نهج البيان عن كشف معاني القرآن

محمّد بن الحسن الشيباني

نهج البيان عن كشف معاني القرآن

المؤلف:

محمّد بن الحسن الشيباني


المحقق: حسين درگاهي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: نشر الهادي
المطبعة: مؤسسة الهادي
الطبعة: ١
ISBN: 964-400-034-X
الصفحات: ٣٦٥

وإذا صحّ ذلك ، حملناه على أنّه لغة لبعض العرب (١).

وأجمع النّحاة ، على أنّ «هاروت» و «ماروت» ، اسمان أعجميّان لا ينصرفان (٢).

و «بابل» ، اسم بلد ، لا ينصرف.

واختلف النّاس في بابل :

فمنهم من قال : بابل العراق (٣).

ومنهم من قال : بابل من نصيبين ، إلى رأس عين (٤).

وأخذت «بابل» من البلبلة للألسن : وهي اختلاف الألسنة باللّغات.

وقيل : أخذت من البلبلة : وهي وسواس الهموم (٥).

وقال الكلبيّ : «هاروت وماروت» [ملكان. وكان اسمهما عزي وعزايا (٦). فغيّر الله اسمهما ، بهاروت وماروت] (٧) ، لمّا فسدا (٨). وهما همّازان لبني آدم (٩).

وروى الضّحّاك ، عن ابن عبّاس ـ رحمه الله ـ أنّه قرأ : «وما أنزل على

__________________

(١) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.

(٢) انظر : تفسير أبي الفتوح ١ / ٢٧٣.

(٣) تفسير أبي الفتوح ١ / ٢٧٢.

(٤) التبيان ١ / ٣٧٤.

(٥) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.

(٦) ج : عزا وعزابا+ كشف الأسرار للميبدي : عزا وعزائيل.

(٧) ليس في د.

(٨) أ ، ج ، د : أفسدا.

(٩) انظر : كشف الأسرار للميبدي ١ / ٢٩٥+ تفسير الطبري ١ / ٣٦٣.

١٨١

الملكين» (١) بكسر اللّام ؛ أي : أنّهما كانا ملكين من الملوك ، وكانا آدميّين (٢).

وفي رواية ، عن ابن عبّاس ـ رحمه الله ـ أنّه قال : متى كان العلجان ملكين (٣).

وقال الضّحّاك ـ أيضا ـ : إنّهما كانا علجين ، من أهل بابل (٤).

وقوله ـ تعالى ـ : (وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا : إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ ، فَلا تَكْفُرْ) بعمل السّحر (٥).

وقال من قال : إنّهما ملكان من الملائكة : كان تعليمهما على سبيل النّهي ؛ أي : يعرّفان أنّه سحر وفساد وكفر. وروي ذلك عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ وعن الرّضا ـ عليه السّلام ـ (٦).

وقال بعض المفسّرين : يعلّمان ما فيه من الفساد (٧).

ويعلم ويعلّم ، بمعنى واحد. قال الشّاعر :

__________________

(١) أ زيادة : ببابل هاروت.

(٢) مجمع البيان ١ / ٣٣٨.

(٣) مجمع البيان ١ / ٣٣٨.

(٤) البحر المحيط ١ / ٣٢٩.

(٥) ب : السحرة.

(٦) روى الصدوق عن تميم بن عبد الله بن تميم القرشي ، عن أبيه ، عن أحمد بن عليّ الأنصاري ، عن عليّ بن محمّد بن الجهم ، قال : فقال الرّضا ـ عليه السّلام ـ : ... وأمّا هاروت وماروت فكانا ملكين علما النّاس السحر ليحترزوا عن سحر السحرة ويبطلوا به كيدهم.

العيون ١ / ٢٧١ وعنه نور الثقلين ١ / ١١٠ وكنز الدقائق ١ / ١٠٢+ قريب منه العيون ١ / ٢٦٧ وعنه نور الثقلين ١ / ١٠٧ ح ٢٩٤ والصافي ١ / ١٢٥ وكنز الدقائق ٢ / ١٠٦.

(٧) انظر : التبيان ١ / ٣٧٥.

١٨٢

تعلّم أنّ خير النّاس ميت

على جفر (١) الهباءة (٢) لا يريم (٣)

أي : اعلم.

وقوله ـ تعالى ـ : (فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ) ؛ أي : يفرّقان بينهما ، بالعداوة والبغضاء الّتي توجب الفرقة.

وبالإجماع ، أنّ عمل السّحر كفر ، يجب به قتل المستحلّ له.

وقال بعض أصحابنا : معنى يفرّقان به ، يريد : أنّ من عمله (٤) واستحلّه كفر ، وحرّمت عليه امرأته (٥) ، ووجب قتله ، والتّفريق بينه وبين زوجته (٦).

[قوله ـ تعالى ـ] (٧) : (وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) ؛ يعني : بالسّحر : أي : بمضلّين به ، إلّا بإذن الله ؛ أي : بعلم (٨) الله ـ تعالى ـ (٩).

__________________

(١) أ : حفر.

(٢) ب : الهناءة.+ الهباءة : أرض ببلاد غطفان ، ومنه يوم الهباءة لقيس بن زهير العبسي على حذيفة ابن بدر الفزاريّ ، قتله في جفر الهباءة وهو مستنقع ماء بها. لسان العرب ١ / ٣٥٢ مادّة «هبا».

(٣) لقيس بن زهير. لسان العرب ١٢ / ٤١٨ مادّة «علم» وليس فيه عجز البيت.+ لا يخفى أنّ البيت ليس فيه شاهد على ما نحن فيه بل هو يستشهد على ما يأتي في الآية التالية من أنّ يتعلّمون بمعنى يعلمون كما ذكر في التبيان ١ / ٣٧٧.

(٤) ج ، د : عمل.

(٥) ج ، د : زوجته.

(٦) تفسير أبي الفتوح ١ / ٢٧٦.

(٧) ليس في ب.

(٨) ج : يعلمه.

(٩) ليس في ب.

١٨٣

وقوله ـ تعالى ـ : (وَيَتَعَلَّمُونَ ما يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ) ؛ يريد : ما يضرّهم في الآخرة ، ولا ينفعهم في الدّنيا.

[قوله ـ تعالى ـ] (١) : (وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ) ؛ أي : اختار السّحر.

(ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ) ؛ أي : ماله في الآخرة من نصيب من الخير.

«وما» ها هنا ، حرف تنزيه. و «اللّام» للقسم (٢).

وقوله ـ تعالى ـ : (لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (١٠٢)) :

قال الأخفش وقطرب : أراد به المعلّمين السّحر (٣).

و (٤) قوله (٥) ـ تعالى ـ : [([وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا] لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ خَيْرٌ) ؛ أي : ثواب عند الله خير لمن تاب وآمن (٦).

وقوله ـ تعالى ـ] (٧) : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) ؛ أي : الّذين صدّقوا وأذعنوا بالطّاعة ، (لا تَقُولُوا) لّنبيّه ـ عليه السّلام ـ (راعِنا) لاشتباه هذه اللّفظة.

قال الكلبيّ : وذلك أنّ المسلمين كانوا يقولون : يا رسول الله! راعنا سمعك ؛ أي : اسمع منا واصغ إلينا بسمعك. وكانت (٨) هذه اللّفظة ، بلسان اليهود ،

__________________

(١) ليس في ب.

(٢) سقط من هنا قوله ـ تعالى ـ : (وَلَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ).

(٣) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.

(٤) ليس في أ.

(٥) ب : وقال.

(٦) سقط من هنا : قوله ـ تعالى ـ : (لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (١٠٣)).

(٧) ليس في ج.

(٨) ج ، د ، أ : كان.

١٨٤

سبّا وشتما (١) ؛ أي : اسمع لا سمعت. وراعنا عند المسلمين ، من المراعاة والمحافظة ؛ أي : احفظنا ، واسمع منّا.

وقرأ الحسن : راعنا (٢) (بالتّنوين) مأخوذ من الرّعونة والأرعن ؛ مثل : الأحمق والأهوج ؛ أي : لا تقولوا ذلك (٣).

وقوله ـ تعالى ـ : (وَقُولُوا انْظُرْنا) :

قال الكلبيّ : أي : اسمع منّا ، وافهمنا (٤).

وقوله ـ تعالى ـ : (ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ) :

قال الكلبيّ : «من خير» ؛ يعني : النّبوّة (٥).

وقال مقاتل : الإسلام (٦).

وقال أبو عبيدة : «من» صلة ، ومعناه : ينزّل عليكم خيرا (٧).

وقوله ـ تعالى ـ : (وَاللهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ) ؛ يعني : النّبوّة (٨).

__________________

(١) انظر : تفسير الطبري ١ / ٣٧٤ ، نقلا عن غير واحد ليس فيهم الكلبي.

(٢) أ : وراعيا+ ليس في ج.

(٣) تفسير الطبري ١ / ٣٧٦.

(٤) تفسير الطبري ١ / ٣٧٧ نقلا عن مجاهد+ سقط من هنا قوله ـ تعالى ـ : (وَاسْمَعُوا وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٠٤)).

(٥) روي عن عليّ ـ عليه السّلام ـ وأبي جعفر الباقر ـ عليه السّلام ـ أنّه أراد النبوّة. التبيان ١ / ٣٩١.

(٦) التبيان ١ / ٣٩١ نقلا عن ابن عبّاس.

(٧) التبيان ١ / ٣٩١ من دون نسبة إلى قائل.

(٨) سقط من هنا قوله ـ تعالى ـ : (وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (١٠٥)).

١٨٥
١٨٦

جملة في النّاسخ والمنسوخ

يعتمد عليها ، فيما جاء في (١) ذلك من (٢) القرآن المجيد :

قوله ـ تعالى ـ : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها) (الآية) :

وقد مضى (٣) في أوّل الكتاب اشتقاق النّسخ وحقيقة المنسوخ ، عند أهل اللّغة والفقهاء. فلا فائدة في تكراره. ومعنى الآية : ما (٤) نبدّل من حكم آية أو «ننسها» (٥) ؛ أي (٦) : نتركها (٧).

وعن الكلبيّ ، قال : ندعها غير منسوخة (٨).

وقال مقاتل : نتركها كما هي ، لا ننسخها (٩).

وقوله ـ تعالى ـ : (نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها) :

__________________

(١) أ : من.

(٢) أ ، د زيادة : في.

(٣) ب زيادة : الكلام.

(٤) د : لا.

(٥) ج : ننساها.

(٦) ج ، د : أو.

(٧) أ : ونتركها.

(٨) البحر المحيط ١ / ٣٤٤ ، نقلا عن أبي عبيدة.

(٩) تفسير الطبري ١ / ٣٨٠ ، نقلا عن السدي.

١٨٧

قال الكلبيّ : نأت بأخفّ منها ، وأهون على النّاس (١).

(أَوْ مِثْلِها) ؛ يريد : في (٢) المنفعة.

وقال السّديّ : «نأت بخير منها» ؛ أي : من الّتي ننسخها (٣) «أو مثلها» في الحكم (٤).

وقال الحسن : نأت بأخفّ منها ، في الخفّة (٥).

ومن قرأ : «أو ننسأها». (بفتح النّون والهمزة) قال (٦) الكلبيّ : نؤخّرها (٧) غير منسوخة (٨).

وقال ابن الفرّاء : «ننسخ» : ننقل ونغيّر ونبدّل ؛ أي : نرفع حكمها ، دون رسمها وتلاوتها (٩). «أو ننساها» (١٠) ، أي : (نتركها ، أصلا وحكما.

ومن قرأ «أو ننسئها» ؛ أي) (١١) : نؤخّر حكمها ، ونرفع رسمها وتلاوتها.

قال : وليس معنى (١٢) قوله : (أَوْ نُنْسِها) ؛ أي : نتركها غير منسوخة. لأنّه

__________________

(١) تفسير أبي الفتوح ١ / ٢٨٨ من دون نسبة إلى قائل.

(٢) ب : من.

(٣) في ب زيادة : أي.

(٤) تفسير الطبري ١ / ٣٨٢.

(٥) انظر : التبيان ١ / ٣٩٧+ تفسير القرطبي ٢ / ٦٨.

(٦) ج ، د ، أ : فإنّ.

(٧) ج ، د ، أ : يؤخّرها.

(٨) تفسير الطبري ١ / ٣٨٠ نقلا عن عطاء وغيره.

(٩) البحر المحيط ١ / ٣٤٣ نقلا عن ابن عبّاس.

(١٠) د : ننسها.

(١١) ليس في د.

(١٢) أ : يعني.

١٨٨

لو كان كذلك ، لم يكن لقوله (نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها) ، معنى (١).

وقال بعض المفسّرين : قوله : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ) ؛ يعني : من اللّوح ؛ أي : ننقل (نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها) (٢). وعلى هذا جميع القرآن منسوخ.

وقال الضّحّاك ومجاهد وابن جبير وعكرمة : النّسخ يدلّ على الأمر والنّهي وعلى الاخبار الّتي معناها الأمر والنهي ؛ نحو (٣) قوله ـ تعالى ـ : (الزَّانِي ، لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً) (٤) ومعنى ذلك : لا تنكحوا زانية ولا مشركة. وعلى الإخبار الّتي معناها الأمر [والنّهي ؛] (٥) مثل قوله : (تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً) (٦) ؛ أي : ازرعوا. ومثل قوله ـ تعالى ـ : (تَرْجِعُونَها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٧) ؛ أي : ارجعوها ؛ يعني : الرّوح (٨).

وكلّما في القرآن من الأمر بالقول بالصّبر ، نسخته آية السّيف.

[وكلما فيه] (٩) مثل قوله : (إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي) (١٠) ، نسخه قوله : (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ) (١١).

__________________

(١) كما هو قول البحر المحيط ١ / ٣٤٤.

(٢) تفسير أبي الفتوح ١ / ٢٨٥.

(٣) ج ، د ، أ : مثل.

(٤) النور (٢٤) / ٣.

(٥) ليس في المصدر.

(٦) يوسف (١٢) / ٤٧.

(٧) الواقعة (٥٦) / ٨٧.

(٨) الناسخ والمنسوخ لابي القاسم هبة الله بن سلامة / ٢٢ ـ ٢٤.

(٩) ليس في ب.

(١٠) الأنعام (٦) / ١٥.

(١١) الفتح (٤٨) / ٢.

١٨٩

وكلّما فيه من الأمر بالشّهادة ، نسخه قوله ـ تعالى ـ : (فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) (١).

وكلّما فيه من التّشديد والتّهديد ، نسخه قوله : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ ، وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) (٢).

وثلاث وأربعون سورة لم يدخلها ناسخ ولا منسوخ ، وأربعون سورة لم يدخلها ناسخ ، وستّ سور ليس فيها منسوخ ، وخمس وعشرون سورة فيها النّاسخ والمنسوخ. وسيجيء ذلك في مواضعه من التّفسير ـ إن شاء الله تعالى ـ.

والنّسخ في القرآن على ثلاثة أوجه :

منها ما يكون رفع الحكم ، مع بقاء التّلاوة ؛ مثل : قوله ـ تعالى ـ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ، ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ. فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا ، فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٣).

والوجه الثّاني : رفع التّلاوة ؛ كما روي عن أبي موسى الأشعريّ أنّه قال : كنا نقرأ على عهد (٤) رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ سورة (٥) فأنساها (٦) ، ما أحفظ منها ، إلّا آية واحدة ، قوله ـ تعالى ـ : «يا أيّها الّذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون فتكتب شهادة في أعناقكم ، فتسألون». وسورة أخرى

__________________

(١) البقرة (٢) / ٢٨٣.

(٢) البقرة (٢) / ١٨٥.

(٣) المجادلة (٥٨) / ١٢.

(٤) ليس في ج.

(٥) ليس في د.

(٦) ج ، د : فأنسيتها.

١٩٠

[غير أني قد حفظت منها] (١) : «لو كان لابن آدم واديان من مال لتمنّي لهما ثالثا ، ولا يملأ جوف ابن آدم ، إلّا التّراب ، ويتوب الله على من تاب» (٢).

والوجه الثّالث : رفع التّلاوة والحكم جميعا ؛ لمّا أمروا باستقبال بيت المقدس وأمروا بصيام يوم عاشوراء و (٣) غيره ، رفع الحكم والتّلاوة ، جميعا.

وقال الطّوسيّ (٤) ـ رحمه الله ـ : النّسخ في القرآن على ثلاثة أوجه :

ما نسخ حكمه دون لفظه ؛ كآية العدّة بالحول (٥) ، في المتوفّى عنها زوجها.

نسخها قوله : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً) (٦) ؛ وآية النّجوى قوله ـ تعالى ـ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً) (٧). نسخها قوله ـ تعالى ـ : (أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) (الآية) (٨). وقوله : (وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ مِثْلَ ما أَنْفَقُوا)

__________________

(١) من المصدر.

(٢) صحيح مسلم ٢ / ٧٢٥ ح ١١٩.

(٣) ج ، د ، م : أو.

(٤) م : الطبري.

(٥) وهي قوله ـ تعالى ـ : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِي ما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ). البقرة (٢) / ٢٤٠.

(٦) البقرة (٢) / ٢٣٤.

(٧) المجادلة (٥٨) / ١٢.

(٨) المجادلة (٥٨) / ١٣.

١٩١

(الآية) (١). وآية تشديد القتال : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ) (٢) نسخه قوله ـ تعالى ـ : (الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ) (الآية) (٣).

وما نسخ لفظه ، دون حكمه ؛ كآية الرّجم على المحصن لا خلاف فيه. والآية ـ على قول بعضهم ـ في زمن عمر بن الخطّاب : كنّا نقرأ : الشّيخ (٤) والشّيخة ، إذا زنيا ، فارجموهما البتّة. قضيا الشّهوة جزاء بما كسبا نكالا من الله. والله عزيز حكيم.

وما نسخ لفظه وحكمه ؛ نحو ما رواه أصحاب الحديث ، عن عائشة ، أنّه كان (٥) فيما أنزل الله ، أنّ عشر رضعات تحرّمن (٦) ، فنسخ الخمس (٧).

وروى أبو موسى الأشعريّ ، أنّهم كانوا يقرءون : ولو أنّ لابن آدم واديين من (٨) ذهب (٩) لابتغى لهما ثالثا ، ولا يملأ جوف ابن آدم إلّا التّراب ، ويتوب الله على من تاب (١٠).

وروى أنس : أنّ السّبعين الّذين قتلوا من الأنصار ببئر (١١) معونة نزلت

__________________

(١) الممتحنة (٦٠) / ١١.

(٢) الأنفال (٨) / ٦٥.

(٣) الأنفال (٨) / ٦٦.

(٤) أ : والشيخ.

(٥) ليس في د.

(٦) كذا في المصدر. وفي النسخ : يحرّمن.

(٧) التبيان ١ / ١٣.+ ج ، د ، أ زيادة : فنسخ.+ ليس في م.

(٨) ليس في د.

(٩) المصدر : مال.

(١٠) تفسير الطبري ١ / ٣٨١.

(١١) ج ، د : من بئر.+ م : في بئر.

١٩٢

فيهم : بلّغوا عنّا قومنا : انّنا (١) لقينا ربّنا ، فرضي عنا وأرضانا (٢).

وقوله ـ تعالى ـ : (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٠٦)) :

«ألفه» ، ألف استفهام. وفيه تقرير وإيجاب. ومعناه : أليس قد علمت.

وفي الآية تنبيه على أنّ الله (٣) ـ سبحانه ـ يقدر على آيات وسور ، مثل القرآن ، ينسخ بها أمره.

وقيل : معنى «أو» ، في هذه الآية (٤) ، بمعنى «الواو» ، أي (٥) : وننساها (٦).

وقد اختلف في جواز نسخ القرآن بالسّنّة ، فأجازه قوم ، ومنع منه (٧) آخرون. والصّحيح جوازه ، لأنّ السّنّة المقطوع بها دليل ؛ كما أنّ القرآن دليل (٨).

وقوله ـ تعالى ـ : (أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ) (٩) :

الفرّاء قال : «ألفه» ألف توبيخ (١٠).

و (١١) قال الكلبيّ : نزلت هذه الآية في عبد الله بن أميّة المخزوميّ ورهط من

__________________

(١) ج ، د ، أ : إنّا.

(٢) رواه الطبري عن بشر بن معاذ ، عن يزيد بن زريع ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن أنس. تفسير الطبري ١ / ٣٨١.

(٣) ج ، د ، أ : أنّه.

(٤) ليس في ج ، د ، م.

(٥) ليس في د.

(٦) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.

(٧) ليس في د.

(٨) انظر : الذريعة إلى أصول الشريعة ١ / ٤٦٠.

(٩) م زيادة : كما سئل موسى.

(١٠) معاني القرآن ١ / ٧١.

(١١) ليس في ب.

١٩٣

قريش ، حيث قالوا للنّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ ، حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً) (١) ـ إلى قوله ـ : (أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً) (٢) ؛ أي : جميعا : فنزلت الآية : (أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَما سُئِلَ مُوسى مِنْ قَبْلُ). وهو السّبعون الّذين قالوا : (أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً) (٣).

وقيل : إنّ كفّار قريش قالوا للنّبيّ [ـ صلّى الله عليه وآله ـ :] (٤) اجعل لنا الصّفا ذهبا وفضّة ، وارفع الجبال عن مكّة حتّى نتّبعك. وعلم الله منهم (٥) أنّه لو فعل ما اتّبعوه (٦) ، فلم يجبهم (٧) [ـ عليه السّلام ـ] (٨) (لبغيتهم ،) (٩) فأنزل الله الآية (١٠).

وقوله ـ تعالى ـ : (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً) :

__________________

(١) الإسراء (١٧) / ٩٠.

(٢) الإسراء (١٧) / ٩٢.

(٣) انظر : كشف الأسرار للميبدي ١ / ٣١٢ والآية في النساء (٤) / ١٥٣.

(٤) م ، أ : عليه السّلام.

(٥) ليس في ج ، د ، أ ، م.

(٦) م ، ج ، د ، أ : لم يتّبعوه.

(٧) في أ زيادة : بكلّ نفسه.

(٨) ليس ، في ج ، د ، م+ م ، ج ، د زيادة : وإنّما أرادوا تعنّته.

(٩) ليس في أ ، م.

(١٠) أنظر : أسباب النزول / ٢٣+ تفسير الطبري ١ / ٣٨٥.

١٩٤

وقيل : إنّ (١) السّبب في هذه (٢) الآية (٣) ، أنّ فيحاص (٤) بن عازوراء وأزيد بن قيس دعوا عمّار بن ياسر [وحذيفة] (٥) بن اليمان ، بعد قتال أحد ، وقالا لهما : ارجعا إلى دينكما الأوّل. فأنزل الله ـ تعالى ـ (٦) الآية (٧).

وقوله ـ تعالى ـ : (فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا) :

قال الكلبيّ (٨) : أي : أعرضوا عنهم (حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ) ؛ أي (٩) : بقتل بني قريظة وإجلاء بني النّضير (١٠).

وقوله ـ تعالى ـ : (وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى) :

قال الكلبيّ : احتجّت اليهود والنّصارى ؛

__________________

(١) ليس في ج ، د ، م.

(٢) م : هذا.

(٣) ليس في أ ، ج ، د ، م.

(٤) المصدران : فنحاص.

(٥) ليس في أ.

(٦) ليس في م.

(٧) تفسير أبي الفتوح ١ / ٢٩٠ ، البحر المحيط ١ / ٣٤٨.+ سقط من هنا قوله ـ تعالى ـ : (حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُ).

(٨) ليس في ب.

(٩) أ ، ج ، د ، م : يأتي أمر الله ؛ يعني.

(١٠) تفسير أبي الفتوح ١ / ٢٩٢.+ سقط من هنا قوله ـ تعالى ـ : (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٠٩) وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ إِنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ).

١٩٥

فقالت يهود المدينة : لن يدخل الجنّة ، إلّا من كان يهوديّا (١).

وقالت نصارى نجران : لن يدخل الجنّة ، إلّا من كان نصرانيّا.

فأنزل الله ـ تعالى ـ : (قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١١١)) (٢).

وقال : (تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ) ؛ أي : ما يتمنّون.

وقال عطاء : تلك أباطيلهم ـ بلغة قريش (٣).

و «الأمانيّ» : واحدتها أمنيّة. ويكون الأمانيّ : التّلاوة. ويكون الاختلاق والكذب.

وقوله ـ تعالى ـ : (بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ) :

قال الكلبيّ ومقاتل : أي : من أخلص دينه لله (٤).

(وَهُوَ مُحْسِنٌ) ؛ يعني : في عمله.

(فَلَهُ أَجْرُهُ) ؛ أي : ثواب عمله (٥).

قوله ـ تعالى ـ : (وَقالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ) ؛ (يريد : على شيء) (٦) من الحقّ.

(وَقالَتِ النَّصارى) في حقّهم ، مثل ذلك (٧).

__________________

(١) د : هودا.

(٢) انظر : تفسير أبي الفتوح ١ / ٢٩٦ ، مجمع البيان ١ / ٣٥٦ ، وليس فيهما نسبة إلى الكلبي وغيره.

(٣) التبيان ١ / ٤١٠ نقلا عن المؤرّخ.

(٤) البحر المحيط ١ / ٣٥٢ نقلا عن مقاتل وحده.

(٥) سقط هنا قوله ـ تعالى ـ : (عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (١١٢)).

(٦) ليس في أ.

(٧) سقط من هنا قوله ـ تعالى ـ : (وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتابَ).

١٩٦

فقال الله ـ سبحانه ـ (١) : (كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ).

قال مقاتل : «كذلك قال» مشركو قريش (٢).

وقال الكلبيّ : «كذلك قال» آباؤهم (٣).

وقال ابن عبّاس [ـ رحمه الله ـ] (٤) : السّبب في هذه الآية ، أنّه (٥) لمّا أقبل نصارى نجران إلى النّبيّ [ـ صلّى الله عليه وآله ـ] (٦) أتتهم أحبار اليهود ، فقالوا : (لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ) يريد : من الحقّ. (وَقالَتِ النَّصارى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ). فأنزل الله ـ تعالى. ـ الآية (٧).

وقوله ـ تعالى ـ : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعى فِي خَرابِها).

قال ابن عبّاس : هم الرّوم ، غزوا بيت المقدس وسعوا في خرابه (٨).

وقال الرّمّانيّ : هم مشركو قريش ، صدّوا النّبيّ [صلّى الله عليه وآله] (٩).

__________________

(١) م : تعالى.

(٢) تفسير أبي الفتوح ١ / ٢٩٩.

(٣) تفسير أبي الفتوح ١ / ٢٩٩ نقلا عن بعض المفّسرين.

(٤) ليس في م.

(٥) ليس في ب.

(٦) أ : عليه السّلام.

(٧) تفسير الطبري ١ / ٣٩٤.+ أ ، ج ، د ، م زيادة : قوله : (كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ).+ سقط من هنا قوله ـ تعالى ـ : (فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (١١٣)).

(٨) التبيان ١ / ٤١٦.

(٩) أ ، م : عليه السّلام.

١٩٧

عن المسجد الحرام (١).

وإنّما ذكره بلفظ الجمع ، لأنّ كلّ [بقعة منه] (٢) مسجد.

وقال الكلبيّ : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) قيل : هو عامّ (٣).

وقال الأخفش : هو ططوس بن إسيايوس (٤) ، خرج إلى البيت المقدس ، بعد قتل زكرياء ويحيى ـ عليهما السّلام ـ فخرّبه ، وألقى فيه الجيف (٥).

وقال مقاتل : هو أنطيانوس الرّوميّ (٦).

وقال قتادة : هم النّصارى الّذين أعانوا بخت نّصر المجوسيّ البابليّ على خراب بيت المقدس (٧).

قوله ـ تعالى ـ : (لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ) ؛ يريد : عند فتح مدائنهم ، قسطنطنيّة (٨) وعمورية ورومية.

__________________

(١) التبيان ١ / ٤١٦.

(٢) أ : بعضه.

(٣) البحر المحيط ١ / ٣٥٧ من دون نسبة إلى قائل.+ روى عن زيد بن عليّ عن آبائه عن عليّ ـ عليه السّلام ـ أنّه أراد جميع الأرض لقول النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ جعلت لي الأرض مسجدا وترابها طهورا. مجمع البيان ١ / ٣٦١.

(٤) ج ، د ، أ ، م : طبطوس بن إسيانوس+ تفسير أبي الفتوح : او ططوس بن اسيسا+ البحر المحيط ، نطوس بن اسبيسيانوس.

(٥) تفسير أبي الفتوح ١ / ٣٠٠ البحر المحيط ١ / ٣٥٦ من دون ذكر للقائل.

(٦) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.

(٧) تفسير الطبري ١ / ٣٩٧.

(٨) د : قسطنطينيّة.

١٩٨

وقال الكلبيّ : نزلت الآية في كفّار مكّة ، حين منعوا النّبيّ [ـ صلّى الله عليه وآله ـ] (١) وأصحابه عن المسجد الحرام ، عام الحديبيّة (٢).

وقوله ـ تعالى ـ : (أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ) ؛ أي : بعد فتحها.

قال الله ـ تعالى ـ : (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا) (٣) ؛ أراد (٤) : إلّا أن يسلموا.

وقوله ـ تعالى ـ : (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ. فَأَيْنَما تُوَلُّوا ، فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) :

(قال جماعة من المفسّرين : هذا ردّ على اليهود ، حيث أنكروا توجّه النّبيّ ـ عليه السّلام ـ إلى الكعبة ، وقد كان يصلّي إلى بيت المقدس (٥).

و «وجه الله» ها هنا ، يؤدّي إلى رضوانه ، ممّا أمرهم الله بالمصير إليه.

وروي عن الباقر والصّادق ـ عليهما السّلام ـ أنّ الآية نزلت في صلاة النّافلة في السّفر ، يتوجّه على الرّاحلة كيف أمكنه (٦).

__________________

(١) أ : عليه السّلام.

(٢) تفسير أبي الفتوح ١ / ٣٠١ ، نقلا عن عطاء وعبد الرحمن بن زيد.

(٣) التوبة (٩) / ٢٨.

(٤) أ ، م : يريد.

(٥) انظر : تفسير أبي الفتوح ١ / ٣٠٢ ، التبيان ١ / ٢٢٤.

(٦) روى العياشي عن حريز قال : قال أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ : أنزل الله هذه الآية في التطوّع خاصّة (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ إِنَّ اللهَ واسِعٌ عَلِيمٌ) وصلّى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ إيماء على راحلته أينما توجّهت به حيث خرج إلى خيبر ، وحين رجع من مكّة وجعل الكعبة خلف ظهره. العياشي ١ / ٥٦ ح ٨٠ وعنه البرهان ١ / ١٤٦ ح ٥ ورد مؤدّاه في العياشي ١ / ٥٦ ـ ٥٧ وعنه البرهان ١ / ١٤٦ وفي علل الشرايع / ٣٥٨ وعنه البرهان ١ / ١٤٦ ح ٤ ونور الثقلين ١ / ١١٧ ح ٣٢٠.

١٩٩

وروي أنّ ابن (١) عمر كان يصلّي في السّفر تطوّعا ، كيف توجهت به راحلته (٢)) (٣).

وقال الكلبيّ في نزول هذه الآية : إنّ رهطا خرجوا في سفر ، فأصابهم الضّباب ، فقوم صلّوا إلى المشرق وقوم صلّوا إلى المغرب. فلمّا استبانوا ذلك وقدموا على النّبيّ [ـ صلّى الله عليه وآله ـ] (٤) من سفرهم ، سألوه عن ذلك. فنزلت عليه الآية ، فتلاها عليهم (٥).

وقال قتادة : نزلت الآية قبل أن تفرض الصّلوات الخمس إلى الكعبة ، ثمّ نسخ ذلك (٦).

وقال سعيد بن جبير : ذلك في صلاة التطوّع ، خاصّة في السّفر (٧). وهو المرويّ عن أبي جعفر وأبي عبد الله ـ عليهما السّلام ـ (٨).

وقوله تعالى (٩) : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) :

قال مجاهد : فثمّ (١٠) قبلة الله (١١).

__________________

(١) ليس في ج ، د ، أ.

(٢) تفسير الطبري ١ / ٤٠٠.

(٣) ليس في ب.

(٤) م : عليه السّلام.

(٥) تفسير الطبري ١ / ٤٠١ نقلا عن عبد الله بن عامر ، عن أبيه.

(٦) البحر المحيط ١ / ٣٦٠.

(٧) تفسير الطبري ١ / ٤٠٠.

(٨) تقدّمت الرواية عنهما ـ عليهما السّلام ـ آنفا.

(٩) ليس في ب ، م.

(١٠) ليس في أ.

(١١) تفسير الطبري ١ / ٤٠٢.

٢٠٠