بلون الغار .. بلون الغدير

المؤلف:

معروف عبد المجيد


الموضوع : الشعر والأدب
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-192-3
الصفحات: ١٨٣

أعيته حمّى الهوى ، والشوق أجهدهُ

وكعبة النحر أدمت قلبه وَلَعا

صلّى وراء مقام العشق منتظرًا

وعد الظهور ، وعهداً مبرماً قُطعا

ولاذ بالركن تغلي في جوانحه

مشاعرٌ تصهر الأحشاء والضِّلَعا

من الصفا .. واشتعالُ الوجد يحرقه

لمروة الوصل .. لبّى ربّه ، وسعىٰ

وتابع الشوط ، والمشعوقُ قبلته

فكلما سار .. زاد الشوط واتسعا

وخلفه الشعب جرح نازف خضلٌ

وموطن مُزقت أشلاؤه طمعا

وبين جنبيه آمال يهدهدها

وفي حناياه كون أكبرٌ جُمعا

: ضميره ، وارتعاشُ الدفق في دمه

ونفسُه ، وفؤادٌ واجف ضرعا

ناجى الإله بطرف خاشع دَمَعا

واستقبل البيت من فوق الصفا ودعا

يا زمزم الغيث كم أربيتِ هامدةً

فأينعت مكةٌ .. سهلاً ومرتَفَعا

ويا منى القصد ، لم يقصدك ذو تَرَبٍ

إلّا رددتيه ميسوراً ومقتنعا

١٢١

ويا نبياً أبى الطاغوتَ معتقَداً

وأنكر الجبتَ أن تُدعىٰ وتُتّبعا

قد جئت أشكو لك الحكام قاطبةً

وأشجب السوء والفحشاء والقذعا

من عهد فرعونَ والارهابُ يحكمنا

والشعب إن ثار مغبون وإن خَضعا

كم أغرق النيل طاغوتاً ، وكم حصدت

أيدي المنايا ، وكم من منخر جُدعا

لكنما « مصرُ » ما انفكّت مكبّلةً

تعالج القيد .. مشدودًا ، ومُتسِعا

تظن كل مليك رادها « عُمَرًا »

حتى إذا سادها .. ألفته « مَنقرعا » !!

وكلهم فلتةٌ لم توق شِرَّتَها

وكلهم أعجفٌ في خيرها رتعا

قد يوصد الباب والطلّاب تقرعه

ويُفتح الباب رحباً ، وهو ما قُرعا

مشيئة الخلق بعض من مشيئته

وربّ ضُرٍّ كرهنا أمرَه .. نفعا .. !

ويا أخا مصرَ .. يا شبلاً بساحتها

تقحم الهول والأخطار والفزعا

١٢٢

وطاول النجم مزهواً بقامته

ومسّ وجه الدجى فابيضّ والتمعا

وطارد الشمس في العلياء مقتنصا

فصادها هازئاً .. بالصيد ما قنعا

وزاحم الشهْب يقصيها بمنكِبه

وأرهف السمع للأنباء .. فاستمعا

وأسدف الستر ، فانجابت سرائره

كم من حجاب بلطف الله قد رُفعا

حتّام تخفي لأهل السّوْء سوأتهم

وتستر الجهل والتضليل والبدعا .. ؟!

وترتضي الصمت عفواً عن خبائثهم

لا يُصلح العفو من أوعى ومن جَمعا

يا ويحهم من طَغام ساء مخبرهم

حتى وإن قدسوا الآحاد والجُمَعا

راموا بها وحدة الأديان من هدموا

مساجد الذكر والأديارَ والبِيَعا .. !

ويحكمون كأن الله حكّمهم

وهم براء من المولى وما شَرعا

قل إنّ مصر العلا مذ طاوعت نفرًا

بها استخفوا ، جفاها العزّ وامتنعا

من كل وَكس ومأبون وذي عُقَدٍ

من ثديي الذل ميراث الخنا رضعا

١٢٣

ويرفعون شعار السلم معذرةً

لأمة فرقوا أبناءها شِيَعا

قل إنّ « فرعونَ » باق في معابدها

وإنّ « هامانَ » في أهرامها قبعا

رمزان حيّان للطاغوت ما فتئا

يستعبدان بني الانسان ما وسعا

هذا على الكبر مجبول بطينته

وذا على الزيف والتدليس قد طُبعا

وذكّر الشعبَ أنْ سادت حضارتُه

وقوّم الفرد حتى بات مجتَمعا .. !

وانثر على النيل برديّاً به كُتبت

أجلى النقوش التي تنبيك ما وقعا

هنا الغزاة .. وهذا القبر يجمعهم

وفي السماء شهيد .. خرَّ فارتفعا .. !

واسأل « أبا الهوْل » محمولاً على حِقبٍ

من الزمان الذي ما نام أو هجعا

من ألهم الشعب إذْ نحتت أناملُه

تمثاله الفذّ من صخر .. وقد ركعا .. ؟!

لم يركع المجد للفرعون ، بل ركعت

أمجاد فرعونَ للشعب الذي اخترعا

كم أبدع الشعبُ وابتكرت قريحتُه

فلم يكن أجره إلّا بأن قُمعا

١٢٤

يبني « سنمّارُ » قصراً لا تضارعه

قصور « عادٍ » .. فلا يُجزى بما صَنعا .. !

يا حامدين لأرض النيل فاتحها

وضاربين على خيل له قُرَعا

وناسبين له فضلاً ومنقبةً

وشاربين على نخب له جُرَعا

ناسين « عمْروا » ، وسوطُ الجور في يده

يعاقب القوم أن بزّوا ابنه لُكعا

إن الولاة إذا لم يُنصفوا كُبتوا

لا يحرز السبقَ أعمى يشتكي ظَلَعا

يا للعتلّ !! يظن الدين مأدبةً

يصيب منها القِرى والرِيَّ والشبعا

وللزنيم !! وقد أقعى على شبَقٍ

يستنزف اللذة الخرقاء والمتعا

وللجبان !! وقد أنجته عورتُهُ

لما أتاه « الفتى » بالسيف ملتمعا

وللدهاء !! وقد آتى « معاويةً »

حبلاً متينا شديد الأزر .. فانقطعا .. !

كم من خبيث تفوت الغرَّ حيلتُه

وربَّ جان ثماراً وهو ما زرعا .. !

١٢٥

ذاك « ابن هندٍ » وهذا « فرخ نابغةٍ »

وكل طير على شكل له وقعا .. !

واهاً لشعب شقى دهرًا فأطربه

غرابُ بيْنٍ بآي الله قد سجعا .. !

حطت به فوق وادي النيل مفتتحا

سقيفة سوقت قرآننا سلعا .. !

ما قيمة الفتح بالسيف الذي ذبحوا

به « حسينا » وآل البيت والشيعا .. ؟!

نبئت أن « عليّاً » يمتطي فرساً

وعنده الذكْر والصمصام قد جُمعا

وحوله فتية في قلبهم ورعٌ

تذاكروا « النهج » فازدادوا به ورعا

وشايعوا الآل ، آل البيت ، واتخذوا

منازل الوحي مصطافاً ومرتبعا

وناشدوا الشمس خلف الغيم قائمةً

أن تخرق الغيم والأستار والقَزَعا

محجوبةً عنهمُ ، مذخورةً لهُمُ

خلف السحاب الذي إن أوذن انقشعا

يا رُبّ باد إلى الأبصار .. لم تَرَهُ

ورُبّ خافٍ بظهر الغيب قد سطعا !

١٢٦

متى تجليتَ يا مهديَّ أمتنا

و« طورُ سينينَ » من وجدٍ به خشعا

أو إن ظهرت على « حوريبَ » فانصدعت

أركانه الشمُّ خوفاً منك أو طمعا

أو إن بلغت ضفافاً زغردت فرحا

و« عينُ شمسٍ » تحيّي البدر أَن طلعا

تجدْ على النيل أكباداً مُحرَّقةً

من لاهب الشوق ، والأنجاب ، والتبعا

ومنبراً مورق الأعواد شيده

قوم رأوا فيك صوت العدل مرتفعا

موطئون لامر الله ، قد زحفوا

عرمرماً ثائر النقعاء مُدَّرِعا

فخض غمار الوغى ، فالخيل شاخصةٌ

قد سدّت الأفْق والوديان والتّلعا

وارفع لواء الهدى من بعد ما سقطت

رايات مُلك عضوض بادَ وانتُزعا

يا مَظهر الحق فوق الأرض عاينه

أهل الكشوف .. ( وما راءٍ كمن سَمعا ) .. !

اظهر على ظهرها ، واسلك مناكبها

واجعل من القفر روضاً زاهراً مَرِعا

لو ضاقت الأرض ـ والأفلاك قد خُلقت

لكم ، ولولاكم الخلاق ما بَدَعا ـ

١٢٧

فاهبط بمصرَ التي فيها الذي سألوا

واسأل تجدْ أرضها الخضراء منتجعا

وانزل على الرحب تَسعدْ فيك أفئدةٌ

قد ملّت الحزن والآلام والوجعا

فإن تروّت قلوب الشعب وامتلأت

فانزل على العين ، علّ العينَ أن تسعا !

يا عين قَرّي إذا ما الشمس قد ظهرت

واستشعريعا ، فباب الغيب قد شُرعا

ليسا سواءًا .. صباح يزدهي أَلَقاً

وحالكُ الليل .. إن أعطى وإن مَنَعا .. !!

١٢/٨/١٩٩٧

١٢٨



أيهذا المرصع باللازوَردي .. !!

حملقي في المدى .. وانظري يا مدينهْ

عَلَّ عرسَ السماء يزف إلينا

من الغيب نجماً يصلي

وينثر فوق الحجاز غدًا ياسمينَهْ

واحفري بين عينيك بحرًا

بلا ضفتينِ ..

وكوني الشواطىءَ ..

كوني الموانيءَ

كوني جزيرة دفءٍ

وحضناً وثيرًا ..

لترسوَ فيه السفينهْ ..

أقلع الصبح منذ الصباحِ

وأبحرت الشمس فجرًا إليكِ

وبات الحبيب يصوغ أماني الوصالِ

ويطلي بلون النهار جفونَهْ ..

قد ضممناه بين الحنايا

رجاءً فريدًا ..

١٢٩

وعشنا نهدهده في القلوبِ

ونمسح بالأقحوان جبينَهْ

قد عشقناه قبل الوصولِ

وبتنا على عتبات « الرضا »

نرقب القادمين إلى الأرضِ

فوجاً .. ففوجاً

وهم يحملون خزائن أمّ الكتابِ

وذخرَ الكنوزِ الدفينَهْ

إنه الله أبدع وجهاً جميلاً

وسماه باسم النبيّ الكريمِ

وصلّى عليهِ

وكحّل بالمعجزاتِ عيونَهْ

فان لم يكنه « الجوادُ » ..

فمن ذا يحق له في الورىٰ

أن يكونَهْ .. !!

« مكةٌ » أرهفت سمعها

للنشيد المذهّبِ

.. والموج .. والوحي .. والمستحيلْ

أيهذا الصبيّ المتوج بالعلم والحُكمِ

يحمل في راحتيه النجومَ

ويخطو كما الحلم بين النخيلْ

١٣٠

أيهذا الموشح بالمخمل اليثربيِّ

يزقزق كالعندليب على الغصنِ

في دوحة المصطفى

أيهذا الصبيّ الجميلْ .. !!

يا ابن « سبع » سما

فوق عرش الملوكِ

وخبّأ في مقلتيه الإمامةَ

ثم تولى ليدفن بين ضلوع الثريّا

أباه القتيلْ ..

من سيمتار قمحاً وماءًا

ويقصد باب « قريش »

ويمنح تلك المراعي صباها

ويرسم فوق خدود الخيامِ

اشتعال الشروقِ ، وزهو المرايا

ووهج الحقولْ .. ؟!

قد تناءى عن « البيت » وجه القبيلةِ

في رحلة الموتِ

ثم استراحت قوافلنا عند « طوس »

وسوّت على العشب مهدًا طريًّا

لتسجد بين يديه الفصولْ

ما الذي يحدث الآن لو أن « جبريلَ » يأتي

ويمثل بشراً سوياً نراهُ

١٣١

وينفخ من روحه في قرانا

صدًى عبقريّاً

فتنهض بعد الثبات الطويلْ !

مزقتنا حراب البوادي

وشقّت بطونَ الحواملِ

حتى استحمت بدمنا الحرامِ

رمالُ السهولْ ..

أيّهذا الوليد هلالاً

يحلق في جنبات المساءِ

ويلمع فوق رموش الأصيلْ

كانت الخيل جمحت

على شاطىء الصمتِ

ثم ولدتَ ..

فعاد الحجيج إلى كعبة الوجدِ

من كل فج عميق

وعادت لنا قبلتانا

وعادت إلينا الخيولْ

أيهذا « الجواد » المجنحُ

في عرصات الكرامِ

غمرت الوجود بفيض نداكَ

فلم تُبق في الكون شيئاً بخيلْ .. !

كانت الارض تطوي مدار السرابِ

١٣٢

فلما أتيتَ ..

رأت فيك عيناً تفور حليباً ،

وكوثر عسلٍ ، ودلتا ، ونيلْ .. !

يا ابن « ماريّةٍ » حسبُ « مصرَ » افتخارًا

بأن شايعتك حفيدًا

وحسب « الكنانة » أن صاهرت

جدك « المصطفى » ..

يا حفيد الرسولْ .. !!

هودج العشق يسري

على رفرف من حريرْ ..

يخرق الستر في عالم الممكناتِ

ويُبصر وجه الملائكِ

في لجة النورِ ..

ثم يلامس عرش الإلهِ

ويرتاد مملكة السائحين

فيلقى النبيَّ .. ويلقى « عليًّا »

ويسبح في سلسبيل « حراءٍ »

ويشرب من سُبُحات « الغديرْ » ..

سدرة القدس تزهرُ من

غيث كفيك خصباً ..

وتورق جودًا ..

١٣٣

يظلل هذا الصعيد الفقيرْ

يا « جواد الأئمة » ميلادك

اجتاز كل المسافات حتى التجلّي ..

فشفّ .. ورقَّ

ورش على كعبة الوالهين

الندى .. والعطورْ

« يثربٌ » لملمت حزنها

واستفاقت على بهجة العيدِ

لمّا ولجت « قُباءًا » ..

وصليتَ فيه صلاة المسافرِ

نحو غدٍ تشرق الشمس فيهِ

وتخضر صحراء « نجدٍ » ..

وتشدوا كروم « القطيفِ » ..

وينشقّ بين جبال الجزيرةِ

ينبوع حُبٍّ ..

وتجري البحورْ

أمّة تعلِكُ العوسج المرّ عشرين دهرًا

تناست ملامحها في الظلامِ

وأقفر تاريخها من رؤاهُ

فكن أنت فيه الحروف المضيئةَ

كن فيه حلماً نبيلاً

وكن أنت فيه السطورْ ..

١٣٤

يا امتداد السّنا بين « طوس » و « بغدادَ »

عبر « المدينةِ » ..

شابت نواصي الليالي

فهلّا ترجلت يا سيدَ الفجرِ

حتى نصلي صلاة الصبا

ركعتين اثنتين .. !

فينهزم الشيب والعجز والليلُ

ثم نرفرف حول الشموعِ ..

ونصبح في محضر العاشقينَ

فراشاً يطيرْ .. !

أيهذا الوليد المكلل بالغار

يخطر فوق الروابي

ويُهدي البساتين مجدًا

وينفح فصل الربيع رُواءًا

ويفرش عالمنا بالزهورْ ..

أيهذا المرصع باللازورديِّ

واللوز .. والدرِّ ..

يرفل في بردةٍ من تراث الجِنانِ

ويمتد فيما وراء المكانِ

وخلف الدهورْ

أيهذا المضمّخ بالمسكِ

يطلع من شرفات النبوة بين الرياحينِ

١٣٥

يحضن بين ذراعيه بشرى

وقاروة من عبيرْ

السماء أمامك مفتوحةٌ

فاعْلُ بالأمة المستباحةِ

صوب المجراتِ ..

وابزغ على الارض قسطاً وعدلاً

وهَدْياً .. ونورْ

أنت تاسع قدم تدبُّ

على مذبح العشقِ

نحو الخلاصِ ..

وما من وليد بِبيْت الرسالةِ

إلّا تجلت بميلادهِ

جَلوةٌ من معاني الظهورْ .. !!

١/١١/١٩٩٧

١٣٦



خراسان في ضوء القمر

على باب « طوسَ » توقفت القافلهْ

تحمل الفجر والمجد والغيثَ

للتربة القاحلهْ ..

ثم دقت خيامَ النبوةِ

فوق السهولِ

وربطت خيول الإمامةِ

في حلقات الأصيلِ

وأذّن صوت لها في المدينةِ

حتى غدت آهلهْ ..

شوقها كان أن تشرب الأرضُ عسلاً

وتنبت فرحاً وأملاً

وشوق « الخليفةِ » كانَ

بأن يسقيَ « البدرَ » سُمًّا

فيغربَ خلف التلالِ

ويخفتَ في الغربة القاتلهْ .. !

لم يكن ليل « طوسَ » لينجابَ

إلّا بهذا القمرْ ..

١٣٧

لم تكن كل تلك الرياض لتخضرَّ إلّا

بمقدم ركب الربيعِ

وعرس المطرْ ..

لم تكن كل تلك السراديب تُضحي

وجوداً منيرًا

وكوناً كبيرًا

بغير الوصالِ

وغير وصول الصباح على

صهوة الشمس بعد السفرْ ..

ألا أيها الفارس المنتمي

للبزوغ الجليلِ

أتيت تصارع فزع الغروبِ

وترفض أن يستبيح الظلامُ النهارَ

فتعشَى عيونُ الطيورِ

وتعمى قلوبُ البشرْ ..

فيا ليتني كنت سيفاً

لقطّعت تلك الأيادي

فلم تزرع السمَّ بين الورودِ

ولم تمنع الماء عن

مهرجان الشجرْ ..

ويا ليتني كنت نهر الخلودِ

لأعطيت كل بقائي

١٣٨

لعمر « الرضا » ..

واستعدت الزمان الذي فات حتى

أضيفَ إليه قروناً أُخَرْ .. !

ويا ليتني كنت عند اجتماع السقيفةِ

عاصفةً .. أو لهيباً

لأهلكت من بايعته الرجالُ

وأفنيت شبه الرجالِ

وأحرقت « إبليسَ » لمّا

تمثّل شخصاً سويًّا

يسمّى « عُمَرْ » !!

زها فوق « يثربَ » ضوء النجومِ

وأثمر فصلُ الكواكبْ ..

وجئت وليدًا تفتَّحَ فوق الرمالِ

وأَمَّ صلاة الربيعِ

وأينع مئذنةً في الروابي

وسورةَ فرح تلتها المواكبْ ..

ولما رضعتَ حليب الرسالةِ

شبّت على راحتيك التواريخُ

واشتد عود النهارِ

وشعت جباه الليالي

وفجرتَ في الصخر نبع العجائبْ ..

١٣٩

ألا أيها البحر يزخر بالمعجزاتِ

ويُبحر في موجه المستحيلُ

وترسوا على شاطئيه المراكبْ ..

أيا كعبةً قد أتاها الحجيجُ

مُلبّين من كل فج عميقٍ

وطاف بها العاشقون فعادوا

بغُنم المنىٰ والرغائبْ ..

سألتك حرفاً من العلم أو بعضَ حرفٍ

لعل الستائر تنزاح شيئاً

فشيئاً

وأُبصرَ وجهاً وراء المجرات غائبْ ..

وأشرقْ على الشعر وزناً

ومعنًى

فقد جف حبر القوافي

ونفدت بحور الكلامِ

وحين قرأت كتاب الفضائلِ

أدركتُ أنك فوق الخصالِ

وفوق الكمالِ

وفوق المناقبْ .. !!

« خراسانُ » عقد بجيد الوجودِ

تكلّل تبرًا

ودُرًّا

١٤٠