إعراب القرآن الكريم وبيانه - ج ٢

محيي الدين الدرويش

إعراب القرآن الكريم وبيانه - ج ٢

المؤلف:

محيي الدين الدرويش


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: اليمامة للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٣
الصفحات: ٥٤٤

القسم ، وجملة قدمت صفة على الأول ، وصلة على الثاني. ولهم متعلقان بقدمت ، وأنفسهم فاعل ، وأن سخط : أن وما في حيزها في تأويل مصدر مبتدأ مؤخر ، خبره جملة القسم ، كأنه قيل : بئس زادهم في الآخرة سخط الله عليهم. وقال بعضهم : ليس المصدر هو المخصوص بالذم ، لأن نفس السخط المضاف الى البارئ عزّ وجلّ لا يقال فيه هو المخصوص بالذم ، وإنما هو سبب السخط ، وعلى هذا أعربوه خبرا لمبتدأ محذوف (وَفِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ) الواو عاطفة ، وفي العذاب متعلقان بـ «خالدون» ، وهم مبتدأ ، وخالدون خبر (وَلَوْ كانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالنَّبِيِّ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِ) الواو استئنافية ، ولو شرطية ، وكان واسمها ، وجملة يؤمنون خبرها ، وبالله متعلقان بيؤمنون ، والنبي عطف على الله ، وما أنزل اليه عطف أيضا (مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِياءَ وَلكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ) الجملة لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم ، وأولياء مفعول اتخذ الثاني ، ولكن واسمها وخبرها.

(لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (٨٢))

اللغة :

(قِسِّيسِينَ) : جمع قسّيس ، بكسر القاف وتشديد السين ، المكسورة ، بمعنى القسّ بفتح القاف وتشديد السين ، وهو من كان

٥٤١

بين الأسقف والشمّاس ، وهو أيضا الكاهن ، ويجمع على قسوس ، والقسّيس يجمع أيضا على قسّان ، بضم القاف ، وأقسّة وقساوسة ، قال الفرّاء : هو مثل مهالبة ، كثرت السينات فأبدلوا إحداهن واوا.

وقال الراغب : قسيسين جمع قسيس ، على فعيّل ، وهو مثال مبالغة كصدّيق ، وهو هنا رئيس النصارى وعالمهم. وأصله من تقسّس الشيء إذا اتبعه وتطلّبه بالليل ، يقال تقسّست أصواتهم أي : تتبّعتها بالليل. وقال غيره : القسّ بفتح القاف : تتبّع الشيء ، ومنه سمي عالم النصارى قسيسا لتتبعه العلم ، ويقال : قسّ الأثر وقصّه بالصاد أيضا ، ويقال : قس وقس بفتح القاف وكسرها وقسيس. فأما قسّ بن ساعدة الإيادي بضم القاف فهو علم ، ويجوز أن يكون ما غيّر عن طريق العلمية ، ويكون أصله قس أو قس بفتح القاف وكسرها ، وكان أعلم أهل زمانه.

(رُهْباناً) يكون واحدا وجمعا ، فأما إذا كان جمعا فإن واحدهم يكون راهبا ، ويكون الراهب حينئذ فاعلا من قول القائل : رهب الله فلان بمعنى خافه يرهبه رهبا بفتحتين ورهبا بفتح الراء وسكون الهاء ، ومن الدليل على أنه قد يكون عند العرب جمعا قول كثير عزّة :

رهبان مدين والذين عهدتهم

يبكون من حذر العذاب قعودا

لو يسمعون كما سمعت كلامها

خرّوا لعزّة ركّعا وسجودا

وقد يكون الرهبان واحدا ، وإذا كان واحدا كان جمعه رهابين ، مثل قربان وقرابين ، ويجوز جمعه أيضا على رهابنة إذا كان كذلك. ومن الدليل على انه قد يكون عند العرب جمعا قول الراجز :

لو عاينت رهبان دير في القلل

لانحدر الرهبان يمشي ونزل

٥٤٢

الاعراب :

(لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا) كلام مستأنف مسوق لتصنيف أهل الكتاب بالنسبة الى مودة المؤمنين ، وتكرير قبائح اليهود ، ولين عريكة النصارى ، وسهولة انصياعهم للحق. واللام جواب لقسم محذوف ، وتجدن فعل مضارع مبني على الفتح والجملة لا محل لها لأنها جواب للقسم ، وأشد الناس مفعول أول لتجد ، وعداوة تمييز ، وللذين متعلقان بأشد ، واليهود مفعول به ثان ويجوز العكس ، والذين عطف على اليهود وجملة أشركوا صلة.

(وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا : إِنَّا نَصارى) الواو عاطفة ، والجملة معطوفة على ما تقدم ، وقد تقدم إعرابها ، وجملة إنا نصارى في محل نصب مقول القول (ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً) الجملة مستأنفة مبينة ، واسم الاشارة مبتدأ ، والباء حرف جر ، وأن وما في حيزها في تأويل مصدر مجرور بالباء ، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر ذلك ، ومنهم متعلقان بمحذوف خبر أن المقدم ، وقسيسين اسم أن ، ورهبانا عطف على قسيسين (وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ) عطف على «بأن منهم» ، وجملة لا يستكبرون خبر أن.

٥٤٣

فهرس المجلد الثاني

تتمة سورة آل عمران...................................................... ٥

الآية (٩٨)

إعراب سورة النساء.................................................... ١٤٧

إعراب سورة المائدة..................................................... ٤٠٠

الفهرس............................................................... ٥٤٤

انتهى المجلد الثاني ويليه المجلد الثالث

بدءا من الآية (٨٣) من سورة المائدة

٥٤٤