عن مسجد النّيرب.

(٢٨٧) المزة الحالية على بعد خمس كيلوميترات غربي دمشق ... أما عن قبيلة بني كلب فهي من أبرز القبائل العربية في سوريا الوسطى ... واليهما ينتسب دحية سفير النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى ملك الروم.

(٢٨٨) يوسف ابن الزكى عبد الرحمن بن يوسف أبو الحجاج جمال الدين الكلبي مشيخته نحو الف شيخ ، سمع بالشام والحرمين ومصر وحلب والاسكندرية ، محدث الديار الشامية في عصره يتوجه لالقاء دروسه في الصالحية مشيا في العشر التسعين ولم يكن له مركوب ، له عدد من التأليف ... وكان أعرف الناس بالرجال ... ترجم له ابن حجر ترجمة واسعة في كتابه (الدرر الكامنة) ج ٥ ص ٢٣٣ ـ ٢٣٧. أدركه أجله في دمشق يوم السبت ١٢ صفر ٧٦٢ ـ ١٣٤١.

(٢٨٩) بيت إلاهية يقع شمال شرق المدينة وقد اختفت معالمه اليوم وينطق به عند الأهالي بيت لهية : وآزر والد سيدنا ابراهيم.

(٢٩٠) مثل هذه الأوقاف على تجهيز الفقيرات ، وعلى من تكسرت له آنية ، وجدناه في أخبار مدينة فاس هذا ولا بد أن تستوقفنا عادة التحبيس على فك الأسرى من العدو ـ د. التازي : توظيف الوقف لخدمة السياسة الخارجية في المغرب صدر في كتاب حول الوقف للمعهد الفرنسي للدراسات العربية بدمشق ١٩٩٥ ص ٥٧ ـ ٨٥.

٣٣٠

تعديل الطرق ورصفها لأن أزقة دمشق لكلّ واحد منها رصيفان في جنبيه يمر عليهما المترجلون ويمر الرّكبان بين ذلك ، ومنها أوقاف لسوى ذلك من أفعال الخير ،

حكاية [المملوك الصّغير والصحفة]

مررت يوما ببعض أزقة دمشق فرأيت به مملوكا صغيرا قد سقطت من يده صحفة من الفخار الصّيني وهم يسمونها الصحن ، فتكسرت واجتمع عليه الناس ، فقال له بعضهم : اجمع شقفها واحملها معك لصاحب أوقاف الأواني ، فجمعها وذهب الرجل معه إليه فأراه إياها ، فدفع له ما اشترى به مثل ذلك الصحن ، وهذا من أحسن الأعمال فإن سيد الغلام لا بدّ له أن يضربه على كسر الصحن أو ينهره ، وهو أيضا ينكسر قلبه ويتغير لأجل ذلك فكان هذا الوقف جبرا للقلوب ، جزى الله خيرا من تسامت همته في الخير إلى مثل هذا.

وأهل دمشق يتنافسون في عمارة المساجد والزوايا والمدارس والمشاهد ، وهم يحسنون الظن بالمغاربة ويطمئنون اليهم بالأموال والأهلين والأولاد (٢٩١) ، وكلّ من انقطع بجهة من جهات دمشق لا بد أن يتأتى له وجه من المعاش من إمامة مسجد أو قراءة بمدرسة أو ملازمة مسجد يجيء إليه فيه رزقه ، أو قراءة القرآن أو خدمة مشهد من المشاهد المباركة أو يكون لجملة الصوفية بالخوانق تجرى له النفقة والكسوة ، فمن كان بها غريبا على خير لم يزل مصونا عن بذل وجهه محفوظا عما يزري بالمروّة ، ومن كان من أهل المهنة والخدمة فله أسباب أخرى من حراسة بستان أو أمانة طاحونة أو كفالة صبيان يغدو معهم إلى التعليم ويروح ، ومن أراد طلب العلم أو التفرغ للعبادة وجد الاعانة التّامة على ذلك.

ومن فضائل أهل دمشق أنه لا يفطر أحد منهم في ليالي رمضان وحده البتة ، فمن كان من الأمراء والقضاة والكبراء فإنه يدعو أصحابه والفقراء يفطرون عنده ، ومن كان من التجار وكبار السوقة صنع مثل ذلك ، ومن كان من الضعفاء والبادية فإنهم يجتمعون كلّ ليلة في دار أحدهم أو في مسجد ويأتي كل أحد بما عنده فيفطرون جميعا.

__________________

(٢٩١) لا يمكن أن نقرأ هذا المقطع من رحلة ابن بطوطة دون أن نذكر صدى مشاركة المغاربة في الحروب التي كانت تجري في المنطقة بين المسلمين والفرنج ، حيث تضافرت سائر المصادر على البلاء الحسن للمغاربة الامر الذي تفسره جيّدا الشهادات التي أدلى بها الرحالة ابن جبير ... ويفسره وجود أحياء حاصة بالمغاربة بالقدس وديار الشام ـ د. التازي : أوقاف المغاربة في القدس راجع التعليق رقم ٢٨.

٣٣١

ولما وردت دمشق وقعت بيني وبين نور الدين السخاوي مدرس المالكية صحبة فرغب منى أن أفطر عنده في ليالي رمضان فحضرت عنده أربع ليال ، ثم أصابتني الحمى فغبت عنه فبعث في طلبي فإعتذرت بالمرض فلم يسعنى عذرا فرجعت إليه وبتّ عنده ، فلما أردت الانصراف بالغد منعني من ذلك وقال لي : احسب داري كأنها دارك أو دار أبيك أو أخيك ، وأمر بإحضار طبيب وأن يصنع لي بداره كل ما يشتهيه الطبيب من دواء أو غداء ، وأقمت كذلك عنده إلى يوم العيد ، وحضرت المصلى (٢٩٢) وشفاني الله تعالى مما أصابني ، وقد كان ما عندي من النفقة نفد ، فعلم بذلك فإكترى لي جمالا وأعطاني الزاد وسواه ، وزادني دراهم وقال لي : تكون لما عسى أن يعن لك من أمر مهم ، جزاه الله خيرا. وكان بدمشق فاضل من كتاب الملك الناصر يسمى عماد الدين القيصراني (٢٩٣) من عادته أنه متى سمع أن مغربيّا وصل إلى دمشق بحث عنه وأضافه وأحسن إليه ، فإن عرف منه الدين والفضل أمره بملازمته ، وكان يلازمه منهم جماعة ، وعلى هذه الطريقة أيضا كاتب السر الفاضل علاء الدين بن غانم (٢٩٤) وجماعة غيره.

وكان بها فاضل من كبرائها وهو الصاحب عزّ الدين القلانسي (٢٩٥) ، له مآثر ومكارم وفضائل وإيثار ، وهو ذو مال عريض ، وذكروا أن الملك الناصر لما قدم دمشق أضافه وجميع أهل دولته ومماليكه وخواصّه ثلاثة أيام فسمّاه اذ ذاك بالصّاحب.

ومما يؤثر من فضائلهم أن أحد ملوكهم السالفين لما نزل به الموت أوصى أن يدفن

__________________

(٢٩٢) بنيت مصلى دمشق من لدن الملك العادل أخي السلطان صلاح الدين ، وتوجد جنوب مقبرة باب الجابية.

(٢٩٣) هذا عماد الدين اسماعيل بن محمد بن عبد الله القيسراني (بالسين) المتوفى سنة ٧٣٦ ـ ١٣٣٦ ينتمي إلى أسرة القيسراني من أعيان دمشق. وكان موقّع الدّست بمصر ثم ولي كتابة حلب ثم صرف إلى توقيع الدست بدمشق وتقدم عند أميرها تنكيز ـ الدرر الكامنة ٣ / ١٧٨.

(٢٩٤) هو علي بن محمد بن سليمان بن حمائل الدمشقي علاء الدين بن غانم المشهور بأدبه وقضائه لحوائح الناس كتب في ديوان الإنشاء وكان رئيسا كبيرا أدركه أجله عام ٧٣٦ ـ ١٣٣٦ الدرر الكامنة ٣ ، ١٧٨.

(٢٩٥) من أسرة موموقة بدمشق وقد أدركه أجله في سادس ذي الحجة سنة ٧٢٩ أكتوبر ١٣٢٩ واسمه حمزة بن أسعد ويلقب بالصاحب عز الدين ، رئيس الشام في عصره وله وكالة السلطان والوزارة بالشام ، ولقب الصاحب جاء من الملك الناصر ، نزل عنده عند ما قاد الجيش المصري إلى سوريا لمقاومة الغزو الإيلخاني عام ٧٠١ ـ ١٣٠٢ وأقام بدمشق من ٢٢ أبريل إلى ٢٠ ماي ١٣٠٣ وأقام في دمشق كذلك من يناير ١٣١٠ ومنذ ١٨ فبراير إلى أول مارس ومن ٨ إلى ٢٣ ماي ١٣١٣ ، قبل وبعد حجه هذا العام ٧١٣ ه‍ ـ الدرر الكامنية ٢ / ١٦٢ ـ ١٦٣.

Gibb I p. ٢٥١ Note ٣١٣.

٣٣٢

بقبلة الجامع المكرّم ويخفى قبره وعين أوقافا عظيمة لقراء يقرءون سبعا من القرآن الكريم في كلّ يوم إثر صلاة الصبح بالجهة الشرقية من مقصورة الصحابة رضي‌الله‌عنهم حيث قبره ، فصارت قراءة القرآن على قبره لا تنقطع أبدا ، وبقى ذلك الرسم الجميل بعده مخلدا.

ومن عادة أهل دمشق وسائر تلك البلاد أنهم يخرجون بعد صلاة العصر من يوم عرفة فيقفون بصحون المساجد كبيت المقدس وجامع بني أمية وسواها ويقف بهم أئمتهم كاشفي رؤوسهم، داعين خاضعين خاشعين ملتمسين البركة ويتوخّون الساعة التي يقف فيها وفد الله تعالى وحجاج بيته بعرفات ، ولا يزالون في خضوع ودعاء وابتهال وتوسل إلى الله تعالى بحجاج بيته إلى أن تغيب الشمس فينفرون كما ينفر الحاج باكين على ما حرموه من ذلك الموقف الشريف بعرفات داعين إلى الله تعالى أن يوصلهم اليها ولا يخليهم من بركة القبول فيما فعلوه.

ولهم أيضا في إتباع الجنائز رتبة عجيبة ، وذلك أنهم يمشون أمام الجنازة والقرّاء يقرءون القرآن بالأصوات الحسنة والتلاحين المبكية التي تكاد النفوس تطير لها رقة ، وهم يصلون على الجنائز بالمسجد الجامع قبالة المقصورة ، فإن كان الميت من أيمة الجامع أو مؤذنيه أو خدامه أدخلوه بالقراءة إلى موضع الصلاة عليه ، وإن كان من سواهم قطعوا القراءة عند باب المسجد ودخلوا بالجنازة ، وبعضهم يجتمع له بالبلاط الغربي من الصحن بمقربة من باب البريد فيجلسون وأمامهم ربعات القرآن يقرءون فيها ، ويرفعون أصواتهم بالنداء لكل من يصل للعزاء من كبار البلدة وأعيانها ، ويقولون : بسم الله فلان الدّين من كمال وجمال وشمس وبدر وغير ذلك ، فإذا أتموا القراءة قام المؤذنون فيقولون : افتكروا واعتبروا ، صلاتكم على فلان الرجل الصالح العالم ، ويصفونه بصفات من الخير ثم يصلّون عليه ويذهبون به إلى مدفنه.

ولاهل الهند رتبة عجيبة في الجنائز ايضا زائدة على ذلك وهي أنهم يجتمعون بروضة الميت صبيحة الثلاث من دفنه وتفرش الروضة بالثياب الرفيعة ، ويكسى القبر بالكسى الفاخرة وتوضع حوله الرياحين من الورد والنّسرين والياسمين ، وذلك النوار لا ينقطع عندهم ، ويأتون بأشجار الليمون والأترج ويجعلون فيها حبوبها إن لم تكن فيها ، ويجعل صيوان يظلّل الناس نحوه ، ويأتي القضاة والأمراء ومن يماثلهم فيقعدون ، ويقابلهم القراء ، ويؤتى بالربعات الكرام فيأخذ كل واحد منهم جزء فإذا تمت القراءة من القراء بالأصوات الحسان يدعو القاضي ويقوم قائما ويخطب خطبة معدة لذلك ، ويذكر فيها الميت ويرثيه بأبيات شعر ، ويذكر أقاربه

٣٣٣

ويعزّيهم عنه ويذكر السلطان داعيا له وعند ذكر السلطان يقوم الناس ويحطون رؤوسهم إلى سمت الجهة التي بها السلطان ، ثم يقعد القاضي ويأتون بماء الورد فيصب على الناس صبا يبتدأ بالقاضي ثم من يليه كذلك إلى أن يعم الناس أجمعين ثم يوتى بأواني السّكّر وهو الجلّاب محلولا بالماء فيسقون الناس منه ويبدأون بالقاضي ومن يليه ثم يوتى بالتنبول (٢٩٦) وهم يعظمونه ويكرمون من يأتي لهم به فإذا اعطى السلطان أحدا منه فهو أعظم من إعطاء الذهب والخلع ، وإذا مات الميت لم يأكل أهله التنبول إلا في ذلك اليوم ، فيأخذ القاضي أو من يقوم مقامه أوراقا منه فيعطيها لولي الميت فيأكلها وينصرفون حينئذ وسيأتي ذكر التنبول إن شاء الله تعالى.

ذكر سماعي بدمشق ، ومن أجازني من أهلها

سمعت بجامع بني أمية عمّره الله بذكره ، جميع صحيح الإمام أبي عبد الله محمد ابن اسماعيل الجعفي البخاري رضي‌الله‌عنه على الشيخ المعمر ، رحلة الآفاق ملحق الأصاغر بالأكابر ، شهاب الدين أحمد بن أبي طالب بن أبي النّعيم بن حسن بن علي بن بيان الدين مقرئ الصالحي ، المعروف بابن الشّحنة الحجّار (٢٩٧) في أربعة عشر مجلسا ، أولها يوم الثلاثاء منتصف شهر رمضان المعظم سنة ست وعشرين وسبعمائة وآخرها يوم الاثنين الثامن والعشرين منه (٢٩٨) بقراءة الامام الحافظ مؤرخ الشام علم الدين أبي محمد القاسم بن محمد بن يوسف البرزالي الإشبيلي (٢٩٩) الأصل الدمشقي ، في جماعة كبيرة كتب اسماءهم محمد بن طغريل بن عبد الله بن الغزّال الصيرفي ، بسماع الشيخ أبي العباس

__________________

(٢٩٦) من المهمّ أن نجد ابن بطوطة يتحدث منذ وصوله إلى دمشق ـ عن عادة كانت معروفة بالشام على ذلك العهد : تقديم ورق التنبول (La betel) في آخر الحفل ، فهو مؤذن بالانصراف!

(٢٩٧) القصد إلى ابن الشحنة أحمد بن أبي طالب ابن أبي النعم الحجّار الذي أدركه أجله عام ٧٣٠ ـ ١٣٣٠ ويلاحظ أن سائر النسخ التي بين أيدينا بما فيها مخطوطات باريز تذكر الحجار وليس الحجازي ، كما اختاره الناشران الفرنسيان من تلقائهما وتبعهما من نقل عنهما! قصده الطلاب من كل مكان وصام وعمره مائة سنة ، وكان حينئذ يغتسل بالماء البارد ولا يترك غشيان الزوجة! الدرر الكامنة ١ ، ١٥٢.

(٢٩٨) يعني من ١٥ إلى ٢٨ غشت ١٣٢٦ ، وهنا يعلق عليه البعض بأن الثلاثاء لم تكن هي منتصف رمضان وانّما هو الجمعة ولا الاثنين كذلك هو ٢٨ رمضان وانما هو الخميس!!

(٢٩٩) القاسم بن محمد بن يوسف البرزالي الاشبيلي ثم الدمشقي من أكبر علماء وقته وقد أدركه أجله عام ٧٣٩ ـ ١٣٣٩ ، زار مصر والحجاز والف كتابا في التاريخ جعله صلة لتاريخ أبي شامة ... نسبته إلى برزالة من بطون البربر ... ابن حجر : الدرر ج ٣ ص ٣٢١ ـ ٣٢٢.

٣٣٤

الحجازي لجميع الكتاب ، من الشيخ الامام سراج الدين أبي عبد الله الحسين بن أبي بكر المبارك بن محمد بن يحيى بن علي بن المسلم بن عمران الربيعي البغدادي الزبيدي الحنبلي (٣٠٠) ، في أواخر شوال وأوائل ذي القعدة من سنة ثلاثين وستمائة بالجامع المظفّري بسفح جبل قاسيون ظاهر دمشق وبإجازته في جميع الكتاب من الشيخين : أبي الحسن محمد بن أحمد بن عمر بن الحسين بن الخلف القطيعي المؤرخ ، وعلي بن أبي بكر بن عبد الله بن رؤبة القلانسي العطار البغداديين ومن باب غيرة النساء ووجدهن إلى آخر الكتاب من أبي المنجّا عبد الله بن عمر بن علي بن زيد بن اللّتي الخزاعي البغدادي بسماع أربعتهم من الشيخ سديد الدين أبي الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب بن ابراهيم السنجزى الهروى الصوفي في سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة ببغداد ، قال : أخبرنا الإمام جمال الإسلام أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن المظفر بن محمد ابن داوود بن أحمد بن معاذ بن سهل بن الحكم الداودي قراءة عليه وأنا أسمع ببوشنج سنة خمس وستين وأربعماية قال : أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حويّة بن يوسف بن أيمن السرخسى قراءة عليه وأنا أسمع في صفر سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة ، قال : أخبرنا عبد الله محمد بن يوسف بن مطر بن صالح بن بشر بن إبراهيم الفربري قراءة عليه ، وأنا أسمع سنة ست عشرة وثلاثمائة بفربر ، قال : أخبرنا الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري رضي‌الله‌عنه سنة ثمان وأربعين ومائتين بفربر ، ومرة ثانية بعدها سنة ثلاث وخمسين.

وممن أجازني من أهل دمشق إجازة عامة الشيخ أبو العباس الحجار (٣٠١). المذكور بسؤالي ذلك وتلفظ لي به ، ومنهم الشيخ الإمام شهاب الدين أحمد بن عبد الله بن أحمد بن

__________________

(٣٠٠) فقيه له علم باللغة والقراءات ، زبيدي الأصل بغدادي المولد والوفاة حدث ببغداد ودمشق وحلب وغيرها له منظومات ومؤلفات عرفه ابن العماد بالحنبلي ، أدركه أجله عام ٦٣١ ـ ١٢٣٣. الزركلي : الإعلام ٢ ص ٢٧٦.

(٣٠١) يلاحظ تكرار الخطإ : الصواب الحجّار كما يوجد في سائر النسخ وليس الحجازي ، كما صدر فيما طبعه الناشران الاولان فتبعهما معظم الناقلين!

٣٣٥

محمد المقدسي ومولده في ربيع الأول سنة ثلاث وخمسين وستماية (٣٠٢). ومنهم الشيخ الإمام الصالح عبد الرحمن ابن محمد بن أحمد بن عبد الرحمن البجدي (٣٠٣).

ومنهم إمام الأيمة جمال الدين أبو المحاسن يوسف بن الزكي عبد الرحمن بن يوسف المزّي الكلبي حافظ الحفاظ (٣٠٤). ومنهم الشيخ الامام علاء الدين علي بن يوسف بن محمد بن عبد الله الشافعي (٣٠٥) ، والشيخ الإمام الشريف محيي الدين يحيى ابن محمد بن علي العلوي (٣٠٦). ومنهم الشيخ الامام المحدث مجد الدين القاسم بن عبد الله بن أبي عبد الله بن المعلى الدمشقي ومولده سنة أربع وخمسين وستمائة.

ومنهم الشيخ الامام العالم شهاب الدين أحمد بن ابراهيم بن فلاح بن محمد الاسكندري(٣٠٧).

ومنهم الشيخ الإمام ولي الله تعالى شمس الدين بن عبد الله بن تمام (٣٠٨) ، والشيخان الأخوان شمس الدين محمد ، وكمال الدين عبد الله ابنا ابراهيم بن عبد الله بن

__________________

(٣٠٢) هو بالذات شيخ المدرسة الضيائية ، ولد في التاريخ المذكور وقيل سنة ٦٥٢ أدركه أجله عام ٧٣٠ ـ ١٣٣٠ ، الدرر الكامنة ، ١ ، ١٩١ ـ ١٩٢ ـ الدارس في تاريخ المدارس ج ٢ ، ص ٩٩ / ٢٥٤.

(٣٠٣) البجدي بتحريك الباء والجيم (وليس النجدي كما عند الناشرين وتبعهما معظم النّاقلين) ولد تقريبا عام ٦٦٠ ه‍ ـ وتوفي ببيت المقدس تاسع ربيع الآخر ٧٣٨ ـ ١٨٣٨ ، الدرر ٢ ، ٣٣٩.

(٣٠٤) يوسف بن الزكي عبد الرحمن المزي تقدمت ترجمته رقم ٢٨٨ ، هذا والجدير بالذكر أن نصلح هنا خطأ آخر للناشرين الأولين ولمن نقل عنهما : يوسف المزي نسبة إلى مزة وليس المزني!.

(٣٠٥) القصد إلى علي بن يوسف بن محمد المصري الأصل ابن المهتار الدمشقي سمع من أبي اليسر والكرماني وابن أبي عمر وابن عطاء ... وكان إماما بمسجد الرأس ويشهد تحت الساعات ، وله حلقه بالجامع أدركه أجله في المحرم عام ٧٣٦ ـ ١٣٣٦ ـ الدرر الكامنة ٣ ، ٢١٨.

(٣٠٦) لم نهتد لترجمة محيي الدّين هذا ويذكر گيب (Gibb) محيي الدين المعروف بابن طبا طبا ولكن هذا توفي سنة ٧٢١ ـ ٣٢١ قبل وصول ابن بطوطة للمنطقة ويحتمل أن يكون القصد إلى يحيى بن محمد بن علي بن ابن القاسم العدوي الدمشقي بدر الدين ابن السكاكري الذي تفوق في كتابة الشروط. وكان كثير التزويج يقال إنه أحصن مائة امرأة توفي يوم ١٦ ربيع الأول سنة ٧٣٢ ـ ١٣٣١ ، الدرر ٥ ، ٢٠٣.

(٣٠٧) أحمد بن ابراهيم بن فلاح بن غانم بن شداد ضياء الدين الاسكندري ثم الدمشقي وكان يجلس مع الشهود وقد أدركه أجله في شعبان ٧٢٩ ـ ١٣٢٩. الدرر ١ ص ١٠٠.

(٣٠٨) من المحتمل أن يكون القصد إلى ابن عبد الرحمن بن تمام التلّي الحنبلي الذي قرأ النحو على ابن مالك ، صحب الشهاب محمودا واختصّ به حتى كان الشهاب يقول لخزنداره : (مهما طلب منك أعطه بغير مشورة) توفي ٣ ربيع الآخر سنة ٧١٨ ـ ١٣١٨ ـ الدرر ٢ ، ٣٤٦.

٣٣٦

أبي عمر المقدسي (٣٠٩) ، والشيخ العابد شمس الدين محمد بن أبي الزهراء بن سالم الهكّاري (٣١٠) والشيخة الصالحة أم محمد عائشة بنت محمد ابن مسلمه بن سلامة الحراني (٣١١) والشيخة الصالحة رحلة الدنيا زينب بنت كمال الدين أحمد بن عبد الرحيم بن عبد الواحد بن أحمد المقدسي (٣١٢) ، كلّ هؤلاء أجازني إجازة عامة في سنة ست وعشرين بدمشق (٣١٣).

__________________

(٣٠٩) عبد الله بن إبراهيم المقدسي الحنبلي وينعته ابن حجر شرف الدين ذكره البرزلي في معجمه وقال : هو أحد الإخوة الستة توفي في ٢٥ شعبان ٧٣١ ـ ٣ يونيه ١٣٣١ والثاني عز الدين محمد بن ابراهيم الذي ينعته ابن حجر بعز الدين مهر في الفقه ودرس وخطب بالجامع المظفري ، أدركه أجله في رمضان ٧٤٨ دجنبر ١٣٤٧.

ـ الدرر الكامنة ، ج ٢ ، ص ٣٤٤ ـ ج ٣ ، ص ٣٧٤.

(٣١٠) الهكاري محمد بن أبي الزهراء عاش ما بين ٦٥٤ ـ ١٢٥٦ و ٧٣٧ ـ ١٣٣٦ والنسبة إلى الهكّارية ناحية فوق الموصل يسكنها أكراد يقال لهم الهكّارية ، وليس لها صلة ببلاد هگار آتية الذكر في ج ٤. الدرر الكامنة ٤ ، ٦٢.

(٣١١) هي عائشة بنت محمد بن المسلم الحرانية ولدت عام ٦٤٧ ، وهي أخت المحدث محاسن وحدثت بالكثير وتفردت بأجزاء ، وكانت تتكسب بالخياطة توفيت في شوال ٧٣٦ ـ ١٣٣٦ وقد التبست على زميلنا الراحل كيب بعائشة بنت إبراهيم زوج الحافظ المزي سالف الذكر تعليق ٢٨٨ وتعليق ٣٠٤ ـ الدرر ٢ ، ٣٤٢ ـ كحالة : اعلام النساء ج ٣ ، ١٨٩.

(٣١٢) عاشت زينب فيما بين عام ٦٤٦ ـ ١٢٤٨ وعام ٧٣٩ ـ ١٣٣٩ ، كانت الثالثة والعشرين من الزّينبات اللّاتي ذكرن في كتب التاريخ ، قامت بعدة أسفار في بلاد الشرق وعرفت على أنها محدثة شهيرة ، الدرر الكامنة ٢ ، ٢٠٩ ـ كحالة : أعلام النساء ج ٢ ص ٤٦ ـ ٤٧.

(٣١٣) هكذا نرى أن ابن بطوطة يحصل على ست عشرة إجازة في مدة ثلاثة أسابيع وفي أثناء هذه الزيارة وليس في الزيارة التالية عام ٧٤٨ ـ ١٣٤٨ لأن هؤلاء المشايخ كانوا قد توفوا ...

٣٣٧
٣٣٨

الفصل الرابع

الحجاز

من دمشق إلى مدينة الرسول

المدينة والحرم الشريف

أعيان المدينة وضواحيها

من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة

مكة والحرم الشريف

٣٣٩
٣٤٠