نهج البيان عن كشف معاني القرآن

محمّد بن الحسن الشيباني

نهج البيان عن كشف معاني القرآن

المؤلف:

محمّد بن الحسن الشيباني


المحقق: حسين درگاهي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: نشر الهادي
المطبعة: مؤسسة الهادي
الطبعة: ١
ISBN: 964-400-034-X
الصفحات: ٣٦٥

وقيل : طاعة الله (١).

وروي عن ابن عبّاس ـ رحمه الله ـ : أنّ أوّل ما نسخ من القرآن ، شأن القبلة ؛ قوله ـ تعالى ـ : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا ، فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ). وذلك أنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ صلّى نحو بيت المقدّس سبعة عشر شهرا ، وترك البيت العتيق. ثمّ صرفه الله إلى البيت العتيق. فقالت اليهود ـ وهم السّفهاء ـ : (ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها) (٢) ؛ يعني : عن صلاتهم إلى البيت المقدّس. فأنزل الله إليه (٣) ؛ قل : (لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ. فَأَيْنَما تُوَلُّوا ، فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) (٤). ثمّ صرفه الله (٥) إلى البيت العتيق ، فقال : (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ). (الآية) (٦).

وقوله ـ تعالى ـ (٧) : (إِنَّ اللهَ واسِعٌ عَلِيمٌ (١١٥)) ؛ أي : واسع العلم والرّحمة ، لقوله ـ تعالى ـ (٨) ؛ (وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً) (٩).

وقوله ـ تعالى ـ : (وَقالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً ؛ سُبْحانَهُ).

__________________

(١) قال آخرون ، واختاره الرماني والجبائي : فثمّ رضوان الله كما يقال هذا وجه العمل وهذا وجه الصواب. وكأنّه قال : الوجه الذي يؤدّي إلى رضوان الله. التبيان ١ / ٢٢٥.

(٢) البقرة (٢) / ١٤٢.

(٣) أ ، م : الآية بدل إليه.

(٤) ج ، د ، أ ، م زيادة : الآية.

(٥) ليس في ب.

(٦) تفسير الطبري ١ / ٣٩٩+ الآية في البقرة (٢) / ١٤٤.

(٧) ليس في م.

(٨) ليس في م.

(٩) غافر (٤٠) / ٧.

٢٠١

معنى «سبحانه» هنا (١) : تنزيها (٢) له عمّا قالوا ، وتبرئة (٣).

ونزلت هذه الآية في اليهود والنّصارى ومشركي العرب ، فنزّه ـ سبحانه وتعالى ـ نفسه (٤).

الكلبيّ ومقاتل قالا : نزّه نفسه عن الولد والشّريك ، لأنّ «سبحان» حرف تنزيه وتعظيم ، ويكون حرف تعجّب وتعظيم (٥). وهو خبر تحته أمر. ومعناه : وهو المسبّح ، فسبّحوه. وهو المنزّه ، فنزّهوه. وهو المعظّم ، فعظّموه (٦).

وقوله ـ تعالى ـ (٧) : (كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ (١١٦)) ؛ أي : مطيعون ـ عن الكلبيّ ـ (٨).

وقوله ـ تعالى ـ : (بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ؛ أي : مبتدعهما ومبتدئهما ومنشئهما ، على غير مثال سبق.

وقال الكلبيّ : خالقهما (٩).

وقال مقاتل : ابتدعهما (١٠). والابتداع والابتداء والاختراع ، في اللّغة ، واحد.

__________________

(١) ب زيادة : هو.+ م : هاهنا بدل هنا.

(٢) ب ، ج ، د : تنزيه.+ م : تنزيهه.

(٣) م ، تبرئته.

(٤) انظر : أسباب النزول / ٢٦.

(٥) تفسير أبي الفتوح ١ / ٣٠٥ ، من دون نسبة إلى قائل.

(٦) سقط من هنا قوله ـ تعالى ـ : (بَلْ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ).

(٧) ليس في ب.

(٨) تفسير الطبري ١ / ٤٠٣ نقلا عن قتادة وغيره.

(٩) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.

(١٠) تفسير الطبري ١ / ٤٠٤ نقلا عن السدي.

٢٠٢

[قوله ـ تعالى ـ] (١) : (وَإِذا قَضى أَمْراً) :

قال الكلبيّ : إذا أراد أمرا ؛ مثل آدم ، خلقه [من تراب] (٢) من غير أب وأمّ ؛ ومثل عيسى [ـ عليه السّلام ـ] (٣) خلقه (٤) من غير أب ، (فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (١١٧)) (٥).

وقوله ـ تعالى ـ : (إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِ) ؛ أي : بالقرآن والتّوحيد والأمر والنّهي. ولم نرسلك عبثا ولا باطلا (بَشِيراً وَنَذِيراً) : بشيرا (٦) بالثّواب ، ونذيرا بالعقاب (٧).

وقوله ـ تعالى ـ : (وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصارى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) ؛ أي : دينهم.

(قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدى) ؛ أي : دينه ؛ دين الإسلام (٨).

[قوله ـ تعالى ـ] (٩) : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ).

__________________

(١) ليس في ب.

(٢) ليس في ج ، د.

(٣) ليس في ب.

(٤) ليس في ج ، د ، أ.

(٥) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر+ سقط من هنا قوله ـ تعالى ـ : (وَقالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لَوْ لا يُكَلِّمُنَا اللهُ أَوْ تَأْتِينا آيَةٌ كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (١١٨)).

(٦) ليس في أ.

(٧) سقط من هنا قوله ـ تعالى ـ : (وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ (١١٩)).

(٨) سقط من هنا قوله ـ تعالى ـ : (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (١٢٠)).

(٩) ليس في ب.

٢٠٣

«الكتاب» ها هنا ؛ هو (١) التّوراة.

قال الكلبيّ : نزلت هذه الآية في أصحاب السّفينة الّذين قدموا مع جعفر ابن أبي طالب ، من الحبشة ، من عند النّجاشيّ. وكانوا اثنين وثلاثين رجلا ، منهم بحير الرّاهب وعبد الله بن سلام وابن صوريا ، وكانوا يتلونه حقّ تلاوته (٢).

قال الكلبيّ : يصفونه حقّ صفته (٣).

وقال مقاتل : كانوا يقرّون ببعث محمّد (٤) ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ وصفته لا يخونونه (٥).

وقال مجاهد : كانوا يتّبعونه حقّ اتّباعه (٦).

وقال أبو عبيدة : كانوا يحلّلون حلاله ، ويحرّمون حرامه (٧).

قوله ـ تعالى ـ : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ) :

قال ابن عبّاس ـ رحمه الله ـ : أمره بعشر خصال خمس (٨) في الرّأس : المضمضة ، والاستنشاق ، والسّواك ، وقصّ الشّارب ، والفرق (٩). وخمس في البدن :

__________________

(١) ليس في ج ، د ، أ ، م.

(٢) تفسير أبي الفتوح ١ / ٣١٠ ، أسباب النزول / ٢٧.

(٣) تفسير أبي الفتوح ١ / ٣١٠.

(٤) أ ، ج ، د ، م : ببعث الله محمّدا.

(٥) أ ، ج ، د ، م : لا يحرّفونه.+ انظر : تفسير أبي الفتوح ١ / ٣١٠ ، الكشاف ١ / ١٨٣.

(٦) تفسير الطبري ١ / ٤١٢.

(٧) تفسير الطبري ١ / ٤١١ عن ابن مسعود وغيره.+ سقط من هنا قوله ـ تعالى ـ : (يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ (١٢٢) وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (١٢٣)).

(٨) ليس في أ.

(٩) أي : فرق الرأس.

٢٠٤

الختان ، والاستنجاء ، وحلق العانة ، وقصّ الأظفار ونتف الإبطين (١).

وفي رواية أخرى (٢) عن ابن عبّاس [ـ رضي الله عنه ـ] (٣) قال : «الكلمات» عشر ؛ ستّ في البدن : حلق العانة ، والختان ، وتقليم الأظفار ، وقصّ الشّارب ، والاستنجاء ، والغسل يوم الجمعة. وأربع في المشاعر : الطّواف ، والسّعي ، ورمي الجمار ، والإفاضة (٤).

وقال الحسن : ابتلاه الله بالكواكب (٥) ، والقمر والشمس ، والختان ، وذبح ابنه ، وبالنّار ، والهجرة. فوفي بهنّ (٦).

وقال مجاهد : ابتلاه بالكلمات الّتي بعدها ، وهي قوله : (إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً) (٧).

وقال سعيد : «الكلمات» أربع : الحلق ، ورمي الجمار ، والذّبح (٨) ، والختان (٩).

وفي رواية ، عن ابن عبّاس ـ رحمه الله تعالى ـ : إنّ «الكلمات» المناسك كلّها (١٠).

__________________

(١) تفسير الطبري ١ / ٤١٥.

(٢) ليس في ج.

(٣) م ، أ : رحمه الله.

(٤) تفسير الطبري ١ / ٤١٥ وفيه «نتف الإبط» بدل «الاستنجاء».

(٥) د ، أ ، م : بالكوكب.

(٦) تفسير الطبري ١ / ٤١٦.

(٧) تفسير الطبري ١ / ٤١٥.

(٨) ليس في ب.

(٩) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.

(١٠) تفسير الطبري ١ / ٤١٦.

٢٠٥

وقال الجبّائيّ : أراد بذلك كلّما كلّفه الله ـ تعالى ـ من طاعته (١) العقليّة والسّمعية (٢).

وقوله ـ تعالى ـ (٣) : (فَأَتَمَّهُنَ) :

قال الكلبيّ : عمل بهنّ ، فأعطاه الله جميع ما سأل (٤).

وقال البلخيّ : «الضّمير» في «أتمّهنّ» ، يرجع إلى الله ـ تعالى ـ (٥).

قوله ـ تعالى ـ (٦) : ([قالَ] إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً) ؛ أي : يقتدى بك.

(قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي؟ قالَ : لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (١٢٤)) :

قال بعض أصحابنا : في (٧) الآية دلالة ، على أنّ الله لا يصطفي لنبوّته وإمامته إلّا من يكون معصوما في الظّاهر والباطن (٨).

وقوله ـ تعالى ـ : (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ) (٩) ؛ أي : يثوبون إليه في كلّ عام.

وقال القتيبيّ : معاذا ، يرجعون إليه (١٠). والمثاب والمثابة ، واحد ؛ كالمقام

__________________

(١) م : بطاعته.

(٢) التبيان ١ / ٤٤٦.

(٣) ليس في ب.

(٤) تفسير الطبري ١ / ٤١٧ عن قتادة وغيره.

(٥) أ ، م : سبحانه.+ التبيان ١ / ٤٤٦.

(٦) ليس في ب.

(٧) أ : وفي.

(٨) انظر : التبيان ١ / ٤٤٩.

(٩) م ، ج ، د ، ب زيادة : وأمنا.

(١٠) تفسير أبي الفتوح ١ / ٣١٥ عن ابن عبّاس.

٢٠٦

والمقامة ؛ والسّلام والسّلامة.

وقوله ـ تعالى ـ (١) : (وَأَمْناً).

قال مقاتل : «أمنا» لمن دخله ، أو عاذ به في الجاهليّة والإسلام ، حتّى يخرج منه ، فيقتصّ (٢) منه ويؤخذ منه الحدّ (٣).

وقال قتادة : «أمنا» من الجدوبة والقحط والمحل. وذلك أنّ إبراهيم ـ عليه السّلام ـ سأل ربّه ، فقال (٤) : (رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ) (٥).

وقيل في قوله : «وأمنا» ؛ أي : أمن (٦) من التجأ إليه. فإن كان عليه حدّ أو حقّ ، فيضيّق عليه في المطعم والمشرب حتّى يخرج منه ، فيقام عليه الحدّ ويقتصّ (٧) منه. ورد ذلك ، عن أئمّتنا ـ عليهم السّلام ـ (٨).

__________________

(١) ليس في ب.

(٢) فيقبض.

(٣) التبيان ١ / ٤٥٢ من دون نسبة إلى قائل.

(٤) ب : قال.

(٥) انظر : البحر المحيط ١ / ٣٨٣ من دون ذكر للقائل.

(٦) ج ، د ، أ ، م : آمنوا.

(٧) ج ، د : فيقتصّ+ أ : ويقبض.

(٨) روى الكليني عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن الحلبيّ ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : سألته عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً) (آل عمران (٣) / ٩٦) قال : إذا أحدث العبد في غير الحرم جناية ثمّ فرّ إلى الحرم لم يسع لأحد أن يأخذه في الحرم ولكن يمنع من السوق ولا يبايع ولا يطعم ولا يسقى ولا يكلّم ، فإنّه إذا فعل ذلك به يوشك أن يخرج فيؤخذ. الكافي ٤ / ٢٢٦ ، ح ٢+ ورد مؤدّاه فيه ٤ / ٢٢٦ ، ح ١ و ٣ ومن لا يحضره الفقيه ٢ / ٢٠٥ ح ٢١٤٨.

٢٠٧

وعندنا أنّ من أحدث فيه حدثا يجب عليه (١) حدّ ، يقام عليه فيه الحدّ. لأنّه هتك (٢) حرمة البيت.

وقال الضّحّاك : «وأمنا» : حراما محرّما ، لا يصاد طيره ، ولا يقطع شجرة ولا حشيشه ، ولا يدخله أحد إلّا محرما (٣).

وقوله ـ تعالى ـ : (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى).

قال الكلبيّ : الحرم كلّه مقام إبراهيم ـ عليه السّلام ـ أينما صلّيت فيه ، كان جائزا (٤).

وقال مقاتل : مصلّى إبراهيم ـ عليه السّلام ـ عند المقام. وذلك أنّ نبيّنا ـ عليه السّلام ـ قدم مكّة ، فصلّى في الحجر. فأنزل الله ـ تعالى ـ : (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى) (٥).

وقال مجاهد : طاف النّبيّ [ـ صلّى الله عليه وآله ـ] (٦) بالبيت ، ثمّ قال : هذا (٧) قبلتكم ؛ مقام إبراهيم [ـ عليه السّلام ـ] (٨) ومقام إبراهيم ـ عليه السّلام ـ الحجر الّذي قام عليه ، وأذّن في النّاس بالحجّ (٩).

__________________

(١) م ، ج ، د ، أ : فيه.

(٢) ب : يهتك.

(٣) انظر : مجمع البيان ١ / ٣٨٧ نقلا عن ابن عبّاس.

(٤) تفسير الطبري ١ / ٤٢٢ نقلا عن مجاهد.

(٥) انظر : تفسير أبي الفتوح ١ / ٣١٦ ، تفسير الطبري ١ / ٤٢٢ ، التبيان ١ / ٤٥٣.

(٦) أ ، م : عليه السّلام.

(٧) م : هنا.

(٨) ليس في م.

(٩) لم نعثر فيما حضرنا من المصادر.

٢٠٨

وقيل : الحجر ، الّذي قام عليه إبراهيم [ـ عليه السّلام ـ] (١) وبنى البيت ، وكان ابنه إسماعيل [ـ عليه السّلام ـ] (٢) يناوله الحجارة (٣).

وقيل : الحجر ، الّذي اغتسل عليه إبراهيم (ـ عليه السّلام ـ) (٤). فغاصت رجله (٥) فيه. فجعله الله (٦) من المشاعر ، إكراما لنبيّه ـ عليه السّلام ـ (٧).

وقوله ـ تعالى ـ : (وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (١٢٥)) :

«الطّائفين» ، جمع طائف.

و «العاكفين» ، جمع عاكف.

و «الرّكع» ، جمع راكع.

و «السّجود» ، جمع ساجد.

أمرهما (٨) الله (٩) ـ سبحانه (وتعالى ـ) (١٠) أن ينظّفاه ويطهّراه من النّجاسات كلّها.

__________________

(١ ، ٢) ليس في م.

(٣) تفسير الطبري ١ / ٤٢٢.

(٤) ليس في ب.

(٥) ج : رجلاه.

(٦) ليس في أ.

(٧) تفسير الطبري ١ / ٤٢٢.

(٨) ج ، م : أمرهم.

(٩) ليس في ب.

(١٠) ليس في ب ، م.

٢٠٩

وقال الكلبيّ ومقاتل : أمرهما ، أن يطهّرا بيته من الأصنام والأوثان ، لا يتركان حوله [صنما ولا وثنا] (١)

وقيل : يطهّراه من الدّماء والأرواث الّتي كانت حوله ، لأنّهم كانوا يذبحون فيه (٢).

وقوله ـ تعالى ـ : «للطّائفين» ؛ يريد : الغرباء.

و «العاكفين» ؛ يريد : المجاورين المقيمين فيه ، من أهل الحرم وغيرهم.

«والرّكع السّجود» ؛ يعني : من كلّ أفق ، من أهل الصّلاة. وهم جمع ، راكع وساجد ؛ مثل : قعّد وقاعد (٣).

وقوله ـ تعالى ـ : (وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ) ؛ يريد من الفواكه والثّمار. فإنّها تحمل إليهم ، من سائر الأماكن. فاستجاب الله له (٤) ، ما سأل لهم (٥).

وقوله ـ تعالى ـ : (قالَ : وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً) ؛ أي : ارزقه قليلا يسيرا ، ثمّ أضطرّه إلى عذاب النّار (٦).

وقوله ـ تعالى ـ (٧) : (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ).

قيل : إنّ إبراهيم ـ عليه السّلام ـ (٨) يبني ، وإسماعيل ـ عليه السّلام ـ

__________________

(١) تفسير أبي الفتوح ١ / ٣١٨ ، نقلا عن مقاتل+ أ ، ج ، د ، م : وثنا ولا صنما.

(٢) البحر المحيط ١ / ٣٨٢.

(٣) سقط من هنا قوله ـ تعالى ـ : (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً).

(٤) أ : لهم.

(٥) سقط من هنا قوله ـ تعالى ـ : (مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ).

(٦) سقط من هنا قوله ـ تعالى ـ : (ثُمَّ أَضْطَرُّهُ ، إِلى عَذابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٢٦)).

(٧) ليس في ب.

(٨) م زيادة : كان.

٢١٠

يناوله (١).

و «القواعد» من البناء : الأساس. واحدتها ، قاعدة. وقواعد البيت كانت من عهد آدم ـ عليه السّلام ـ. وهو أوّل من حجّ البيت. وروي ذلك في أخبارنا ، عن أئمّتنا ـ عليهم السّلام ـ (٢).

ثمّ قال إبراهيم ـ عليه السّلام ـ بعد الفراغ : (رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ). فقال له (٣) جبرائيل ـ عليه السّلام ـ : قد أجبتم (٤).

ثمّ قال : (رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ) :

قال الكلبيّ : موحّدين لك (٥).

وقال مقاتل : مخلصين مطيعين لك (٦).

فقال له (٧) جبرائيل ـ عليه السّلام ـ قد فعل.

فما زالوا على تلك السّنّة ، حتّى غيّرها عمرو بن لحيّ بن خندف الخزاعيّ ؛

__________________

(١) تفسير الطبري ١ / ٤٣١.

(٢) قال الصدوق : وفي رواية أبي خديجة عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ أنزله لآدم ـ عليه السّلام ـ من الجنّة وكان درّة بيضاء فرفعه الله ـ تعالى ـ إلى السّماء وبقي أسّه وهو بحيال هذا البيت يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يرجعون إليه أبدا فأمر الله ـ عزّ وجلّ ـ إبراهيم وإسماعيل ـ عليهما السّلام ـ ببنيان البيت على القواعد. من لا يحضره الفقيه ٢ / ٢٤٢ ، ح ٢٣٠٢.

(٣) ليس في ج.

(٤) أ ، ج ، د ، م : فعل.

(٥) لم نعثر عليه فيما حضرنا من الكتب.

(٦) كما هو مختار الكشّاف ١ / ١٨٨ والبحر المحيط ١ / ٣٨٨.

(٧) ليس في أ.

٢١١

وهو أوّل من عبد الأصنام في العرب ، وبحّر البحيرة ، وسيّب السّائبة (١).

وقوله ـ تعالى ـ : (وَأَرِنا مَناسِكَنا) ؛ أي (٢) : علّمنا شرائع ديننا وعبادتنا (٣).

وقيل : عرّفنا كيف نذبح (٤).

وأصل النّسك : العبادة (٥).

وكان النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ يقول : أنا دعوة أبي (٦) إبراهيم [ـ عليه السّلام ـ] (٧). وهو قوله : (رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ) ؛ يعني (٨) : العرب.

وقوله ـ تعالى ـ (٩) : (وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ) ؛ يعني «بالكتاب» : القرآن. «وبالحكمة» : المعرفة بالدّين والفقه ـ عن أنس (١٠).

وقوله ـ تعالى ـ : (وَيُزَكِّيهِمْ) ؛ أي : يطهّرهم من الشّرك والكفر.

__________________

(١) سقط من هنا قوله ـ تعالى ـ : (وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ).

(٢) ليس في ب.

(٣) ب : وعادتنا.

(٤) تفسير الطبري ١ / ٤٣٤.

(٥) سقط من هنا قوله ـ تعالى ـ : (وَتُبْ عَلَيْنا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٢٨)).

(٦) ليس في ج.

(٧) ليس في ب.

(٨) ليس في أ.

(٩) ليس في ب.

(١٠) تفسير الطبري ١ / ٤٣٦ نقلا عن مالك.

٢١٢

وقيل : يطهّرهم (١) بأخذ الزّكاة من أموالهم (٢).

وقوله ـ تعالى ـ : (وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ) ؛ يعني : وصّى بملّة الإسلام.

[وقوله ـ تعالى ـ : (فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) ؛ أي : اثبتوا على الإسلام ، إلى أن يدرككم الموت] (٣).

وقوله ـ تعالى ـ : (وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ ، إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ).

«ملّة إبراهيم» : دين الإسلام.

و «سفه نفسه» : أهلكها ـ عن أبي عبيده ـ (٤).

وقوله ـ تعالى ـ : (وَلَقَدِ اصْطَفَيْناهُ فِي الدُّنْيا) ؛ أي : اخترناه للنّبوّة.

و «اصطفيناه» : افتعلناه ، من الصّفوة.

(وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (١٣٠)) ؛ أي : صالح مع آبائه الصّالحين (٥).

وقال بعض المفسّرين : (وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ) ؛ يعني : بملّة الإسلام (٦). أوصى بها إبراهيم بنيه الأربعة ؛ إسماعيل وإسحاق ومدين

__________________

(١) ج : يطهّر.

(٢) تفسير أبي الفتوح ١ / ٣٣٤.+ سقط من هنا قوله ـ تعالى ـ : (إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٢٩)).

(٣) هكذا في النسخ ولا يخفى أنّ هذه العبارات جاءت في غير موضعها والظاهر أنّها زائدة لأنّها ستجيء عن قريب.

(٤) مجاز القرآن ١ / ٥٦.

(٥) سقط من هنا قوله ـ تعالى ـ : (إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ (١٣١)).

(٦) تفسير الطبري ١ / ٤٣٨.

٢١٣

ومدائن.

وقوله ـ تعالى ـ (١) : (وَيَعْقُوبُ) ؛ يعني : يعقوب بن إسحاق. أوصى بنيه ـ أيضا ـ بها.

وقوله ـ تعالى ـ (٢) : (فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) ؛ أي : دوموا على (٣) دين الإسلام ، إلى أن يأتيكم الموت (٤).

وقوله ـ تعالى ـ : (أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ) ؛ أي : حين حضور الموت يعقوب.

وذلك أنّ اليهود قالوا : إنّ يعقوب (٥) أوصى بنيه بدين اليهوديّة. فأنزل الله ـ تعالى ـ (٦) الآية ، تكذيبا لهم وتوبيخا.

مقاتل والكلبيّ قالا : لمّا دخل يعقوب (٧) مصر ، رأى قوما يعبدون الأوثان والنّيران. فجمع بنيه عند الوفاة ، فقال : يا بنيّ : (ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي (٨)؟ قالُوا : نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ ؛ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ) ـ [لفظا واحدا] ـ (٩) (إِلهاً واحِداً) منهم. فطابت نفسه عنهم (١٠).

وقال السّديّ : «إسماعيل» كان عمّ يعقوب ، والعرب تجعل العمّ كالأب ،

__________________

(١ ، ٢) ليس في ب.

(٣) ب : في.

(٤) ليس في ج.

(٥) ب : ليعقوب إنّه.

(٦ ، ٧) ليس في ب.

(٨) تفسير أبي الفتوح ١ / ٣٣٩ عن الكلبي.

(٩) ليس في ب.

(١٠) سقط من هنا قوله ـ تعالى ـ : (وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) ١٣٣.

٢١٤

والخالة كالأمّ (١). ومنه قوله ـ تعالى ـ : (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ) (٢). وكانت أمّه قد ماتت. وإنّما أراد : أباه وخالته.

وقوله ـ تعالى ـ : (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ) ؛ أي : تلك فرقة قد سلفت ؛ وأراد بذلك : إبراهيم وبنيه ، ويعقوب وبنيه.

(لَها ما كَسَبَتْ) ؛ يريد : من خير.

[(وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ)] (٣) ؛ يريد : من شرّ.

(وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ (١٣٤)) ؛ أي : لا يسأل أحد عن عمل غيره.

وقوله ـ تعالى ـ (٤) : (وَقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى ، تَهْتَدُوا) :

الكلبيّ ومقاتل قالا : نزلت هذه الآية في يهود المدينة ؛ كعب بن الأشرف وعبد الله بن صوريا الأعور وأصحابهما ، وفي نصارى (٥) نجران ؛ السّيّد والعاقب وأصحابهما. قالوا للنّبيّ [ـ صلّى الله عليه وآله ـ] (٦) ما (٧) الهدى إلّا ما نحن عليه ، فاتّبعونا.

__________________

(١) انظر : تفسير الطبري ١ / ٤٣٩ ، من دون نسبة إلى قائل.

(٢) يوسف (١٢) / ١٠٠.

(٣) الصواب ما أثبتناه في المتن وفي النسخ : «وعليها ما اكتسبت».

(٤) ليس في ب.

(٥) ليس في ج.

(٦) أ ، م : عليه السّلام.

(٧) أ : ما كان.

٢١٥

فقال النّبيّ [ـ صلّى الله عليه وآله ـ] (١) : (بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ) (٢) ؛ أي : دين أبي ؛ إبراهيم.

(حَنِيفاً) (٣) ؛ أراد به : حاجّا.

وإذا ذكر «حنيفا» ، وحده ، أراد به : مسلما.

و «الحنيف» في الجاهليّة ، من حجّ البيت واعتمر (٤)

وأصل «الحنيف» عندهم : ميل في القدم. و «الحنيف» عندهم ، من الأضداد.

وانتصب «ملّة» على إضمار فعل ، تقديره : بل نتّبع ملّة إبراهيم. و «حنيفا» ، حال (٥).

وقوله ـ تعالى ـ : (قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ) :

«الأسباط» هم (٦) اثنا عشر سبطا ، وهم أولاد يعقوب بن إسحاق.

وقال الكلبيّ : «الأسباط» في (٧) ولد يعقوب ، كالقبائل في ولد إسماعيل. وأصل السّبط : الجماعة الّتي ترجع (٨) إلى أب واحد (٩).

__________________

(١) أ ، م : عليه السّلام.

(٢) مجمع البيان ١ / ٤٠٢ ، نقلا عن ابن عبّاس.

(٣) م ، أ : حنيفا مسلما.

(٤) أ ، ج ، د : واختتن.

(٥) ج : حاله.+ سقط من هنا قوله ـ تعالى ـ : (وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٣٥)).

(٦) ليس في ج.

(٧) ليس في أ.

(٨) أ ، ج ، د ، م : الذين يرجعون.

(٩) تفسير الطبري ١ / ٤٤٢ ـ ٤٤٣ ، نقلا عن قتادة وغيره.

٢١٦

وقال ابن دريد ـ رحمه الله ـ : السّبط واحد «الأسباط». وهم أولاد إسرائيل ـ عليه السّلام ـ (١) ومنه (٢) قيل للحسن والحسين ـ عليهما السّلام ـ : سبطا رسول الله [ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ] (٣) أي : ولداه.

وقوله ـ تعالى ـ : (وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ. لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ) ؛ أي : لا نؤمن ببعض ونكفر ببعض (٤).

وقوله ـ تعالى ـ : (فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ ، فَقَدِ اهْتَدَوْا) ؛ أي : صدّقوا بمثل ما صدّقتم به ؛ يعني : اليهود.

(وَإِنْ تَوَلَّوْا) ؛ يعني : اليهود ؛ أي : أدبروا عن الإيمان بجميع النّبيّين والكتب.

(فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ) ؛ أي : في (٥) شقّ وجانب وبعد من الدّين ، والحقّ والمحقّون في جانب.

ومن قال : أخذ من المشقّة ، أراد : (إنّما يفعل) (٦) كلّ واحد منهم ، بما (٧) يشقّ على الآخر.

وقوله ـ تعالى ـ : (فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ) ؛ أي : يدفع عنك مئونة اليهود (٨).

__________________

(١) مجمع البيان ١ / ٤٤ ، من دون نسبة إلى قائل.

(٢) الصواب ما أثبتناه في المتن وفي ج ، د ، أ ، م : منهم.+ ليس في ب.

(٣) ليس في م.

(٤) سقط من هنا قوله ـ تعالى ـ : (وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (١٣٦)).

(٥) ليس في ج.

(٦) ب : بما يفعل.

(٧) ج ، د ، أ ، م : ما.

(٨) سقط من هنا قوله ـ تعالى ـ : (وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١٣٧)).

٢١٧

وقوله ـ تعالى ـ : (صِبْغَةَ اللهِ. وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً) ؛ أي : دين الله.

ونصب «صبغة» ، على التّمييز.

وقيل : نصب «صبغة» على الإغراء (١) ؛ أي : عليكم بدين الله وملّة الإسلام ، فلا دين أفضل منه. وبه قال الحسن وقتادة ومجاهد وابن زيد والسّديّ (٢).

وقيل : «صبغة الله» : فطرة الله (٣).

وقال الفرّاء : شريعته في الختان الّذي هو التّطهير (٤).

وقيل : إنّ النّصارى ، كانوا يصبغون أولادهم ، في ماء لهم (٥) يسمّى : المعبوديّة (٦). فقال الله (٧) ـ سبحانه ـ : صبغة الله في الختان وغيره أحسن من صبغتكم (٨).

وأصل الصّبغ : المزج للتّلوين (٩).

وقوله ـ تعالى ـ : (قُلْ أَتُحَاجُّونَنا فِي اللهِ).

قال مقاتل : نزلت الآية في اليهود والنّصارى ، حين قالوا : (نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ

__________________

(١) أ : الأمر.+ التبيان ١ / ٤٨٦.

(٢) تفسير الطبري ١ / ٤٤٤.

(٣) تفسير الطبري ١ / ٤٤٥.

(٤) ج : التطهّر.+ معاني القرآن ١ / ٨٣.

(٥) ليس في ب.

(٦) تفسير أبي الفتوح ، التبيان : العموديّة+ البحر المحيط : المعموديّة.

(٧) ليس في ج.

(٨) انظر : تفسير أبي الفتوح ١ / ٣٤٤ ، التبيان ١ / ٤٨٥ ، البحر المحيط ١ / ٤١١.

(٩) سقط من هنا قوله ـ تعالى ـ : (وَنَحْنُ لَهُ عابِدُونَ (١٣٨)).

٢١٨

وَأَحِبَّاؤُهُ) (١) ونحن أولى به منكم (٢).

وقد مضى القول في ذلك وجوابهم ، فيما تقدّم من التّفسير ، في قوله ـ تعالى ـ : (فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ) (٣) وقوله ـ تعالى ـ (تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ) (٤) :

قال المؤرّخ ؛ يعني : الطّبريّ ؛ صاحب التّأريخ : تلك أباطيلهم ـ بلغة قريش ـ (٥).

وقال قتادة : «أمانيّهم» ، ما يتمنّونه على الله ، من كذبهم (٦).

وقيل : تلك أقاويلهم. وتلاوتهم (٧).

[قال سبحانه] (٨) وتعالى : (قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٩) ؛ أي : هاتوا حجّتكم على ما ادّعيتم.

وقوله ـ تعالى ـ : (بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ) (١٠) ؛ أي : أخلص له (١١) في العبادة.

__________________

(١) المائدة (٥) / ١٨.

(٢) التبيان ١ / ٤٨٧ نقلا عن الحسن+ البحر المحيط ١ / ٤١٢ من دون نسبة إلى قائل.

(٣) المائدة (٥) / ١٨.

(٤) البقرة (٢) / ١١١.

(٥) التبيان ١ / ٤١٠.

(٦) تفسير الطبري ١ / ٣٩٢.

(٧) مجمع البيان ١ / ٣٥٦.

(٨) ب : قال الله.

(٩) البقرة (٢) / ١١١.

(١٠) البقرة (٢) / ١١٢.

(١١) ليس في ب.

٢١٩

وقوله ـ تعالى ـ : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللهِ) ؛ يريد :

ومن أظلم من (١) اليهود وأحبارهم ، الّذين كتموا ما علموه من أمر محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ وصفته والكتاب الّذي أنزل على موسى بالبشارة به (٢).

وقوله ـ تعالى ـ (٣) : (قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ. فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها) ؛ أي : تحبّها.

وكان النّبيّ (ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ) (٤) قد أمره الله ـ سبحانه ـ بالتّوجّه إلى بيت المقدس ، على ما اقتضته المصلحة ، فصلّى (٥) إليه سبعة عشر شهرا. ثمّ أمره ـ سبحانه ـ (٦) ، بالتّوجّه إلى بيت الله الحرام ، وكان في صلاة العصر وقد صلّى نصفها ، فتوجّه في النّصف الاخر إلى بيت الله الحرام ، وكان يقلّب وجهه في السّماء ، ينتظر الوحي في ذلك. فنزل عليه (٧) جبرائيل ـ عليه

__________________

(١) ليس في أ.

(٢) ليس في ب.+ سقط من هنا قوله ـ تعالى ـ : (وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (١٤٠) تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ (١٤١) سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ) و (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ) و (إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (١٤٣)) ويأتي قوله ـ تعالى ـ : (ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٤٢)) و (وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ).

(٣) ليس في ب.

(٤) م : عليه السّلام.

(٥) د : يصلّي.

(٦) ليس في ب.

(٧) ليس في ج ، د ، أ ، م.

٢٢٠