إعراب القرآن الكريم وبيانه - ج ٢

محيي الدين الدرويش

إعراب القرآن الكريم وبيانه - ج ٢

المؤلف:

محيي الدين الدرويش


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: اليمامة للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٣
الصفحات: ٥٤٤

بمحذوف خبر ، والجملة مستأنفة مسوقة لتبيين شركة النساء مع الرجال في الثواب ، وجعلها بعضهم معترضة ، وما أحسبها بعيدة ، لأنها وقعت بين قوله «عمل عامل» وبين ما فصل به عمل العاملين فصح كونها واقعة بين كلامين متصلين ورجحها الزمخشري (فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ) الفاء استئنافية للتفريع وذلك للدلالة على أن الجزاء لا يكون إلا لمن جمع هذه الصفات متعددة ، فالجملة مستأنفة لا محل لها والذين مبتدأ وجملة هاجروا صلة الموصول وأخرجوا عطف على هاجروا ومن ديارهم جار ومجرور متعلقان بأخرجوا (وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقاتَلُوا وَقُتِلُوا) الجملة كلها معطوفة داخلة في حيز الصلة (لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ) اللام جواب قسم محذوف وأكفرن فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة والجملة القسمية خبر الذين ، وهنا لا بد من دفع اعتراض معترض يقول : إن الجملة الواقعة جوابا للقسم لا محل لها فكيف ساغ أن تكون هنا خبرا ويتلخص الدفع بأن المقصود مجموع القسم وجوابه.

وعنهم جار ومجرور متعلقان بأكفرن وسيئاتهم مفعول به (وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) الواو عاطفة ولأدخلنهم عطف على لأكفرن والهاء مفعول به وجنات منصوب بنزع الخافض أو مفعول به ثان على السعة وجملة تجري من تحتها الأنهار صفة لجنات (ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللهِ) ثوابا مفعول مطلق لفعل محذوف يفيد التأكيد ، وأجازوا إعرابها حالا من جنات أي : مثابا بها ، أو من الضمير الواقع مفعولا به أي حال كونهم مثابين ، وهو جائز. ومن عند الله جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة لثوابا (وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ) الواو استئنافية والله مبتدأ وعنده ظرف متعلق بمحذوف خبر مقدم وحسن الثواب مبتدأ مؤخر والجملة الاسمية خبر «الله».

١٤١

البلاغة :

١ ـ في هذه الآية فن منقطع النظير يمكن تسميته «الاسجال» وحدّه أن يقصد المتكلم غرضا من الأغراض فيأتي بألفاظ تقرر ذلك الغرض : فقد سجل المولى سبحانه على ألسنة عباده تحقيق موعوده على لسان رسوله ، وتأمل كلمة «ما وعدتنا» تجد أن هذا الوعد قد أصبح مبرما لا انفكاك لإبرامه. ومن طريف ما ورد منه شعرا قول ابن نباتة السعديّ :

جاء الشتاء وما عندي له عدد

إلا ارتعادي وتصفيقي بأسناني

فإن هلكت فمولانا يكفنني

هبني هلكت فهبني بعض أكفاني

والأسجال واضح في تقريره هبني هلكت ، وما أجمل الجناس بين هبني بمعنى احسبني وهبني بمعنى أعطني هبة.

٢ ـ الالتفات في قوله «فاستجاب لهم ربهم» فقد التفت من الغيبة الى التكلم لاظهار كمال الاعتناء بصدد الاستجابة وتشريف الداعين وتسوية الرجال والنساء وشركة النساء مع الرجال في العمل والجزاء عليه بعد أن كانت المرأة مغموطة الحق في الجاهلية.

روي أن أم سلمة قالت : يا رسول الله ، إني أسمع الله تعالى يذكر الرجال في الهجرة ولا يذكر النساء فنزلت.

١٤٢

(لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ (١٩٦) مَتاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ (١٩٧) لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اللهِ وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ (١٩٨) وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خاشِعِينَ لِلَّهِ لا يَشْتَرُونَ بِآياتِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (١٩٩) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٢٠٠))

اللغة :

(النزل) بضمتين وبضمّ فسكون : ما يقام للنازل أو طعام الضيف ، قال أبو الشعواء الضبيّ :

وكنّا إذا الجبار بالجيش ضافنا

جعلنا القنا والمرهفات له نزلا

(رابِطُوا) أقاموا في الثغر ، والأصل أن يربط هؤلاء وهؤلاء خيلهم مترصدين مستعدين للغزو.

١٤٣

ورباط الخيل حبسها. قال :

فينا رباط جياد الخيل معلمه

وفي كليب رباط الذلّ والعار

الاعراب :

(لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ) جملة مستأنفة مسوقة لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الاغترار ، وهو في الحقيقة نهي لأصحابه وأتباعه عن الاغترار بما يرونه من تبسّط الكافرين والظالمين العتاة في الأرض ، واستبحارهم في القوة والعمران ، على نحو ما هو مشاهد اليوم. ولا الناهية ويغرنك فعل مضارع مبني على الفتح في محل جزم بلا والكاف مفعول به وتقلب فاعل والذين اسم موصول مضاف اليه وجملة كفروا صلة وفي البلاد جار ومجرور متعلقان بتقلب لأنه مصدر (مَتاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ) متاع خبر لمبتدأ محذوف وقليل صفة أي : هو متاع ضئيل لا يؤبه له ، وهو مهما تطاول آيل الى الزوال والجملة مستأنفة. ثم حرف عطف للتراخي ومأواهم مبتدأ وجهنم خبر (وَبِئْسَ الْمِهادُ) الواو حالية وبئس فعل ماض جامد لإنشاء الذم والمهاد فاعل بئس والمخصوص بالذم محذوف أي : جهنم ، والجملة نصب على الحال. (لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ) لكن مخففة مهملة لمجرد الاستدراك والذين مبتدأ وجملة اتقوا ربهم صلة الموصول ولهم جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم وجنات مبتدأ مؤخر والجملة الاسمية خبر الذين وجملة لكن مستأنفة (تَجْرِي

١٤٤

مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها) الجملة صفة لجنات ومن تحتها جار ومجرور متعلقان بتجري والأنهار فاعل وخالدين حال وفيها جار ومجرور متعلقان بخالدين (نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اللهِ) نزلا حال من جنات ، وإن جعلته مصدرا فهو مفعول مطلق لفعل محذوف ، ومن عند الله جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة «نزلا» (وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ) الواو استئنافية أو حالية وما اسم موصول مبتدأ وعند الله ظرف متعلق بمحذوف صلة ما وخير خبر وللابرار جار ومجرور متعلقان بخير والجملة مستأنفة أو حالية (وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ) الواو استئنافية وإن حرف مشبه بالفعل ومن أهل الكتاب جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر إن المقدم ولمن اللام المزحلقة ومن اسم موصول اسم إن المؤخر وجملة يؤمن بالله صلة الموصول وبالله جار ومجرور متعلقان بيؤمن (وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خاشِعِينَ لِلَّهِ) الواو حرف عطف وما اسم موصول معطوف على الله وجملة أنزل إليكم صلة وما أنزل إليهم عطف أيضا وخاشعين حال من الضمير في يؤمن ولله جار ومجرور متعلقان بخاشعين (لا يَشْتَرُونَ بِآياتِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً) جملة لا يشترون حالية وبآيات الله جار ومجرور متعلقان بيشترون وثمنا مفعول به وقليلا صفة (أُولئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ) الجملة مستأنفة واسم الاشارة مبتدأ ولهم جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم وأجرهم مبتدأ مؤخر وعند ربهم ظرف متعلق بمحذوف حال أي مستقرا عند ربهم والجملة خبر «أولئك» (إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) جملة مستأنفة وإن واسمها وخبرها (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) تقدم إعرابها كثيرا (اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا) أفعال دعاء (وَاتَّقُوا اللهَ) عطف أيضا (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) لعل واسمها ، والجملة خبرها وجملة الرجاء حالية.

م ١٠ ـ اعراب القرآن

١٤٥

البلاغة :

جاء ختام سورة آل عمران حسنا جدا ، وكما جاء ختام سورة البقرة مشتملا على الدعاء جاء ختام سورة آل عمران مشتملا على عدد من الوصايا النافعة ، وهذا هو حسن الختام ، ليبقى راسخا في الاسماع ، وهذا هو حسن البيان.

١٤٦

سورة النساء

مدنيّة وآياتها ستّ وسبعون ومائة

(يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً (١))

اللغة :

(تَسائَلُونَ) فعل مضارع ، وأصله تتساءلون ، فحذفت احدى التاءين ، أي يسأل بعضكم بعضا.

(الْأَرْحامَ) جمع رحم وهي القرابة.

الاعراب :

(يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ) يا أيها : تقدم اعرابها كثيرا ، والناس بدل من «أي» واتقوا ربكم فعل وفاعل ومفعول به (الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ) الذي صفة لـ «ربكم» وجملة خلقكم صلة

١٤٧

الموصول ومن نفس جار ومجرور متعلقان بخلقكم وواحدة صفة والجملة مستأنفة مسوقة لبحث بدء الخلق والتكوين (وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها) الواو حرف عطف وخلق فعل ماض ومنها جار ومجرور متعلقان بخلق وزوجها مفعول به (وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً) الواو عاطفة وبث فعل ماض ومنهما جار ومجرور متعلقان ببث ورجالا مفعول به وكثيرا صفة ونساء عطف على «رجالا» (وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ) الواو عاطفة واتقوا الله فعل أمر والذي صفة وجملة تساءلون صلة وبه جار ومجرور متعلقان بتساءلون والأرحام عطف على الله وفي هذا العطف تنويه بمنزلة القرابة ووجوب البرّ بها ومراعاتها (إِنَّ اللهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) الجملة تعليلية لا محل لها وإن واسمها ، وجملة كان وما في حيزها خبر ان وكان فعل ماض ناقص وعليكم جار ومجرور متعلقان بـ «رقيبا» واسم كان مستتر ورقيبا خبرها.

البلاغة :

في الآية الآنفة فن براعة الاستهلال فقد استهل السورة بالاشارة الى بدء الخلق والتكوين ، وألمع الى دور المرأة المهم ، وأوصى بصلة الرحم. وقد حفل الشعر العربي بذكر صلة الرحم ومنزلتها عند الله ، وحسبنا أن نشير الى قصيدة معن بن أوس التي مطلعها :

وذي رحم قلمت أظفار ضغنه

بحلمي وهو ليس له حلم

وهي قصيدة رائعة يكاد لا يخلو منها كتاب أدبي فليرجع إليها من يشاء.

١٤٨

(وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً (٢))

اللغة :

(الْيَتامى) الذين مات آباؤهم فانفردوا عنهم ، واليتم الانفراد.

ومنه الرملة اليتيمة والدرة اليتيمة ، وقيل : اليتيم في الأناسي من قبل الآباء ، وفي البهائم من قبل الأمهات. واليتامى جمع الجمع ، فقد جمع اليتيم على يتمى كأسرى ، ثم جمع يتمى على يتامى كأسرى على أسارى. ويجوز أن يجمع على فعائل لجري اليتيم مجرى الأسماء نحو صاحب وفارس فيقال : يتائم ثم يتامى على القلب.

(الحوب) يضم الحاء وفتحها : الذنب العظيم ، وهو مصدر حاب حوبا وحابا.

الاعراب :

(وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ) الواو يصح أن تكون استئنافية ، فتكون الجملة مستأنفة مسوقة للشروع في كيفية الاتقاء وطرقه ، وقدم اليتامى لكمال العناية بأمرهم. ويصح أن تكون عاطفة على ما تقدم ، فيكون السرد متلاحقا. وآتوا فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل واليتامى مفعول به أول وأموالهم مفعول به ثان (وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ) عطف على ما تقدم ولا ناهية وتتبدلوا فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون والواو فاعل والخبيث مفعول به والباء حرف جر والطيب وهو المتروك مجرور بها وهما متعلقان

١٤٩

بتتبدلوا (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ) الواو عاطفة ولا ناهية ونأكلوا فعل مضارع مجزوم بلا وأموالهم مفعول به والى أموالكم جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال أي مضمومة الى أموالكم (إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً) ان واسمها ، وجملة كان واسمها وخبرها خبر إن وجملة إن وما في حيزها تعليلية لا محل لها ولهذا كسرت همزة إن.

البلاغة :

في هذه الآية مواطن من البلاغة بالغة حدّ الإعجاز نلخصها فيما يلي :

١ ـ المجاز المرسل في قوله تعالى : «وآتوا اليتامى أموالهم» لأن الله سبحانه لا يأمر بإعطاء اليتامى الصغار أموالهم ، فهذا غير معقول بل الواقع أن الله يأمر بإعطاء الأموال من بلغوا سن الرشد ، بعد أن كانوا يتامى : فكلمة اليتامى هنا مجاز مرسل ، لأنها استعملت في الراشدين. والعلاقة اعتبار ما كانوا عليه.

٢ ـ الاستعارة المكنية بأكل أموال اليتامى. فقد شبه أموالهم بطعام يؤكل ، ثم استعار لها ما هو من أبرز خصائص الطعام وهو الأكل ، وفي هذه الاستعارة سرّان من أدق الأسرار :

آ ـ إن طريق البلاغة النهي عن الأدنى تنبيها على الأعلى إذا كان المنهي عنه درجات ، فكان مقتضى القانون المذكور أن ينهى عن أكل مال اليتيم من هو فقبر اليه حتى يلزم نهي الغني عنه عن طريق الأولى ، فلا بد من سر يوضح فائدة تخصيص الأعلى بالنهي ، في هذه الآية ،

١٥٠

وذلك ما يفهم من كلمه «الى أموالكم» ، والسر في ذلك أن أكل مال اليتيم مع الغنى عنه أقبح صور الأكل فخصص بالنهي تشنيعا على من يقع فيه.

ب ـ والسر الثاني في تخصيص الأكل لأن العرب كانت تتذمم بالإكثار من الأكل ، وتعدّ من البطنة المساوية للبهيمية ، فكأن آكل مال اليتيم ـ في حال استغنائه عنه وكثرة المال لدية ـ شر من أكله وهو مملق شديد الحاجة اليه ، وإن اشتركا في أكل ما هو محرم ، وكانا منتظمين في قرن واحد ، ومعلوم أن المنهي عنه كلما كان أوغل في القبح وأفرط في الدمامة كانت النفس بطبيعة الحال أنفر عنه.

٣ ـ الطباق بين الخبيث وهو الحرام من المال والطيب وهو الحلال المستساغ.

(وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ذلِكَ أَدْنى أَلاَّ تَعُولُوا (٣) وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً (٤))

اللغة :

(تُقْسِطُوا) مضارع أقسط الرباعي ، ومعناه عدل ، والثلاثي معناه جار.

١٥١

(تَعُولُوا) من قولهم : عال الميزان إذا مال ، وميزان فلان عائل ، وعال الحاكم في حكمه إذا جار. وذكر أبو بكر بن العربي أن عال تأتي لسبعة معان :الأول : عال أي مال.

والثاني : زاد ، والثالث : جار ، والرابع : افتقر. والخامس :أثقل ، والسادس : قام بمئونة العيال ، ومنه قوله : وابدأ بمن تعول.

والسابع : عال : أي غلب ، ومنه عيل صبري. وقد وردت عال لمعان غير السبعة غير التي ذكرها ابن العربي منها : عال : اشتد وتفاقم ، حكاه الجوهري ، وعال الرجل في الأرض إذا ضرب فيها ، حكاه الهروي. وعال إذا أعجز ،

حكاه الأحمر. فهذه ثلاثة معان غير السبعة. والرابعة عال : أي كثر عياله. فجملة معاني عال أحد عشر معنى ، وسيأتي مزيد من بحث هذه المادة في باب الفوائد.

(الصدقات) المهور ، مفردها صدقة : بفتح الصاد وضم الدال.

والمهر له أسماء كثيرة أيضا ، منها صدقة بفتحتين ، وبفتح فسكون ، وصداق : بكسر الصاد وفتحها.

(نِحْلَةً) مصدر نحله كذا أي أعطاه إياه هبة له عن طيب نفس.

(هَنِيئاً مَرِيئاً) صفتان من هنؤ الطعام أو الشراب إذا كان سائغا لا تنغيص فيه. وقيل : الهنيء ما يلذه الآكل ، والمريء : ما يحمد عاقبته. وقيل لمدخل الطعام من الحلقوم الى فم المعدة : المريء لمروء الطعام فيه ، أي انسياغه.

١٥٢

الاعراب :

(وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى) الواو استئنافية وإن شرطية وخفتم فعل ماض في محل جزم فعل الشرط وأن حرف مصدري ونصب ولا نافية وتقسطوا فعل مضارع منصوب بأن والمصدر المؤوّل من أن وما في حيزها مفعول به وفي اليتامى جار ومجرور متعلقان بتقسطوا وسيأتي في باب الفوائد المراد بذلك (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) الفاء رابطة للجواب وأنكحوا فعل أمر والواو فاعل والجملة في محل جزم فعل الشرط وما اسم موصول في محل نصب مفعول به وجملة طاب لا محل لها لأنها صلة ولكم جار ومجرور متعلقان بطاب ومن النساء جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من ضمير الفاعل ومثنى وثلاث ورباع أحوال. وأعربها أبو علي الفارسي بدلا من «ما» وسيأتي مزيد من القول فيها في باب الفوائد (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً) الفاء استئنافية وإن شرطية وخفتم فعل ماض في محل جزم فعل الشرط وأن لا تعدلوا : المصدر المؤول مفعول به ، فواحدة الفاء رابطة لجواب الشرط وواحدة مفعول به لفعل محذوف أي : فالزموا واحدة ، والجملة في محل جزم جواب الشرط (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) أو حرف عطف وهي للتخيير أي من الإماء اللواتي في حوزتكم ، لما في ذلك من اليسر والسهولة. وما اسم موصول معطوف على «واحدة» وجملة ملكت أيمانكم لا محل لها (ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا) اسم الاشارة مبتدأ وأدنى خبره والجملة استئنافية وأن لا تعولوا : المصدر المؤول منصوب بنزع الخافض والجار والمجرور متعلقان بأدنى ، أي : أقرب من العدل وعدم الجور. وللفقهاء تعليلات طريفة في الجمع بين الإماء

١٥٣

والحرائر في السهولة واليسر ، تجد منها شيئا في باب الفوائد (وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً) الواو عاطفة وآتوا فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل والنساء مفعول به وصدقاتهن مفعول به ثان ونحلة نصب على المصدر ، لأن النحلة والإيتاء مترادفان بمعنى الإعطاء ، فكأنه قيل : وانحلوا النساء صدقاتهن نحلة ، أي أعطوهن مهورهن عن طيبة نفس. ويجوز نصبها على الحال من المخاطبين بعد تأويلها بالمشتق ، أي آتوهن صدقاتهن ناحلين طيبي النفوس بالإعطاء ، أو على الحال من «صدقاتهن» أي : منحولة معطاة عن طيبة نفس.

وقيل : نحلة من الله أي عطية من عنده وتفضلا منه عليهن. وقيل النحلة : الملة والدين. والمعنى : آتوهن مهورهن ديانة ، فتعرب عندئذ مفعولا لأجله. وإنما أوردنا هذه الاوجه لأنها متعادلة الرجحان (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً) الفاء استئنافية وإن شرطية وطبن فعل ماض مبني على السكون ونون النسوة فاعل وهو في محل جزم فعل الشرط ولكم جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال وعن شيء جار ومجرور متعلقان بطبن ومنه جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة لشيء ونفسا تمييز (فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) الفاء رابطة لجواب الشرط وكلوه فعل أمر ومفعول به وهنيئا مريئا صفتان لمصدر محذوف أي : أكلا هنيئا مريئا ، أو حال من الضمير أي : كلوه وهو هنيء ومريء.

البلاغة :

في هذه الآية فن التغليب ، فقد قال : فانكحوا ما طاب لكم ، ولم يقل «من» كما هو المتبادر في استعمال «من» للعاقل و «ما»

١٥٤

لغير العاقل تغليبا ، لأن «ما» تأتي لصفات من يعقل ، وقد وصفهن بالطيب ، فصح استعمال «ما» ، وهذا سر بديع تقيس عليه ما يرد منه ، فتدبره والله يعصمك.

الفوائد :

١ ـ يحدث التاريخ في تعليل نزول هذه الآية أنه كان الرجل يجد اليتيمة الموسومة بالجمال والمال ويكون وليها فيتزوجها ضنا بها عن غيره ، فريما اجتمعت عنده عشر منهن ، فيخاف لضعفهن وفقد من يغضب لهن أن يظلمهن حقوقهن ويفرط فيما يجب لهن ، فقيل لهم :إن خفتم أن لا تقسطوا ـ أي تعدلوا ـ في يتامى النساء فانكحوا من غيرهن ما طاب لكم. فجاءت الآية محذرة من التورط ، وأمرا بالاحتياط ، وفي غيرهن مندوحة الى الأربع.

٢ ـ (مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) صفات معدولة عن أعداد مكررة ، ولذلك منعت من الصرف ، أي : اثنتين اثنتين ، وثلاثا ثلاثا ، وأربعا أربعا. ومن طريف ما تمسك به بعض الذين ضلت عنهم أسرار العربية الشريفة من جواز التزوّج بتسعة : أنهم قالوا لأن اثنتين وثلاثة وأربعة جملتها تسعة ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم مات عن تسعة. وهذا كما ترى ناشىء عن جهل بأسرار العربية المبينة ، لأنك إذا قلت : جاء القوم مثنى وثلاث ورباع ، معناه أنهم جاءوا اثنين اثنين وثلاثة ثلاثة وأربعة أربعة ، فتنصب ذلك كله على الحال. والحال هي التي تبيّن هيئة الفاعل أو المفعول به. فأنت تريد أن تبين كيف كان مجيئهم ، أي : لم يجيئوا جماعة ولا فرادى فالله سبحانه أبان ما أباحه من

١٥٥

النكاح وأما النبي صلى الله عليه وسلم فإن ذلك من خواصه التي تفرد بها.

هذا وقد كثر كلام أهل العربية حول العدد المعدول هل هو من الواحد الى العشرة؟ أو هو ما نطق به القرآن الكريم فقط! قال قوم : إنه ينتهي الى رباع ، وقال آخرون : الى سداس ، وقيل : الى عشار.

وقد جاء لأبي الطيب المتنبي قوله :

أحاد أم سداس في أحاد

لييلتنا المنوطة بالتّناد؟

قالوا : إن أبا الطيب لحن في هذا البيت عدة لحنات ، فقال :أحاد وسداس ، ولم يسمع في الفصيح إلا مثنى وثلاث ورباع ، والخلاف في خماس وسداس الى عشار. ومنها أنه صغّر ليلة على «لييلة» ، وإنما تصغر على «لييلية». ومنها أنه صغرها ، والتصغير دليل القلة ، فكأنها قصيرة ، ثم قال : «المنوطة بالتناد» ولا شيء يكون أطول منها حينئذ ، فناقض آخر كلامه أوله. ولنا أن ندافع عن أبي الطيب في زعمهم عليه التناقض ، لأن التصغير يأتي في كلامهم أحيانا للتعظيم كقول لبيد :

وكل أناس سوف تدخل بينهم

دويهة تصغّر منها الأنامل

فأبو الطيب قد صغّر الليل هنا للتعظيم ، لأنه استطالها حتى جعلها منوطة بالتّناد. ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة :يا «حميراء» ويحتمل أنها صغّرت لدقتها وخفائها. ومستعظم الأمور من مستصغر الشرر. وأما قوله : أحاد وسداس ، فإنه استعمل الجزء وهو واحد وست مفردين أي أنه لم يردها «أحاد» مكررة ولا ستا

١٥٦

مكررة كما هو مدلول العدد المعدول ، بل أراد الإفراد واستعمل فيه المعدول الدال على التكثير تجوّزا من اسم إطلاق الكل وهو أحاد وسداس في الجزء وهو واحدة واحدة وست ست. وهذا الاستعمال مجاز ، والتجوّز ليس بلحن. هذا وقد ورد عشار في شعر الكميت ابن زيد وهو حجة :

فلم يستريثوك حتى رميت فوق الرجال خصالا عشارا

لماذا منعت من الصرف؟

أما المذاهب المنقولة في علة منع الصرف فهي أربعة :

١ ـ قول سيبويه والخليل وأبي عمرو ، وهو العدل والوصف.

٢ ـ قول الفراء وهو أنها منعت للعدل والتعريف بنية الألف واللام ، ومنع ظهور الألف واللام كونها في نية الاضافة.

٣ ـ قول الزجاج وهو أنها معدولة عن اثنين اثنين وثلاثة ثلاثة وأربعة أربعة ، وأنه عدل عن التأنيث.

٤ ـ ما نقله أبو الحسن عن بعض النحويين ، وهو أن العلة المانعة من الصرف هي تكرار العدل فيه ، لأنه عدل عن لفظ اثنين ، وعدل عن معناه ، وذلك أنه لا يستعمل في موضع تستعمل فيه الأعداد غير المعدولة ، تقول : جاءني اثنان وثلاثة ، ولا يجوز : جاءني مثنى وثلاث ، حتى يتقدم قبله جمع ، لأن هذا الباب جعل بيانا لترتيب الفعل.

فاذا قال : جاءني القوم مثنى أفاد أن ترتيب مجبئهم وقع اثنين اثنين.

١٥٧

فأما الاعداد غير المعدولة فإنما الغرض منها الإخبار عن مقدار المعدود دون غيره. ولابن هشام فصل رائع في مغني اللبيب كتبه حول هذه الآية في الباب السادس من كتابه : «في التحذير من أمور اشتهرت بين المعربين والصواب خلافها» فارجع اليه إن شئت.

(هَنِيئاً مَرِيئاً) يعربان وصفا للمصدر وحال.

فأما قول أبي الطيب المتنبي :

هنيئا لك العيد الذي أنت عيده

وعيد لمن سمى وضّحى وعيّدا

فيتحتم إعرابهما حالا ، لأنه ليس هناك ما يدل على المصدر الذي يصح أن يوصف بهما. والعيد فاعل هنيئا لأنها صفة مشبهة.

(وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً وَارْزُقُوهُمْ فِيها وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً (٥) وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً (٦))

١٥٨

اللغة :

(السُّفَهاءَ) المبذّرون الذين ينفقون أموالهم فيما لا ينبغي إنفاقه ، أو فيما لا طائل تحته.

(قِياماً) مصدر قام ، أي تقومون بها وتنتعشون. ولو ضيّعتموها لضعتم ، فكأنها قيامكم وانتعاشكم.

(آنَسْتُمْ) أبصرتم واستوضحتم.

الاعراب :

(وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً) كلام مستأنف مسوق لبيان بقية الأحكام المتعلقة بأموال اليتامى. ولا ناهية وتؤتوا فعل مضارع مجزوم بلا والواو فاعل والسفهاء مفعول به وأموالكم مفعول به ثان والتي اسم موصول في محل نصب صفة لأموالكم وجملة جعل الله لكم صلة الموصول وقياما مفعول به ثان لجعل التي بمعنى صيّر والمفعول الاول محذوف والتقدير التي صيّرها لكم قياما ، ولكم جار ومجرور متعلقان بـ «قياما» ، وإن كانت جعل بمعنى خلق فقياما حال من العائد المحذوف أي : جعلها في حال كونها قياما (وَارْزُقُوهُمْ فِيها وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً) وارزقوهم الواو حرف عطف وارزقوهم فعل أمر وفاعل ومفعول به وفيها جار ومجرور متعلقان بارزقوهم واكسوهم عطف على ارزقوهم وقولوا عطف على وارزقوهم أيضا ولهم جار ومجرور متعلقان بقولوا وقولا مفعول مطلق ومعروفا صفة (وَابْتَلُوا الْيَتامى

١٥٩

حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ) الواو عاطفة والكلام معطوف وفيه تعيين وقت تسليم أموال اليتامى إليهم واليتامى مفعول به للفعل ابتلوا وحتى حرف غاية وجر ، جعل البلوغ وإيناس الرشد غاية للايتاء. وقيل : حتى ابتدائية ، ولكنها تفيد الغاية ، وهي حتى التي تقع بعدها الجمل كقوله :

فما زالت القتلى تمجّ دماءها

بدجلة حتى ماء دجلة أشكل

وإذا ظرف مستقبل متضمن معنى الشرط وجملة بلغوا النكاح في محل جر بالإضافة (فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً) الفاء رابطة لجواب الشرط وإن شرطية وآنستم فعل ماض في محل جزم فعل الشرط وجملة فإن آنستم لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم ومنهم جار ومجرور متعلقان بآنستم ورشدا مفعول به (فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ) الفاء رابطة وادفعوا فعل أمر والواو فاعل وإليهم جار ومجرور متعلقان بادفعوا وأموالهم مفعول به ، والجملة في محل جزم جواب الشرط (وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا) الواو استئنافية ولا ناهية وتأكلوها فعل مضارع مجزوم بلا والواو فاعل والهاء مفعول وإسرافا وبدارا مصدران في موضع الحال أي مسرفين ومبادرين أو هما في موضع المفعول لأجله أي لإسرافكم ومبادرتكم كبرهم ، وأن يكبروا مصدر مؤول مفعول به للمصدر أو مفعول لأجله والمفعول به محذوف ، ولا بد من تقدير مضاف عندئذ أي : مخافة أن يكبروا ، والجملة مستأنفة. وإنما جعلنا الواو استئنافية وظاهر الكلام يوحي أنها معطوفة لأن المعنى يصبح ادفعوا ولا تأكلوها ، وهذا فاسد لأن الشرط وجوابه مترتبان على بلوغ النكاح فيلزم منه ترتبه على ما ترتب عليه وذلك ممتنع (وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ) الواو استئنافية ومن اسم

١٦٠