محمّد بن الحسن الشيباني
المحقق: حسين درگاهي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: نشر الهادي
المطبعة: مؤسسة الهادي
الطبعة: ١
ISBN: 964-400-034-X
الصفحات: ٣٦٥
حتّى أخذ منه؟
قيل : كان قد سمع من موسى [ـ عليه السّلام ـ] (١) ، أنّ جبرائيل إذا وطئ فرسه موضعا من الأرض اخضرّ في الحال. وعلم من موسى [ـ عليه السّلام ـ] (٢) أنّ الله يحيي بأثر فرس عبده جبرائيل الرّوح ، فعمل لذلك.
فلمّا جاء موسى ـ عليه السّلام ـ وعلم بذلك ، عاتب أخاه ؛ هارون ، على ذلك. لأنّه كان خليفته عليهم. وأمر بإحراق العجل ، وألقى (٣) رماده في الماء.
وقيل : بل أمر ببرده بالمبرد ، وإلقائه في الماء.
ثمّ ألزمهم التّوبة ، وأمرهم بالشّرب من ذلك الماء. فمن كانت توبته خالصة ، لم يخرج على شاربه من برادة العجل شيء. ومن (٤) لم تكن توبته خالصة ، خرج على شاربه من برادة العجل (٥).
ثمّ قال الله ـ عزّ ذكره ـ : (وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ) (٦) ؛ أي : حبّ العجل. ثمّ نفى موسى ـ عليه السّلام ـ السّامريّ من بين بني إسرائيل ، وحرّم عليهم مؤاكلته ومجالسته وملامسته. فخرج [على وجهه هائما] (٧) في البراري والقفار. قال الله ـ تعالى ـ : (فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا
__________________
(١) ليس في ج ، د ، أ.
(٢) ليس في م.
(٣) ج ، د ، أ : إلقاء.
(٤) ليس في أ.
(٥) تفسير الطبري ١ / ٢٢٧ نحوه.
(٦) البقرة (٢) / ٩٣.
(٧) ج ، د ، أ ، م : هائما على وجهه.
مِساسَ) (١) ؛ أي : لا مماسّة لأحد من البشر ، ولا مخالطة لك (٢).
وقوله ـ تعالى ـ : (ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ [مِنْ بَعْدِ ذلِكَ]) ؛ أي : تجاوزنا وقبلنا توبتكم.
و «العفو» من الأضداد.
(لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٥٢)) ؛ أي : لكي تشكروا.
وقوله ـ تعالى ـ : (وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ).
«الكتاب» ها هنا : التّوراة.
و «الفرقان» ها هنا : انفراق البحر ، وانفلاقه لموسى ـ عليه السّلام ـ.
وقيل : آتينا موسى الكتاب ، ومحمّدا ـ عليه السّلام ـ الفرقان (٣) ؛ كما قال الشّاعر :
فعلفتها تبنا وماء باردا (٤)
أي : علفتها تبنا ، وسقيتها ماء باردا.
وقيل : آتينا موسى الكتاب والإيمان بالفرقان ، الّذي هو القرآن ، الّذي يأتي به محمّد ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ (٥).
وقوله ـ تعالى ـ : (فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) ؛ [أي : توبوا (٦)
__________________
(١) طه (٢٠) / ٩٧.
(٢) سقط من هنا قوله ـ تعالى ـ : (وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ (٥١)).
(٣) التبيان ١ / ٢٤٢ نقلا عن الفرّاء وغيره.
(٤) تفسير أبي الفتوح ١ / ١٩٣.
(٥) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.+ سقط من هنا ـ قوله تعالى ـ : (لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (٥٣) وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ).
(٦) م ، د ، أ : فتوبوا.
إلى خالقكم ، فاقتلوا أنفسكم] (١) في الجهاد.
وقيل : ليقتل بعضكم بعضا في طاعة الله ـ تعالى ـ وأمره (٢).
وقيل : يريد : «اقتلوا الّذين عبدوا العجل منكم» ؛ كانوا اثني عشر ألفا (٣).
وقوله ـ تعالى ـ : (وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً) :
قال الكلبيّ : هم السّبعون الّذين اختارهم موسى ـ عليه السّلام ـ قالوا : لن نصدّقك حتّى نرى الله جهرة ؛ يعنون : بغير حجاب (٤).
(فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ).
[قال الكلبيّ والسّديّ : «الصّاعقة»] (٥) نار (٦) نزلت من السّماء ، فاحترقوا بها عن آخرهم (٧).
وقال مقاتل : «الصّاعقة» ها هنا : الموت ـ بلغة عمان ـ (٨).
وقيل : «الصّاعقة» ها هنا : العذاب (٩) ؛ لقوله (١٠) ـ تعالى ـ : (فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ
__________________
(١) ليس في ج.
(٢) تفسير الطبري ١ / ٢٢٨.
(٣) سقط من هنا قوله ـ تعالى ـ : (ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (٥٤)).
(٤) تفسير الطبري ١ / ٢٣١ ، نقلا عن محمد بن إسحاق.
(٥) ليس في د.
(٦) ب : ما.
(٧) تفسير الطبري ١ / ٢٣٠ نقلا عن السدي وحده.
(٨) التبيان ١ / ٢٥١ من دون ذكر للقائل.
(٩) التبيان ١ / ٢٥١ من دون ذكر للقائل.
(١٠) ج ، م ، د ، أ : كقوله.
صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ) (١).
وقوله ـ تعالى ـ : (ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ).
قال الكلبيّ : أحياهم الله ـ تعالى ـ بدعاء موسى ـ عليه السّلام ـ (٢).
وقوله ـ تعالى ـ : (وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ).
قال مقاتل : «الغمام» : السّحاب الأبيض ، بلا ماء (٣). وسمّي غماما ، لأنّه يغمّ السّماء ؛ أي : يغطّيها ، فيسترها. ومعناه : وقفنا الغمام فوق رؤوسكم في التّيه مقدار ثمانية فراسخ ، يستركم من حرّ الشّمس.
قال الكلبيّ : وكان السّبب [في ذلك ، في] (٤) ابتلائهم بالتّيه ، أنّ موسى ـ عليه السّلام ـ أمرهم بالخروج معه لقتال الجبّارين ، فقالوا له : (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا ، إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ) (٥) فابتلاهم الله ـ تعالى ـ بأرض التّيه ، أربعين سنة. يتيهون طول ليلهم ، لا يزالون يمشون في ضجّة واحدة. ثمّ يصبحون في أماكنهم ، مكثوا على ذلك أربعين سنة (٦).
وقوله ـ تعالى ـ : (وَإِذِ اسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِهِ) (٧) ؛ أي : طلب السّقيا
__________________
(١) فصلت (٤١) / ١٣+ سقط من هنا قوله ـ تعالى ـ : (وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (٥٥)).
(٢) تفسير الطبري ١ / ٢٣١ نقلا عن السدي+ سقط من هنا قوله ـ تعالى ـ : (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٥٦)).
(٣) تفسير أبي الفتوح ١ / ١٩٨.
(٤) ليس في أ ، ج ، د ، م.
(٥) المائدة (٥) / ٢٤.
(٦) انظر : التبيان ١ / ٢٥٩+ تفسير الطبري ١ / ٢٣٦.
(٧) لا يخفى أنّ هذه الآية والّتي بعدها إلى قوله ـ تعالى ـ (قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ) في غير موضعه.
لهم ، حيث شكوا إليه قلّة الماء في التّيه.
(فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ) :
أمر الله ـ تعالى ـ موسى ـ عليه السّلام ـ أن يأخذ حجرا لطيفا مربعا. فأخذه ، وضربه بعصاه.
(فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً) : وكانوا اثني عشر سبطا ، لكلّ سبط منهم عين.
قال الله ـ تعالى ـ : (قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ) (١) ؛ أي : قد علم كلّ سبط وجماعة مشربهم ومكانهم.
و «السّبط» : الجماعة الّذين يرجعون إلى أب واحد.
وكان الحجر معهم في أسفارهم وتقلّبهم ، معجزة (٢) لموسى ـ عليه السّلام ـ.
وقوله ـ تعالى ـ : (وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى) :
قال الكلبيّ (٣) : أمطرنا عليكم المنّ ، وهو التّرنجبين (٤).
وقال السّديّ : هو العسل ، كان ينزل عليهم من السّماء (٥).
وقال قتادة : كان ينزل عليهم مثل الثّلج من السّماء (٦).
__________________
(١) البقرة (٢) / ٦٠.
(٢) د : ومعجزة.
(٣) أ : الكلبيّ قال.
(٤) تفسير الطبري ١ / ٢٣٤ نقلا عن السدي.
(٥) تفسير الطبري ١ / ٢٣٤ نقلا عن ابن زيد.
(٦) تفسير الطبري ١ / ٢٣٣.
وأمّا «السّلوى» : فطائر يشبه السّماني.
وقال وهب بن منبّه : هو طائر مثل (١) الحمام (٢).
وقيل : إنّ الله ـ تعالى ـ أنزل المنّ والسّلوى ، وهو العسل والكمأة ، مكان الخبز (٣). واللّحم. ولهذا قال : (كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ) روي ذلك عن ابن عباس وابن مسعود ـ (٤).
وقوله ـ تعالى ـ : (وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ).
قال الكلبيّ : قيل ليوشع بن نون وأصحابه : ادخلوا قرية أريحا (٥).
وقال مقاتل : هي بيت المقدس (٦).
وقيل : هي إيلياء من وراء البحر (٧).
وقيل : هي أرض فلسطين والأردن (٨).
وذلك بعد موسى ـ عليه السّلام ـ لأنّ (٩) موسى ـ عليه السّلام ـ مات
__________________
(١) م : يشبه.
(٢) تفسير الطبري ١ / ٢٣٥.
(٣) م زيادة : عليهم.
(٤) قال الطبري : وتظاهرت الأخبار عن رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ أنّه قال : الكمأة من المنّ وماؤها شفاء للعين. تفسير الطبري ١ / ٢٣٤+ سقط من هنا قوله ـ تعالى ـ : (وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٥٧)).
(٥) ج ، ب ، أ : أريحيا+ تفسير الطبري ١ / ٢٣٧ نقلا عن ابن زيد.
(٦) تفسير الطبري ١ / ٢٣٧ نقلا عن قتادة.
(٧) تفسير الطبري ١ / ٢٣٨.
(٨) تفسير أبي الفتوح ١ / ٢٠٠.
(٩) د : أن.
في التّيه ، وذلك بعد موت أخيه ؛ هارون. لأنّه مات قبله فيه (١) ـ أيضا ـ.
وقيل : إنّ يوشع ، هو (٢) الّذي أمره الله ـ تعالى ـ أن يقاتل الجبّارين (٣).
وقال الحسن : لم يمت موسى في التّيه ، وهو الّذي أمره الله ـ تعالى ـ بقتال الجبّارين وقتل (٤) عوج بن عناق ـ وكان عوج بن عناق منهم ـ وفتح مدينة الجبّارين (٥).
وقيل : لم يشهدهم الله ـ تعالى ـ من الّذين ابتلاهم الله ـ تعالى ـ بالتّيه (٦) ، وإنّما شهده أبناؤهم (٧).
وقال وهب بن منبّه : لمّا نظر عوج بن عناق إلى عسكر موسى ـ عليه السّلام ـ اقتلع صخرة من الجبل ، على قدر عسكر موسى [ـ عليه السّلام ـ] (٨) واحتملها ليرميها عليهم. فبعث الله الهدهد ، ومعه قطعة ماس ، فأدارها تلقاء رأس عوج ، فسقط موضع التّقوير في عنقه ، وضربه موسى بعصاه في العرق الّذي تحت كعبه فخرّ ميّتا. وكان عوج من عظماء الجبّارين (٩).
__________________
(١) ليس في د.
(٢) ليس في أ ، ج ، د ، ب.
(٣) انظر : البحر المحيط ١ / ٢٢١.
(٤) ج ، د ، أ ، م : وقيل.
(٥) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.
(٦) ج : في التيه.
(٧) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.
(٨) ليس في م.
(٩) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.
وروي : أنّ موسى ـ عليه السّلام ـ بعث إلى قرية الجبّارين اثني عشر نقيبا يدعوهم إلى الإيمان. فوصلوا إلى قرب مدينتهم ، وكان قد خرج منهم واحد إلى بستان له خارج المدينة ، فالتقط شيئا من الفاكهة وتركه في كمه ، فرآهم مقبلين ، فوقف (١) وسألهم (٢) عن حالهم. فأخبروه ، فجمعهم بيده وتركهم في كمّه مع الفاكهة ، وجاء بهم إلى ملكه (٣) ، فطرحهم (٤) والفاكهة بين يديه وأخبره بخبرهم.
فقال لهم الملك : امضوا إلى صاحبكم ، فأخبروه بما رأيتم وشاهدتم (٥). فذلك قولهم لمّا دعاهم موسى لقتالهم [فأبوا (٦) وقالوا] (٧) : (إِنَّ فِيها) (٨) (قَوْماً جَبَّارِينَ ، وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها) (٩).
و «الجبّار» : هو المتكبّر المتعظّم المنيع القاهر (١٠).
وقوله ـ تعالى ـ : (وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً) ؛ أي : باب القرية ، وهي باب حطّة بالبيت المقدّس.
__________________
(١) ليس في م.
(٢) م ، ج ، أ : فسألهم.
(٣) ج ، د : الملك.
(٤) ج ، د : وطرحهم.
(٥) تفسير الطبري ٦ / ١١٢.
(٦) ليس في ج ، د ، أ.
(٧) ليس في م.
(٨) من هنا لا يوجد في نسخة «ب» إلى موضع نذكره ـ إن شاء الله تعالى ـ.
(٩) المائدة (٥) / ٢٢.
(١٠) سقط من هنا قوله ـ تعالى ـ : (فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً).
وقيل : باب حطّة ، باب القبّة الّتي كان يصلّي موسى وبنو إسرائيل إليها. وروي ذلك عن الحسن (١).
وقوله : «سجّدا» ؛ أي : ركّعا ، مطأطئي رؤوسهم ، فرجفوا رجفا مستهزين.
وقوله : (وَقُولُوا حِطَّةٌ) ؛ أي : حطّ عنا ذنوبنا ـ عن الحسن ـ أيضا (٢).
وقال ابن عبّاس : أمروا أن يستغفروا (٣).
وقال بعض النّحويّين : رفع «حطّة» ، على الحكاية الّتي أمروا بقولها. ولو علموا القول ، لنصبوا (٤).
وقيل : «حطّة» ، خبر مبتدأ (٥) محذوف ، وتقديره : سؤالنا حطّة (٦).
قوله ـ تعالى ـ : (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ).
فقالوا : هطّا سمقانا ؛ أي : حنطة حمراء ـ بلغة القبط ـ (٧). قالوا ذلك استهزاء وتبديلا.
وقيل : بل قالوا : حنطة في شعير (٨) مستهزئين ، فابتلاهم الله ـ تعالى ـ وأهلكهم.
__________________
(١) التبيان ١ / ٢٦٣ من دون ذكر للقائل.
(٢) التبيان ١ / ٢٦٣.
(٣) تفسير الطبري ١ / ٢٣٨.
(٤) تفسير الطبري ١ / ٢٣٩.
(٥) م ، ج ، د : ابتداء.
(٦) تفسير الطبري ١ / ٢٣٩+ سقط من هنا قوله ـ تعالى ـ (نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (٥٨)).
(٧) ج ، د : النبط.
(٨) تفسير الطبري ١ / ٢٤١.
قوله ـ تعالى ـ : (فَأَنْزَلْنا [عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا]) (١) (رِجْزاً مِنَ السَّماءِ) ؛ أي : عذابا.
وقيل : طاعونا (٢).
وقيل : موت الفجأة (٣).
قال الكلبيّ : مات منهم سبعون ألفا ، وهلك منهم تلك السّاعة أربعة وعشرون ألفا (٤).
قوله ـ تعالى ـ : (وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) :
قال جماعة من المفسّرين وأهل اللّغة : «العيث» : أشدّ الفساد (٥).
قوله ـ تعالى ـ (وَإِذْ قُلْتُمْ : يا مُوسى لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ) ؛ أي : لن نقدر أن نحبس أنفسنا على طعام واحد ، وهو المنّ والسّلوى.
وقيل : بل : على اللّحم والخبز النّقيّ (٦). وقد مللنا ذلك (٧).
(فَادْعُ لَنا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ ، مِنْ بَقْلِها وَقِثَّائِها وَفُومِها
__________________
(١) ما أثبتناه في المتن من القرآن الكريم ، وفي النسخ : عليهم بدل ما بين القوسين.
(٢) تفسير الطبري ١ / ٢٤٢.
(٣) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.
(٤) البحر المحيط ١ / ٢٢٥+ قال في الكشّاف ١ / ١٤٣ : روى أنّه مات منهم في ساعة بالطاعون أربعة وعشرون ألفا. وقيل : سبعون ألفا+ لا يخفى أنّه سقط هنا قوله ـ تعالى ـ : (بِما كانُوا يَفْسُقُونَ (٥٩)) وقوله ـ تعالى ـ : (كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللهِ) وتقدّم قوله ـ تعالى ـ : (وَإِذِ اسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً).
(٥) تفسير أبي الفتوح ١ / ٢٠٥+ الكشّاف ١ / ١٤٤+ التبيان ١ / ٢٧١.
(٦) د : المنقى.
(٧) تفسير الطبري ١ / ٢٤٥.
وَعَدَسِها وَبَصَلِها).
«البقل» : ما تخرجه الأرض من النّبات ، غير الشّجر.
و «القثّاء» : هو الحدج والبطّيخ ، والخيار ـ أيضا ـ.
و «الفوم» ـ قال الكلبيّ ـ : هو الثّوم بعينه (١).
وقال مجاهد وعطاء : هو الخبز (٢).
وقال الفرّاء : هو الحنطة والخبز ـ جميعا ـ (٣).
وقال قطرب : هو كلّ عقدة من بصل ، أو ثوم ، أو قطعة لحم (٤).
و «الفوم» و «الثّوم» واحد عند أهل اللّغة. وذلك أنّ الثّاء والفاء يتعاقبان عندهم ؛ كقولهم : جدث وجدف.
فقال ـ سبحانه ـ جوابا لما سألوه : (أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ) منه؟ ؛ أي : أفضل. وألذّ ، وأطيب.
(اهْبِطُوا مِصْراً) ؛ يريد : مصرا من الأمصار. ولذلك صرفه حيث نكّره. ومن لم يصرفه ، قال : مصر فرعون ، فعرّفه.
(فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ) [يريد : لكم ما سألتم] (٥) في الأمصار ، لا (٦) في البرّيّة والتّيه.
__________________
(١) تفسير أبي الفتوح ١ / ٢٠٥.
(٢) تفسير الطبري ١ / ٢٤٦.
(٣) معاني القرآن ١ / ٤١.
(٤) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.
(٥) ليس في أ.
(٦) ليس في أ.
وقوله ـ تعالى ـ : (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ) ؛ [أي : فرضت عليهم الجزية. وألزمت.
وقال الكلبيّ : جعلت وحملت عليهم (١).
و «الذّلّة والمسكنة»] (٢) ها هنا : هي الجزية والفقر والذّلّة.
واشتقاق «المسكنة» من السّكون.
وقال مقاتل : هي الصّغار ، بعد ما كانوا ملوكا (٣).
قوله ـ تعالى ـ : (وَباؤُ بِغَضَبٍ [مِنَ اللهِ]) على غضب.
قال الكلبيّ : رجعوا باللّعنة [على أثر اللعنة] (٤) ؛ يعني : اليهود ، لعنهم عيسى ومحمّد ـ عليهما السّلام ـ (٥).
قوله ـ تعالى ـ : (وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِ) :
معناه النّفي ، ها هنا ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ ، لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ) (٦) ؛ يريد : نفي البرهان ، ولم يرد أنّه قد يكون به برهان في حال من الأحوال. وكذلك في قتل الأنبياء ؛ لم يرد أنّ قتلهم يكون في حال بحقّ ، بل أراد النّفي.
__________________
(١) البحر المحيط ١ / ٢٣٦ من دون ذكر للقائل.
(٢) ليس في د.
(٣) تفسير أبي الفتوح ١ / ٢٠٧ نقلا عن عطاء.
(٤) ليس في أ.
(٥) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.+ سقط من هنا قوله ـ تعالى ـ : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ).
(٦) المؤمنون (٢٣) / ١١٧.
وقال الكلبيّ في الغضب على الغضب : الغضب الأوّل أخذ الحيتان ، والغضب الثّاني قتل الأنبياء. لأنّهم كانوا يقتلون في اليوم ثلاثمائة نبيّ (١).
قوله ـ تعالى ـ : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) ؛ يريد : قوما كانوا في عهد موسى (٢) مؤمنين مصدّقين بمن مضى من الأنبياء ، وبمن يأتي منهم وبكتبهم (٣).
قوله ـ تعالى ـ : (وَالَّذِينَ هادُوا) : فرقة تسمّوا باليهوديّة ، من زمن موسى ـ عليه السّلام ـ. واشتقاقه : من هاد يهود ؛ أي : تاب ورجع.
قوله ـ تعالى ـ : (وَالنَّصارى) :
فرقة تسمّوا بالنّصرانيّة ، في زمن عيسى ـ عليه السّلام ـ واشتقاقه : من النّصرة ، أو من قرية يقال لها : ناصرة ، كان يسكنها عيسى ـ عليه السّلام ـ.
وقوله ـ تعالى ـ : (وَالصَّابِئِينَ) :
قيل : هم قوم (٤) من النّصارى ألين من (٥) أولئك ، خرجوا من دين إلى دين (٦). وأصله الميل (والخروج) (٧) ومنه صبأت النّجوم.
وقال قتادة : «الصّابئون» هم كانوا يعبدون الملائكة ، ويقرءون الزّبور ، ويصلّون إلى القبلة (٨).
__________________
(١) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.
(٢) في ج زيادة : (ع)
(٣) سقط من هنا قوله ـ تعالى ـ : (ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ (٦١)).
(٤ ، ٥) ليس في أ.
(٦) تفسير الطبري ١ / ٢٥٢.
(٧) ليس في م.
(٨) تفسير الطبري ١ / ٢٥٣.
وقال الخليل ابن أحمد : هم قوم يزعمون أنّهم على دين نوح ـ عليه السّلام ـ. وقبلتهم الجنوب (١).
وقال مجاهد : قوم بين اليهود والنّصارى ، لا دين لهم (٢).
وقال قوم : هم عبدة النّجوم (٣).
وقيل : «اليهود» ها هنا ، الّذين تابوا من عبادة العجل (٤).
و «النّصارى» ، قيل : أخذوا من النّصرة لعيسى ـ عليه السّلام ـ. واحدهم نصران ؛ مثل : سكارى وسكران ، ونشاوى ونشوان.
و «الصّابئون» : جمع صابئ. وأصله ، ما ذكرناه من الميل والخروج. يقال : صبأ ، يصبوا ، صبأ وصبّوا وصبيئا (بالهمز) إذا خرج من دين إلى دين. وصبأت النّجوم ؛ أي : طلعت (٥).
وقوله ـ تعالى ـ : (فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ) ؛ أي : ثواب عملهم وتصديقهم بأنبياء الله وكتبه ورسله.
وقيل : إنّ الآية منسوخة بقوله ـ تعالى ـ (٦) : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) (٧).
__________________
(١) هامش أ : وقبلتهم الجنون+ أ : الحتوب+ التبيان ١ / ٢٨٣.
(٢) تفسير الطبري ١ / ٢٥٣.
(٣) التبيان ١ / ٢٨٣.
(٤) التبيان ١ / ٢٨١.
(٥) لا يخفى أنّه سقط من هنا قوله ـ تعالى ـ : (مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً).
(٦) ليس في أ ، د.
(٧) آل عمران (٣) / ٨٥+ التبيان ١ / ٢٨٤.
وقيل : ليست منسوخة لمن ثبت على إيمانه ، إلى أن آمن بمحمّد (١) ـ عليه السّلام ـ (٢).
وقوله ـ تعالى ـ : (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ) ؛ أي : ما عاهدناكم عليه يوم الميثاق.
قال مجاهد : ميثاقه ، أمره (٣).
و «الميثاق» و «الموثق» واحد. وهو من العهد والثّقة.
قوله ـ تعالى ـ : (وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ) ؛ أي : قلعناه ورفعناه فوق رؤوسكم ، لقبول الميثاق.
قال مقاتل : «الطّور» ها هنا ، جبل ، فرسخ في فرسخ ، بقدر عسكر موسى ـ عليه السّلام ـ (٤).
و «الطّور» في كلام العرب : كلّ جبل ينبت.
وقال مجاهد : «الطّور» الجبل ، بلسان السّريانيّة (٥).
وقال عكرمة : «الطّور» بلسان الهنديّة (٦).
وقال الخليل : هو جبل معروف (٧).
__________________
(١) د : لمحمد.
(٢) كشف الأسرار للميبدي ١ / ٢١٥+ سقط من هنا قوله ـ تعالى ـ : (وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢)).
(٣) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.
(٤) قال قتادة : الطور الجبل اقتلعه الله فرفعه فوقهم. تفسير الطبري ١ / ٢٥٨.
(٥) تفسير الطبري ١ / ٢٥٧.
(٦) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.
(٧) تفسير الطبري ١ / ٢٥٧ من دون ذكر للقائل.
وقال المفسّرون : هو الجبل الّذي كلّم الله عليه موسى ـ عليه السّلام ـ (١) وقالوا : السّبب في رفع الجبل عليهم ، أنّهم لمّا امتنعوا من أخذ الكتاب ، لما فيه من صفة محمّد ـ عليه السّلام ـ والبشارة به ونعته وتصديقه ، ابتلاهم الله ـ تعالى ـ بذلك. فكان الواحد منهم لا يزال رافعا بصره شاخصا إليه ، خوفا أن يسقط عليه (٢).
وقيل : ابتلاهم الله ببحر [من خلفهم ونار] (٣) من قبل وجوههم ورفع الجبل على رؤوسهم (٤) ، وقال لهم : (خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ) ؛ أي : كارهين.
وقوله ـ تعالى ـ : (وَاذْكُرُوا ما فِيهِ [لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٦٣)]) ؛ يريد : من الأمر والنّهي.
وقيل : من الثّواب والعقاب ، لكي تتّقوا المعصية (٥).
وقوله ـ تعالى ـ : (فَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ (٦) لَكُنْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ (٦٤)).
[يقول ـ سبحانه ـ : فلو لا من الله عليكم ورحمته لكم بتأخير العقاب ، لكنتم من الخاسرين] (٧) المغبونين بالعقوبة.
__________________
(١) انظر : مجمع البيان ٩ / ٢٤٧ وتفسير الإمام / ٢٦٦.
(٢) انظر : تفسير القمّي ١ / ٤٩ ، تفسير الإمام / ٢٦٦.
(٣) ليس في د.
(٤) تفسير أبي الفتوح ١ / ٢١٣.
(٥) تفسير الطبري ١ / ٢٥٩.+ سقط من هنا قوله ـ تعالى ـ : (ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ).
(٦) ج ، د زيادة : لكم بتأخير العقاب.
(٧) ليس في ج ، د.
وقوله ـ تعالى ـ : (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ) ؛ أي : علمتم خبرهم وحيلتهم ، لصيد الحيتان. وكان الله قد حرّم صيدها يوم السّبت ، فكانت لا تأتيهم إلّا ذلك اليوم ، فحبسوها يوم الجمعة ، وصادوها يوم الأحد.
قال ابن عبّاس ـ رحمه الله ـ : كانوا في زمن داود ـ عليه السّلام ـ في قرية ، يقال لها : «أيله» ؛ حاضرة البحر (١).
وعدى واعتدى ، واحد. وهو تجاوز الحدّ.
والسّبت والسّبات أصله : التّمدّد والاستراحة ، والقطع عن الحركة.
وقوله ـ تعالى ـ : (فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ (٦٥)) ؛ أي : مباعدين. من خسأت الكلب : إذا أبعدته ـ عن الكلبيّ ـ (٢).
وقيل : الّذين مسخوا منهم هم الّذين عصوا ، أقاموا ثلاثة أيّام ، ثمّ ماتوا ـ روي ذلك عن ابن عبّاس ـ رحمه الله (٣).
وقيل : أقاموا سبعة أيّام (٤).
قوله ـ تعالى ـ : (فَجَعَلْناها نَكالاً لِما بَيْنَ يَدَيْها وَما خَلْفَها [وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (٦٦)]) ؛ أي : عقوبة لما قضى من ذنوبهم ، ولما بعدهم من القرى.
وقيل : لما بعدهم من بني إسرائيل ، أن (٥) يستنّوا بسنّتهم (٦).
__________________
(١) تفسير الطبري ١ / ٢٦٢ ، نقلا عن السدي.
(٢) تفسير أبي الفتوح ١ / ٢١٦ من دون ذكر للقائل.
(٣) تفسير أبي الفتوح ١ / ٢١٦.
(٤) البحر المحيط ١ / ٢٤٦.
(٥) ليس في د.
(٦) قال السّدي : وما خلفها فمن كان بعدهم من الأمم أن يعصوا فيصنع الله بهم مثل ذلك. تفسير الطبري ١ / ٢٦٥.
وقال مقاتل : «لما بين يديها» ؛ صيد الحيتان. «وما خلفها» ، من المعاصي بعد ذلك (١).
وقال (٢) عكرمة والقتيبيّ [وقتادة] (٣) [ورويناه :] (٤) «فجعلناها نكالا» ؛ يعني : القرية وأصحابها ، عبرة «لما بين يديها» من القرى ، و «ما خلفها» من القرى ، وموعظة وزجرا (٥).
وقوله ـ تعالى ـ : ([وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ] إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً) :
قال بعض علماء اللّغة : اشتقاق «البقرة» من البقر ، وهو الشّقّ. فكأنّها تشقّ (٦) الأرض للزّراعة (٧).
[قال الكلبيّ : إنّما أمروا بذبحها ، لأنّها من جنس ما عبدوه. وهو العجل] (٨).
وقال الكلبيّ : كان السّبب في ذبحها ، أنّ أخوين من بني إسرائيل عمدا إلى ابن عمّ لهما فقتلاه لكي يرثاه. ثمّ حملاه وألقياه بين قريتين : فلمّا أصبحوا ،
__________________
(١) تفسير الطبري ١ / ٢٦٥ نقلا عن ابن عبّاس.
(٢) د زيادة : قتادة و.
(٣) ليس في ج ، د.
(٤) ليس في م.
(٥) تفسير الطبري ١ / ٢٦٥ نقلا عن ابن عبّاس.
(٦) ليس في ج ، د.
(٧) انظر : التبيان ١ / ٢٩٤+ لسان العرب ٤ / ٧٤ مادّة «بقر».
(٨) ليس في د+ مجمع البيان ١ / ٢٧٤ من دون ذكر للقائل.
أخذه أهل أحدى القريتين ، فاتّهموهم بقتله. فحلفوا بالله : إنّا ما قتلناه ، ولا علمنا له قاتلا. فاختلفوا فيما بينهم. وهو معنى قوله : (فَادَّارَأْتُمْ فِيها) (١). فسألوا موسى ـ عليه السّلام ـ أن يسأل الله ـ تعالى ـ أن يطلعهم على قاتله. فأمرهم موسى [ـ عليه السّلام ـ] (٢) أن يذبحوا بقرة (٣).
فقالوا لموسى : (أَتَتَّخِذُنا هُزُواً) ؛ لأنّه ليس في ظاهر قوله جواب لسؤالهم.
فقال لهم موسى : (أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ (٦٧)) المستهزئين. بل الله (٤) ـ سبحانه ـ أمركم أن تذبحوا بقرة وتضربوه ببعضها. فيحيى المقتول ، فيخبركم بقاتله.
فقالوا لموسى ـ عليه السّلام ـ : (ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ) وما سنّها ، وما لونها؟
(قالَ : إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ ، عَوانٌ) ؛ (أي : هي عوان) (٥).
وفيها إضمار مبتدأ ؛ أي : هي لا فارض ولا بكر على (٦) خبر الابتداء
__________________
(١) البقرة (٢) / ٧٢.
(٢) ليس في أ ، د.
(٣) انظر : تفسير الطبري ١ / ٢٦٩+ تفسير أبي الفتوح ١ / ٢١٩+ كشف الأسرار للميبدي ١ / ٢٢٥+ التبيان ١ / ٢٩٤ وفي جميعها لم يذكر الكلبي وذكروا أنّ القاتل واحد وهو ابن عمّ المقتول.
(٤) ج : «بالله» بدل «بل الله».
(٥) ليس في د.
(٦) ليس في د.
المحذوف. يقال : فرضت ؛ إذا سننت.
«ولا بكر» ؛ أي : لا صغيرة.
«عوان بين ذلك» ؛ أي : هي عوان بين الصّغيرة والكبيرة.
وقوله ـ تعالى ـ : (بَيْنَ ذلِكَ) ؛ أي : وسط بين الصّغيرة والكبيرة. يقال : حرب عوان : إذا كان قبلها وبعدها حرب (١).
وقوله ـ تعالى ـ : (صَفْراءُ ، فاقِعٌ لَوْنُها) ؛ أي : لامع خالص مشبع ، حتّى ظلفها وقرنها أصفران.
وقال بعض المفسّرين : أي : سوداء ، حتّى قرنها وظلفها ، أسودان (٢). وأنشد :
تلك خيلي منه (٣) وتلك ركابي |
|
هنّ صفر أولادها كالزّبيب (٤) |
وكقوله (٥) : «جمالات صفر» (٦) ؛ أي : سود.
قال الكلبيّ : لونها صاف (٧).
__________________
(١) سقط من هنا قوله ـ تعالى ـ : (فَافْعَلُوا ما تُؤْمَرُونَ (٦٨)).
(٢) تفسير الطبري ١ / ٢٧٤.
(٣) تفسير الطبري : منها.
(٤) للأعشى. تفسير الطبري ١ / ٢٧٤+ لسان العرب ٤ / ٤٦٠ مادّة «صفر».
(٥) م ، ج ، د زيادة : تعالى.
(٦) المرسلات (٧٧) / ٣٣ وفيه : جمالت ، وجمالات على قراءة كثير من القرّاء. انظر : مجمع البيان ١٠ / ٦٣٢.
(٧) تفسير الطبري ١ / ٢٧٤ ، نقلا عن قتادة وغيره.