إعراب القرآن الكريم وبيانه - ج ٣

محيي الدين الدرويش

إعراب القرآن الكريم وبيانه - ج ٣

المؤلف:

محيي الدين الدرويش


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: اليمامة للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٣
الصفحات: ٥٧٦

(شِيَعاً) : جمع شيعة ، كسدرة وسدر ، قال الراغب ، والشيعة من يتقوى بهم الإنسان ، والجمع شيع أشياع.

الاعراب :

(قُلْ : هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ) الكلام مستأنف مسوق لبيان قدرته تعالى على التطويح بهم في المتالف والمهالك. وهو مبتدأ والقادر خبر ، والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول ، وعلى حرف جر ، وأن يبعث مصدر مؤول مجرور بعلى ، والجار والمجرور متعلقان بالقادر ، وعليكم جار ومجرور متعلقان بيبعث ، وعذابا مفعول به ، ومن فوقكم جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة لقوله «عذابا» ، أو من تحت أرجلكم عطف على قوله من فوقكم (أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ) أو حرف عطف ، ويلبسكم معطوف على يبعث ، وشيعا نصب على الحال ، ويذيق عطف على يلبس ، وبعضكم مفعول به أول ليذيق وبأس بعض مفعول يذيق الثاني (انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ) الجملة مستأنفة.

وكيف اسم استفهام في محل نصب على الحال أو مفعول مطلق ، ونصرف الآيات فعل مضارع ومفعول به ، والجملة في محل نصب مفعول لانظر ، ولعلهم لعل واسمها ، وجملة يفقهون خبرها ، وجملة الرجاء حالية.

(وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (٦٦) لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٦٧))

١٤١

اللغة :

(مُسْتَقَرٌّ) اسم زمان ، ويجوز أن يكون اسم مكان ، ومن استقر بمعنى ثبت.

الاعراب :

(وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ) كلام مستأنف لبيان تكذيبهم بالعذاب المتقدم ذكره. ويجوز أن يعود الضمير على القرآن. والجار والمجرور متعلقان بكذب ، وقومك فاعل ، والواو استئنافية أو حالية ، فتكون الجملة مستأنفة أو حالية من الهاء في : «به» ، أي : حال كونه حقا ، وهو أشد إيغالا في القبح (قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ) الجملة مستأنفة مسوقة للرد عليهم. وجملة لست في محل نصب مقول القول ، وليس فعل ماض ناقص ، والتاء اسمها ، وعليكم جار ومجرور متعلقان بوكيل ، والباء حرف زائد ، ووكيل اسم مجرور لفظا منصوب محلا لأنه خبر ليس (لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) الجملة مستأنفة مسوقة للدلالة على أن الأمور مرهونة بأوقاتها أو أماكنها. والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم ، ونبأ مضاف إليه ، ومستقر مبتدأ مؤخر ، والواو حرف عطف وسوف حرف استقبال ، وتعلمون فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون.

(وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى

١٤٢

يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٦٨))

الاعراب :

(وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا) الكلام مستأنف مسوق لأمره صلى الله عليه وسلم بالإعراض عنهم في خوضهم في آياتنا. وإذا ظرف مستقبل متضمن معنى الشرط متعلق بالجواب ، وهو : فأعرض عنهم ، ورأيت فعل وفاعل ، والرؤية هنا بصرية ، ولذلك تعدّت لواحد ، ولا بد حينئذ من تقدير حال محذوفة ، أي : وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا متلبسين بالخوض فيها ، ويجوز أن تكون الرؤية قلبية ، وحذف المفعول الثاني للاختصار ، والذين مفعول به ، وجملة يخوضون صلة الموصول ، وفي آياتنا جار ومجرور متعلقان بيخوضون (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ) الفاء رابطة لجواب الشرط ، وأعرض فعل أمر ، وعنهم جار ومجرور متعلقان بأعرض ، وحتى حرف غاية وجر ، ويخوضوا فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد حتى ، وفي حديث جار ومجرور متعلقان بيخوضوا ، وحتى الجارة ومجرورها المؤول متعلقان بـ «أعرض» ، وغيره صفة لحديث ، والضمير يعود على الآيات ، والتذكير باعتبارها قرآنا أو حديثا (وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) الكلام مستأنف مسوق لتقدير طروء النسيان بوسوسة الشيطان. وإن شرطية ، وما زائدة ، أدغمت فيها نون «إن» ، أي : إن شغلك الشيطان بوسوسته حتى تنسى النهي عند مجالستهم. وينسينك فعل مضارع مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط ، والنون نون التوكيد الثقيلة ،

١٤٣

والكاف مفعول ينسينّك ، والشيطان فاعله ، والفاء رابطة لجواب الشرط ، ولا ناهية ، وتقعد فعل مضارع مجزوم بلا الناهية ، وبعد الذكرى ظرف زمان متعلق بتقعد ومع ظرف مكان متعلق بتقعد أيضا ، والقوم مضاف اليه ، والظالمين صفة.

البلاغة :

١ ـ الاستعارة في الخوض لأنه في اللغة : الشروع في خوض الماء والعبور فيه ، وقد استعير للأخذ في الحديث والشروع فيه على أفانين متنوعة ، وأساليب متعددة ، على وجه العبث واللهو ، فهي استعارة مكنية تبعية.

٢ ـ الاختلاف في الشرط : قيل في الآية : «وإذا رأيت» فجاء الشرط بإذا لأن خوضهم في الآيات أمر غير مشكوك فيه ، وجاء الشرط الثاني بإن لأن إنساء الشيطان أمر مشكوك فيه ، قد يقع وقد لا يقع ، لأنه معصوم منه ، وقد تقدمت القاعدة ، فسبحان قائل هذا الكلام.

٣ ـ وضع الظاهر موضع المضمر. وقد تقدم بحثه للتنبيه على ظلمهم.

(وَما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَلكِنْ ذِكْرى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (٦٩) وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِما كَسَبَتْ لَيْسَ لَها مِنْ

١٤٤

دُونِ اللهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لا يُؤْخَذْ مِنْها أُولئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِما كَسَبُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ (٧٠))

اللغة :

(ذِكْرى) مصدر ذكر ، ولم يجيء على فعلى بكسر الفاء غيره.

(عَدْلٍ) بفتح العين ، أي : فداء لأن الفادي يعدل المفديّ بمثله.

والعدل الفدية.

(تُبْسَلَ) من البسل ، وأصله في اللغة التحريم والمنع ، يقال :هذا عليك بسل ، أي ، حرام ممنوع. والإبسال : مصدر مثل البسل ، وهو المنع. ومنه : أسد باسل ، لأن فريسته لا تفلت منه ، أو لأنه ممتنع. والباسل : الشجاع لامتناعه من قرنه. وفي المختار : «وأبسله :أسلسه للهلكة ، فهو مبسل ، وقوله تعالى : «أن تبسل نفس بما كسبت» قال أبو عبيدة : أي أن تسلم ، والمستبسل هو الذي يوطّن نفسه على الموت أو الضرب. وقد استبسل أي استقتل ، وهو أن يطرح نفسه في الحرب ، ويريد أن يقتل أو يقتل لا محالة».

الاعراب :

(وَما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) يجوز في الواو أن تكون عاطفة لتتمة الحديث ، وأن تكون مستأنفة مسوقة للغرض

١٤٥

نفسه. وما نافية ، وعلى الذين جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم ، وجملة يتقون صلة الموصول ، ومن حسابهم جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال. ومن حرف جر زائد ، وشيء مجرور لفظا بمن مرفوع محلا على أنه مبتدأ مؤخر (وَلكِنْ ذِكْرى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) الواو عاطفة ، ولكن مخففة مهملة ، وذكرى يجوز أن تكون نصبا على المصدرية بفعل مضمر ، أي : ولكن يذكرونهم ذكرى ، وأن تكون رفعا على أنها خبر لمبتدأ محذوف. أي : هي ذكرى ، أو أنها مبتدأ والخبر محذوف ، أي : ولكن عليهم ذكرى ، ولعل واسمها ، وجملة يتقون خبرها ، وجملة الرجاء حالية (وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً) الواو عاطفة ، وذر فعل أمر ، أمات العرب ماضيه ، وسيأتي بحثه في هذا الكتاب. وفاعله مستتر تقديره أنت ، والذين اسم موصول في محل نصب مفعول به ، وجملة اتخذوا صلة الموصول ، ودينهم مفعول به أول لاتخذوا ، ولعبا مفعول به ثان ، ولهوا عطف عليه. ويجوز أن تكون اتخذوا بمعنى اكتسبوا ، فتتعدى لمفعول واحد ، وتكون لعبا ولهوا نصبا على المفعول لأجله (وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا) الجملة معطوفة ، وهي فعل ومفعول به وفاعل وصفة (وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِما كَسَبَتْ لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ) وذكّر فعل أمر وبه جار ومجرور متعلقان بذكّر وأنّ وما بعدها في تأويل مصدر مفعول لأجله ، أي : مخافة أن تسلم إلى العذاب والهلكة ، والباء حرف جر ، وما مصدرية ، والمصدر المؤول في محل جر بالباء ، والجار والمجرور متعلقان بتبسل. وجملة ليس وما في حيزها صفة لنفس أو مستأنفة ، ولها جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم ، ومن دون الله جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال ، وولي اسم ليس ، وشفيع عطف على ولي (وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لا يُؤْخَذْ مِنْها) الواو

١٤٦

عاطفة ، وإن شرطية ، وتعدل فعل الشرط ، وكل عدل نصب على المصدرية ، ولا نافية ، ويؤخذ فعل مضارع مبني للمجهول ، ومنها جار ومجرور في محل رفع نائب فاعل يؤخذ ، ولا يجوز أن يكون نائب الفاعل ضمير العدل لأنه هنا باق على مصدريته ، لأن الفعل تعدّى اليه بغير واسطة ، ولو كان المراد المعدى به لكان مفعولا به ، فلم يتعدّ إليه الفعل إلا بالباء ، وكان وجه الكلام : وإن تعدل بكل عدل ، فلما عدل عنه علم أنه مصدر ، وهذا من الدقائق التي تندّ عن الأذهان (أُولئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِما كَسَبُوا) الجملة مستأنفة مسوقة لبيان قبح ما ارتكبوه. وأولئك مبتدأ ، والذين خبره ، وجملة أبسلوا صلة الموصول ، وبما كسبوا جار ومجرور متعلقان بأبسلوا ، وما مصدرية ، أي : بسبب كسبهم ، ويجوز أن يكون اسم الموصول بدلا من اسم الإشارة ، فيكون قوله : (لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ) هو الخبر والاشارة الى الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا ، ولهم جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم ، وشراب مبتدأ مؤخر ، وعلى الإعراب الأول تكون الجملة خبرا ثانيا أو حالا أو استئنافية ، ومن حميم جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة لشراب ، وعذاب عطف على شراب ، وأليم نعت. وقوله : «بما كانوا يكفرون» الجار والمجرور متعلقان بمحذوف ، تقديره : أعدلهم ، فيكون بمثابة التفسير لأبسلوا ، وما مصدرية ، وجملة كانوا لا محل لها ، وجملة يكفرون في محل نصب خبر كانوا.

(قُلْ أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُنا وَلا يَضُرُّنا وَنُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا

١٤٧

بَعْدَ إِذْ هَدانَا اللهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرانَ لَهُ أَصْحابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنا قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدى وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ (٧١))

اللغة :

(اسْتَهْوَتْهُ) : أصله من الهويّ ، وهو النزول من علوّ إلى سفل ، فكأن الشياطين حين استهوته في الأرض طلبت هويّه فيها.

(حَيْرانَ) تائها ضالا عن جادة الطريق ، وهو صفة مشبهة ، ومؤنثة حيرى ولذلك لم ينصرف ، وفعله حار يحار حيرة وحيرانا وحيرورة ، وتخطىء العامة فتقول : احتار.

الاعراب :

(قُلْ أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُنا وَلا يَضُرُّنا) كلام مستأنف مسوق لبيان حال الذي يدعو إلى عبادة الأصنام ، كما سيأتي في باب البلاغة. والهمزة للاستفهام الإنكاري ، وندعو فعل مضارع ، والجملة مقول القول ، ومن دون الله جار ومجرور متعلقان بندعو ، وما اسم موصول في محل نصب مفعول ندعو ، وجملة لا ينفعنا صلة الموصول ، وكذلك جملة ولا يضرنا المعطوفة عليها (وَنُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا بَعْدَ إِذْ هَدانَا اللهُ) الواو عاطفة ، ونرد فعل مضارع معطوف على ندعو ، داخل في حكم الإنكار والنفي ، ونائب الفاعل مستتر تقديره نحن ، وعلى

١٤٨

أعقابنا جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال ، أي : راجعين إلى الشرك بعد إذ أنقذنا الله منه ، وبعد ظرف متعلق بـ «نردّ» ، وإذ ظرف لما مضى من الزمن في محل جر بالإضافة ، وجملة هدانا الله في محل جر بالإضافة لـ «إذ» ، وهدانا الله فعل ومفعول به وفاعل (كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرانَ) يجوز في هذه الكاف أن تكون نعتا لمصدر محذوف ، أي : نردّ ردّا مثل ردّ الذي استهوته الشياطين ، ويجوز أن تكون حالا من نائب فاعل نرد ، أي : نرد مشبهين الذي استهوته الشياطين ، وجملة استهوته الشياطين صلة الموصول ، وفي الأرض جار ومجرور متعلقان باستهوته ، وحيران حال من مفعول استهوته (لَهُ أَصْحابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنا) له جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم ، وأصحاب مبتدأ مؤخر ، والجملة في محل نصب حال من ضمير حيران ، ويجوز أن تكون مستأنفة ، وجملة يدعونه صفة لأصحاب ، وإلى الهدى جار ومجرور متعلقان بيدعونه ، وائتنا فعل أمر ونا مفعوله ، والجملة في محل نصب مقول قول محذوف ، أي : يقولون : ائتنا ، وجملة القول في محل نصب حال (قُلْ : إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدى وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) الجملة مستأنفة ، وإن واسمها ، وهو ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ ، والهدى خبره ، والجملة الاسمية في محل رفع خبر إن ، وجملة إن وما في حيزها في محل نصب مقول القول ، وأمرنا الواو حرف عطف ، وأمرنا فعل ماض مبني للمجهول ، ونا ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل ، والجملة عطف على جملة : إن هدى الله هو الهدى ، منتظمة في حيز القول ، ولنسلم الواو حرف عطف ، وفي هذه اللام أقوال كثيرة لا طائل تحتها ، ضربنا عنها صفحا ، وأقرب ما يبدو فيها أنها على بابها من التعليل ، فهي تعليل للأمر ، والمعنى قيل لنا : أسلموا لأجل أن نسلم ، والغرض من

١٤٩

دخولها إفادة الاستقبال على وجه أوثق ، إذ لا يتعلق الأمر والإرادة إلا بمستقبل ، ونسلم فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعدها ، ولرب العالمين جار ومجرور متعلقان بنسلم.

البلاغة :

التشبيه التمثيلي المنفي في قوله : «كالذي استهوته الشياطين في الأرض» ، والمشبه هو أنه لا ينبغي لنا ولا يمكن أن نعبد غير الله بعد أن هدانا ، لأنا لو فعلنا ذلك لكنا مثل من حيرته الشياطين ، فهو تشبيه جملة بجملة ، واستفيد النفي من الإنكار في قوله : «أندعو».

(وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٧٢) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (٧٣))

اللغة :

(الصُّورِ) : القرن ينفخ فيه ، وهو المعروف اليوم بالبوق.

الاعراب :

(وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) الواو

١٥٠

حرف عطف ، وأن وما بعدها في تأويل مصدر منصوب بنزع الخافض ، أي : وأمرنا بأن أقيموا الصلاة ، وقد اختلف في هذا العطف ، فقيل :إنه في محل نصب بالقول نسقا على قوله : إن هدى الله هو الهدى ، أي : قل هذين الشيئين ، وقال سيبويه : إنه نسق على : لنسلم ، والتقدير : أمرنا بكذا للإسلام ولنقيم الصلاة ، و «أن» توصل بالأمر كقولهم : كتبت إليه بأن قم ، وقد اختار الزمخشري هذا الوجه قال :«فإن قلت علام عطف قوله : وأن أقيموا؟ قلت : على موضع «لنسلم» ، كأنه قيل : أمرنا أن نسلم وأن أقيموا». وأقيموا فعل أمر ، والصلاة مفعول به ، واتقوه عطف على أقيموا ، وهو الواو استئنافية ، وهو مبتدأ ، والذي خبره ، وجملة تحشرون صلة ، وإليه جار ومجرور متعلقان بتحشرون (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ) الواو استئنافية ، وهو مبتدأ ، والذي خبره ، وجملة خلق السموات والأرض صلة الموصول ، وبالحق جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال ، أي : محقا جادا لا هازئا ولا عابثا (وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ) الواو استئنافية ، والظرف متعلق بـ «اذكر» مقدرة ، والجملة مستأنفة مسوقة لبيان سرعة التكوين ، وجملة يقول في محل جر بالإضافة ، وكن فعل أمر تام لا ناقص ، فيكتفي بمرفوعه ، وفاعل كن ضمير جميع ما يخلقه الله تعالى يوم القيامة ، والفاء عاطفة ، ويكون فعل مضارع تام معطوف على كن (قَوْلُهُ الْحَقُّ) اختلفوا كثيرا في إعراب هذا الكلام ، والذي أختاره أن يكون مبتدأ وخبرا ، والجملة مستأنفة ، ولا طائل تحت الأوجه التي أوردها ، أخبر سبحانه عن قوله بأنه لا يكون إلا حقا (وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ) الواو عاطفة ، وله جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم ، والملك مبتدأ مؤخر ، ويوم ظرف زمان متعلق بمحذوف بدل من الظرف الأول في قوله :

١٥١

«يوم يقول» ، وجملة ينفخ في محل جر بالإضافة ، وفي الصور جار ومجرور في محل رفع نائب فاعل ينفخ (عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) عالم خبر مبتدأ محذوف ، والواو حرف عطف ، والحكيم الخبير خبراه. والجملة استئنافية.

(وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً إِنِّي أَراكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٧٤) وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (٧٥))

اللغة :

(آزَرَ) : اختلف المفسرون وعلماء اللغة في لفظة آزر بما لا طائل تحته ، وأقرب ما يقال فيه أنه علم أعجمي ، ولذلك منع من الصرف.

(مَلَكُوتَ) : يعني ملكه ، وزيدت فيه التاء كما زيدت في الجبروت.

الاعراب :

(وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ) الواو حرف عطف ، وإذ ظرف لما مضى من الزمن متعلق باذكر مضمرة ، عطفا على : قل أندعو ، أي :واذكر لقريش ، بعد أن أنكرت عليهم عبادة مالا ينفع ولا يضر ، وقت قول إبراهيم الذي يدعون أنهم على ملته. وجملة قال إبراهيم في محل

١٥٢

جر بالإضافة ، ولأبيه جار ومجرور متعلقان بقال ، وآزر بدل من أبيه (أَتَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً إِنِّي أَراكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) الهمزة للاستفهام الإنكاري ، والجملة في محل نصب مقول القول ، وأصناما مفعول تتخذ الأول ، وآلهة مفعول به ثان ، وإن واسمها ، وجملة أراك خبرها ، والجملة تعليل للإنكار ، وقومك عطف على الكاف ، أو مفعول معه ، وفي ضلال : إما مفعول به ثان إذا كانت الرؤية قلبية ، وإما بمحذوف حال إذا كانت الرؤية بصرية ، ومبين صفة (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) الواو اعتراضية ، والكاف مع مجرورها في محل نصب نعت لمفعول مطلق محذوف تقديره : ومثل ذلك التعريف والتبصير نعرف إبراهيم ونبصره ملكوت السموات والأرض. وقد اعترض أبو حيان على هذا التقدير فقال : «وهذا بعيد من دلالة اللفظ». وتعقبه بعضهم فقال : وإنما كان بعيدا لأن المحذوف من غير الملفوظ به ، ولو قدره بقوله : وكما أريناك يا محمد الهداية ، لكان قريبا لدلالة اللفظ والمعنى عليه معا ، وقدره أبو البقاء بوجهين ، أحدهما : قال : «هو نصب على إضمار «أريناه» وتقديره :وكما رأى أباه وقومه في ضلال مبين أريناه ، ذلك ويجوز أن يكون منصوبا بـ «نري» التي بعده ، على أنه صفة لمصدر محذوف ، تقديره :نريه ملكوت السموات والأرض رؤية كرؤية ضلال أبيه. ويجوز أن تكون الكاف في محل رفع على خبر ابتداء مضمر ، أي : والأمر كذلك ، وابراهيم مفعول به أول ، وملكوت السموات والأرض هو المفعول الثاني ، والجملة كلها لا محل لها لأنها معترضة بين قوله : «وإذ قال» وبين الاستدلال على ذلك بقوله : «فلما جن عليه الليل». (وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) الواو عاطفة ، والمعطوف محذوف ، أي : وفعلنا ذلك ليكون ، فاللام للتعليل ، ويكون فعل مضارع منصوب بأن مضمرة

١٥٣

بعد لام التعليل ، والجار والمجرور متعلقان بالمعطوف المحذوف ، واسم يكون مستتر تقديره هو ، ومن الموقنين جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر يكون.

(فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ (٧٦) فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (٧٧) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي هذا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قالَ يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (٧٨))

اللغة.

(جَنَّ) تقدم اشتقاق هذه المادة عند ذكر الجنة ، وهنا ما يختص بالفعل المسند إلى الليل ، يقال : جنّ عليه الليل وأجنّ عليه : بمعنى أظلم ، فيستعمل لازما ، وجنّه وأجنّه ، فيستعمل متعديا. فهذا ما اتفق عليه الثلاثي والرباعي ، غير أن الأجود في الاستعمال : جنّ عليه الليل ، وأجنّه الليل ، فيكون الثلاثي لازما والرباعي متعديا.

(أَفَلَ) : الشيء وأفولاً من بابي ضرب وقعد : غاب.

(بازِغاً) : البزوغ : الطلوع ، يقال : بزغ بفتح الزاي ، يبزغ بضمها ، يستعمل لازما ومتعديا. وللباء مع الزاي ، فاء وعينا للفعل ،

١٥٤

خاصة متشابهة ، تلك هي معنى الطلوع والبروز. يقال : بزّه ثوبه وابتزّه : سلبه على مرأى منه ، وابتزت من ثيابها تجردت فظهرت يعريها ، ومنه قول امرئ القيس :

إذا ما الضجيع ابتزّها من ثيابها

تميل عليه هونة غير متعال

وبزل الشراب من المبزل : أساله منه ، قال زهير بن أبي سلمى :

سعى ساعيا غيظ بن مرّة بعد ما

تبزّل ما بين العشيرة بالدم

والبازي طائر معروف ، ويقال : فلان يتحيّن كالحازي ، ثم ينقضّ كالبازيّ. وهذا من العجب بمكان.

الاعراب :

(فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ : هذا رَبِّي) الفاء حرف عطف ، والجملة معطوفة على جملة قال إبراهيم لأبيه ، فيكون قوله :«وكذلك نري إبراهيم» معترضا كما تقدم ، ولما حينية أو رابطة ، وجن فعل ماض ، وعليه جار ومجرور متعلقان بجن ، والليل فاعل ، وجملة جن في محل جر بالإضافة ، أو لا محل لها على الثاني ، وجملة رأى كوكبا لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم ، وجملة : قال هذا ربي مستأنفة ، وجملة هذا ربي في محل نصب مقول القول (فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ) فلما الفاء عاطفة ، ولما حينية أو رابطة ، وجملة

١٥٥

أفل في محل جر بالإضافة ، أو لا محلّ لها ، وجملة قال جواب شرط غير جازم ، وجملة لا أحب الآفلين في محل نصب مقول القول ، وإنما قال ذلك لأن الربّ لا يجوز عليه التغير والانتقال (فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً قالَ هذا رَبِّي) الفاء عاطفة ، وبازغا حال ، لأن الرؤية بصرية ، وهذا مبتدأ ، وربي خبره ، والجملة في محل نصب مقول القول وجملة قال هذا ربي لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم (فَلَمَّا أَفَلَ قالَ : لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ) اللام موطئة للقسم ، وإن شرطية ، ولم حرف نفي وقلب وجزم ، ويهدني فعل مضارع مجزوم بلم ، والنون للوقاية ، والياء مفعول به ، وربي فاعل ، واللام جواب القسم ، وجملة أكوننّ جواب القسم لا محل لها ، ومن القوم جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر أكونن ، والضالين نعت (فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ : هذا رَبِّي هذا أَكْبَرُ) تقدم إعرابها ، وجعل المبتدأ نظير الخبر وإن كانت الاشارة الى الشمس لكونهما عبارة عن شيء واحد ، ولصيانة الربّ عن شبهة التأنيث ، ألا تراهم قالوا في صفته :علام ، ولم يقولوا : علامة ، وإن كان علّامة أبلغ احترازا من علامة التأنيث ، وسيأتي مزيد من هذا البحث في باب الفوائد (فَلَمَّا أَفَلَتْ قالَ يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ) مما جار ومجرور متعلقان ببريء ، وما مصدرية أي بريء من اشراككم ، ويجوز أن تكون موصولة ، أي من الذي تشركونه مع الله في عبادته ، فحذف العائد. ويلاحظ أن إبراهيم عليه السلام احتجّ على قومه بالأفول دون البزوغ ، مع أن كليهما يفيد الانتقال من حال إلى حال ، لسرّ دقيق وهو أن الأفول انتقال مع الخفاء والانطماس ، والبزوغ انتقال مع الظهور والسطوع والائتلاق.

١٥٦

البلاغة :

في الآية فن التعريض ، وقد تقدم بحثه ، وإنما عرض بضلالهم.

ويلاحظ أنه عرض بضلالهم في أمر القمر لأنه أيس منهم في أمر الكوكب ، ولهذا أعلن في أمر الشمس البراءة منها عن طريق استدراج الخصم وإيقاعه تحت الحجة.

الفوائد :

قيل : الشمس تذكر وتؤنث ، فأنثت أولا على المشهور ، وذكرت في الاشارة على اللغة القليلة ، مراعاة ومناسبة للخبر ، فرجحت كفة التذكير ـ التي هي أقل ـ على لغة التأنيث.

(إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٧٩) وَحاجَّهُ قَوْمُهُ قالَ أَتُحاجُّونِّي فِي اللهِ وَقَدْ هَدانِ وَلا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ (٨٠))

الاعراب :

(إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) كلام مستأنف مسوق لإعلان إبراهيم عليه السلام

١٥٧

تمسكه بالهدى ودين الحق. وإن واسمها ، وجملة وجهت خبرها ، ووجهي مفعول به ، وللذي جار ومجرور متعلقان بوجهت ، وجملة فطر السموات والأرض صلة الموصول ، والسموات مفعول به ، والأرض عطف على السموات ، وحنيفا حال من التاء في وجهت ، والواو حرف عطف ، وما نافية حجازية ، تعمل عمل ليس ، وأنا اسمها ، ومن المشركين جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبرها (وَحاجَّهُ قَوْمُهُ قالَ : أَتُحاجُّونِّي فِي اللهِ وَقَدْ هَدانِ) كلام مستأنف مسوق لذكر المحاجّة بين إبراهيم عليه السلام وقومه. روي أنه لما كثر استهزاؤه بالأصنام والتنديد بها جادله قومه ، وأرادوا أن يقيموا عليه الحجة.

وحاجّه فعل ماض ، والهاء مفعول به ، وقومه فاعل ، وقال فعل ماض ، وفاعله مستتر تقديره هو ، والجملة مستأنفة ، والهمزة للاستفهام الإنكاري ، وتحاجوني بالنون المشددة على إدغام نون الرفع في نون الوقاية ، والأصل أتحاجونني! وفي الله جار ومجرور متعلقان بتحاجوني ، والواو حالية ، وقد حرف تحقيق ، وهدان فعل ماض ، والنون للوقاية ، والياء المحذوفة رسما مفعول به ويجوز حذفها وإثباتها في الوصل ، والجملة في محل نصب على الحال من الياء في أتحاجّوني ، أي :أتجادلونني في الله حال كوني مهديا من لدنه؟ ويجوز أن تكون حالا من الله ، أي : أتجادلونني فيه حال كونه هاديا لي؟ فحجتكم متهافتة من أساسها (وَلا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً) الواو يجوز أن تكون استئنافية ، والجملة مستأنفة ، أخبرهم عليه السلام أنه لا يخاف ما يشركونه بالله ثقة به وارتكانا على دعمه وكلاءته ، ويحتمل أن تكون عاطفة ، فهي تابعة لجملة : «وقد هدان» ، أي :في النصب على الحال ، وما اسم موصول مفعول به ، والضمير في «به» يعود على «ما» ، والمعنى : ولا أخاف الذي تشركون الله به. وإلا

١٥٨

أداة استثناء ، والمصدر المؤول من أن والفعل مستثنى متصل ، لأنه من جنس الأول ، والمستثنى منه الزمان ، وقد قدره الزمخشري بقوله :إلا وقت مشيئة ربي شيئا يخاف ، فحذف الوقت. ويجوز أن يكون الاستثناء منقطعا ، فتكون «إلا» بمعنى «لكن» ، فإن المشيئة ليست مما يشركونه به. والمصدر المؤوّل مبتدأ خبره محذوف ، تقديره : لكن مشيئة ربي أخافها وشيئا مفعول به (وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ) الجملة تعليل للاستثناء لا محل لها ، ووسع ربي فعل وفاعل ، وكل شيء مفعول به ، وعلما تمييز ، محوّل عن الفاعل ، والتقدير : وسع علم ربي كل شيء ، والهمزة للاستفهام الإنكاري ، والفاء عاطفة ، ولا نافية ، وتتذكرون معطوف على محذوف ، أي :أتعرضون عن التأمل في أن آلهتكم جمادات لا تضرّ ولا تنفع فلا تتذكرون أنها بهذه المثابة؟

(وَكَيْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨١) الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (٨٢))

الاعراب :

(وَكَيْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللهِ ما لَمْ

١٥٩

يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً) الواو استئنافية ، والجملة مستأنفة مسوقة لنفي الخوف عن النبي صلى الله عليه وسلم. وكيف اسم استفهام في محل نصب حال ، وأخاف فعل مضارع ، وما اسم موصول مفعول به ، وجملة أشركتم صلة ، ويجوز أن تكون ما مصدرية ، والمصدر المؤول مفعول أخاف ، ولا تخافون عطف على أخاف ، فتكون داخلة في حيز الإنكار ، ويجوز أن تكون الواو للحال ، فتكون الجملة في محل نصب على الحال ، أي : وكيف أخاف الذي تشركون به غيره ، وإشراككم حال كونكم أنتم غير خائفين. وأن واسمها ، وجملة أشركتم بالله خبرها ، وما اسم موصول مفعول به لأشركتم ، وبه جار ومجرور متعلقان بينزل ، وعليكم جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال ، لأنه كان في الأصل صفة لقوله : سلطانا ، فلما تقدم أعرب حالا ، وسلطانا مفعول به (فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) الفاء الفصيحة ، وأي أداة استفهام مبتدأ ، وأحق خبرها ، وإن شرطية ، وكان فعل ماض في محل جزم فعل الشرط ، والتاء اسمها ، وجملة تعلمون خبرها ، وجواب الشرط محذوف لدلالة ما قبله عليه ، أي : فأخبروني أي الفريقين أحق بالاتباع؟ (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ) الذين خبر لمبتدأ محذوف ، بناء على أن الكلام مسوق من إبراهيم جوابا عن السؤال في قوله : فأي الفريقين؟ ويجوز أن تكون مبتدأ بناء على أن الكلام من الله تعالى ، وجملة آمنوا صلة ، ولم الواو عاطفة ، ولم حرف نفي وقلب وجزم ، ويلبسوا فعل مضارع مجزوم بلم ، معطوف على الصلة ، وبظلم جار ومجرور متعلقان بيلبسوا (أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) أولئك مبتدأ ، ولهم جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم ، والأمن مبتدأ مؤخر ثان ، والجملة الاسمية خبر اسم الإشارة ، وجملة الاشارة وما في حيزها في محل نصب مقول قول

١٦٠