بلون الغار .. بلون الغدير

المؤلف:

معروف عبد المجيد


الموضوع : الشعر والأدب
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-192-3
الصفحات: ١٨٣

ورمى في البحر قوارير العطرِ

وهشّم فضته .. وزمرُّدَهُ

وزَبرجدَهُ

ومراياهْ .. ؟!

ولهذا .. يا ذاالقرنينِ

فانك قافلة العصمةِ

والحادي ..

والقربانُ الأول في تسيار الرحلةِ

والموال المخنوق بصدر البادية المفجوعةِ

والآهْ .. !

وصدقني .. أنك حين خطبت الزهراءَ

كأني .. أبصرت الحسنَ

يقيء الكبد المسمومَ

على حصيات بقيع الغرقدِ

ورأيت حسينا

فوق رمال الطفِّ المدهوشةِ

تنزف شفتاهْ .. !

ولهذا .. حين يفتش شعراءُ العالمِ

عن مأساةٍ تُبكي الجمهورَ ..

فتلك المأساهْ .. !

١٠١

يا من نزلت فيك الآياتُ

امددْ لي يدك البيضاءَ

فاني أبحث في بحر الظلمات

على أبواب القرن الحادي والعشرين الداهمِ

عن حبل نجاهْ

يا فارسَ أمتنا الضاري

يحكون بأنك في بدرٍ

لم تكتبْ فردًا في تعداد الجيش

لأنك كنت ملائكةً

وخيولاً ..

وسيوفاً ..

وسهاماً ..

ورُماهْ .. !

ولهذا سمتك « ابنةُ أسدٍ » « حيدرةً » ..

وأسميك أنا .. قنبلةً

تتفجر في عصر الجبن الباهظِ

ذراتٍ

ثم تعود لتنشطر نواةً

بعد نواهْ .. !

١٠٢

بل يحكى أنك .. يا مولانا

حين تصلي .. تتصدق أيضاً

في السر .. وفي العلنِ

وتبسط كفيكَ

وتُؤتى للفقراء زكاهْ .. !

ولهذا .. لما برز الايمانُ جميعاً

للكفر جميعاً

يومَ الأحزابِ ..

وعاجله بالسيف البتَّارِ

تأنَّىٰ .. وابتعد قليلاً .. !

حتى لا يفقد في غمرات النصرِ الساحِق

تقواهْ .. !

ويحكى أنك .. في « خَيبَر »

داهمتَ الحصنَ المستحكمَ

وَدَحوْتَ البابَ الضَّخمَ ..

وأدهشتَ الاحبارَ بربّانيَّتِكَ العليا

ونسختَ التوراهْ .. !

فانكمش بنو إسرائيلَ

وكُبكبتِ الكهَّانُ

ومات من الذعر المطبق ( أبناءُ اللهْ ) .. !!

ولهذا .. يركع كل يهوديٍّ

١٠٣

بجوار جدار المبكى يتذكر هذا القهرَ

ويندبُ قَتلاهْ .. !

ويحكى أيضاً ـ مع ذلك ـ أن العربَ

ـ وقد قرأوا تاريخاً آخَرَ ـ

يقفون الآن على باب القدس أذلاءَ

يغازل قادتَهم ( نصفُ رئيسٍ ) .. !

شبَّ على فضلات القيصرِ والشاهْ .. !!

بأبي أفيدكَ ..

بنفسي أفديك ..

وأفديك بقومي .. ياابنَ الشَّرفِ الباذخِ ..

هآنذا وطن مذبوحٌ

بسيوف قبائله الآبقةِ

فمن ذا يثأر لدماهْ .. ؟!

ها هي خمَّاراتُ عواصمنا

ملأىٰ بخوارج هذا العصرِ

يقومون الليل .. مجوناً .. !

وينامون على أرصفة العهرِ

وكل منهم يحلمُ ..

ويغنّي في الحلم على ليلاهْ .. !

١٠٤

وها هو واقعنا المرُّ

وهذا عالمنا العربيُّ

وتلك أمانيه الكبرى ..

وثقافتهُ

وحضارتهُ

ورؤاهُ .. !

فماذا يمنع أشقاها

أن يَخْضب هذي من هذي .. !

علّ القمر الغائبَ خلف السحب الدكناءِ

يعود إلينا من منفاهْ .. ؟!

ويحكى أنك .. في خير ليالي العام

ـ وقد تبعتك صوائحُ

ونوائحُ

حتى عتباتِ الشفق المشتعلِ ـ

توهجتَ دماءًا .. في المحرابِ

فأجفلَ .. !

وتلقى رأسك بين ذراعيه

ومسح جبينك بأنامل شفتيهِ

وأرخىٰ لك فجراً لتميل عليهِ

ووسّدك حناياهْ .. !

١٠٥

فلينطفىء الصبح بعيني غانية الكوفةِ

ولْيغربْ شبح فتاها المخدوعِ

فبئس المهرُ

وبئس الفكرُ

وبئس الدهرُ

ولا حول ولا قوةَ إلا باللهْ ..

لا حولَ ..

ولا قوةَ

إلا باللهْ .. !!

٢٥/١/١٩٩٧

١٠٦



برديات فاطميّهْ

المدد الأول :

زهراء يا أم الائمهْ

يا أمّةً في خير أُمَّهْ

يا بضعة الهادي ، وصَفوته ، وفلذته ، وأمَّهْ

وكريمة امرأة حَصَان فاقت الذُّكْرانَ همَّهْ

أفلت نجوم بنات حواء ، وأنت طلعت نجمهْ

تتلألئين على الوجود ، فشعّ بعد طويل عتمهْ

وتنافسين سواك علماً عزّ مطلبه ، وحكمهْ

يا من وُلدْتِ من الكمال ، فكنت سيدةً وقمّهْ

وخُلقت من أجل الخلود ، فكنت كنيته وإسمَهْ

أعطاك ربك كوثرًا للمصطفى المبعوث رحمَهْ

وحباك بعلاً من به تمت على الثقلين نعمَهْ

قد خصك المولى بفضل أنت معدنه ، وعصمَهْ

فحظيت منه بكلْمتين ، ومريم حظيت بكلْمَهْ

المدد الثاني :

زهراء مدي للغريق يديك ، وانتشلي الغريقْ

مدي يديك إلى احتشاد الغيم وانتزعي الشروق

١٠٧

أنا حائم حولى الحمى فقد الأحبَّة والصديق

قد كان لي عش ، وكنت البلبل الحر الطليق

فأتى المغول مع المطامع والمقامع والحريق

جاءوا ، فباركهم وأكرمهم « جناب الجاثليق » !

شرف يباح وأمّةٌ تُسبى ، ودائرة تضيق

مليار يوسفَ أرهقتهم ظلمة الجب العميق

مليار هابيلٍ بلا قبر ولا قلب شفيق

قابيلُ يشرب في جماجمهم ، وأنَّى يستفيق

ويقرّب القربان للشيطان في طبق الفسوق

يا رأسه المنكوس خلف ستائر الزمن السحيق

ذب في الفناء فانه أولى لمن ضل الطريق

سبحان من جعل الغراب أحنّ منك على الشقيقْ !!

المدد الثالث :

فارت دماء السبط ، يا زهراء ، فاعتنقي الشهيدْ

الف وأربعةٌ مئين ، وجرحه فوق الصعيد

يسقي الطفوف بكربلاءَ ، فتزدهي فيها الورود

وهو الذبيح على الفرات من الوريد إلى الوريد

ما أقبح الأنهار إذْ تجري على مر العهود !!

يَظمَى ابن فاطمةٍ ، وتلتذ البهائم والقرود

لو كنتُ نهراً ، لامتنعت مدى الزمان على الورود

ونسفت شطآني ، وأغرقت المعابر والسدود

١٠٨

حزناً على عطش القتيلِ ، ودمعةً فوق الخدود

تهمي ، وتحفر فوق وجه الكون تاريخاً مجيد

يُرضي البتولَ وتبتدي منه الحضارة من جديد

ويرى الوجود بأنه من دون وجهكَ لا وجود

فليبق ذكْركَ يا حسينُ ، وتنمحي ذكرى يزيدْ

فاطمية :

مدد يا بنت النبي

يا ام الحسن وحسين

دا انا قربكم مطلبي

لكن أنوله منين

يا حُرقة القلب لمّا

ينقسم نصّين

دَم الحبايب جرى

ودموعهم الحايره .. !

يا بتعة السرّ مِدّي

اِيديك للفُقَره

دانور جمالك ظهر

يا اجمل من القمره

مدد يا بنت النبي

يا فاطمه يا زهره

« الله .. الله .. يا بدوى

جاب اليُسره »

النص :

يا ليت قلبيَ كان صخرهْ

فمسالك العشاقِ وعرهْ

زهراء .. أبهظني الغرام وهدني كمداً وحسرَه

فكتمت ناراً كلما خمدت ، زكت لهباً وجمره

١٠٩

ورجوت طه أن يمس الجرح لطفاً منه مرّه .. !

وسألت آل محمدٍ مدداً وميسرة ونُصره

وبذلت في إرضائهم ما لا يكاد يُعدّ كثره

وهو القليل بحقهم حتى ولو ضاعفتُ قدره !

يا زهو أرحام النبي ، ونسله الباقي ، وذكْرَه

يا شمس بيت الوحي ، يا إصباحه الزاهي ، وفجرَه

يا قبلة المقصود ، يا أركان كعبته ، وحِجْرَه

أنا طائف بين القواعد والمقام أبرّ نذرَه

دارت به الدنيا ، فدار مطوّفاً سبعين دوره !

وسعى إليك ملبياً ومخضباً بالشوق نحره

وأقام في عرفاتَ يزدلف المشاعر والمبرّه

ورمى الجمار مكبّراً ومكسّراً في النفس جمره

ومشى إلى البيت الحرام ، محلّقا في العيد شَعره

وأحلّ من إحرام حج ساغ زمزمه .. وعُمرَه

أدى مناسك حبكم فترقرقت في العين عَبره

يا ويح من عاداكمُ متولياً بالإثم كِبره

فلتت « لحبترَ » بيعة لم يخرجوا منها بعبره

لكنّ « قنفذهم » تقمصها وأولى الناس ظهره

لم يشفه ضلع البتول ، فأتبع النكراء فجره !

وأراد كل الدين ، أمّته ، وسنّته ، وذِكره

فاذا اشتفى من هاشم وأصاب سهم الموت سَحْره

عهدوا « لنعثلَ » بعدما حفروا « لذي القرنين » حُفره

١١٠

صُرفت عن « النبأ العظيم » ، ولدغة الثعبان فطره !

حتى إذا قصدته مذعنة ، ملبّيةً ، مقرَّه

نكث البغاة ، وأعمل الطاغوت حيلته ومكره

كم من مريد عُمرةً لم يرتحل إلا لغدْرَه !

ومشت « أميةُ » في الورى تقضى بما تهوى ويكره

واستقطبوا « شيخ المَضيرة » مغدقين عليه أجره

حدّث « أخا دَوْسٍ » ، فانك ذو مخيِّلة وخبره

واسلك سبيلاً مُهّدت فمسالك الأمجاد وعره

حدّثْ .. فانّ الأصفر الرنّان لا تعدوه قُدره !

حدّث .. وآتيناك أطياناً ، وقفطاناً ، وإمره

حدّث .. فما « قصر العقيق » أقلَّ من « قصر المعرّه » ..!

حدّث أيا شيخ الرواة ، ولا تصن للدين عوره .. !

حدّث أيا فأر الحديث ! فكله من وحي هرّه !!

حدّث .. فكيسك لا يعي إلا أبو سفيانَ قَدره !

حدّث .. فداهية الشآم تحكمت يده بشعره !

دلِّسْ .. !! فلا حرجٌ إذا بلغت صحاح الزيف عشْره !

ما أعجبَ التاريخ .. يُروَى مسنداً لأبي هريره !!

يا نبتة الروض النديّ ، وتُربَهُ الزاكي ، وبَذرَهْ

يا نسمة الدوح الوريف ، ونبعه الصافي ، وعطره

١١١

أنا شاعر .. يا كعبتي أهدى لآل البيت شعره

سكرت قوافيه ، فكنتم كأسه الوافي وخمره

هو من أحبّ ذوي الرسول ، فَعُدّ هذا الحب وزرَهْ !!

وهجاه قوم يحسبون ولاء ذي القربى معرّه !

وقلاه أعراب الزمان ، وأعلنوا في الأرض كفره

وكأنهم لم يكفهم أن صادروا في الحقل بُرّه

فتكالبوا ليصادروا حتى عقيدته وفكره

جهلاَ بأن مع الفتى حججاً تسدّده وعتره !!

زهراءُ ، إني عاشق أبلى بسوح العشق دهرَهْ

ومضى إليكِ مخلّفا بددًا فصيلته ومصرَه

مهدت أسبابَ الوصال ، مودة فيكم ... وهجره

أنا مدنف ذاعت له في محفل العشاق شهره

عاقرت فيه سلافتي فغدوت أوحده ووترَه

ورأيت طيفك في المنام ، فكنت شامخةً وحُرّه

تتألقين من الجلال ، وفي المحيّا الغضّ حُمره

وعليك تاج من كرامات الرسالة فيه دُرّه

ورأيت جنبك أحمداً وابنيْه جنبكما ، وصِهرَه

لقد استقر الطُّور بي فرأيت وجه الله جهره !!

يا بنت خير المرسلين ، تحنني جوداً وأُثْرَهْ

مُضناكِ أنحله الجوى وتجرع الآلام مُرَّه

١١٢

وبراه داء الوجد حتى شفّ مثل غشاء زهره

ودهته أوصاب الحياة ، وشقّت العذال قبره

لكنه ألف العواصف والسماءَ المكفهرّه

وترصّد الأنواء معتدًّا ومشتدًّا كصخرَه

ومضى يؤم المجد منتفضاً وملتهباً كثوره

ويبدد الظلماء نجماً بث في الأفلاك سحره

يمضي .. ولا يهتم أن الشيب سيف فلّ عمره

أرزاؤه أخنت عليه ، فأنقضت كالوزر ظهره

وأسَفَّت الدنيا فلم يفقد لما أبدته صبره

عبست ، فلم يعبأ ، وجرد لليالي الدهم صدره

كرّت ، فأقبل بالمهنّد ، يَمنة يفري ويَسره

واعتزّ ، لم يُعط الدنيَّةَ ، فانثنت لتغرّ غيرَه !!

زهراء .. شدّي للفتى المحفوف بالبأساء أزرَهْ

عَشرٌ وعشر ، فوقها عشرون ، في يُسر وعُسره

فحفظت عهداً قد عهدت على المسرّة والمضرّه

ونذرت قلبي للهوى وإليك قد سلمت أمره

وتشيعت لكِ مهجتي من قطبها حتى المجرّه

راقت رقائقها ، فرقّت ، وارتقت طوبى وسدره

وتضاءلت حتى غدت في لجة الفانين قطره

فتفتتت ذَرًّا ، وبادت ذرةً من بعد ذره

١١٣

باباً تراه إلى الشفاعة موصلا .. قصدتك عَبره

ولعلها تدنو إلى وادي المنى ، وتزيح ستره

يا دفقة الحب المؤلّه ، واختلاجته ، وسرَّه

مُنّي عليَّ بنظرة فيها الرضا ، أو بعض نظره !!

١٨ ـ ٤ ـ ١٩٩٧

١١٤



إشراقات

في تجلي المشهد العلوي

يندر أن تبتسم الشمسُ

لقافلة عربيَّهْ

تترفّع أن تتجلّى لعيون البؤساءِ

الحالمةِ ببشرى عذراءَ نقيَّهْ

وتحاذر أن تمسح بأصابعها

دمعاً يجري فوق خدود بدويَّهْ

يندر أن تلج الشمس الأكواخ الرثَّةَ

والدورَ الطينيَّهْ

وتجاهد ألّا تُشرقَ

فوق الآبار المطمورةِ

وخيام الرعي المهجورةِ

وقفار الشرق الأميَّهْ

فالشمس تظن بأن خيوطَ أشعتها

أبياتُ قصيدة شعر مارقةٍ

تتملص من قيد الوزنِ

وسلطان القافيةِ

١١٥

ونحو الأجر وميّهْ ..

لكنّ « عليّاً » مسَّ من الشمسِ شغاف القلبِ

فعشقتهُ

وسكنت خيمتَهُ

حتى باتت عَلَويَّهْ .. !

ويراك الصبح نبيلاً

وجميلاً

وقويَّا

فيودّ بأن يتحول رجلاً

يدعَى منذ الآن عليَّا ..

ويودّ البحر بأن لو كان غديرًا

في خُمَّ

يُقل على شاطئه الفينان نبيَّا

ويودّ « أناسٌ »

أن لو قام رسولُ اللهِ

ونصَّب كلًّا منهم ـ في ذاك اليوم ـ وليَّا

ويعاين جبرائيل السرّ المكنونَ

فيتمنّى أن لو كان وصيَّا ..

وأودّ أنا .. أن لو كنت هناك

لأتملى وجهكَ ..

وأمدَّ إليك يديَّا

ولأني مصريٌّ

١١٦

أتمنى أن لو كان « عليٌّ » مصريَّا

وأخاف الساعةَ أن أفصح عن كلفي ..

حتى لا أُتهم بأني صِرْت ـ كما الحسن بن الهانئ ـ

زنديقاً .. وشعوبيَّا

بَلْ أخشى أن أُصلبَ

في ميزابِ الذهبِ على الكعبةِ

كالحلاجِ .. وأُحرقَ ..

حين أجاهر وأقولُ بأن القرآن النازلَ

لم يصبح قرآناً

حتى أصبح شيعيَّا .. !!

هي ذي خيلٌ وفتوحٌ

تخرج من غار حراءْ

هو ذا فسطاط نبويٌّ

يهب العالم مدناً

وحضارات

ويضيء ليالي الصحراءْ

هو ذا ركب التاريخ يخفّف من مشيتهِ

ويُعرّش عند غدير

تختلط به كلمات الله مع الماءْ ..

ها هي أفلاك الكون احتشدت

لتبايع رجلاً

محفورٌ في جبهته قَدَر الأشياءْ

١١٧

خفتت كل الأصواتِ

وجلجل صوت الحق على الأرضِ

فنبضت ، واهتزت ، وربت ..

ثم غدت في طرفة عين .. خضراءْ

واختزنت ذاكرةُ العالمِ

أحداثَ اليوم الموعودِ

لتشهدها الأجيالُ

ويفطنَ مغزاها الحكماءْ ..

وتدلّت من أغصان الغرقدِ

حبّاتُ ندًى فضيٍّ

وقفت تقطفها الزهراءْ ..

هي ذى أودية سالت لعليٍّ

بالوحي على البطحاءْ ..

فاندثرت أحلام قريشٍ

وتلاشت محضَ هباءْ

وانهارت جدران سقيفتها

أنقاضاً ..

فوق رؤوس الفرقاءْ ..

فليتبجّحْ بالشورى المزعومةِ

من شاءَ .. متى شاءْ

والمجد لمن تُوج خلفاً

رغم أنوف الخلفاءْ .. !!

٢٢ ـ ٤ ـ ١٩٩٧

١١٨



المهدي

توقف في

« عين شمس »

عيناكِ هاتانِ .. أم فجران قد طلعا

مكحلين بليل .. يبسمان معا .. !

تحفّز القلب في صدري ، فقلت له :

واضيعتاه لقلب في الهوى وقعا .. !

ما كل من يطلب العنقاء يدركها

ولا الجنون لمن هاموا بها شفعا

كم من مغنٍّ على غيداءَ تنكرهُ

ولاهث خلف ميعاد لها خُدعا

وناظم لؤلؤاً .. شعراً ، فما حفلت

به الغواني ، ولا سمع لهنّ وعىٰ

لو كان « قيس » قسيَّ القلب معتبرًا

بقسوة الحب ، في « ليلاه » ما فُجعا

فاحذر عيون المها تسلم إذا شَهرت

رموشها السودَ بيضاً تصرع السبُعا

١١٩

وثب لرشدك تأمن من مكائدها

وارجع عن الغيّ ، فالعقبى لمن رجعا .. !

أعوذ بالحسن من عينين صوبتا

إلى غريم صبَا مسنونةً شُرُعا

أسررتها ، فدهتني من كنانتها

برمية أذهبت مني الحشا قِطعا

عانقت حتفي ، وباهيت العَذُولَ بهِ

لا طاش سهم لعينيها ولا دُفعا .. !

واخترت هدر دمي زلفى لسافكه

وما فتئت بمن أجرى دمي وَلِعا

إني الشهيد الذي صلّى لقاتله

وأدمن الموت وصلاً للذي قُطعا

يا ربة النيل .. يا أسطورةً بُعثت

من عصر « إيزيسَ » تحكي الهم والجزعا

لمي عظامي وأوصالي ، ولا تدعي

وجهي على الموج مكدوداً وممتقعا

كفاك ذحلاً من العشاق ما فعلت

عيناك بي .. قد قتلت الكون مجتمِعا .. !!

وطائفٍ حول بيت الله مُئتزرًا

بخرقتيْ عابدٍ .. بالأمر قد صدعا

١٢٠