محمّد بن الحسن الشيباني
المحقق: حسين درگاهي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: نشر الهادي
المطبعة: مؤسسة الهادي
الطبعة: ١
ISBN: 964-400-034-X
الصفحات: ٣٦٥
وقيل : الصّاعقة : نار تنزل من السّماء (١). وجمعها صواعق.
وقوله ـ تعالى ـ : (وَاللهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ (١٩)) :
قال الكلبيّ : أحاط علمه بهم (٢). وإنّما خصّهم الله ـ تعالى ـ بالإحاطة بهم ، وإن كان عالما ومحيطا بغيرهم ، لما فيه من التهديد لهم.
وقوله ـ تعالى ـ : (يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ) :
[قال الكلبيّ ومقاتل : يذهب بأبصارهم] (٣) من شدّة نوره.
ومعنى «يكاد» ؛ أي : يقرب ويهمّ.
و «يخطف» : يختلس ويستلب.
وقوله ـ تعالى ـ : (كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ) ؛ أي : كلّما أنار البرق مشوا فيه (٤). (وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ [قامُوا]) (٥) ؛ يعني : البرق لم يلمع ، وقفوا وتحيّروا (٦).
قوله ـ تعالى ـ : (يا أَيُّهَا النَّاسُ) ؛ هذا خطاب لأهل مكّة.
(اعْبُدُوا رَبَّكُمُ [الَّذِي خَلَقَكُمْ]) (٧) ؛ أي : خالقكم ومالككم ؛ أي : أطيعوا. عن الكلبيّ (٨).
__________________
(١) تفسير أبي الفتوح ١ / ٩٣ ، التبيان ١ / ٩٣.
(٢) التبيان ١ / ٩٥ من دون ذكر للقائل.
(٣) ليس في د.
(٤) ليس في أ ، د.
(٥) من القرآن الكريم.
(٦) سقط من هنا قوله ـ تعالى ـ : (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٠)).
(٧) من القرآن الكريم.
(٨) كشف الاسرار ١ / ٩٨ من دون ذكر للقائل.
(وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) ؛ يعني (١) : ربّ الّذين من قبلكم ، من الأمم السّالفة والقرون الخالية.
(لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٢١)) :
قال مقاتل : لكي تتّقوا الشّرك ، فتوحّدوه (٢).
وقال الكلبيّ : لعلّكم تتّقون المعاصي ، فتطيعوه (٣).
وقال الضّحّاك : لكي تحافظوا (٤).
ووردت «لعلّ» ها هنا ، ترقيقا وتلطيفا وتقريبا ، لا شكّا.
وقال سيبويه : إنّما وردت على شكّ المخاطبين ؛ كما قال ـ سبحانه ـ : (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى) (٥).
وقوله ـ تعالى ـ : (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً) ؛ أي : بسط لكم الأرض مهادا.
الكلبيّ قال : مناما (٦).
مقاتل قال (٧) : بساطا (٨).
(وَالسَّماءَ بِناءً) ؛ أي : سقفا محفوظا وسمكا مرفوعا وسبعا شدادا طباقا.
__________________
(١) م : أي.
(٢) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.
(٣) تفسير أبي الفتوح ١ / ٩٨.
(٤) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.
(٥) التبيان ١ / ٩٩ والآية في سورة طه (٢٠) / ٤٤.
(٦) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.
(٧) ليس في ج ، د.
(٨) قرأ يزيد الشامي : بساطا. الكشّاف ١ / ٩٣.
(وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً) ؛ أي : أرسل من السّحاب مطرا ، (فَأَخْرَجَ بِهِ [مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ]) (١) ؛ أي : أخرج بالمطر من أنواع الثّمرات والفواكه والحبوب والخضراوات (٢) ، عطيّة وهبة وغذاء ومنفعة ولذّة. فاحمدوه واشكروه واعبدوه.
قوله ـ تعالى ـ : (فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً) :
مقاتل قال : ولا تجعلوا مع الله أمثالا شركاء (٣).
الكلبيّ : لا تقولوا لله أمثالا وأعدالا (٤).
(وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٢)) :
قال الضّحّاك : «وأنتم تعلمون» أنّ هذه الشّركاء لا يقدرون على مطر من (٥) السّماء ولا نبات من الأرض.
و «النّدّ» : الّذي ينادّ ولا ينافي ـ بخلاف الضّدّ.
وقوله ـ تعالى ـ : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ [مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا]) (٦) :
قال مجاهد : نزلت في أهلّ مكّة (٧). وهو من المقلوب. ومعناه : وإن كان فيكم ريب في القرآن.
__________________
(١) الظاهر أنّ ما أثبتناه في المتن هو الصواب وفي النسخ : نباتا بدل ما بين المعقوفين.
(٢) أ : الخضروات.
(٣) تفسير الطبري ١ / ١٢٧ نقلا عن ابن عبّاس.
(٤) روى الطبري عن محمد بن سنان عن أبي عاصم عن شبيب عن عكرمة : (فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً) أي تقولوا لو لا كلبنا لدخل علينا اللصّ الدار. تفسير الطبري ١ / ١٢٧.
(٥) ليس في أ.
(٦) من القرآن الكريم.
(٧) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.
(فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ) ؛ حقّ وصدق. لا باطل وكذب. لقولكم : هو من قبل محمّد ، وأنّه اختلقه من تلقاء نفسه. وقال : (فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ) (١).
و «من» ، ها هنا ، للتّبعيض ؛ أي : فأتوا ببعض ما هو مثل له ، وهو سورة.
وقال قوم : هي زائدة ؛ أي : فأتوا بسورة مثله (٢).
وقوله : «فأتوا» ، تقرير بالمعجز (٣) عليهم ؛ كقوله : (إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، فَانْفُذُوا) (٤).
وقوله ـ تعالى ـ : (وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ) :
قال الكلبيّ : واستعينوا (٥) بآلهتكم (٦).
وقال مجاهد : وادعوا أناسا يشهدون لكم (٧).
وقال القتيبيّ : وادعوا من يعاونكم (٨).
و «الدّعاء» : الاستعانة.
[قوله ـ تعالى ـ : (مِنْ دُونِ اللهِ) :
__________________
(١) هود (١١) / ١٣.
(٢) التبيان ١ / ١٠٥.
(٣) م ، ج : بالعجز+ د : ما يعجز.
(٤) الرحمن (٥٥) / ٣٣.
(٥) ج ، د : فاستعينوا.
(٦) قال الفرّاء : أراد ادعوا آلهتكم. التبيان ١ / ١٠٥.
(٧) تفسير الطبري ١ / ١٣٠.
(٨) تفسير الطبري ١ / ١٣٠ نقلا عن ابن عبّاس.
«من» ها هنا ، صلة ؛ أي : دون الله ، وسوى الله ، وغير الله] (١).
وقوله ـ تعالى ـ : (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا) :
معناه : فإن لم تجيئوا ، ولن تجيئوا.
(فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ) ؛ أي : حطبها الكفّار وحجارة [الأصنام.
وقيل : حجارة الكبريت (٢) ، لأنّها أشدّ الحجارة حرّا حين توقد.
و «الوقود» : الحطب ، بفتح] (٣) الواو. وبالضّمّ المصدر.
وقوله ـ تعالى ـ : (أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ (٢٤)) ؛ أي : جعلت (٤) لهم.
وقوله ـ تعالى ـ : (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا) ؛ أي : يا محمّد ، أخبر المؤمنين بما يسرّهم.
وسمّيت البشارة ، بشارة (٥) لأنّها تؤثّر (٦) في بشرة الوجه ، خيرا كان أو شرّا.
__________________
(١) ليس في د+ سقط من هنا قوله ـ تعالى ـ (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٣)).
(٢) تفسير الطبري ١ / ١٣١+ روى الطبرسي عن الحسين بن علي ـ عليهما السّلام ـ قال : قال أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ : ولقد مررنا مع رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ بجبل وإذا الدموع تخرج من بعضه فقال له ما يبكيك يا جبل؟ فقال : يا رسول الله كان المسيح مرّ بي وهو يخوف النّاس بنار وقودها الناس والحجارة ، فأنا أخاف أن أكون من تلك الحجارة ، قال : لا تخف تلك الحجارة الكبريت فقرّ الجبل وسكن وهدأ وأجاب. الاحتجاج ١ / ٢٢٠ وعنه نور الثقلين ١ / ٤٣ ـ ٤٤ ح ٥٠.
(٣) ليس في د.
(٤) ج ، د ، م : خلقت.
(٥) ليس في أ.
(٦) أ : تبشر.
وقوله ـ تعالى ـ : (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا) ؛ أي : الّذين صدقوا ، وأقرّوا بوحدانيّته ـ تعالى ـ ونبوّة نبيّه [ـ صلّى الله عليه وآله ـ] (١).
(وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) :
قال مقاتل : «الصّالحات» الزّاكيات من الأعمال (٢).
وقال الكلبي : أداء الفرائض ، فيما بينهم وبين ربّهم وبارئهم (٣).
وقوله ـ تعالى ـ : (أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ) ؛ أي : بساتين في الجنّة.
و «الجنّة» البستان الّذي يستر شجره أرضه. وأصل ذلك كلّه : السّتر. ومنه الجنّ والجنين والمجنون ـ كله واحد ـ.
وقوله ـ تعالى ـ : (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) ؛ أي : من تحت شجرها ومساكنها.
وقوله ـ تعالى ـ : (كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ) :
قال الكلبيّ : إذا أتوا بالرّزق عشيّة قالوا : هذا الّذي رزقناه بكرة. وإذا أتوا به بكرة ، قالوا : هذا الّذي رزقناه عشيّة. فإذا طعموا منه ، وجدوا غير طعمه الأوّل (٤).
__________________
(١) ليس في أ ، د ، م.
(٢) تفسير أبي الفتوح ١ / ١٠٨ من دون ذكر للقائل.
(٣) تفسير أبي الفتوح ١ / ١٠٨ نقلا عن ابن عبّاس.
(٤) قال ابن عبّاس والضحاك ومقاتل : معناه رزق الغداة كرزق العشي. البحر المحيط ١ / ١١٤.
وقال الضّحّاك : يرزقون على قدر (١) ساعات (٢) اللّيل والنّهار (٣).
وعن ابن عبّاس ، أنّه قال : ليس ثمّ بكرة ولا عشيّة ، ولكن يؤتون بالرّزق [على مقدار ستّ ساعات] (٤) [وقال مجاهد : يرزقون على ما يحبّون في البكرة والعشية (٥). وروي عن علي ـ عليه السّلام ـ] (٦) في قوله : (هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ) ؛ أي : الّذي رزقنا في الدّنيا (٧). ومثله عن قتادة والسّدي وابن مسعود (٨).
وجاء في أخبارنا ، عن أئمّتنا ـ عليهم السّلام ـ قالوا : إنّ ثمار الجنّة ، إذا قطف (٩) منها شيء رجع مكانه مثله ، فقالوا : (هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ) (١٠).
وقوله ـ تعالى ـ : (وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً) : نصبه على الحال.
__________________
(١) ج ، م : مقدار.
(٢) في د : «ستّ ساعات» بدل «ساعات».
(٣) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.
(٤) في أ : «عليه» بدل ما بين المعقوفتين.
(٥) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.
(٦) ليس في أ.
(٧) قال علي بن الحسين ـ عليهما السّلام ـ : ... كلّما رزقوا منها من تلك الجنان من ثمرة من ثمارها رزقا طعاما يؤتون به قالوا : هذا الّذي رزقنا من قبل في الدنيا فأسماؤها كأسماء ما في الدنيا من تفّاح وسفرجل ورمّان وكذا وكذا ... تفسير الإمام العسكري / ٢٠٢ ، وعنه البرهان ١ / ٦٩.
(٨) تفسير الطبري ١ / ١٣٣.
(٩) د : اقتطف.
(١٠) روى الطبرسي عن هشام بن الحكم أنّه قال : من سؤال الزنديق الّذي أتى أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ أن قال : فمن أين قالوا : إنّ أهل الجنّة يأتي الرجل منهم إلى ثمرة يتناولها فإذا أكلها عادت كهيئتها قال ـ عليه السّلام ـ : نعم ، ذلك على قياس السراج يأتي القابس فيقتبس عنه ، فلا ينقص من ضوئه شيئا ، وقد امتلت الدنيا منه سراجا. الإحتجاج ٢ / ٣٥١ وعنه البحار ٨ / ١٣٦.
قال بعض المفسّرين : «متشابها» في المنظر ، مختلفا في الطّعم واللّون (١).
وقال الحسن : كلّها طيّب أخيار (٢).
وقال قتادة ومجاهد : «متشابها» في اللّون والطّعم والجودة والحسن (٣).
والمتشابه والمتماثل والمتشاكل والمتشاكه ، كلّه واحد.
وقوله ـ تعالى ـ : (وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ) ؛ أي : مهذّبة (٤) من الحيض والحبل والبول والغائط والأقذار ـ كلّها ـ والأدناس والأخلاق الذّميمة.
وقال مجاهد : «مطهّرة» ؛ لا يلدن ولا يحضن (٥).
وقوله ـ تعالى ـ : (وَهُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٥)) ؛ أي : دائمون باقون مؤبّدون ، لا يموتون ولا يشيبون ولا يهرمون ولا يخرجون بل خالدون.
والخلود : بقاء لا آخر له.
وقوله ـ تعالى ـ : (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها) :
قال الكلبيّ : لمّا ذكر ـ سبحانه ـ الذّباب والعنكبوت قالت اليهود : ما هذه الأمثال الّتي يضرب الله؟! فأنزل الله الآية (٦).
__________________
(١) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.
(٢) تفسير الطبري ١ / ١٣٤.
(٣) تفسير الطبري ١ / ١٣٥.
(٤) سقط من هنا في نسخة «د» إلى موضع نذكره ـ إن شاء الله ـ.
(٥) تفسير الطبري ١ / ١٣٧.
(٦) الكشّاف ١ / ١١٢ نقلا عن الحسن وقتادة+ تفسير الطبري ١ / ١٣٨ نقلا عن قتادة+ ورد مؤدّاه في تفسير الإمام العسكري ـ عليه السّلام ـ / ٢٠٥ ، ح ٩٥ وعنه البرهان ١ / ٧٠ ح ٢.
فقوله : «مثلا ما» ها هنا ، صلة (١) ؛ أي : يضرب مثلا بعوضة ؛ أي : مقدار بعوضة. «فما فوقها» ، من الذّباب والعنكبوت.
وقال أبو عبيدة والقتيبيّ : «فما فوقها» ؛ أي : فما دونها ، في الصغر (٢).
وقال الطّبريّ : «لا يستحيي» ، ها هنا ، بمعنى : لا يخشى (٣).
ونصب بعوضة ، على البدل من «المثل».
وقيل : «إنّ الله لا يستحيي أن يضرب مثلا» ، لأنّ المثل من الله لا يكون إلّا حقّا ، والله لا يستحيي من الحقّ (٤). (ألا ترى إلى قوله) (٥) : (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ) (٦).
وقوله ـ تعالى ـ : (وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ (٢٦)) ؛ أي : وما يعاقب (٧) به إلّا الفاسقين ؛ أي : العاصين الخارجين عن أمره المستحقّين لذلك.
وأصل الفسق : الخروج من الأمر ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ) (٨) ؛ يعني إبليس ـ لعنه الله ـ. ومنه فسقت الرّطبة : إذا خرجت من قشرها.
__________________
(١) أي : «ما» هاهنا صلة.
(٢) تفسير الطبري ١ / ١٤٠ من دون إشارة إلى القائل.
(٣) تفسير الطبري ١ / ١٤٠.
(٤) تفسير الطبري ١ / ١٣٩ ، التبيان ١ / ١١١.
(٥) ليس في ج.
(٦) سقط من هنا قوله ـ تعالى ـ : (وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً).
(٧) أ : يغالب.
(٨) الكهف (١٨) / ٥٠.
وقيل : وما يضلّ به إلّا من هو ضالّ معاند للحقّ ، مصرّ على الباطل (١).
وقيل : «يضلّ» ؛ أي : يحكم بضلاله (٢). قال الكميت :
وطائفة (٣) قد أكفروني بحبّكم |
|
وطائفة قالوا مسيء ومذنب (٤) |
وقوله ـ تعالى ـ : (الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ) ؛ أي : يتركون عهده ، من بعد إقرارهم وتوكيده وتغليظه وتشديده وتحقيقه عليهم.
و «الهاء» ، راجعة إلى الله تعالى (٥).
وقيل : راجعة إلى العهد (٦).
وأصل «النّقض» : حلّ الشّيء المحكم الفتل ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها ، مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ، أَنْكاثاً) (٧).
وقوله ـ تعالى ـ : (وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) :
قال الكلبيّ : صلة الأرحام ، وبرّ الوالدين ، وحقّ القرابات والإخوان (٨).
__________________
(١) التبيان ١ / ١١٨.
(٢) تفسير أبي الفتوح ١ / ١١٥.
(٣) المصدر : فطائفة.
(٤) تفسير أبي الفتوح ١ / ١١٥.
(٥) ليس في أ.
(٦) مجمع البيان ١ / ١٦٩.
(٧) النحل (١٦) / ٩٢.
(٨) روى الطبري عن بشر بن معاذ عن يزيد عن سعيد عن قتادة : (وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) فقطع والله ما أمر الله به أن يوصل بقطيعة الرحم والقرابة. تفسير الطبري ١ / ١٤٤+ روى الكليني عن عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن عمرو بن عثمان عن محمد بن
وقال الضّحّاك : الإيمان بالله وأنبيائه ورسله وآل محمّد (١) [ـ عليهم السّلام ـ] (٢).
وقال ابن عبّاس : أمر الله ـ تعالى ـ قريشا ، أن توصل ما بينهم وبين محمّد [ـ صلّى الله عليه وآله ـ] (٣) لأنّه لا بطن منهم إلّا وله ـ عليه السّلام ـ (٤) قرابة (٥).
قوله ـ تعالى ـ : (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ).
و «كيف» : لفظة استفهام. ومعناه تعجيب ، فيه توبيخ ؛ كما قال العجاج :
أطربا وأنت قنّسريّ (٦)
__________________
عذافر ، عن بعض أصحابه ، عن محمد بن مسلم أو أبي حمزة ، عن أبي عبد الله ، عن أبيه ـ عليهم السّلام ـ قال : قال لي عليّ بن الحسين ـ صلوات الله عليهما ـ : يا بني ... وإيّاك ومصاحبة القاطع لرحمه فإنّي وجدته ملعونا في كتاب الله ـ عزّ وجلّ ـ في ثلاث مواضع ... وقال في البقرة : (الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ). الكافي ٢ / ٣٧٧ ح ٧ وعنه نور الثقلين ١ / ٤٥ ح ٦٦.
(١) روى عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن النضر بن سويد عن القاسم بن سليمان عن المعلى بن خنيس عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : ... يعني من صلة أمير المؤمنين والأئمّة ـ عليهم السّلام ـ. تفسير القمّي ١ / ٣٥ وعنه نور الثقلين ١ / ٤٥ ح ٦٤ والبرهان ١ / ٧٠ ح ١+ قال قوم : أراد صلة رسوله وتصديقه فقطعوه بالتكذيب ، وهو قول الحسن. التبيان ١ / ١٢١.+ قيل : أمروا بالإيمان بجميع الأنبياء والكتب ففرقوا وقطعوا ذلك مجمع البيان ١ / ١٧٠.
(٢) ج : «ص» بدل ما بين المعقوفتين.
(٣) م ، أ : عليه السّلام.
(٤) في م زيادة : إليه.
(٥) كشف الأسرار للميبدي ١ / ١٢١ من دون ذكر للقائل+ لا يخفى أنّه سقط من هنا قوله ـ تعالى ـ : (وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (٢٧)).
(٦) لسان العرب ٥ / ١١٧ مادّة «قنسر».
أي : كبير السّنّ ؛ يوبّخ الشّاعر نفسه.
يقول ـ سبحانه ـ : ويحكم أعجبوا من أنفسكم «كيف تكفرون» به ودلائله واضحة ، وحججه مبيّنة (١)!
و «كيف» : استفهام عن (٢) حال الشّيء ؛ كما أنّ «ما» استفهام عن حقيقة جنس الشيء ، و «لم» استفهام عن علّة الشّيء.
قوله ـ تعالى ـ : (وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ) ؛ أي : نطفا في أصلاب آبائكم فأحياكم في أرحام أمّهاتكم. (ثُمَّ يُمِيتُكُمْ) ، عند انقضاء آجالكم. (ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) للبعث والحساب (ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٨)) للثّواب والعقاب.
وقوله ـ تعالى ـ : (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) ؛ أي : خلق الأرض وما فيها ، لمنافعكم ومعايشكم ومصالحكم ؛ لتستدلّوا بها على وحدانيّته ـ تعالى ـ وحكمته.
وقوله ـ تعالى ـ : (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ) (٣).
قال الطّوسيّ ـ رحمه الله ـ : ظاهر الآية يدلّ على أنّ الله ـ تعالى ـ خلق الأرض قبل السّماء ، ولم يدحها (٤) ، بدليل قوله ـ تعالى ـ : (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ
__________________
(١) ج ، م : بينة.
(٢) ليس في أ ، ج.
(٣) من هنا تبتدئ نسخة «ب».
(٤) التبيان ١ / ١٢٦+ روى الكليني عن ابن محبوب ، عن أبي جعفر الأحول ، عن سلام بن المستنير ، عن أبي جعفر ـ عليه السلام ـ قال : إن الله ـ عز وجل ـ خلق الجنة قبل أن يخلق النار ... وخلق الأرض قبل السماء. الكافي ٨ / ١٤٥. ح ١١٦ وعنه البرهان ١ / ٧٢ ح ٢.
دَحاها) (١). وقوله : (وَالْأَرْضِ وَما طَحاها) (٢). وقوله ـ تعالى ـ : (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ) (٣).
قال القتيبيّ : عمد وقصد إلى خلق السّماء (٤).
و «الاستواء» في كلام العرب على وجوه :
منها : انتهاء الشّباب وتكامله ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوى) (٥).
ومنها : القيام ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ) (٦) ؛ أي : على ساقه.
ومنها : الاستيلاء ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) (٧) ؛ أي : استولى على ملكه ، وهو أعظم (٨) مخلوقات الله ـ تعالى ـ. وكقول الشّاعر :
قد (٩) استوى بشر على العراق |
|
من غير سيف ودم مهراق (١٠) |
__________________
(١) النازعات (٧٩) / ٣٠.
(٢) الشمس (٩١) / ٦.
(٣) لا يخفى أنّ هذه الآية تقدّمت آنفا ولا وجه لإعادتها.
(٤) تفسير الطبري ١ / ١٥٠ من دون ذكر للقائل.
(٥) القصص (٢٨) / ١٤.
(٦) الفتح (٤٨) / ٢٩.
(٧) طه (٢٠) / ٥.
(٨) أ زيادة : على.
(٩) التبيان : ثمّ.
(١٠) التبيان ١ / ١٢٥+ لسان العرب ١٤ / ٤١٤ مادّة «سوا».
أي : استولى ملكه وأمره عليه.
ومنها : الاستقرار والتّمكين ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِ) (١). [يعني : سفينة نوح ـ عليه السّلام ـ والجودي] (٢) جبل بالجزيرة عال (٣).
وقال ابن الفرّاء : «استوى» بمعنى : سوّى العرش وسوّى السّماء ، وتفرّد بخلقهما (٤) وملكهما وتدبيرهما (٥).
وقوله ـ تعالى ـ : (فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ) ؛ يريد : بعد ما كان دخانا (٦).
قوله ـ تعالى ـ : (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ) :
[الكلبيّ والزّجّاج] (٧) ؛ أي (٨) : اذكر ، يا محمّد (٩) ، حين قال ربّك للملائكة (١٠).
وقال أبو عبيدة والقتيبيّ : «إذ» زائدة (١١) ؛ والمعنى : وقال ربّك للملائكة.
و «إذ» ، ظرف ، يدلّ على زمان ماض. و «إذا» ، ظرف ، يدلّ على زمان مستقبل.
__________________
(١) هود (١١) / ٤٤.
(٢) ليس في ب.
(٣) ليس في ج.
(٤) ج ، أ : بخلقتهما.
(٥) ج : تدبيرهما+ ب : تدبيره+ قريب منه أورده البحر المحيط ١ / ١٣٤ من دون نسبة إلى قائل.
(٦) لا يخفى أنّه سقط من هنا قوله ـ تعالى ـ : (وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٢٩)).
(٧) ليس في ب.
(٨) ليس في ب ، أ.
(٩) إلى هنا سقط من نسخة «د».
(١٠) التبيان ١ / ١٢٩ نقلا عن الرماني وغيره.
(١١) التبيان ١ / ١٢٨ نقلا عن أبي عبيدة وحده+ ب ، ج ، د ، م : زيادة.
وروى أبو روق ، عن الضّحّاك قال : هذا خطاب لملائكة سماء الدّنيا ، لا لجميع الملائكة (١).
و «الهاء» للمبالغة والكثرة. وقد يقال بغير هاء ؛ كما قال الشّاعر :
قبر عليه ملائك يبكونه |
|
شعث الرّؤوس وطيّبوا الأظفار (٢) |
وواحد الملائكة (٣) ؛ ملأك. سمّي بذلك ، لتحمّله المألكة (٤) والألوكة ؛ وهي الرّسالة. قال الشّاعر :
ألكني إليها وخير الرّسل (٥) |
|
أعلمهم بنواحي الخبر (٦) |
وقيل : حذفت «الهمزة» فيها ، طلبا للخفّة (٧).
وقوله ـ تعالى ـ : (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) :
قال السّدي : هو آدم ـ عليه السّلام ـ خليفة الله في الأرض (٨).
__________________
(١) مجمع البيان ١ / ١٧٦ من دون ذكر للقائل.
(٢) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.
(٣) ليس في أ.
(٤) الظاهر أنّ ما أثبتناه في المتن هو الصواب.+ أ : لماليكة+ ج ، ب ، م : الماليكة+ د : الملائكة.
(٥) المصدران : الرّسول.
(٦) للهذلي. مجمع البيان ١ / ١٧٤+ لسان العرب ١٠ / ٣٩٤ مادّة «أ لك».
(٧) انظر : لسان العرب ١٠ / ٤٨١ مادّة «لأك».
(٨) تفسير الطبري ١ / ١٥٧.
وقال الحسن : «خليفة» ؛ أي : خلفا ، يخلف بعضهم بعضا (١).
وقال الفرّاء ، يرفعه إلى ابن عبّاس : خليفة من الجنّ (٢).
و «الخليفة» اسم يصلح للواحد والجمع والذّكر والأنثى ؛ كالسّلطان.
وقوله ـ تعالى ـ : (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها) ؛ أي : يقتل ، ويسفك الدّم ، ويعصي في الأرض.
وقال القتيبيّ : كأنّ الله ـ تعالى ـ قد قال للملائكة : «إنّي جاعل [في الأرض] (٣) خليفة ، يفعل ولده كذا وكذا» (٤). فقالت (٥) الملائكة ، على وجه الاستفهام والاسترشاد ، لا على وجه الإنكار.
وروي عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ : أنّهم سألوا الله ـ سبحانه ـ أن يجعل الخليفة منهم ؛ لأنّه كان قبلهم قبيل من الجنّ فأفسدوا (٦).
__________________
(١) تفسير الطبري ١ / ١٥٧.
(٢) تفسير الطبري ١ / ١٥٧.
(٣) ليس في ج.
(٤) تفسير الطبري ١ / ١٦٥ من دون ذكر للقائل.
(٥) د : فقال.
(٦) روى القميّ ـ قدّس سرّه ـ عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن عمرو بن [أبي] مقدام عن أبي جعفر عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين ـ عليهم السّلام ـ قال : إنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ أراد ان يخلق خلقا بيده وذلك بعد ما مضى من الجنّ والنسناس في الأرض سبعة آلاف سنة وكان من شأنه خلق آدم كشط عن أطباق السموات قال للملائكة : «انظروا إلى أهل الأرض من خلقي من الجنّ والنّسناس» ، فلمّا رأوا ما يعملون فيها من المعاصي وسفك الدماء والفساد في الأرض بغير الحقّ ، عظم ذلك عليهم وغضبوا وتأسفوا على أهل الأرض ولم يملكوا غضبهم ، قالوا : «ربّنا إنّك أنت العزيز القادر الجبار القاهر العظيم الشأن وهذا خلقك الضعيف الذليل يتقلبون في قبضتك ويعيشون برزقك ويتمتعون بعافيتك وهم يعصونك بمثل هذه
قوله ـ تعالى ـ : (وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ) :
قال الكلبيّ : نصلّي بأمرك. ونظهر (١) لك من أعمالهم (٢).
وقال قتادة : سبّوح قدّوس (٣).
وقال مجاهد : ونحن نكبّرك ونعظّمك (٤).
وقيل : «نقدّس لك» ؛ أي : نذكرك بالطّهارة ، وننزّهك عمّا لا يليق بك (٥).
و «التّسبيح» و «السّبحان» ؛ مصدران. تقول : سبّحت الله تسبيحا وسبحانا ؛ كما تقول : كفّرت اليمين تكفيرا وكفرانا.
و «سبحان» : حرف تنزيه [وتبرئة] (٦). ويكون حرف تعظيم وتعجيب.
والتّسبيح : أصله من السّبح والسّباحة ؛ وهو من التّقلّب في طاعة الله ـ تعالى ـ وعبادته.
وأما التّقديس : فهو نهاية الطّهور.
__________________
الذنوب العظام لا تأسف عليهم ولا تغضب ولا تنتقم لنفسك لما تسمع منهم وترى وقد عظم ذلك علينا وأكبرناه فيك» ، قال : فلمّا سمع ذلك من الملائكة قال : (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) يكون حجّة لي في الأرض على خلقي ، فقالت الملائكة سبحانك : (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها) كما أفسد بنو الجانّ ويسفكون الدماء كما سفك بنو الجانّ ويتحاسدون ويتباغضون ، فاجعل ذلك الخليفة منّا فإنّا لا نتحاسد ولا نتباغض ولا نسفك الدماء ونسبح بحمدك ونقدّس لك ... تفسير القمّي ١ / ٣٦ ـ ٣٧ وعنه البرهان ١ / ٧٦ ح ٥.+ علل الشرايع / ١٠٤ ـ ١٠٥ وعنه نور الثقلين ١ / ٥١.
(١) د : تظهر+ ج : يظهر.
(٢) تفسير الطبري ١ / ١٦٧ عن ابن عبّاس.
(٣ ، ٤) تفسير الطبري ١ / ١٦٧.
(٥) تفسير الطبري ١ / ١٦٧+ في أ : «بحالك» بدل «بك».
(٦) ليس في د.
وقوله ـ تعالى ـ : (إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ (٣٠)) :
قال الكلبيّ : أعلم أنّه يكون منهم أنبياء ورسل وقوم صالحون ، يدعون إلى طاعتي (١).
وقيل : أعلم من آدم الطّاعة ، ومن إبليس المعصية (٢).
وقوله ـ تعالى ـ : (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها) :
قال الكلبيّ ومقاتل : علّمه أصول الأسماء كلّها (٣) ؛ [مثل الجنّ والإنس كلّها] (٤). أسماء الوحش والطّيور والهوامّ وما ذرأ (٥) في الأرض (٦).
وقال الحسن : علّمه أصول الأسماء ؛ مثل : الجنّ والإنس والطيّر والوحوش والأرض والسّماء وما فيها (٧). ومعنى علّمه : عرّفه وألهمه.
وقال ابن الفرّاء : علّمه ما يصلح للرّكوب [والحمل] (٨) للأثقال ، وما يصلح للحرث والزّرع ، وما يصلح للسّوم (٩) والزّينة ، وما يفرس وما لا يفرس. وعلّمه جميع الأجناس من الحيوان (١٠).
وقيل : علّمه جميع اللّغات (١١).
__________________
(١) تفسير الطبري ١ / ١٦٩ عن قتادة.
(٢) تفسير الطبري ١ / ١٦٨.
(٣) ليس في أ.
(٤) ليس في ب ، ج ، د ، م.
(٥) ب : دار.
(٦) كشف الاسرار للميبدي ١ / ١٣٧ ، نقلا عن مقاتل وحده.
(٧) لم ندر ما الفرق بين هذا القول وسابقه.
(٨ ، ٩) ليس في ج.
(١٠) ج : الحيوانات. انظر : تفسير أبي الفتوح ١ / ١٣٠+ مجمع البيان ١ / ١٨١.
(١١) مجمع البيان ١ / ١٨٠.
وفي هذا دلالة على أنّ (١) اللّغة توقيفية (٢). وكان ذلك معجزة لآدم (٣) ـ عليه السّلام ـ.
وقوله ـ تعالى ـ : (ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ) ؛ أي : أبرزهم وأظهرهم. إلى الأعيان المسمّين بتلك الأسماء.
وقيل : بل صوّرهم في قلوبهم (٤).
وقال لهم : (أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ) الأعيان والأشخاص بصدق (٥) وعلم ، (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٣١)) :
(وقوله تعالى) : (٦) «أنبئوني» : أمر تعجيز وتقرير ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ) (٧).
قال الكلبيّ : «إن كنتم صادقين» أنّي أجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدّماء (٨).
(قالُوا : سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا) ؛ [يريدون : لا علم لنا إلّا ما علّمتنا] (٩) من التّسبيح والتّقديس.
__________________
(١) ليس في أ.
(٢) أ ، د : توفيقيّة.
(٣) ج : آدم.
(٤) تفسير أبي الفتوح ١ / ١٣١.
(٥) ليس في د.
(٦) ليس في ب.
(٧) البقرة (٢) / ٢٣.
(٨) تفسير الطبري ١ / ١٧٣ ، عن ابن عبّاس.
(٩) ليس في د.
وقيل : (لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا) أنّهم يفسدون في الأرض (١).
وقوله ـ تعالى ـ : (فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ ، قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ؛ أي : أعلم سرّ أهل السّموات والأرض.
(وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ) ؛ أي : تظهرون من الطّاعة.
(وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (٣٣)) ؛ أي : تخفون وتسرّون.
وقيل : أعلم ما يخفي إبليس من المعصية ، والملائكة من الطّاعة (٢).
فإن قيل : كيف يحسن أن يقول لهم : «أنبئوني» وهو عالم أنّهم لا يعلمون؟
قيل : إنّما قال لهم ذلك لتقريرهم على عجزهم ، وجهلهم بذلك. ثمّ يعرّفهم بعد ذلك الوجه فيه ؛ كما يقول العالم لتلميذه : أخبرني بكذا وعن كذا. وإن كان يعلم منه الجهل به ، وإنّما قصده أن يعلّمه ويفيده مع تقرير عجزه به.
وقوله ـ تعالى ـ : (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ [فَسَجَدُوا]) :
قيل : إنّ «الملائكة» ها هنا ، جميع الملائكة (٣).
وقيل : بل ملائكة السّجود ـ خاصّة ـ أمروا أن يسجدوا سجدة تحيّة وخضوع ، لا سجدة عبادة (٤).
__________________
(١) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.+ سقط من هنا قوله ـ تعالى ـ : (إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٣٢) قالَ يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ).
(٢) تفسير الطبري ١ / ١٧٦.
(٣) التبيان ١ / ١٤٨.
(٤) قال قوم : إن الأمر كان خاصّا بطائفة من الملائكة كانوا مع إبليس طهر الله بهم الأرض من الجنّ. التبيان ١ / ١٤٨+ قال الطبرسي : المرويّ عن أئمّتنا ـ عليهم السّلام ـ أنّه على وجه التكرمة لآدم والتعظيم لشأنه وتقديمه عليهم. مجمع البيان ١ / ١٨٩.